أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلامة كيلة - ســؤال الازمة فـي سوريــا تـجـاوز الـبـنـيـة الـشـمـولـيـة















المزيد.....

ســؤال الازمة فـي سوريــا تـجـاوز الـبـنـيـة الـشـمـولـيـة


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 641 - 2003 / 11 / 3 - 02:14
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مطالب اساسية تتكرر في سوريا، بدأت بسيل من المقالات نشرت في صحف "خارجية" قبل وفاة الرئيس حافظ الاسد واستمرت بعد ذلك بكثافة أعلى. ثم تبلورت في بيان المثقفين الذي سمّي "بيان الـ 99"، واكدتها وثيقة لجان إحياء المجتمع المدني. ولقد تلخصت في ضرورة إنهاء حال الطوارئ والاحكام العرفية المستمرة منذ ما يقرب من اربعة عقود (رغم انها موضوعة في خانة الاستثناء)، واطلاق سراح المعتقلين السياسيين والعفو عن المنفيين والاقرار بالتعددية السياسية وبحرية الرأي والصحافة... الخ. وهي مطالب تلخص وجهات نظر مختلفة ومتخالفة عبّرت عن نفسها قبل وفاة الرئيس الاسد، حين كانت قد بدأت ترتفع الاصوات مطالبة بتحقيق إنفراج ديموقراطي يعيد الى المجتمع السوري لياقته ويعيد ربطه بالسياسة بعد عقود من الاقصاء والتهميش والاعتقال.
وفاته بدت اذاً كأنها اللحظة المناسبة لتوسيع المطالبة بالانفراج الديموقراطي، وتكون هي ذاتها لحظة البحث عن شكل جديد يعيد بناء السلطة وفق ما يحقق مشاركة المجتمع ويعطي الدولة طابعاً آخر يوحّد المطامح الوطنية العامة والمطامح الخاصة للطبقات والفئات الاجتماعية، ويؤسس لفاعلية جديدة تستوعب عناصر المجتمع كافة. لهذا توسع الحوار واتسعت المطالبة بالديموقراطية، وصار تعبير "المجتمع المدني" ذا سحر لم يكن له ربما منذ وُجد. وبدا الوضع وكأنه اعلان حياة لمجتمع كان يبدو كجثة امام أخطبوط السلطة، او بدا كحال من حالات كسر الرهبة، او هي عودة الروح ربما، او محاولة المجتمع لان يستعيد لياقته ويؤكد حضوره في مواجهة الحضور الطاغي للسلطة، لكي تعود الدولة الى موقعها الصحيح كناظم لحركة المجتمع وكمقونن لها.
وبهذا يبدو "بيان الـ 99" كما تبدو وثيقة لجان إحياء المجتمع المدني كأنهما استكمال لحال من "التعبير الفردي"، وكتوحيد لمجهود قطاع هو الاكثر حيوية في هذا المجال، شمل الكتّاب والمحامين والفنانين وممثلي قطاعات اقتصادية، وضم اسماء لها موقعها وفاعليتها. ولا شك في أنها تعبّر عن قطاعات أوسع من المثقفين، وما يسمّى الفئات الوسطى عموماً، التي باتت تشعر بأن عليها العمل من اجل اعادة التوازن بين السلطة والمجتمع، وأن وضعها الاعتباري يفرض عليها أن تعلن موقفها بعدما أفضت طبيعة السلطة الى تهميشها وإقصائها منذ عقود. ولهذا باتت ترى ان استعادة دورها تفترض انهاء الاحادية المفروضة على المجتمع، بانهاء كل أسسها غير القانونية والقانونية، وتكريس القوانين المقررة للتعددية، وفي الاساس تكريس سلطة القانون. والملاحظ ان المطالب تعرضت للمستوى السياسي فقط، من دون أن تشير الى الاقتصاد، لانها تؤكد اولوية السياسة في معالجة الازمة في مختلف زواياها. وتالياً هي تهدف في الاساس الى تغيير آليات السيطرة التي تفرضها السلطة وليس الغاء الدولة كما فهم البعض او حاول ذلك نتيجة مصلحة ما. وهدف تغيير الآليات هنا يفرض تحوّل آليات السيطرة من الاجهزة الامنية الى المؤسسات السياسية في اطار تعددية مقرّرة وآليات محددة لانتخاب هذه المؤسسات. وعدم التمييز بين اشكال السلطة المختلفة المتحققة في اطار الدولة، وتالياً اعتبار أن تغيير هذه الاشكال يمضي الى الغاء الدولة ذاتها، يعبّر عن جهل بألف باء السياسة، ليجري التمسك في شكل محدّد للحكم باعتباره هو الدولة ولتتأسس هنا شخصنة الدولة.

 

إن تغيير آليات السيطرة هو هدف كل هذه المطالب اذاً، بعد عقود من سيطرة آليات محددة، ربما كانت الغطاء لحال الفساد التي استشرت وصارت في حاجة الى علاج نتيجة تأثيرها على مجمل الاقتصاد. كما ان سيطرة تلك الآليات كانت الاساس لحال إنهاك تعرّض لها المجتمع، وأدت الى تغييب السياسة فيه، وتالياً الى إنكفاء نحو ما هو "قبْلي"، وهذا أخطر ما في الامر، حيث كانت الدولة تُنهب وتالياً يقاد دورها الاقتصادي الى ازمة عميقة، وكانت الجماهير تعيش حال "خواء" وتسير نحو ازمة معيشية كبيرة، هذا الوضع كان يفرض حلولاً جادة، كما يفرض أن يصير الحوار ممكناً عبر إقرار التعددية والاعتراف بالرأي الآخر، الرأي المختلف وربما المضاد. لقد صار السؤال الاقتصادي يفرض حلولاً ليست سهلة، نتيجة الازمة التي يعيشها الاقتصاد والخيارات المتناقضة التي تسكن السلطة والمجتمع. كما نتيجة ما بات يسمّى "استحقاقات العولمة" التي تعزز خيارات محددة، لكنها تستثير مواقف معادية كذلك.
في هذا الوضع بدت المسألة كأنها تتعلق بتحديد الاولويات: هل الاقتصاد ام السياسة؟ ولا شك في ان الاحساس بزاوية من زوايا الازمة هو الذي يفرض الاولوية لدى الاطراف المختلفين حيث اكدت السلطة أنها تعطي الاولوية للاقتصاد. وهذا ما يشير الى أن "ازمة تكوينية" تحكم دور الدولة الاقتصادي باتت تحتاج الى حلول ملحة، بينما إنصبّ اهتمام المثقفين على السياسة عبر الدعوة الى الديموقراطية، تحت التعبير/ السحر: المجتمع المدني. مع ملاحظة ان الوضع المعيشي الذي يعيشه غالبية السوريين يبدو خارج اهتمام الطرفين، حيث يسعى المثقفون الى الحصول على الحيّز الذي يسمح لهم التعبير عن "ذواتهم"، بينما تسعى السلطة الى ايجاد الحلول التي تسمح باستقرارها عبر معالجة المشكلة الاقتصادية. هذا التحديد لا يعني الهرب من تحديد الاولويات لمعالجة وضع ربما كان يحتاج الى اعادة هيكلة. حيث يبدو المدخل السياسي عبر الديموقراطية هو الذي يحظى بالاولوية من اجل معالجة مجمل المشكلات بما فيها الوضع المعيشي. فاذا كانت السلطة تحاول القول ان اولوياتها تتحدد في معالجة الوضع الاقتصادي، فلا شك في ان معالجة الوضع الاقتصادي تفرض تغيير "آليات السيطرة"من اجل إفساح مجال أوسع لفئات اجتماعية مختلفة ومتنوعة للبحث في آليات اقتصادية جديدة تسمح بتجاوز مشكلات معقدة، وخصوصاً لتحديد الخيار بين التمسك بالقطاع العام، لكن عبر تحديد الصيغ التي تتجاوز مشكلاته العميقة، وبين خيار الخصخصة واقتصاد السوق وهو الخيار الذي قاد في مختلف البلدان التي طُبّق فيها، الى دمار اقتصادي وإفقار شعبي شامل. لهذا فإن إعادة هيكلة الاقتصاد من دون اللجوء الى الخصخصة واقتصاد السوق تفرض حواراً جاداً، من اجل تحديد الآليات الضرورية لتطوير الاقتصاد عموماً، والقطاع العام خصوصاً، حيث تتحقق الرقابة الضرورية لكي يُكشف النهب الذي يتعرض له، وتتوضح الآليات السيئة التي تسيّره.
بات اذاً تجاوز البنية الشمولية السابقة ضرورة من أجل اعادة هيكلة المجتمع ككل، وصارت الديموقراطية تالياً هي المدخل، مما يفرض تأكيد المطالب نفسها التي طرحها المثقفون. مع ملاحظة أن من الضروري أن يكون الوضع المعيشي، ودور الدولة الاقتصادي في صلب الاهتمام كذلك. واذا كان التفكير ينصب على أن تحقق الديموقراطية يفترض سيادة اقتصاد السوق، اي بمعادلة الحرية السياسية بالحرية الاقتصادية، فإن أخذ الوضع المعيشي في الاعتبار وتأكيد ضرورة تحقيق التقدم يفرضان ربط دور الدولة الاقتصادي بتغيير آليات السلطة لتُبنى على اساس ديموقراطي. فالديموقراطية مدخل اعادة بناء آليات الاقتصاد بما يحقق وضعاً افضل لمجموع الشعب.

 



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار ومشروع النهضة في الوطن العربي
- عن الرأي الآخر الذي في السجن
- في كشف دكتاتوريتنا / في كشف ديمقراطيتنا
- المسألة اليهودية، الصهيونية والعرب
- تأملات في الدين والدولة
- ما الماركسية؟
- الماركسية، التقدم والصراع الطبقي
- الليبرالية والليبرالية الجديدة
- عولمة -الشرق الأوسط
- ورقة عمل من أجل اليسار
- تحوّلات إستراتيجية قادمة
- عراق ما بعد الدكتاتورية آليات تشكيل - العراق الجديد
- العراق من الدكتاتورية إلى الاحتلال
- عولمة الليبرالية الجديدة
- العولمة والحرب
- حروب الإمبراطورية
- هل نستطيع تقييم التجربة الاشتراكية
- كتاب - اطروحات من أجل ماركسية مناضلة
- أية عولمة نناهض
- مع حقوق الإنسان ضد حقوق الشعوب؟!


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سلامة كيلة - ســؤال الازمة فـي سوريــا تـجـاوز الـبـنـيـة الـشـمـولـيـة