أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الحسون - العصا والحمار / قصة قصيره














المزيد.....

العصا والحمار / قصة قصيره


جواد الحسون

الحوار المتمدن-العدد: 2085 - 2007 / 10 / 31 - 08:39
المحور: الادب والفن
    



في صبيحة الذكرى السنوية الاولى (للتحرير) حيث تلف المكان بقايا عاصفة رملية كانت قد غزت المدينة ليلة امس , نهاية الزقاق كانت تدوي باصوات زغاريد مبحوحة كانت تطلقها النسوة اللاتي شخن على عجل ... وتباشير فرح ممزوج بحزن سنين طوال كانت ترسم على وجوه الاطفال المتجه نحو نهاية الزقاق حيث منابع الفرح المجهول .
تضاربت الانباء وسط خليط غير متجانس من الاشكال والاجناس والاعمار حول سبب المناسبة السعيدة التي طرأت على سكان الحي .
احد الاطفال وهو يتعثر وينزلق على مقعده في بركة ماء استقرت وسط الزقاق .. يفضح النبأ .. ( حاكم اشترى حمارا ...حمار ابيض كلا ... حمار اسود .. طفل اخر ... لقد اشترى حمارا و عربة ... لحظات لينتشر ويتبعثر الخبر المنقوص .. يعم الهرج والمرج .. حاكم والعربة والحمار وسط صفير وتصفيق الاطفال ..
احتفال مهيب لقائد عاد منتصرا من الحرب .. يتقدم الموكب باتجاه ناصية الشارع .. حاكم في مقصورة القيادة بحيوية محترف بارع وهو يلوح بعصاه مستعرضا الحشود بزهو وكبرياء لما حققه من نصر بعد طول عناء .
زّين محيط العربة بلافتات خرجت كتابة كلماتها عن قواعد واصول الخط العربي ، كانت بمجملها تمجد وتشيد بالصبر كسلاح فعال لاخيار سواه لدى الفقراء والمستضعفين .. الصبر مفتاح الفرج .. من صبر ظفر .. ياصبر ايوب .
احدهم تكور على عتبة الباب وهو يصلح فردة نعله ... ياحاكم ... ياحاكم .. الا تعلم ان للصبر حدود.. ؟ اكتبها ياحاكم .. وعلق في رقبة حمارك الرمادي تعويذة ( سبع عيون ) لان الحسد اكثر من سواه في نفوسنا .
آخر .. تخلص من عصاك .. ! فهذا زمن ( الديمقراطية ) وزمن حقوق الحيوان .. ينهق الحمار .. (هش) ... (هش) .. يواصل السير وسط الزقاق .
حاكم يلوح بعصاه .. لا تفرح ايها الحمار المسكين .. فانت في جميع الحالات والاحوال ليست سوى حمار لا يفقه بأمور السياسة ولا حتى صاحبك يفهم ما يجري وما يدور .
يعاود الحمار النهيق مرة اخرى وكانه يستنكر قول صاحبه ..حاكم.. (هش .. هش ).. ثم يلوح بعصاه .
رجل مسن من آخر الحشد .. دعه ياحاكم .. دعه يعبر عن رأيه .. اليس هذا زمن اللامنع و زمن اللاردع .. يهز الحمار رأسه . (هش) .. (هش) .. (هش) .. لا تضجر ايها الحمار فهذا زمنك ايضا .. حيث قشور الموز الذهبية تعبد الطرقات .. ثم انك لم تعد تنقل حاويات النفط الابيض بعد اليوم .. ولا يعلو فوق صوتك رنين قناني الغاز .
ينهق الحمار .. ثم ينهق .. ثم تهوى العصا فوق ظهره لاول مرة بعد ( التحرير ) .
(هش) .. (هش) .. ايها الحمار .. مالك انت والسياسة ؟ وما شأنك انت والنفط ؟ تمتع فقط بقشور الموز .. فلا ناقة لنا في النفط ولا جمل .
فجأة يتوقف الحمار امام نسيج معقد من الاسلاك (هش) .. (هش) .. ثم تهوي العصا فوق ظهره مرة اخرى ..ثم اخرى .. ثم اخرى قبل ان يرفع حاكم راسه ليرى نسيج الاسلاك الشائكة وهو يقطع الطريق امام الحمار .. يطرق الاثنان .. حاكم والحمار .. يهز الحمار رأسه بأسف وكأن لسان حاله يقول .. ماذا تعني الحرية ؟ وماذا تعني قشور الموز الذهبية ؟
(هش) .. (هش).. ثم تهوي العصا .. نفذ .. نفذ ..و لا تناقش .
يتحرك الحمار بتثاقل وهو ينحرف ليتجاوز الطريق المغلق .. تنساب الالحان بمختلف المقامات لتنشد عبارات الفتها اسماع سكان الاحياء اللاعصرية .. خبز يابس للبيع.. طحين عفن للبيع .. اثاث قديم للبيع .. احدهم ممازحا ... ضمير للبيع .. شرف رفيع للبيع .. ينهق الحمار بقوة .. (هش) .. (هش) .. ثم تهوي العصا فوق رأسه .. يواصل النهيق وهو يرفس الارض .. لم يستجب الحمار لاوامر حاكم هذه المرة وقد انتابته حالة هياج وغضب افقدا حاكم السيطرة على زمام الامور ولم يتمكن من كبح جماح الحمار او السيطرة عليه وهو ينطلق بسرعة باتجاه جسر المدينة المتهرئ .
لم يخطر في باله بان الحمار قد اختار الموت حتى لحظة سقوطهم في النهر .. حاكم والعربة والحمار .. الجميع غطس الى قاع النهر العميق .. ولم يطفوا على صفحة الماء سوى العصا .



#جواد_الحسون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسمار حذوة الفرس
- ليلة العيد قصة قصيرة
- هل يتعلم الكبار من حرص الصغار....( رؤية في أروقة مؤسساتنا )
- ثقافة الطفل العربي ....في عالم الميديا


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد الحسون - العصا والحمار / قصة قصيره