أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (1-2)















المزيد.....

نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (1-2)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 2079 - 2007 / 10 / 25 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن للزمن حدوده في التقويم وديمومته في التاريخ. وهي المعضلة التي عانى ويعاني منها وعي الذات السياسي الكردي. كما أنها تشكل من حيث الجوهر مضمون المفارقة التاريخية لفكرته القومية. وهي مفارقة كانت وما تزال تشكل عصب المعاناة المريرة بالنسبة لرؤية الحلول الواقعية للقضية الكردية. وهي مفارقة تكمن جذورها في محاولة تذليل واقع المرحلة التاريخية للأكراد بالقفز على التاريخ والواقع. بمعنى محاولة تصوير النفس بمعايير القومية والتاريخ، بينما الواقع يشير إلى أن حالة "القومية الكردية" اقرب إلى المعشر، وان التاريخ الذاتي هو زمن لا غير. وهي حالة تجعل من السهل بالنسبة للوعي السياسي الإيديولوجي التعامل مع الوعي الجماهيري بمعايير الأسطورة والأوهام. ومن ثم توظيفها بالطريقة التي تجعل من "المستحيل واقعا". وهي ظاهرة ليست غريبة بالنسبة للوعي القومي الناشئ والبدائي حالما ينظر إلى نفسه للمرة الأولى في مياه عكرة. عندها يصبح الخيال مرآة الرؤية.
وهي حالة يمكن تتبعها من خلال تحليل السلوك العملي والخطاب السياسي للنخب الكردية "القومية" السياسية والمثقفة، أي القيادات التقليدية والمتعلمين، وبالأخص في مجرى "الاندماج" التعيس بمخطط الاحتلال الأمريكي للعراق والتماهي معه، بحيث لم يبق في العراق قوة تتحدث عن "التحرير" غيرها! وهو "توافق" مع الاحتلال لم يكن معزولا عن تراكم النزعة العرقية التي لا تصنع في مجرى "كفاحها" غير مختلف عناصر اللاعقلانية والانحطاط. وهي عناصر تراكمت في مجرى "النضال القومي" للحركات والأحزاب الكردية في العراق من خلال انعزالها التدريجي عنه وانفصامها عن مستقبل الاندماج التاريخي والطبيعي به من جهة، والتكامل مع مختلف القوى التي ناصبته العداء من جهة أخرى. وهي حلقة مفرغة لكنها واقعية. بمعنى ازدياد الانفصام عنه والانضمام الى قوى "أخرى".
وهي ظاهرة لم تكن معزولة عن طبيعة الصراع العالمي الإقليمي الذي لف المنطقة، وبالأخص بعد انهيار الحكم الملكي وحلف بغداد وصعود الراديكالية السياسية. لكنها ظاهرة تعكس من حيث مقدماتها الذاتية طبيعة الضعف الذاتي للحركات القومية الكردية و"القومية" الكردية ككل. وهي الظاهرة التي يمكن رؤية ملامحها النموذجية في "الرجوع" الى العراق بعد انهيار الصدامية، أي في تناقض "التخلي عن الاستقلال" السابق للغزو الأمريكي والنضال من اجل "الفيدرالية". وهي خطوة تتعارض مع فكرة "التحرر القومي" وتشكل رجوعا الى الوراء مقارنة بما كان من "استقلال"، لكنها نموذجية فيما يتعلق بكشفها لطبيعة النفسية والذهنية الملازمة للحركات القومية الكردية التي بلغت في مجرى "استقلالها" المحكوم بالغطاء الجوي الأمريكي البريطاني الفرنسي، درجة التقوقع العرقي. وهو توقع يتمثل من حيث آليته وغاياته النموذج الصهيوني، أي "الاحتلال البشري للأرض"! أي كل ما نعثر عليه في تراكم ما يسمى بالمادة 58 من (القانون المؤقت)، التي جرى استعادتها وتثبيتها في المادة 140 من "الدستور الدائم". وهو نقل يتميز بقدر من الاحتراف المنظم للذهنية الصهيونية، أي التدرج في توسيع "حدود" الاحتلال.
فإذا كانت المادة 58 تحتوي من حيث الظاهر على رؤية "إنسانية" تتعلق بحل المشاكل الاجتماعية العالقة من الماضي، فان غايتها الفعلية (الباطنية) كانت تقوم في إدراجها ضمن "قانون" ينسجم مع الرؤية العراقية المستلبة تجاه الرقم 58 نفسه. وهي غاية يمكن رؤية تضليلها للأهداف من خلال إدخال المادة 53 أيضا في القانون المؤقت حول عدم إدراج بغداد وكركوك ضمن أي إقليم آخر، مع فسح المجال أمام إمكانية ظهور ودمج مناطق أخرى في الأقاليم القابلة للتكون. ومن هذا الخليط المشوش، أو بصورة أدق التصنيع بهذه الطريقة المشوشة، جرى تمرير ما يسمى بالمادة 140 في "الدستور الدائم". بمعنى تحويلها الى جزء من مادة دائمة وليست مؤقتة كما كان الحال بالنسبة للقانون السابق. والتمويه النفسي في الأرقام ليس مصادفة. إذ أن الرقم 58 يتطابق في الذاكرة العراقية مع حدث تاريخي محبب (ثورة 14 تموز).
وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن أغلب المشرفين على كتابة (القانون المؤقت) يهودا صهاينة، والمستشارين الحقوقيين للأحزاب القومية الكردية في مجرى عقد من الزمن قبل الاحتلال وفي مجراه ولحد الآن، يهود صهاينة، كما أثبتت الأحداث والوقائع والوثائق، فمن الممكن توقع "سر" الرجوع الطوعي الى بغداد. فقد كانت المهمة واضحة منذ البدء بوصفها جزء من إستراتيجية السرقة والتأثير "على المركز". ولم يكن المركز في الواقع سوى قوات الاحتلال. بمعنى العمل معها عن قرب من اجل التحضير والتأسيس لفكرة الانفصال. وهي فكرة كانت تتوازي مع كل الأفعال الظاهرة والمستترة "لقوى التحالف الكردستاني". بحيث نعثر عليها في:
 نمط السرقة والابتزاز العنيف الذي ميز هجوم الميليشيات الكردية بعد سقوط السلطة الصدامية على مناطق كركوك والموصل وغيرها، وسرقة البنوك والمصانع والمعامل والمؤسسات، وتخريب كل ما وصلت إليه أياديهم، أي أنها كشفت عن ملامح حركة لا انضباط فيها لغير تنظيم السرقة والابتزاز، شأنها شأن كل الحركات الخاطفة والسريعة للعصابات والجماعات المجرمة.
 وفي سلوكها تجاه فكرة ونمط "الفيدرالية"، التي لم تكن في الواقع أكثر من تنظيم يحدد نمط السرقة والابتزاز للمركز، أي "فيدرالية" "الحقوق" القائمة بحد ذاتها، أي المحررة من أية مسئولية تجاه المركز والكل العراقي.
 وفي اشتراكها المحموم في "كتابة" الدستور "الدائم" مع ربطه بفكرة "الإقليم"، بينما يجري ربط التصويت عليه بالاستفتاء على حق الانفصال! بينما يتحول العمل اللاحق في البرلمان والحكومة الى تثبيت فكرة المحاصصة العرقية والحزبية الضيقة، بوصفها أسلوبا لتوسيع حدود الانفصال الفعلي مع الإبقاء على حرية واسعة وبلا حدود لسرقة أموال الدولة عبر توسيع النسبة من 13% الى 17%. وهي فكرة لا علاقة لها بالاقتصاد والاجتماع والقومية.
 وفي استمرارها في الموقف من المليشيات والجيش. فقد جرى تحويل المليشيات الكردية الى "جيش". وهي سرقة مضاعفة للأموال العامة، وتعميق لفكرة الانفصال، وتشجيع لفكرة القوات المتعددة، وإضعاف لهيبة الدولة المركزية.
 وفي عملها تجاه ترسيخ مبدأ المحاصصة في عمل الوزارات، كما هول الحال على سبيل المثال في وزارة الخارجية. فقد تحولت الوزارة الى حضيرة جبلية منفرة. والسفارات الى توابع تتصف بقدر كبير من الاستهتار والابتزاز والانحطاط الأخلاقي والمعنوي والمهني.
 وفي محاولات ابتزاز الثقافة والمثقفين من خلال "بيوت الثقافة" المأجورة ومهرجاناتها الركيكة، و"علاج" المثقفين المرضى! والرشوة المبطنة عبر توسيع شبكة "المستشارين"، وتأسيس ما يسمى بمراكز البحوث الإستراتيجية التي لا يتعدى اهتمامها الاستراتيجي قضايا "الفيدرالية" و"القضية الكردية"، ودفع الأموال الزهيدة من اجل حشو المواقع الالكترونية والجرائد بمقالات وضيعة.
 وفي اجتراح كل "المآثر" الممكنة من اجل تقويض فكرة مركزية الدولة والفكرة الوطنية العراقية. ولعل الموقف من "قانون النفط" و"مشروع بايدن" للتقسيم هو آخرها.
غير أن لكل "أخير" نهايته الخاصة! وهي نهاية يمكن رؤية ملامحها الجلية في الخط البياني السريع لتصاعد وانهيار المشروع العرقي الكردي في العراق. وهو صعود وهبوط يعكس بصورة نموذجية خلل الوعي "الوطني" و"القومي" الكردي، بدأ من الصراع من اجل "الحكم الذاتي" وانتهاء بمغامرة "الفيدرالية العرقية". فقد كان في مجرى تاريخه الكلي والجزئي مجرد عنصر من عناصر الصراعات الإقليمية والأجنبية في المنطقة بشكل عام وفي العراق بشكل خاص. وهو السبب الذي أدى في احد مظاهره المشوهة الى تصنيع أساطير وحكايات عن "التاريخ القومي" لا علاقة لها بتاريخ الأكراد بشكل عام وفي العراق بشكل خاص. بحيث يمكننا الآن الحديث عن توليف خطر بين أسطورية الرؤية السياسية ونفسية العرقية الصهيونية. وكلاهما يفتقدان الى مبررات التاريخ والمستقبل. والنتيجة هي تحويل القضية الكردية إلى قضية قردية! كما نراها في الدعاية الفجة وخداع النفس عما يسمى بالتجربة الديمقراطية والحرية والتقدم في "كردستان"، أي في محافظات مجزئة ومتحاربة ومتنافرة وبائسة ومحروسة بقوة الاحتلال، اقرب ما تكون من حيث آلية فعلها وآفاقها الى تشكيلات إقطاعيات تقليدية. وفي هذا يكمن خطورتها الحالية بالنسبة للعراق.
إن "القضية الكردية" بميزاتها وصفاتها الجوهرية في ظل القيادات التقليدية الحالية، هي إمكانية واحتمال ضعيف وهش بمعايير التقدم والمستقبل. أي أنها تبقى في نهاية المطاف قضية جزئية وضعيفة. ومن ثم لا يمكنها أن تكون "جزء من حل" وطني عراقي، ولا "ورقة ضاغطة" إقليمية وما شابه ذلك. إن هذه الانطباعات هي جزء من "مرض الطفولة" ومراحل النمو المشوهة. وخطورتها تقوم في أنها تسحب الأكراد الى الوقوع في شرك الأوهام الذاتية والجيوسياسية الماكرة للقوى الأجنبية. وهي أوهام كلما يجري الغوص فيها كلما يصبح السقوط في وحل الاستبداد والانغلاق والسرقة والابتزاز والمؤامرة والمغامرة قدرها المحتوم! وهو قدر يضع بالضرورة مهمة إعادة النظر بقضية الدولة العراقية والانفصالية العرقية الكردية.(يتبع...)



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الزمن الطائفي في العراق
- تقسيم العراق – يقين الأقلية العرقية وأوهام الطائفية السياسية
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق
- العراق ومرجعية الرجوع الى النفس
- (أشجان وأوزان الهوية العراقية) كتاب جديد لميثم الجنابي
- -الروافض- وفلسفة الرفض العراقية
- الحركة الصدرية - الغيب والمستقبل (6)
- الحركة المختارية والحركة الصدرية – الماضي والمستقبل 5
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراقي - من الحركة المختارية الى الح ...
- مراقد الأئمة – مواقد الثأر الهمجي
- غجر الثقافة في العراق
- أهرامات الجسد العربي ودهاليز الروح العراقي
- المختار الثقفي - فروسية التوبة والثأر
- الحلم الأمريكي وديمقراطية العبيد
- صرخة الضمير المعّذب وحشرجة الإعلام المهّذب
- تعزية صدام - طائفية أزلام وأعراف قبائل
- العراق ومهمة البحث عن دولة -عباسية- معاصرة


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (1-2)