أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالقادر محمد عبدالقادر - حول قضية الدين والدولة















المزيد.....



حول قضية الدين والدولة


عبدالقادر محمد عبدالقادر

الحوار المتمدن-العدد: 2078 - 2007 / 10 / 24 - 09:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا المبحث قراءة في التاريخ الاجتماعي للدين الاسلامي بهدف المحاولة الصادقة والمخلصة لازالة كثير من الالتباس في الوعي العربي السائد حول طبيعةالعلاقة بين الدين والدولة, تلك العلاقة التى اوجدتها ظروف تاريخية اجتماعية محددة متصلة بشخص النبي ، والتي انتفت فيما بعد مع تمهيد النبي نفسه لذلك خصوصاً مع انتفاء الظروف التى اوجدتها ، وإذا كانت واقعة الوحي ذاتها واقعة تاريخية وليست ابدية او ازلية يكون من الطبيعي ان نراجع بواسطة مناهج التحليل التاريخي كل الاحداث التى صاحبت العهد الاول للاسلام بما في ذلك النصوص القرأنية ،..خصوصاً مع بروز وتنامى حركات الاسلام السياسي التي تعتمد علي الدين كوقود ومحرك سياسي بهدف الوصول للسلطة.واعتمادها فكريا علي تنظيرات (الحاكمية,الخلافة.....الخ) وطرح شعارات (الاسلام دين ودولة)و(الاسلام هو الحل) في محاولة منها لشرعنة دمج وتوحيد الدين والدولة وتقديس هذا الدمج علي اساس انه مبدأ أو قاعدة دينية..ولقد ظلت ظلت قضية الدين والدولة واحدة من اكثر القضايا الخلافية التى اثارات النقاش والجدل وأسالت الدماء على أمتداد فترات تاريخية طويلة في الماضي والحاضر .
عبر دراسة التاريخ يمكننا اكتشاف العديد من الحقائق الهامة في كثير من القضايا التى تتصل بحياتنا بصورة مباشرة ، والحقيقة التى نريد التوصل اليها ونحن بصدد دراسة (قضية الدين والدولة ) هي أن هنالك مفهوم سائد على مستوي الوعي العربي الاسلامي يرسخ للفصل بين الدين وتاريخه الاجتماعي , ومن ثم يرى ان الارتباط او الدمج ما بين الدين والدولة هو احد مكملات الدين, اي انه قاعدة او مبدأ دينى .
الحق انه لايمكن أن تفصل بين الدين _اى دين فى نشأته ومرحلة تأسيسه_ وبين تاريخه الاجتماعى البشرى وهنالك نقطة مهمة لابد من توضيحها هنا وهى انه لايمكن أن أن يأتى الدين من فراغ , انما يأتى نتيجة لتطور المجتمع البشرى وصيرورته . يمر المجتمع البشرى بانتاج الدين كمرحلة قابلة للتجاوز خصوصاً مع تطور العلم وأدوات البحث العلمى .
فى المجتمع العربى قبل الاسلام كانت هناك حياة بنظمها الاجتماعية , وعاداتها وتقاليدها , وثقافاتها , وحينما جاء الاسلام إعتمد بعضاً من العادات والتقاليد والنظم الاجتماعية والثقافات السائدة انذاك فى المجتع العربى واستوعبها فى بنيته وتكوينه كدين , كما تجاوز بعضها , ونهى عن بعضها , وهذا يعنى ان التاريخ العربى لم يبدأ مع الرسالة المحمدية , من ضمن أبرز النظم والاعراف والعادات التى استوعبها الاسلام فى بنيته كانت مسألة " قطع يد السارق " وهى عرف قانونى "جاهلى " إبتدعه الوليد بن المغيرة قبل الاسلام , وحينما جاء الاسلام اعتمد عليه كعقاب دينى , وكثير من الامثلة والوقائع يمكن أن نسوقها هنا ولكن نكتفي بهذا المثال الوحيد ولان النقطة التى نريد الوصول اليها هنا هى أن الدين الاسلامى ، كأى دين أخر, لايمكننا فصله عن تاريخه الاجتماعى البشرى فى نشأته ومرحلته التأسيسية . وهو قد ظهر فى مجتمع انسانى كامل التكون اجتماعياً , وقد كانت له ارهاصات ما قبل ظهوره تمثلت فى حركة " الحنيفية " التى اعتمد الاسلام على كثير من معتقداتها فى بنيته العقائدية , ومن هنا لابد أن نراجع مسمى "الجاهلية " كدلالة على الفترة التى سبقت الاسلام !.. التجربة التاريخية للاسلام تخبرنا بان الاسلام مر بفترتين حاسمتين فى مرحلته التأسيسية :
1/ الفترة الملكية :
حيث كانت تعاليم الدين الاسلامى ترتبط بالعقيدة ( الوعد والوعيد , بيان أصول الدين , والدعوة اليها , الايمان بالله .... الخ ) وكانت تنحو اجتماعياً ناحية الموادعة والمسالمة . ولم يكن لمحمد أى سلطة فى مكة سوى دعم ومساندة قومه بنى هاشم له ضد عداء قريش .
2/ الفترة المدينية :
فى هذه المرحلة صار الاسلام دولة , وتوحدت السلطتتان الزمنية والروحية فى يد القائد الروحى والنبى الذى يتلقى الوحى . والملاحظ أن التعاليم ( الدينية ) أخذت منحى ( دنيوياً ) , تشريع فى الامور المدنية من بيع وإجارة ... الخ , وان تصرفات النبى وممارساته صارت ممارسات قائد الدولة ( راجع د. سيد القمني : حروب دولة الرسول ) . ونسأل الاَن تساؤلاً مشروعاً :- هل هذا التحول هو تحول فى بنية الدين أم هو تحول تاريخى ؟؟ ! وماذا لو لم يلقى النبى تأييد أهل المدينة ومساندتهم ودعمهم ؟؟! لكن السؤال الاخطر : هل هذا التوحد التاريخى الذى حدث فى المدينة بين السلطتين خاص بشخص النبى , أم أنه توحد أبدى دائم يجب الحفاظ عليه ؟؟ وإذا كان أبدياً لماذا فصمه عمر بن الخطاب؟؟؟؟!!!!
كل هذه الاسئلة كانت هى مفتاح التفكير فى قضية الدين والدولة . نودعها فى عقل القارئ لنخلص سوياً الى نتائج اكثر ايجابية حول هذا الموضوع .
من الواضح أن الخلاف بين الانصار وأهل مكة حول مسألة " الحكم " إنصب على هذه النقطة . ومن الواضح انه كان هنالك اتجاهان :
1/ اتجاه للفصل تزعمه أهل المدينة / الانصار .
2/ اتجاه الى الدمج تزعمه أهل مكة / المهاجرين .
وتغلب اتجاه الدمج وهذه غلبة تاريخية تفسرها نظرية العصبية عند ابن خلدون بمعنى انها غلبة اجتماعية سياسية لا إقرار لمبدأ دينى ( راجع د. نصر حامد أبو زيد : نقد الخطاب الدينى / التفكير فى زمن التفكير )
وبالرغم من أن الصراع كان مسوقاً بدوافع اجتماعية سياسية غير خفية قد اتخذ شكله الدينى لان هذا هو الشكل التاريخى له موضوعياً فى ذلك العصر ومن هنا تحول ظاهر الصراع من كونه صراعاً بين المهاجرين والانصار على السلطة الى كونه صراع بين الهاشميين وسائر الفرقاء على من هو صاحب الحق الدينى فى الخلافة ( راجع حسين مروة : النزعات المادية الجزء الاول ) هنا نخلص الى نقاط حاسمة ومفصلية فى النقاش وهى :
أولاً : أن توحد السلطتين الدينية والمدنية ( الذى حدث فى المدينة )هو توحد له اسبابه وظروفه التاريخية الموضوعية وهو خاص بشخص النبى الذى كان يتلقى الوحى وبانقطاع الوحى أو انقطاع العلاقة بين الارض والسماء بات من الضرورى على الانسان مواجهة الواقع وتعقيدلته بعقل مفتوح وتفكير مرن قادر على استيعاب متغيرات الواقع الاجتماعى المتجدد دوماً والمتطور والذى لايمكن أن يتقيد أو يحكم بتشريع واحد على مدى قرون طويلة من الزمان .
ثانياً : إن العلاقة بين الدين والدولة اقرتها غلبة اجتماعية سياسية ولم ينزل بها وحى أو يقرها مبدأ دينى .وأبعد من ذلك أن بناء وتأسيس الدول هو ليس من إختصاص الدين واذا كان التوحد بين السلطتين حدثاً تاريخياً أو واقعة اجتماعية يعنى انها ليست جوهر الاسلام .
ان ارتباط الدين بالدولة أو التوحد الذى حدث بين السلطتين الدينية والمدنية علي يد النبى فى المدينة يرجع لكون أن النبى هو الذى يتلقى الوحى , هو ارتباط له أسبابه وظروفه التاريخية والتى لا أرى مبرراً لاستمرارها بعد زوال اللحظة التاريخية المرتبطة بنزول الوحى . أى أن العلاقة بين الدين والدولة , أو السلطتين الدينية والمدنية التى اجتمعت فى شخص النبى انقطعت بانقطاع الوحى . وحتى وأن النبى وهو متلقى الوحى لم يكن يربط ما بين الدين والدولة الا بما يقتضيه ظرفه كنبى وقائد ورئيس دولة . وحينما اجتمعت فى شخص الرسول السلطتين الدينية والمدنية لم يمارس احداهما بديلاً للأخرى . فقد كان يمارس امور الدنيا كما وجدها فى عصره , وكما وجد الاقدمين يفعلون كان يفعل ( ويتجلى هذا فى أحداث مثل حفر الخندق , وهو مقترح فارسى ادخله فى بلاد العرب سلمان الفارسى , تأبير النخل , الزراعة , التجارة , بناء المنازل , اعداد الجيوش وأدوات الحرب , شكل الدولة ونظام الادارة فيها وغير ذلك من المنجزات المدنية ) . أما امور الاخرة فيفعلها وفقاً لما يوحى اليه وفى هذا دلالة واضحة على أن الدين معنى فى الاساس بتدبير شئون الاخرة وعلاقة الفرد مع ربه , وهو -الدين -غير معنى بتدبير شئون الدنيا المتغيرة المتجددة المتطورة والتى فى حالة صيرورة دائمة . هنالك الكثير من الامثلة التى يمكن ايرادها لاثبات ان الرسول لم يكن يدمج ما بين السلطتين الدينية والمدنية , ولكن أسطع الامثلة هو ماحدث فى غزوتى بدر وأحد ففى غزوة بدر جهز النبى جيشه وأختار أماكن الرماة , وكان يمر للإطمئنان على سير الجيش واعداده كقائد عسكرى , وكان النصر حليفه , أما فى غزوة أحد فنجد أنه حينما أهمل الرماة أماكنهم ولم يتبعوا تعليمات قائدهم العسكرى أثناء المعركة , واعتمدوا على المدد السماوى , لم يجنوا سوى الهزيمة . من المعروف أن النبى كان يقول لأصحابه فى أكثر من مناسبة " أنتم أدرى بشئون دنياكم " ومن شئون الدنيا كما هو معلوم السياسة والاقتصاد والزراعة والادب والفن والقانون .... الخ . كما أنه لم يترك النبى ولا الوحى الذى جاءه أى اثر ذكرت فيه أمور السياسة والحكم والنظام السياسى وإدارة الدولة , أو الطرق الاكثر ايجابية لزيادة المحاصيل الزراعية , أو كيفية اعداد الموازنة العامة للدولة أو الوصفات الطبية العلاجية الى غير ذلك من الاشياء و الامور الدنيوية / المدنية المتروكة للعقل والخبرة والتجارب البشرية .
كان جثمان النبي مايزال مسجى فى بيته حينما اجتمع اهل الحل والعقد فى سقيفة بنى ساعدة يبحثون تنظيم أمور دنياهم بعد أن انقطع الوحى وبقى الانسان المسلم فى مواجهة مصيره على هدى عقله ومبادئ دينه , وحين قال عمر بن الخطاب للمجتمعين ( ان العرب لاتدين الا لهذا الحى من قريش منا الامراء ومنكم الوزراء ) كان يتكلم سياسة بحتة تحدد موازين القوى فى المجتمع العربى وكانت سياسة بعيدة عن الدين أو يمكن أن نقول كانت امور دنيا بعيدة الاخرة . وهى أمور لم يقل بها وحى ولا جاءت بها سنة . ولم يكن المجتمعون يبحثون عن ايهم أشد ايماناً فكلهم مؤمنون , انما كان مدار البحث عن أيهم "أقدر" على تدبير شئون دنياهم , التى هم أدرى بها , والحصول على طاعته ... ان الدمج ما بين أمور الدنيا وأمور الاخرة أو زج الدين فى الممارسة السياسية يخرجه عن أهدافه المثلى ـ كدين ـ ويغرقه حماة الصراع السياسى بل والصراع الدينى والطائفى والقومى . فيصبح الدين سياسة وتصبح السياسة ديناً . وبذلك يحرم من مركزه المتميز الذى يجعله موجهاً للمجتمع وهادياً له .
كان عمر بن الخطاب الاكثر وعياً بمقولة : ( فصل الدين عن الدولة ) وأول من نفذ عملياً تنظيره ( أنتم ادرى بشئون دنياكم ) , فنجده لوعيه العميق بظروف مجتمعه الاقتصادية ـالاجتماعية قد عطل ( حد السرقة ) المنصوص عليه فى القراَن بنص قطعى الدلالة فى عام الرمادة . كما نجده قد ألغى سهم المؤلفة قلوبهم من الزكاة وهو أيضاً منصوص عليه فى القراَن بنص قطعى الدلالة , التساؤل المشروع الذى يمكن طرحه هنا : هل حينما فعل عمر كل هذا الذى فعله ( من تعطيل للنصوص وخلافه ) كان يخالف كتاب الله وتعاليم النبى ؟! الحقيقة انه كان يتعامل مع روح النصوص وليس مع حرفيتها . اي انه كان يتعامل تعاملاً عقلانياً تقتضيه ظروف الحراك الاجتماعى للمجتمع . أن عمر بن الخطاب بتعامله العقلانى مع النصوص , وتمسكه بروح النص لاحرفيته , يكون قد أرسى بدايات مفهوم تاريخية النصوص القرانية . وفى إطار سلوكه العقلانى هذا نجده ـ عمر - داعماً للفصل المشروع بين الدين والدولة لاسيما وانه قد حول فى عهده وصف أو لقب رئيس الدولة من ( خليفة رسول الله ) الى ( أمير المؤمنين ) داعماً بذلك الاساس المدنى للدولة الناشئة حتى لايكون لرئيس الدولة أى سلطات دينية أو مرتكزاً على الدين أو حاكماً بالحق الالهى . وبالتاكيد لن يكون التحويل من لقب أو وصف ( خليفة رسول الله ) بدلالته الدينية الى لقب / وصف ( أمير ) بدلالته المدنية مجرد تحويل شكلى أو شكلانى بقدر ما كان تحويلاً أو تحولاً جوهرياً سعى لتقويض الاساس الثيوقراطى للدولة . بمعنى اعتماد تشريعات الدولة وقوانينها وادارتها على الواقع الاجتماعى اكثر من اعتمادها على الدين وأحكامه وقد طبق عمر نفسه ذلك فى عهده الذى كان اكثر عهود ( الدولة الاسلامية ) استقراراً , وهذه ملحوظة جديرة بالاهتمام والدراسة . ألم نلاحظ من خلال قراءة التاريخ ان فترة حكم عمر بن الخطاب كانت هى الفترة الوحيدة فى تاريخ ( الدولة الاسلامية ) التى شهدت استقراراً تاماً الى نهايتها , كما انها الفترة الوحيدة التى تبلور فيها الشكل المدنى للدولة , فبخلاف عهد عمر لم تشهد الدولة الاسلامية اودولة المسلمين على سبيل الدقة الاصطلاحية عهداً مستقراً بكامله . فابوبكر الصديق قضى اغلب عهده فى محاربة المرتدين عن الاسلام "حروب الردة" وعثمان فى مقاتلة الثوار , وعلى فى فى سبيل أخذ البيعة وحروب الفتنة ...الخ ( نستطيع أن نذكر بقدركبير من اليقين ان فترات استقرار الحكم فى سنوات حكم الخلفاء الراشدين لم تزد عن عهد عمر ونصف عهد عثمان ( الستة اعوام الاولى من حكمه ) , أما قبل ذلك فهو عهد ابوبكر وأغلبه كان منصرفاً الى قتال المرتدين عن الاسلام , وأما ما تلى ذلك فيتمثل فى الستة اعوام الاخيرة من عهد عثمان , وهى الفترة التى تزعم معارضته فيها نفر من الصدر الاول للاسلام يكفى أن نذكر منهم : عبدالرحمن بن عوف , الزبير ابن العوام , طلحة بن عبيد الله , على بن أبى طالب , أبار الغفارى , عبدالله بن مسعود , عمار بن ياسر وغيرهم كثيرون , فاذا تجاوزنا حكم عثمان فنستطيع أن نقول بدون تجاوز للحقيقة ان خلافة على بن أبى طالب , لم تكن اكثر من فترة جهاد فى سبيل جمع كلمة المسلمين على بيعته , وهو الامر الذى لم يتحقق له , وأنه قاتل فى سبيل ذلك حتى قتل غيلة , وكان اجماع المسلمين عليه عند مقتله أقل بكثير منه عند توليه , ويرى بعض الفقهاء ان الخلافة لم يتحقق الا للثلاثة ( خلفاء ) الاولين وهو أمر محل نقاش وجدل ( راجع د. فرج فودة : قبل السقوط ) . واذا كان هذا حال رجال صدر الاسلام الأول وأصحاب الرسول فان الحقيقة الساطعة هنا هى ان المجتمع المثالى / الفاضل أمر لم يتحقق علي مدي التاريخ الانساني كله ، وبالتالي علي مدي تاريخ الخلافة الاسلامية كله ، حتي في ازهي عصوره وهذه دعوة للتامل والتفكير تقدمها لمن يتصورون ان تطبيق الشريعة الاسلامية والالتزام المظهري بالدين ( نمط التدين الشكلاني ) من تطويل اللحي وتقصير الجلاليب هو الحل لازمات مجتمعنا ويصورون ان الفقر والمرض والجوع والاوبئة التي تعانيها مجتمعاتنا هي بسبب ابتعادنا عن طريق الله ( !!) وتركنا للدين وعدم تطبيق الشريعة ( !!) وهم لايدرون ان ازمات مجتمعنا ( بما فيهم هم ) لها اساسها الاقتصادي المتمثل في فقر البني التحتية للمجتمع من خدمات صحة وتعليم ، وان خيرات بلداننا جميعها تذهب الي خزائن السلطان بدلا عن بطون الجوعي وايادي الفقراء . ان المرض والفقر والجوع لا ارتباط لها بالقرب من الله او الابتعاد عنه بقدر ماهي تجلي لازمات اقتصادية – اجتماعية معينة .
لكي نصل الي الوعي المطلوب حول قضية الدين والدولة لابد ان نفرق عن وعي و نميز مابين (الاسلام الدين والاسلام الدولة) وما بين (ثوابت الدين ومتحركات التدين) او (ما بين الدين ونمط التدين) وفي كلاهما انتقاد الثاني لايعني الكفر بالاول والخروج عليه ، وانك في الثاني سوف تجد كثيرا يقال او يعترض عليه حتي في اعظم ازمنته ، بينما لانجد في الاول الا ايمانا . وانه اذا جاز ان يقال هذا في عهد الخلفاء الراشدين ، فانه يجوز ان تقول ماهو اكثر واكثر حين تتصدي بالنقد والتحليل لعصور لاحقه ارتفعت فيها رايات الحكم الديني وادعي اصحابها انها وجه الاسلام الصحيح ، وانهم الحافظون لكتاب الله المحافظون عليه ، والتابعون للسنة والمتابعون لها ، وهم بالرغم من ذلك يستحلون القتل في غير حق ، والظلم بلا داع ، وليس لهم وازع . كذلك نريد ان نصل الي ان وعي حقيقي يفرق مابين الدين كمقدس في ذاته سر تقديسه الوحي الالهي والكتب السماوية ومابين الخطاب الديني الذي يفسر ويؤول الوحي او يشوه الدين بالاستخدام النفعي للدين في مصالحه الخاصة وفي دول العالم الاسلامي ومجتمعاتنا اسطع الامثلة علي تشوية الدين واستخدامه استخداما نفعيا في المصالح الخاصة ، فعلي ايام التوجه الاشتراكي ومده المتنامي ساند رجال الدين هذا التوجه وادعوا بان الاسلام هو الدين ، ومثلما ساندوا ودعموا المد الاشتراكي تماما ساندوا ودعموا الراسمالية ونادوا بان الاسلام هو الدين الراسمالي ( وهذه احد اشكاليات فهم التراث الديني يفسرها بصورة ممتازة حسين مروة في مؤلفه الثر النزعات المادية في الفلسفة الاسلامية ) وفي ايام الحرب مع اسرائيل كان الخطاب الديني السائد هو اعلان الجهاد ضد اعداء الله وفي زمن كامب ديفيد برز الي السطح خطاب ديني ينادي بان الاسلام هو دين السلم . وحاضره في الذهن التجربة المريرة التي عايشها ويعانيها الشعب السوداني بعد استيلاء الجبهة الاسلامية علي نظام الحكم بانقلاب عسكري ( لاحظ الوسيلة ) فكان او مافعله نظام الجبهة الاسلامية هو اعلان الجهاد ضد الكفار (!!!) من قوي اليسار والتجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية لتحرير السودان.. والغريب في الامر ان كل هذه المتضادات والمتناقضات تتم بالاستناد الي ايات قرانية وهذه في حقيقة الامر لاتعدو كونها استهانه بالوحي وجعله مطية لكل الاغراض . ( راجع د.نصر حامد ابوزيد الخطاب والتاويل )
اذا كان عمر بن الخطاب كما ذكرنا هو اول من طبق عمليا التنظيره المدنية لنبي الاسلام ( انتم ادري بشئون ديناكم ) واسس بذلك الفصل المشروع بين الدين والدولة الذي كان يسعي لتطبيقه نبي الاسلام من خلال عدة مواقف عملية ومقولات نظرية ( حفر الخندق ، الغزوات ، تأبير النخل ) هذا يعني- في اعتقادي- انه كان واعيا بضرورة الدولة المدنية ومضار الدولة الدينية ( الثيوقراطية ) ولفك الالتباس ومزيد من الايضاح حول طبيعة الدولة الدينية ووظيفتها وسماتها يمكن ان نسوق ونناقش التعريف التالي للدولة الدينية. اذ يمكن تعريف الدولة الدينية علي انها ( الدولة التي تنظر الي الاعتبارات الدينية علي انها الاعتبارات النهائية التي ينبغي للحاكم ان يلجا اليها ليقرر ماالذي ينبغي سنه من قوانين واختطاطه من سياسات علي كل المستويات والمجالات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية ... الخ )ومن خلال هذا التعريف تتضح لنا عدة نقاط هي :
1/ سيطرة رجال الدين ليست هي المعيار لان تكون هذه الدولة دينية ام مدنية بل المعيار هو ان يكون الدين المصدر الاخير للتشريع .
2/ يتحول رجال الدين الي وسطاء لاضفاء الشرعية علي الحكم وسياساته .
3/ الدولة الدينية -وفقا لهذا المفهوم – لم توجد في عصور صدر الاسلام الاول ( عهد الرسول ، عهد عمر ) ، ولكن لاحت بعض مظاهرها في عهد عثمان واختفت لتاخذ ملامحها الكاملة ابان عهد الحكام الامويين والطغاه الذين اساءوا للدين وللعلماء واسسوا ملكهم العضود علي دماء المسلمين . خلاصة القول ان المجتمع الفاضل الذي يتصوره البعض -ويصوره للشباب الغض التفكير- لم يتحقق في اي عهد من عهود التاريخ الاسلامي ، ولايمكن ان يتحقق مجتمع فاضل ينبني اساسه علي تنظيرات دينيه / ميتافيزبيقيه / غيبية بعيدة ومنفصله علي الواقع الاجتماعي . ولايمكن لاي دولة قائمة علي اساس ديني ( تشريعات ,قوانين ,احكام مستمدة من الدين ) ان تحقق العيش الكريم والحياه لمواطنيها ( حتي ان مفهوم المواطنه في فكر الاسلامويين يحتاج للبحث والدراسة سنحاولها في مرات قادمة) ان ماتنادي به حركات الاسلام السياسي اليوم وماتدعو اليه من قيام (الخلافة) او( تطبيق الشريعة الاسلامية) لا يعدوا ان يكون سوي ضلال فكري وتوهان وجر لمجتمعاتنا بخطوات متسارعة للوراء . ان الحكم الديني المطلق او الحكم بالحق الالهي الذي تسميه حركات الاسلام السياسي بالخلافة هو ليس جوهر الاسلام كما ذكرنا ولا اساس له الا في تلك الاخيلة المريضة بكراسي السلطة . وان حركات الاسلام السياسي تعمل علي استغلال الدين بصورة مشينة وغير مقبوله علي الاطلاق وتدغدغ من مشاعر وعواطف الجماهير بهدف الوصول لغاياتها المنشودة في السلطة .
يكفي ان نشير هنا الي الجبهة الاسلامية القومية بالسودان ومافعلته من قبح ودمار للمجتمع السوداني ، بل اصبح في ظل نظام الجبهة الاسلامية وجود السودان كدولة موحدة مهدد بخطر حقيقي وهو التشرزم الي دويلات ، ذلك بفعل اثارة النعرات القبلية والولاءات الذي اتت به سلطة الجبهة الاسلامية . حينما كانت الجبهة خارج سور القصر كان شعارها المرفوع ( شريعة شريعة قبل القوت ، شريعة شريعة ولا نموت ) وبهذه الشعارات داعبت عواطف الجماهير وحتي لحظة وصولها الي كراسي الحكم وبعد ان وصلت الي سدة الحكم ايضا ظلت تسوق الابرياء من ابناء شعبنا الي محرقة الحرب بالجنوب بدعاوي الجهاد ولكن / بعد عدد من الافعال والتحركات داخليا وخارجيا ، الان قبلت الجبهة بالدستور العلماني !! وضربت بشعارات ( شريعة ... الخ ) عرض الحائط كان المهم هو الوصول للسلطة لاغير . في معرض الحديث عن حركات الاسلام السياسي المعاصره لابد من تقديم اشارات مقتضبة حول فكر هذه الحركات 1/ الخلافة :
وهي اكثر مسالة اشتد فيها الخلاف بين المسلمين وسالت فيها دمائهم والسبب في ذلك يعود الي ان الرسول صلي الله عليه وسلم لم يحدد – من يخلفه في حكم المسلمين وانقسم المسلمون يومها الي سنه وشيعه ومعتزله ومرجئة الي ان بلغ عدد فرقهم الي مايزيد عن ال 70 وان كان لهذا الاختلاف اسبابه التاريخية المرتبطة بواقع المسلمين ذلك الحين الا ان معظم هذا التفرق والاختلاف كان علي خلفيه قضية سياسية وليست دينية ملحة وهي قضية الخلافة .
2/ الحاكمية : تعتمد قوي الاسلام السياسي او الحركات الاسلامية المعاصره علي مبدا الحاكمية الالهية التي هي نقيض حاكمية البشر ، والتي سوف تقودنا لامحالة الي الحكم بالحق الالهي ،وان يكون الحاكم ظلا لله في الارض وتكون الاعتبارات الدينية هي الاعتبارات النهائية ببساطة تدخلنا الي نفق الدولة الدينية المظلم بمفهومها الذي عرضنا له قبل قليل وينطلق خطابها من مبدا تحكيم النص الذي هو في اساسه تحكيم وتفسير فهم فئة معينة للنص ويتم ذلك علي حساب العقل وينتهي ذلك بالخطاب الديني الي موقف نقيض للاسلام لانه نقيض للعقل رفيق الاسلام اساسه المتين . ثم يقوم الخطاب الديني / خطاب الحركات الدينية بتحريم ماعدا ذلك عن طريق التغطية الايدلوجية لتوجهاته الرجعية عن طريق مبدا ( لا اجتهاد مع النص ) .
وهي خدعة ايديولوجية لان معني النص هو ( النص الواضح القاطع الذي لايتحمل الا معني واحدا ) وبهذا التعريف يمكن ان يكون النص نادرفي الوحي / القران وتظل سائر الايات قابلة للتاويل والاجتهاد ويستند مفهوم الحاكمية علي شمولية سلطة النصوص الدينية لكافة مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية والثقافية ويجب ان تشيرهنا الي انه لاتوجد آية واحدة ولاحديث ولا اي اثر نبوي يشير الي مسالة الحكم بمفهومه السياسي . ولقد كان ابوعلي المودودي اول من وضع مفهوم الحاكمية وقد استند في ذلك علي الايات التاليه من سورة المائدة ( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون (44) .
وليحكم اهل الانجيل بما انزل الله فيهم ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الفاسقون .(47) .
ومن لم يحكم بماانزل الله فاولئك هم الظالمون (45) .
وهذه الايات اولا هي منزوعه من سياقها علي نمط ( لاتقربو الصلاة ) واضيفت لها دلالات ليست لها وثانيا معني الحكم الوارد في الايات هو الفصل بين المتخاصمين اي بالمفهوم القضائي للحكم اي انه الحكم بالمعني اللغوي لا بالمعني الاصطلاحي الذي يعني النظام السياسي .
يقول ابوعلي الموروردي – منظر الحاكمية – في كتابة نظرية الاسلام وهدية في السياسة والقانون والدستور ( ان الاساس الذي يقوم عليه بناؤها الحاكمية تصور مفهوم حاكمية الله الواحد الاحد وان نظريتها الاساسية ان الارض كلها لله وهو ربها المتصرف في شئونها فالامر والحكم والتشريع كلها مختصة بالله وحدة وليس لفرد او اسرة او طبقة او شعب بل ولا النوع البشري كافة شئ من سلطة الامر والتشريع (!!) فلا مجال في حظيرة الاسلام الا لدولة يقوم فيها الفرد بوظيفة خليفة لله تباركت اسماؤه ولاتتاتي هذه الخلافة بوجه صحيح الا من جهتين : اما ان يكون ذلك الخليفة رسولا او رجل يتبع الرسول فيما جاء به الشرع والقانون من عند ربه ) .
هذا الموقف والشعار هو امتداد لقول الخوارج علي اساس موقفهم من التحكيم بين علي ومعاوية مرددين ( لاحكم الا الله ) وكان رد الامام علي كرم الله وجهه ( الكلام بين دفتي المصحف لاينطق وانما يحكم الرجال ) وهذا يعني تحكيم عقول الرجال الذين يفهمون الكلام الذي بين دفتي المصحف ... اما المنظر الاخر فهو سيد قطب ويكفي لمعرفة موقفه ان نورد الاقتباس التالي من كتابه معالم في الطريق حيث يقول ( العالم كله يعيش اليوم في جاهلية من ناحية الاصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وانظمتها . جاهلية لاتحقق منها شيئا هذه التيسيرات المادية الهائلة وهذا الابداع المادي الفائق وسبب هذه الجاهلية بقول سيد قطب . الاعتداء علي سلطان الله في الارض وعلي اخص خصائص الالوهية وهي الحاكمية انها استند الحاكمية الي البشر ونتيجة لهذا الاعتداء علي سلطان الله يحدث اعتداء علي عباده خاصة وان الله لم ياذن للبشر بوضع الشرائع والقوانين والانظمة والتصورات والقيم (!!) سيد قطب معالم في الطريق ) هذا هو سيد قطب مهندس فكر الحركات الاسلامية المعاصرة ودون ان نناقش فكرته هذه بشكل مستفيض يجب اولا ان نسجل ملحوظة مهمة وبسيطة وهي : ان هذا الافتراض يتناقض مع فكرة استخلاف الانسان علي الارض المشار اليها في القرآن وعلي العموم فان مفهوم الحاكمية يلغي من فهم الاسلام تلك المناطق الدنيوية التي تركها للعقل والخبرة البشرية والتجربة الانسانية في قول النبي (انتم ادري بشئون دنياكم)
(راجع د.نصر حامد ابوزيد : نقد الخطاب الديني / التفكير في زمن التكفير ضد الجهل والزيف والخرافه ) .
استغلال الدين :حركات الاسلام السياسي المعاصرة جميعها ،وفي اطار سعيها لتشوية افكار الاخر وهي أحد أليات عملها – تكرر مقولة ( الدين افيون الشعوب ) وتدعي نسبتها للماركسية وتدلل بهذه المقوله علي ان الماركسية ضد الدين وتعمل علي محوه من المجتمع – خصوصا عندما ينادي المراكسة بالعلمانية – وبغض النظر عن صحة هذه المقولة ، او من اي سياق بترت ، او عن صحة نسبتها لماركس ، الا ان حركات الاسلام السياسي تعمل بلا وعي منها علي تحقيق هذه المقوله بامتياز . وبالفعل تستخدم الحركات الاسلامية الدين الاسلامي كافيون تخدر به الشعوب وتدغدغ به عواطف الجماهير ومشاعرها ، وتشل بواسطته الدين قدرة الجماهير علي الفعل وعلي التفكير وتعمل علي نهب خيراتها وفي السودان اصدق نموذج يدلل علي هذا الكلام . تتعامل قوي الاسلام السياسي مع الدين بشكل انتهازي قبيح وتسخره لاستغلال الانسان وسلبه من انسانيته وقد كان ثاقب الفكر والوعي ، عميق الرؤي عبد الخالق محجوب واعيا ومتبصرا بهذا الشكل من اشكال التعامل مع الدين ونوهنا باكرا الي ان استغلال الدين هو احد اهم اليات عمل حركات الاسلام السياسي ويمكن ان يكون احد المنافذ التي يتسلل منها الاستعمار الحديث اذا يقول :( يرفض النظام الوطني الديمقراطي استغلال الدين من اجل مصالح الطبقات الرجعية في البلاد والتي تسعي الي اعادة العلاقات الانتاجية القديمة وهي بهذا انما تسخر الدين من اجل استغلال الانسان وسلبة من انسانيته .هذا الاستغلال للدين يتعارض مع مصالح المجتمع ويتناقض مع المستقبل الافضل للانسان الذي يصيغه بعقله ويديه وهو ينتقل من ساحة الحاجة الي ساحة الحرية . ولقد ادي استغلال الدين بهذه الطريقة الي الاسفاف به والي استغلال الكادحين وبقائهم في حالة مزرية من الجهل والظلام . تولدت في هذا المستنفع الاسن الطفيليات الاجتماعية مثل الطائفية والدجل والشعوذه واعمال السحر والتي ظلت عونا للمستعمر ايام تحكمه في بلادنا سندا للحكم البرجوازي شبه الاقطاعي فيما بعد وليس ادل علي تلك الاضرار في تاريخ الحركة السياسية السودانية من مسخ الدين وتحويل دعوته الي برنامج كامل لطريق الراسمالية والتبعية للاستعمار الحديث ( مشروع الدستور الاسلامي ) راجع عبد الخالق محجوب : حول البرنامج .
يتضح من الاشارات التاريخية أنفه الذكر ان العلاقة بين الدين والدولة كانت مرتبطة بشخص النبي الذي يتلقي الوحي وبوفاة النبي وانقطاع الوحي انقطعت العلاقة مابين الارض والسماء وبقي الانسان المسلم في مواجهة واقعه علي هدي العقل وحتي ان النبي الذي جمع السلطتتين الدينية والمدنية لم يكن يداخل ما بينهما ولم يستغل احداهما بديلا للاخري ولذلك لم يكن يخلط او يوجد مابين الدين والدولة الا بما يقتضيه ظرفه كنبي وقائد ورئيس دولة . ولم يكن ليحدث الا لسبب بسيط ومعروف للجميع وهو ان الدولة منجز مدني ولا علاقة لها بالدين ولان الدين في راي هو علاقة ما بين الفرد وربه غير قابلة للتدخل فيها من احد وغير قابلة للتنظير .ثم ان الدين ليست من مهامه بناء وتكوين الدول بقدر ما هو مهتم بتدبير شئون الاخره . وعلي سبيل السجال ليس الا اذا كان من مهام الدين بناء الدول اين هي دول الخمسه وعشرين نبي واديانهم ، اذا لم نسمع بدولة لوط ولا دولة ابراهيم ولادولة يوسف .... الخ .
ان قصور الفهم الذي لازم الكثير من عقول المسلمين في استيعاب ديانتهم وتعاليمها وارشادات نبيهم كانت هي السبب الرئيسي مع اسباب اخري في الدعاوي الي بناء وتكوين الدولة الاسلامية ومصطلح الدولة الاسلامية دالة لنا عليه ماخذ سنوضحها في مرات قادمة .فاختيار خليفة الرسول بعد وفاته فرض علي المسلمين امتحانا عمليا لمدي قدرتهم عي تجاوز الموقف ، من واقع الدين الاسلامي وذلك الموقف قد وضع الاختبارات والبدائل المتناقضه في محك المواجهه وقد وضعت العصبية القائمة علي الدم ( الائمة من قريش ) في مواجهة الاخوة القائمة علي الدين ووضعت الافضلية القائمة علي الاقليمية او السبق في الاسلام او تاخره ( منا امير ومنكم امير ) في مواجهة الافضلية القائمة علي التقوي . اما التحدي الجوهري الذي واجه العرب المسلمين فقد كان صيغة الحكم بمعني هل يقوم الحكم ويستند علي الشوري ام علي النص والتعيين ، ولقد لخص الشهرستاني الخلاف علي النحو التالي ( واعظم خلاف بين الامه خلافف الامامه اذا ما سل سيف في الاسلام علي قاعدة دينية ، مثل ما سل علي الامامة في كل زمان ) والاختلاف في الامامه علي وجهين احدهما القول بان الامامه تثبت بالاتفاق والاختيار ، والثاني القول بان الامامه تثبت بالنص والتعيين . وقد حدد الاقتتال الدامي حول صيغه الحكم طبيعة الدولة الاسلامية ان لاتقوم علي الاتفاق والاختيار . وهكذا اصبحت الدولة الاسلامية منذ الدولة الاموية امتدادا من زاوية تقاليد الحكم والدولة لشكل الحكم الشرقي القديم .( راجع د. عبد السلام نور الدين : العقل والحضارة / مقدمه بن خلدون / الشهرستاني : الملل والنحل ).
هكذا نخلص الي ان الدين لم يحدد شكل الدولة ولا طريقة تكوينها ولانظامها الاداري او القانوني وان مبدا السلطان الثلاث ( تشريعية – تنفيذية – قضائية ) هو من انتاج البشر وليس من خلف الإلة . وان الدين لم يفصل او ينزل وحيا في شئون الدولة وامور السياسة اي ان الدولة هي منتوج بشري ظهر الي الوجود بفعل التطور الاجتماعي وتنقل المجتمعات البشرية من تشكيلة اقتصادية – اجتماعية الي تشكيلة اخري . وقد ظهرت تاريخيا مع ظهور الملكية الخاصة .
وبذا تكون الدولة هي شان مدني محض لاعلاقة له بالدين . والاهم ان مسالة الدين هذه يجب النظر اليها في اطار العلاقة بين الفرد وربه . وتبقي الدولة شانا مدنيا يحتكم الي الدستور المدني / العلماني الذي انتجته العقول البشرية المتمدنه والمهمومه بالتقدم .



#عبدالقادر_محمد_عبدالقادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة , الدين , والقانون (2)
- السودان .. انتهاكات متكررة لحرية التعبير
- المراة ,الدين,والقانون
- اغتصاب بقوة القانون


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالقادر محمد عبدالقادر - حول قضية الدين والدولة