أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - الملك فاروق الأول .. والأخير!














المزيد.....

الملك فاروق الأول .. والأخير!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2086 - 2007 / 11 / 1 - 11:36
المحور: كتابات ساخرة
    


إدمان المصريين للمسلسلات الرمضانية ليس ظاهرة جديدة، فهناك تلازم نشأ بين شهر الصيام وبين هذه الأعمال الدرامية و(الفوازير فى أعوام سابقة)، حتى يكاد المرء يتصور أنه شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن والمسلسلات!
لكن الاهتمام الاستثنائى بمسلسل "الملك فاروق" يثير علامات استفهام عديدة عن أسباب هذا الشغف الشعبى بآخر ملوك مصر بصورة تتجاوز حدود الشغف الفنى، رغم أنه فى الأول والآخر، طلع أو نزل، مجرد مسلسل!
ويبدو أن هذا الاهتمام الاستثنائى يرجع إلى مجموعة من العوامل التى يتداخل فيها الشكل والمضمون.
أما "الشكل" فهو أن "الصورة" فى المسلسل جميلة، والمكان أجمل، والأماكن التى يتم التصوير فيها جميلة، وبالذات شوارع القاهرة النظيفة وبيوتها ذات الطرز المعمارية الفاتنة، والإسكندرية الساحرة، وملابس الأبطال – الذين هم فى الأغلب الأعم من طبقة الباشوات والبكوات فضلاً عن الأمراء والأميرات والوصيفات – غاية فى الأناقة مقارنة بالأكفان التى يرتديها المصريون والمصريات اليوم.ولغة الحوار بليغة وراقية، حتى مع احتدام الخلافات السياسية وتباعد المواقف الحزبية وكل هذا مفقود اليوم.
وأما عن "المضمون" فإن المسلسل قدم رؤية غير تقليدية لعصر الملك فاروق، تضمنت شكلا من أشكال إعادة الاعتبار إلى الملكية عموما والملك فاروق خصوصاً، وذلك على انقاض خطاب ساد منذ قيام ثورة 23 يوليه 1952 يضع كل هذه الفترة، بقضها وقضيضها، تحت عنوان "العصر البائد"، ولا يرى فيها سوى السلبيات والفساد السياسى والانحلال الأخلاقى.
وهذه عادة متأصلة سابقة لثورة 23 يوليه ولاحقة لها.حيث كل عصر يطمس العصر السابق عليه ويقوم بتشويهه بفظاظة، والأمثلة القديمة والحديثة أكثر من أن تحصى أو تعد.
وليست المشكلة أن سيناريو الدكتورة لميس جابر حاول إعادة الاعتبار إلى الملكية ولآخر ملوك مصر، وحاول تسليط الضوء على مساحات ظلت مسكونة بالظلام ومحكومة بالتعتيم لسنوات وعقود، أو حاول تصحيح وقائع تعرضت للتشويه المقصود، لكنه – بقصد أو دون قصد – جعل هذه الحقبة كما لو كانت الفردوس المفقود.
كيف لا .. وهذا ملك شاب وسيم وبسيط يقود سيارته بنفسه، ويجلس فى المقاهى والنوادى العامة، ثم أنه "ديموقراطى" لدرجة أن وزيراً بالحكومة يستطيع أن يرفض طلباته التى هى طلبات بسيطة جداً، مثل تعيين أو نقل رئيس مصلحة الجوازات أو حتى إعطائه سلفة مالية!
ثم إن نماذج الفساد التى رصدها المسلسل فى هذه الحقبة تبدو مقارنة بأحوالنا الحالية بالغة التفاهة. فكل ما احتواه "الكتاب الأسود" من فضائح لم تتجاوز شراء فراء للسيدة زينب الوكيل حرم مصطفى النحاس باشا ببضعة جنيهات وترقية أحد أقارب "زعيم الآمة" من الدرجة السابعة إلى الدرجة السادسة!
حتى نقاط الضعف التى رصدها قلم لميس جابر وعين المخرج السورى حاتم على، كانت هفوات "إنسانية جدا"، يمكن التسامح معها والتماس العذر للملك الشاب فى "التورط" فيها.
وكل هذا من حق المؤلفة والمخرج .. فهذه فى النهاية رؤيتهما لذلك العصر.
لكن من حقنا أيضاً أن نلفت نظر المشاهد، الذى تجرع هذه المعالجة على مدى شهر رمضان كله، إلى أن العصر الملكى – حتى بفرض صحة كل هذه الوقائع – لم يكن الفردوس المفقود، وأن "الحنين" إليه ليس مبررا تماما، ليس فقط لأن النظام الملكى عموماً أصبح من مخلفات التاريخ ونفايات البشرية التى ناضلت من أجل دك عروش الأباطرة والقياصرة والملوك والسلاطين فى كل أرجاء المعمورة واستبدالها بنظام جمهورى تختفى فيه إدعاءات أصحاب الدم الأزرق بحقوق وهمية على البلاد والعباد، وإنما أيضاً لأن نظام الملك فاروق الأول – والأخير – تحديداً كان مقترناً بظلم اجتماعى فادح، وكل هذه "الأبهة" التى رأيناها على الشاشة كانت مقصورة على مجتمع النصف فى المائة، اى أهل القمة فقط، بينما الأغلبية الساحقة من الشعب كانت ترزح تحت غير الفقر والجهل والمرض والحفاء والسخرة. ولم تكن هناك فرصة لأمثالنا من "العوالم" وأبناء الفلاحين فى الالتحاق بقطار التعليم أصلاً. والصورة الليبرالية المخملية التى يروج لها المسلسل تتناقض مع حقائق أساسية أهمها أن حزب الوفد – الذى هو حزب الأغلبية وصاحب الشعبية الكاسحة – لم ينعم بالحكم سوى ست سنوات تقريباً، وفيما عدا هذه الفترة القصيرة كان الحكم لأحزاب الأقلية وأهواء السراى والسفارة الانجليزية، وكان تزوير الانتخابات هو الأصل، ومؤامرات البلاط هى القاعدة.
وبناء على هذا فإن هذه الموجة من "الحنين" إلى العصر الملكى التى روجها المسلسل ليس لها ما يبررها، وكل الملابسات التى سبقت قيام ثورة 23 يوليه تبين أن سقوط الملكية كان أمراً مفروغاً منه، بصرف النظر عن تأييد هذه الثورة أو معارضتها وبرغم ما لها وما عليها. فقد كانت أشبه بالثمرة المعطوبة التى تنتظر السقوط مع أول نفحة ريح. وإذا كانت السنوات التى أعقبت قيام ثورة 23 يوليو قد شهدت كثيراً من السلبيات والأخطاء والخطايا فإن الحل ليس بالعودة إلى الماضى، الذى هو أكثر سوءا، بل بالتطلع إلى الأمام والمستقبل، ليس فقط لأن العصر الملكى كان أسوأ وإنما أيضاً لأن ظروف مصر والمنطقة والعالم قد تغيرت بصورة مذهلة لم يعد فيها الحلم بالعودة إلى الماضى سوى شكل من أشكال الجرى وراء السراب.
ويلفت النظر بهذا الصدد أيضاً أن "الرأى العام" أصبح ينقاد بسهولة وراء نماذج متعارضة. فعندما تم تجسيد جزء من عصر عبد الناصر فى فيلم "ناصر 56" شهدنا هذا الشكل الجماعى من أشكال الحنين إلى الحقبة الناصرية كما لو كان كل المصريين أصبحوا ناصريين. وعندما جسد الفنان العبقرى أحمد زكى شخصية السادات تخيل المراقبون أن المصريين جميعا أصبحوا ساداتيين. وها هم يبدون اليوم ملكيين أكثر من الملك.
وهذه مسألة تحتاج إلى تفسير .. ضمن ألغاز أخرى كثيرة لا تقل غموضاً عن فوازير رمضان.
وكل عام وأنتم بخير.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فواتير الصيام -المضروبة- فى بنك تنمية الصادرات
- النوبة تصرخ يا ناس!!
- قرار شجاع .. حتى لو جاء متأخرا
- بلد شهادات !
- ثمانون جلدة للصحفيين .. وثمانون مليون جلدة للدولة المدنية ال ...
- حتى فى إندونيسيا: الأصوليون يستغلون الديموقراطية .. لذبحها!
- حرب الاستنزاف
- -سر- ماهر أباظة
- الصحافة .. فى مرمى النيران المعادية والصديقة!
- هؤلاء الصغار الذين يشعلون الحرائق أليس لهم كبير؟!
- الحكومة ترفض البيع.. للمصريين!
- حبس الصحفيين.. تاني!!
- رسالة تنبيه من إندونيسيا للنائمين في العسل:الدور المصري ينحس ...
- مجموعة الخمس عشرة.. هل تذكرونها؟!
- هل مازالت مصر أم الدنيا؟!
- الصحفيون ليسوا شتامين.. والصحافة ليست وشاية
- التلاسن لا يحل مشاكل الوطن
- ضحايا حماية المستهلك !!
- ثمن براءة عبد الرحمن حافظ .. وأمثاله
- زياد ابن أحمد بهاء الدين


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعد هجرس - الملك فاروق الأول .. والأخير!