أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - كي لا تسقط اوراق التوت















المزيد.....

كي لا تسقط اوراق التوت


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 2077 - 2007 / 10 / 23 - 10:54
المحور: القضية الفلسطينية
    


تقول القصة الدينية أن سيدنا ادم ( عليه السلام ) استخدم أوراق التوت كي يستر بها عورته.. حصل ذلك عندما هبط من السماء إلى الأرض.. وكان جسده حينها عاريا إلا ما سترته أوراق التوت-- وبالتحديد أعضاؤه الجنسية.. ومن يومها أصبحت أوراق التوت رمزا لستر العورة وإخفاء المحرمات.. ومن عهد ادم إلى هذا اليوم ظل البشر يحرصون كل الحرص على ستر عوراتهم الجسدية.. البعض غالى بحرصه على ستر عورته بان ستر كل جسده.. فيما البعض الآخر تساهل واكتفى بستر ما كان يستره النبي ادم فقط.. ومع الأيام استبدل البشر أوراق التوت، بالملابس المختلفة الأشكال والأحجام والألوان والأثمان، خوفا من تطاير تلك الأوراق الخفيفة مع نسائم الهواء، أو خوفا من جفافها ثم تساقطها..
وان كان من الطبيعي أن تتجرد سيقان الأشجار وأغصانها من غطائها الورقي في فصل الخريف، لتغتسل بماء المطر وتتلقح بالهواء والشمس، لتتهيأ لفصل الربيع-- حيث تعود لتكتسي من جديد بردائها الأخضر... فهل من الطبيعي أن تتجرد قياداتنا السياسية ( المفاوضة باسمنا ) من ثوابتنا الوطنية-- قبل وأثناء مؤتمر الخريف..؟؟ وهل يجوز لتلك القيادة أن تعرّي شجرة أحلامنا وآمالنا من كل ما حافظنا عليه بأرواحنا لسنين طوال.. وحميناه كمقل أعيننا من أعتا العواصف..؟؟ وهل من المعقول أن نقوم نحن بهز شجرتنا بأيدينا كي تتساقط عنها كل أوراقها.. وحتى تلك البقية الباقية التي ظلت تستر باستحياء ما تبقى من عوراتنا.
صحيح أن الظروف التي يعيشها شعبنا اليوم صعبة جدا، وقد تكون الأصعب في حياته، حيث الانقسام الداخلي يشتد، وحيث جرائم الاحتلال تتصاعد، وحيث الفقر والجوع والبطالة تفتك بفئات واسعة جدا من الجماهير، ناهيك عن أجواء الفوضى والفلتان، وتغلغل اليأس والإحباط بين صفوف الجماهير-- جراء انعدام الأفق الواضح للحلول السياسية.. لكن لا يجوز لأي جهة-- وحتى لو كانت مؤسسة الرئاسة نفسها-- أن تقدم ثوابت الشعب-- أو أي جزء منها كقرابين على مذبح القضية، والتفويض الممنوح للرئيس وأطقمه التفاوضية ليس تفويضا مفتوحا، يجيز لهم التصرف بالقضية كما يشاءون.. فالثوابت الوطنية رغم كل ما يقال عنها أنها انتهكت منذ زمن ، مازالت هي الثوابت والخطوط الحمر، وهي واضحة وضوح الشمس، ولا تحتمل التأويل أو تعدد التفاسير.. فعند الحديث عن الانسحاب حتى حدود العام 1967 -- فهذا يعني الانسحاب من كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وليس جزء منها.. ويعني أيضا وبكل الوضوح الإزالة الكاملة للجدار وللمستوطنات.. ولا يتوافق أبدا مع الطرح الخطير القائل بإعطائنا مساحة من الأراضي تساوي نفس مساحة الأراضي المحتلة عام 1967.. وعندما نقول إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة ذات السيادة-- فهذا يعني السيادة الكاملة على الأراضي المحتلة عام 1967، ولا يعني ذلك أبدا تبادل الأراضي-- الذي وبعكس ما يدعيه دعاة القبول بتبادل الأراضي-- كان ومنذ أن طرح أمرا غير مقبول، إلا من جهة فلسطينية واحدة-- وهو لا يعني كذلك تأجير الأراضي كما يفكر البعض، ويبحثون عن حلول مبتكرة للمعضلة التي يفتعلها المحتلون لمناطق الأغوار.. وعندما نقول القدس الشرقية عاصمة دولتنا الفلسطينية-- فان ذلك يعني السيادة الفلسطينية الكاملة على أراضي القدس-- كجزء من أراضي الضفة الغربية، وليس سيادة على أحياء دون أحياء، ولا بالقبول بتحويلها إلى مدينة الأديان دون السيادة الفلسطينية الواضحة عليها.. وعندما نقول حق العودة للاجئين الفلسطينيين-- فإننا نعني حق جميع اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى الديار التي طردوا منها، مع تحمل إسرائيل كامل المسئولية عن مأساة اللجوء-- وهذا لا يعني أبدا عودة جزء منهم أو حتى عودتهم كلهم إلى مناطق السلطة الفلسطينية بالتحديد، ولا توطينهم حيث هم ولا إعادة تهجيرهم إلى منافي جديدة من اجل تحسين ظروف حياتهم وتخفيف معاناتهم وهو حل يعني تطبيق القرار 194 وليس حل متفق عليه كما يقول مفاوضينا يحتمل في طياته إمكانية تجاوز هذا القرار.
إن ثوابتنا الوطنية تشبه إلى حد كبير أوراق زيتون بلادنا المقدس، أوراق لا تتساقط إلا لتتجدد، وتواصل مد الشجرة بأسباب الحياة كي تعمر آلاف السنين.. وكما يستحيل أن نرى شجرة الزيتون بلا أوراق إلا وهي ميتة.. فانه لمن المستحيل علينا أيضا أن نحيا كرام أعزاء بدون ثوابتنا وحقوقنا الوطنية المشروعة.. وكما نكره كل قاطعي شجر الزيتون في بلادنا، فإننا لن نغفر أبدا لمن يتنازل عن ثوابتنا، أو يحاول تجاوزها أو يقايض بعضها ببعض، فكلها حقوق وطنية مشروعة وثابتة، تشكل بمجموعها أسس السلام العادل والدائم والشامل الذي نقبل به.
ومع اقتراب موعد مؤتمر الخريف-- الذي تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل من خلاله لتحقيق جملة من الأهداف، في مقدمتها جر اكبر عدد من الدول العربية إلى مستنقع التطبيع مع إسرائيل، قبل أن تقدم الأخيرة مستحقات هذا التطبيع الواردة في مبادرة السلام العربية، بالإضافة إلى استغلال حالة الضعف والانقسام الشديدين اللذان يعيشهما الشعب الفلسطيني، لتمرير حلول تصفوية خطيرة للقضية الفلسطينية، تتضمن قبولا بالطابع اليهودي لدولة إسرائيل، وقبولا بالوقائع التي فرضها الاحتلال من جدران ومستوطنات، وتنازلا عن حدود الرابع من حزيران وعن السيادة الكاملة على القدس، وتبادلا وتأجيرا للأراضي، وقبولا بحل لقضية اللاجئين بعيدا كل البعد عما نص عليه القرار الدولي رقم 194.. مع اقتراب هذا الموعد.. فان التحدي الأكبر الذي يواجهه الشعب الفلسطيني، يكمن في كيفية صد ذلك الحجم الهائل من الضغوط الذي من المتوقع أن يمارس عليه، الأمر الذي يتطلب العمل على تنسيق المواقف مع الدول العربية الأخرى، والامتناع نهائيا عن الذهاب بشكل منفرد إلى المؤتمر، وعدم القبول بأجندة غير واضحة له، وكذلك بالعمل على تشكيل مرجعية وطنية عليا للمفاوضات، تضم كافة فصائل العمل الوطني، وعدم الوقوع في نفس الأخطاء التفاوضية التي وقع فيها مفاوضينا خلال الجولات السابقة.. ولكن من المؤكد أن الحديث عن موقف فلسطيني قوي سيظل حديثا فارغا من محتواه دون البدء الفوري بمعالجة الملفات الداخلية وفي مقدمتها ملف الانشقاق الداخلي الذي أحدثته حركة حماس باستيلائها الكامل على مقاليد السلطة في القطاع، ودون فرض الأمن والنظام والقانون والقضاء على الفوضى والفلتان..
إن المخاوف من رضوخ القيادة الفلسطينية للضغوط هي مخاوف مشروعة ولا يجوز التقليل منها، تؤكدها جملة التصريحات التي أدلى بها الرئيس أبو مازن وعدد آخر من كبار المفاوضين.. وان هذه المخاوف تفترض بالقوى والفعاليات الوطنية المتمسكة بالثوابت، البدء بتحرك فعلي ملموس على الأرض، وصياغة خطة عمل كفاحية وتعبوية، يجري تنفيذها بالتوازي مع عملية التفاوض الجارية، وتتصاعد وتيرتها يوما بعد يوم وصولا لموعد انعقاد المؤتمر.. على ان تكون مهمة تحريك الجماهير واشراكها بفعاليات في مختلف شوارع المدن الفلسطينية في مقدمة تلك الانشطة..
لا بد من العمل وبشتى السبل، وبأقصى الطاقات والحرص، كي لا تسقط أوراق التوت.. وكي نصون عوراتنا الوطنية من الانكشاف.. لان اثر الانكشاف سيطالنا جميعا، وسيكون له تداعياته التي ستلازمنا لعقود أخرى من الزمن.

عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابو مازن يغامر الى حد كبير بوحدة ما تبقى من جبهته الداخلية
- خنازير المستوطنين تهدد حياة الفلسطينيين
- من حكايا القمع في بلادنا
- طوشة على التموين..!!
- اله المستوطنين غاضب
- اصطياد في المياه العكرة
- في نابلس.. القانون يمنع تخفيض الاسعار
- من حكايا الظلم في بلادنا
- لو كانت رايس بجم هيفا
- شعارات لمسيرة ضد غلاء الاسعار
- عن الهراوات في غزة والخليل
- احداث غزة تدمي العين وتعمق الجراح الفلسطينية
- فلسطينيون واعوان للشيطان
- عن جشع التجار وفلتان الاسعار
- قاتل يستحق البراءة
- الجدار.. فضائح بالانتظار
- عيب يا حكومة
- قاضي كعب داير
- الا الخبز يا رئيس
- الهاربون من غزة


المزيد.....




- فيديو يُظهر ما يبدو آثار انفجارات بقاعدة الحشد الشعبي المدعو ...
- من استهداف إسرائيل لدعم حماس.. نص بيان مجموعة السبع حول إيرا ...
- استهداف مقر للحشد الشعبي في بابل وواشنطن تنفي شن هجمات جوية ...
- جهاز العمل السري في أوكرانيا يؤكد تدمير مستودعات للدرونات ال ...
- HMD تستعد لإطلاق هاتفها المنافس الجديد
- الذكاء الاصطناعي يصل إلى تطبيقات -واتس آب-
- -أطفال أوزيمبيك-.. هل يمكن لعقار السكري الشهير أن يزيد من فر ...
- أطعمة تسبب التهابات المفاصل
- ماذا تعني عبارة -أمريكا أولا- التي أطلقها الرئيس السابق دونا ...
- لماذا تعزز كييف دفاعها عن نيكولاييف وأوديسا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد منصور - كي لا تسقط اوراق التوت