أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فاضل سوداني - الاعتداء على مؤسسة المدى الثقافية















المزيد.....

الاعتداء على مؤسسة المدى الثقافية


فاضل سوداني

الحوار المتمدن-العدد: 2076 - 2007 / 10 / 22 - 10:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مدى الثقافة العراقية والعبث بها
عندما تمارس بعض مؤسسات الدولة بأمر من أصحاب القرارات العليا ، فرض القوة والتباهي بها واستخدامها بحجج غير مقنعة ضد القانون وضد الثقافة ـ منتجيها ومتلقيها ـ كما حدث في غزو أهم مؤسسة ثقافية و تنويرية وهي المدى ، هو أمر يدعو إلى تذكير المثقف العراقي ، والقوى العلمانية بأن لا يندهشوا عندما يستخدم أصحاب القرار في الوقت الحالي، ذات ألأساليب التي كان النظام السابق يستخدمها في القمع وفرض التجاوز على القانون والدستور، ما دام العراق الآن نهبا للجهالة والاستثناء .
وإذا كان النظام السابق يدعي التنوير والعلمانية وفي ذات الوقت يفرض آديولوجيا الحزب السياسي الواحد بقيادة عقل عشائري ودكتاتوري فردي ، فإن المشكلة في الوقت الحاضر
( ضمن هذه الممارسات ) هو فرض اديولوجيا ظلامية متزمتة تحارب المثقفين الثقافة وتعتبرها من الكماليات ، وتقف ضد التنوير بشكل عام .
وإذا كان الصراع فيما بينهم و تقاسم أرزاق الشعب العراقي هو الذي أخرهم طوال هذا الوقت للعودة الى الممارسات القمعية ، فإنهم وعندما يخفت هذا او ينتهي ، سيتحزمون لغزو وتدمير المؤسسات الثقافية وكل ما هو تنويري ومحو أي ثقافة إنسانية بحجج دينية أو سياسة أو اديولوجية .
وما قاموا به من غزو لمؤسسة المدى واللعب بنشراتها هو تهديد للجميع ، وهو في ذات الوقت بداية الانتقام من المدى لأنها تنشر فكرا تنويرا يتعامل مع الحقيقة ومع متطلبات الثقافة المعاصرة .
إذن لماذا مؤسسة المدى المعروفة بإخلاصها الوطني والعراقي، ولماذا الهجوم عليها في هذا الوقت بالذات ؟
تتميز الأنظمة الدكتاتورية في مراحلها الأخيرة عادة بالعنف والتهرؤ الداخلي مما يؤدي بها إلى أن تتحول إلى أنظمة فاشية. ومن اجل تحقيق مصالحا وديمومتها تعمل على إفراغ الإنسان من حصانته الداخلية الواعية بشكل أساسي، وكذلك تهميشه من خلال انعدام وعيه و تشويه ثقافته الوطنية.
وتعتمد في تحقيق مهمتها هذه على المؤسسات القمعية و المثقف المتكيف مما يؤدى إلى خلق ثقافة متكيفة( تتحكم فيها الآديولوجيا أو الفكر الديني أو السياسي ) مع برامجها المتمثلة بتحويل العنف إلى سلوك طبيعي في المجتمع وجعل الحروب المجانية هدف النظام الجوهري الذي سيؤدي إلى الخراب الروحي والاقتصادي والحضاري .ولا بد لهذه السياسة أن تخلق منفذين متفانين للتجاوز على القانون حتى وإن تغير النظام .
ولإشاعة التكيف والثقافة القمعية ـ المتكيفة وتشويه روح الإنسان فان هذه الأنظمة اعتمدت على وسائل الإعلام ، و المؤسسات الثقافية الأخرى .
والآن وبعد سقوط النظام السابق فان مهمة المؤسسات الثقافية والتنويرية أن تلعب دورها المتميز في الوقوف بجانب الشعب من اجل خلق الأسس الجديدة للوعي وإعادة الحصانة الداخلية في روح الإنسان العراقي وجعل الثقافة الديمقراطية ممارسة يومية في حياة الناس وان تكون المعّبر عن أفكاره .

ما تفرضه الثقافة التنويرية .
والمتتبع لمؤسسة المدى يرى بان مثل هذه الأهداف ومنذ بداية تأسيسها ـ حتى قبل سقوط النظام ـ كانت من أساسيات أهدافها الثقافية والتنويرية بهدف مساعدة العراقيين للنهوض من تحت الرماد بالرغم من الظروف الصعبة التي أدت بهم إلى استمرارية دورانهم في حلقة مفرغة وسط شبكة شيطانية حيكت خيوطها في عهد النظام السابق وتحاول بقاياه وقوى الإرهاب اليوم أن تغلقها لمنع العقل العراقي من الإبداع والمساهمة في الحياة الطبيعية
تحت مباركة دول أجنبية وإسلامية ودول الجوار بحجج الدفاع عن الدين أو القومية وغيرها.

وقد تميزت المهمة الواعية للمدى( كمؤسسة ثقافية ، تنويرية مستقلة ) بأسلوب ثقافي معاصر ومهني متميز في إمكانية المساهمة في إعادة بناء وعي الإنسان من جديد. ولهذا فإنها أتبعت سياسة خاصة في نشر و طباعة الكتاب الشعبي الذي يكون تحت متناول للجميع ، وبنصف الثمن ـ وبدون هدف آديولوجي معين ـ وهذه يعتبر تمايزا في سوق النشر العراقي .
وقد بادرت المدى أيضا في الاهتمام ومساندة المثقف العراقي ومنتج الثقافة عموما ، في نشر إنتاجه،وبالتالي مساعدته ماديا في حالة احتياجه أو مرضه،وحتى مساعدة عائلته بعد وفاته، وبالتأكيد فان هذا يحرج أي مؤسسة من مؤسسات الدولة وخاصة الثقافية منها.

إضافة إلى المبادرة الأكثر أهمية وهي أن الثقافة وقول الحقيقة ليست في الكتب فقط وإنما في الإعلان الصريح عن وطنية المثقف والثقافة ومؤسساتها وفي الكشف عن القتلة والمتاجرين بثروات ودماء الشعب،وهذا ما قامت به المدى خاصة عندما نشرت فضيحة كوبونات النفط ، مما أحرج قوى ومؤسسات عربية وعالمية كثيرة .
أن المدى كصحيفة تنويرية متطورة الأهداف ‘فقد وضعت أمامها مهمة أساسية وهي منح المعلومات الحقيقية للقارئ في المجال السياسي والاقتصادي والثقافي وتحليل الحدث العالمي والعربي والمحلي بتمايز في الإخراج التقني مع ملاحظة الاهتمام بالقارئ المثقف( وهذا ليس جديدا على مؤسسة المدى الثقافية ).
وكما هو معروف فان صياغة المعلومة الصحفية بانحيازمقصود لتمرير الوعي المزيف تخلق عدمية الوعي وتوصل الحقائق الكاذبة إلى المواطن العراقي العادي الذي التبست علية الأمور من كثرة الوعود الكاذبة التي سمع بها مما أدى إلى خلق عدم الثقة بينه وبين المؤسسات الصحفية والثقافية الرسمية .وبالتأكيد فان مثل هذا الأمر كان واضحا وتحت إدراك المشرفين على المدى ، ولذلك فإنهم اعتمدوا برنامجا وأسلوبا صحفيا وثقافيا متميزا من اجل إعادة الثقة بين القراء و الصحافة. وهذا ما يلمسه القارئ بمجرد تصفح المدى كصحيفة جديدة في توجهها الذي يختلف عن صحافة النظام السابق .
وكنت من المتتبعين بإعجاب لتأسيس و تحقيق هذا المشروع وأنا في منفاي الدنمركي منذ أن كان في بداياته الأولى، مما يحتم علي القول الآن بان ارتباك أي مشروع صحفي في بدياته وخاصة بالنسبة للإعداد الأولى لأي صحيفة ، لا بد أن يعرقلها ، ولكن تراكم الخبرات التي تتمتع بها الإدارة و الكادر الصحفي المشرف على المدى قد ميزها كحقيقة صحفية جديدة لها برنامجها السياسي والثقافي والوطني مما أدى إلى عدم حدوث الارتباكات الكبرى التي تعيق تحقيق الأهداف سواء في الجانب الفكري أو التقني.
وكلما اشتدت الأزمة وضاقت الشبكة الخانقة على رقاب شعبنا فان الساحة الثقافية العراقية والمواطن وكذلك المثقف بحاجة إلى متنفس صحفي وثقافي والى منبر لتحليل ملابسات الإحداث مثل المدى.لأنها تطمح إلى منح القارئ شمولية في الثقافة والمعلومة والفكر في شتى جوانبها.
فالمدى الآن تعتبر أهم مؤسسة عراقية بل واحدة من أهم المؤسسات الثقافية العربية في كونها ليبرالية و تقدمية المنحى، ومؤسسة تدعوا للفكر الحر والثقافة الديمقراطية.
وهذا ما جعلها ـفي فترة قليلة ـ أن تخلق الثقة المتبادلة بينها وبين قرائها على اختلاف مستوياتهم الثقافية والذين عاشوا في ظروف الحروب المجانية والأزمات المفتعلة وعانوا من النتائج المدمرة لبرامج و مشاريع النظام في تحقيق عدمية الثقافة والوعي .
وهذه الأسباب جميعها هي التي أدت بأصحاب القرارات العليا بإرسال قوة عسكرية للقيام بفضيحة غزو مؤسسة المدى.ولهذا فان الاعتذار غير كاف الآن وإنما المهم الكشف عن أصحاب القرار الذين أمروا بهذا الاعتداء المخطط له ، بالرغم من أنهم لا يدركوا بان هذا الأسلوب هو في الأساس ضد المواطنين وحقوقهم الثقافية والفكرية أولا .
وبالرغم من كل هذا فان المهمات المستقبلية الصعبة التي ستواجه العراق الذي نبغي أن يكون ديمقراطيا ودستوريا وفدراليا، تفرض على مؤسسة المدى الاستمرار في سياستها ونهجها الثقافي و أن تستمر كمؤسسة تنجز مهماتها حتى النهاية ، وهذا ما سيدفع جمهورها وقرائها ، وجميع أصحاب الفكر التقدمي واللبرالي إلى حمايتها ككيان فعال وديناميكي في قول الحقيقة للناس ،مادامت الدولة غير قادرة على حماية المؤسسات الثقافية وتمهيد طريق التنوير أمامها،
إذ يجب عليهم أن يدركوا بأن الحياة لا تقف على قرن ثور.



#فاضل_سوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مريم والنسر الذهبي
- سر التجسد
- مسرح كوبنهاكن العالمي ……لغة فنية وهاملت جديد
- شفافية الألوان وزحمة الأشياء في لوحات الفنانة المغربية جميلة ...
- الفنان المغربي عبد الباسط بن دحمان وفضاء طنجه
- النار المتوحشة
- تعاويذ شعرية في طنجة
- تأويل الشعر والفضاء الشعري للفن البصري
- دلالات الصورة في المسرح البصري ( رؤيا تطبيقية )
- النص البصري وتداعيات الذاكرة المطلقة في مسرح ما بعد الحداثة
- قدسية الشبق في طقوس الخصب الرافديني
- في الشبق الالهي المقدس و لازورد اللغة
- الآلهة عشتار و طقوس الحزن الجماعي لقيامة تموز العراقي
- تصورات العراقيين القدماء عن متاهات العالم الأسفل
- بصريات الممثل ..الى فاضل خليل
- برشت و التراث الشعبي في المسرح العراقي والعربي
- مات الفريد فرج لكن صدى حواره مازال يتردد
- الرحلة الضوئية .. طقس مسرحي عن العنف وأمل الانسان
- المسرح العراقي و مفهوم المسرح الملحمي
- هيمنة المراكز الثقافية وإلغاء ثقافة الآخر


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فاضل سوداني - الاعتداء على مؤسسة المدى الثقافية