أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبوعبيد - الحرام لاينفي سمة الإبداع














المزيد.....

الحرام لاينفي سمة الإبداع


محمد أبوعبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2078 - 2007 / 10 / 24 - 12:23
المحور: الادب والفن
    


في لوحة "استحمام النساء" للرسام الفرنسي جان ليون جيروم تظهر فتاتان عاريتان، ملامحهما شرقية، تستحمان في أحد الحمامات التي اشتهر بها الشرق.

جيروم بلوحته التي رسمها عام 1889 يُظهر تأثره العميق بالشرق الذي شهد العديد من رحلاته إليه، وهو واحد من الرسامين الذين أبرزوا جسد المرأة عارياً في لوحاتهم مثل بيكاسو في لوحة "نساء عاريات"، وماتيس.

أمام لوحات من هذا القبيل، تبرز لدى "العقل الإسلامي" إشكالية، أو بالأحرى استشكال، أمام التعامل مع ما تجسده هذه الرسوم، يُفضي إلى صِدام بين الحكم الشرعي إزاءها والتقييم الفني الموضوعي المتجرد من الأحكام الشرعية. المختص في الفن أو متذوقه لن يخالجه أدنى شك في الإبداع الذي جسده جيروم في "استحمام النساء" حتى لو كان المضمون حراماً وفق الشرع الإسلامي. من هذا المنطلق تثور عاصفة الجدل حول رفض أو قبول عرض لوحة كهذه في متاحف عربية أو تزيين جدران المنازل والأماكن العامة بها، وعاصفة أخرى حول اليد التي أبدعتها.

أبرزُ ما يعانيه الفن بأشكاله عندنا هو إخضاعه دائما للمسائل الفقهية على حساب القواعد الفنية، فتنتفي سمة الإبداع من منطلق أنه حرام. وهذا يقود إلى أمثلة كثيرة حول الفنون الأخرى التي تم رفضها أو سلخها عن صفاتها الجديرة بها وفقاً لذلك. للمرء أن يتخيل "التماثيل" والصراع ما بين حُكمها الشرعي وتقييم جمالياتها وعناصر الإبداع فيها، حتى لو كان تمثال الجندي المجهول.

الحكم الشرعي حول الخمرة، مثلاً، أنها محرمة. لكن التحريم لا يَحْرم شاعراً صفة الإبداع وقد أجاد في وصفها، أو تشبيه المحبوبة بها، وفقاً لرقة الألفاظ وبلاغة التشبيهات وجمال الوصف، وهذا ما لا يريد العقل عندنا أن يفصل بينه، الأمر يذكّر بأحدهم كان متيماً إلى حد الجنون بقصائد شاعر معاصر لم تخْلُ من ذِكْر الخمرة، وحين علم أن الشاعر يعاقر الخمر، أحرق دواوينه ولم يعد يقتنيها، ونزع عنها كل عناصر الإبداع. ليس التصرف هذا مستغرَبا من قِبل أفراد يكيلون الإبداع بقسطاس الحلال والحرام، ولا يفرقون بين طريقة العيش الشخصية وما يبدعه الخيال.

قصيدة "اليتيمة" التي لا يُعرف لها ناظم مؤكد، وإن رأى البعض أنه دوقلة المنبجي، تعتبر من أروع وأجود قصائد الشعر العربي لمتانة سبكها، وسهولة فهم مقاصدها، حيث تصف جَمال"دعد" من خلال وصف كل جزء من جسدها استهلالاً بقمة رأسها وانتهاءً بأخمصَيْ قدميها. أمام جراءة الماضي هذه جَبُن الحاضر، فتم اجتثاث عدد من أبيات القصيدة خصوصاً تلك التي تصف "منتصف جسد دعد". رغم النعوت التي قد يلصقها البعض بهذه القصيدة سواء تحريم ترديدها أو منع تدريسها أو صبغها بالإباحية الجنسية، فإن ذلك لن يخلع ثوب الإبداع عنها، والذي كان سبباً في هلاك ناظمها.

طريقة التفكير هذه تضيق المنافذ التي تسمح لعموم الفن أن يجتازها، فيقف فن الباليه، مثالاً لا حصراً ، عالقاً على بوابات الشرق، وإن نفذ فإنه، حتماً، سيقع تحت وابل الجدل والسجال، وسيُجرّد من صفة الإبداع ويبقى فناً في نظر فئة من الناس، مثل حال الموسيقى، أيضا، والتي لا ينكر متعقل علومها وفنونها وعذْب ألحانها بمعزل عن أحكام التحليل والتحريم. ليس كل حلال فيه إبداع، ولا كل حرام خالياً منه.



#محمد_أبوعبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وا
- فلسطين قضية وطنية لا -أمرٌ بالمعروف-
- كيف لو فلسطينيّ كويتيّ أو سوريّ لبنانيّ..!!
- الاجتياح... الحُب والسلاح
- 25 عاماً على صبرا وشاتيلا...ليت الذكرى اعتكفتْ
- شريعة ذكورابي
- باِسْم الدِين ..أطبّاء،زعماء،ورجال إفتاء
- إنقشع القماش عن ساقيْها...فقالوا رذيلة!
- مَن يتزوج مِن غير عذراء !
- لأننا مهووسون بالإثارة
- جرائم قَرَف
- وللسجناء حقوق جنسية
- فلسطينيو العراق…الصورة التجريدية
- -جريمة- ارتكبتها فتاة عربية
- المرأة ليست لحماً مكشوفاً للقطط
- السافرة أيضاً على خُلُق
- -سعودية-.. ونِعْمَ الفتاة
- اليهود ...التفكير سِرّ النجاح
- الباحثون عن - الجنس -
- هابيل يقاتل قابيل .. زُفوا النصر لإسرائيل


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبوعبيد - الحرام لاينفي سمة الإبداع