أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صالح مصطفى - مقدمات صعود الإسلام السياسي















المزيد.....

مقدمات صعود الإسلام السياسي


محمد صالح مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 2074 - 2007 / 10 / 20 - 12:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



القسم الاول
نشوء وسقوط الدولة العربية الحديثة
تصاحب تحقيق المصالح الاستعمارية في الدول العربية حديثة النشوء في أعقاب سقوط الدولة العثمانية مع عملية تحديث واسعة قامت بها سلطات الاحتلال او الإنتداب أو الحكومات التي قامت تحت اشرافها في العديد من الدول العربية . عملياتُ التحديث هذه تجاهلتها قوى اليسار و القوى القومية الساعية الى الإطاحة بأنظمة ما بعد سقوط الدولة العثمانية بدعوى ان هذه الانظمة هي صنيعة استعمارية. تضمنت عملية التأسيس و التحديث اقامة دول حديثة واعدة على قاعدة نظام حكم برلماني لبرالي في طور النشوء كان يشوبه ، بطبيعة الحال ، الكثير من النواقص و السلبيات كأي شكل جنيني ناشيء لنظام متحضر في مجتمع اقطاعي متخلف ، و تأسست من الصفر مؤسسات النظام الجديد و التي تجسدت ، على سبيل المثال لا الحصر ، بـ : إقامة مؤسسات مهمة مثل المدارس و المعاهد والجامعات و طرق المواصلات و خطوط السكك الحديد ودوائر الدولة و نظام بيروقراطي متقدم و خدمات عامة مثل النظام الصحي و مشاريع مياه الشرب و الكهرباء ، كانت بمعيار الزمان متقدمة على ما كانت عليه في ظل الدولة العثمانية بكثير .
تجاهلت القوى المعارضة لتلك الانظمة حقيقة أن إقامة أنظمة و كيانات سياسية في أعقاب سقوط الدولة العثمانية التي ادامت التجهيل و التخلف لقرون كان مستحيلا بدون مساعدة الدول "الاستعمارية " الأوربية المتحضرة و ركزت ، بدلا من ذلك ، على شعارات مكافحة المستعمر ، وهيجت الجماهير بشعارات ديماغوجية بدلا من الدعوة الى التعقل و تطوير الاطار الدستوري المتوفر تدريجيا إعتمادا على النقد و النضال المطلبي السلمي . ومع ذلك لم تستطع هذه القوى الداعية الى التغيير بعد انتصارها و اسقاطها لتلك الانظمة بواسطة العنف و الانقلابات الدموية في العديد من الدول العربية ان تقدم اي بديل واقعي حقيقي و ظلت انظمة الحكم التي اقامتها كبديل عن الانظمة الساقطة تدور في دوامة العنف و التخلف و فشلت في تأسيس دولة حديثة تقوم على مؤسسات المجتمع المدني . و قد قامت الانظمة الانقلابية التي تلت الملكيات و انظمة الحكم في الدول العربية كما في مصر و العراق و غيرها بعمليات تغيير اجتماعي مهمة و خصوصا الاصلاح الزراعي و لكنها كانت منجزات فوقية غير مدعومة بمؤسسات سياسية ملائمة أو تفعيل قوى إجتماعية لدعمها وشرّعت من جهة أخرى لسنة جديدة في الحياة السياسية وهي تغيير الانظمة بالقوة بدون سند دستوري مما فتح الباب للمغامرين للانقضاض على كل ما تحقق و التراجع عنه في حين بقي العنف سيد الموقف كما حصل في الانقضاض على ثورة 14 تموز 1958 في العراق .
و كان فشل الجيوش العربية في معارك فلسطين عام 1948 قد أدى الى انحسار دور الاحزاب و الساسة العقلانيين المؤمنين بتطوير العملية الدستورية بشكل تدريجي و سلمي واستلم زمام المبادرة من أجل التغيير ضباطٌ محبطون كانوا يحملون روح الانتقام من الهزيمة حمّلوا انظمة الحكم في بلدانهم مسؤولية الهزيمة فقاموا بتأسيس تنظيمات للضباط الاحرار تسعي الى اقامة انظمة حكم بديلة كرست برنامجها الرئيسي بعد وصولها الى السلطة للصراع مع اسرائيل و الثأر للهزيمة دون أن توفر أيا من مستلزمات النصر و الغت العديد من آليات العمل السابقة مثل التداولية و مؤسسات التمثيل البرلماني أو أسس بعضها لنظام الحزب الواحد . و اذا كان من الصحيح أن المؤسسات التمثيلية الناشئة في الدول العربية التي قامت في أعقاب الحرب العالمية الأولى لم تكن ناضجة و كان يشوبها التزوير و الفساد فإن الحل لم يكن يكمن في إلغاءها و انما في اصلاحها .
ساندت قوى اليسار في الغالب الانظمة الناشئة في أعقاب هذه الإنقلابات التي قام بها هؤلاء الضباط المغامرون و دعمتها مهتمة قبل كل شيء بما أعتبرته " طبيعتها المعادية للامبريالية " دون اكتراث حقيقي لموقفها من حقوق الانسان أو السعي لإقامة مجتمع مدني و تساهلت او دعمت عمليات عسكرة المجتمع و شعارات " كل شيء من اجل المعركة " ، تلك المعركة التي كانت خاسرة دائما . فقد دعم يساريو العراق عبد الكريم قاسم و حشدوا له الجماهير وحولوه الى معبود فيما قام هذا المعبود باكبر عملية تزوير حين لفق حزبا شيوعيا بقيادة داوود الصائغ مانحا اياه رخصة العمل العلني و جريدة علنية هي صحيفة " المبدأ " في الوقت الذي لم يكن تعداد اعضاء حزب الصائغ يتجاوزالعشرات بقي الحزب الشيوعي الحقيقي الذي كان تعداده يبلغ عشرات الالوف و تعداد اصدقائه و منظماته الجماهيرية مئات الألوف و الذي كان اكبر حزب شيوعي في الشرق الاوسط بقيَ محروما من العمل العلني و مُحاربا ، فقد مُنعت صحيفته المركزية " اتحاد الشعب " من الوصول الى الكثير من المحافظات و شنّ رجال امن عبد الكريم قاسم حملة واسعة ضد اعضائه و أصدقائه و شنت حملة واسعة من القمع ضد مؤسساته الجماهيرية و خصوصا اثناء انتخابات قيادات المؤسسات المهنية و الجماهيرية مثل نقابة المعلمين و نقابات العمال .
و في مصر في أعقاب ثورة يوليو " المعادية للامبريالية "أصدرت السلطات الجديدة عفوا عمن اعتبرتهم سلطات ما قبل الثورة مجرمين سياسيين و لكن قيادة الثورة لم تعتبر الشيوعيين سجناء سياسيين و انما مجرمين اجتماعيين و غير مشمولين بالعفو .
نهاية الجيل الثاني من الحكام
لم يكمن للعملية التي سميت بـ" مرحلة التحرر الوطني " أو " انجاز مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية " أن تؤدي الى مقدمات بناء الاشتراكية كما كان يرى منظرو اليسار بتأثير من الادلجة السوفيتيية المعنية بحشد القوى لصالحهم في الحرب الباردة لأن السلطات الجديدة كانت تسعى الى تحقيق مكاسب للطبقات الفقيرة يترافق مع توجية ضربات الى المؤسسات السياسية الممثلة لها و لتنظيماتها النقابية و المهنية في نفس الوقت ، و بذا فإن هذه المنجزات كانت مكرسة للكسب الشخصي للقادة العسكريين المفعمين بالنرجسية و المنطلقين من الثورية الرومانسية المعنية بصناعة القائد المعبود ، ولكن قوى اليسار لم تكن لترَ ذلك و انما استمرت بالتهليل للقادة المعبودين حتى سقط عبد الكريم قاسم جارا اليسارَ والشيوعيين و الديمقراطيين معه الى وليمة الدم التي اقامها انقلابيو شباط ، ثم بعد ذلك بسنوات توفي جمال عبد الناصر في ظروف غامضة ليقوم خليفته السادات بتغيير دراماتيكي في انعطافه نحو الدول الغربية في الوقت الذي كان قد عقد توا معاهدة صداقة و تعاون مع الاتحاد السوفييتي و على غرار ماسيفعله صدام حسين فيما بعد حين يحقق في حربه مع ايران اهدافا امريكية بأسلحة سوفيتيية ضمن اطار تحالف ستراتيجي كرسته معاهدة صداقة و تعاون اخرى و جبهة وطنية مع الشيوعيين توجت هي الاخرى بالدم في الوقت الذي كان فيه شيوعيو العراق مرة أخرى يرون ان تحالف صدام مع الاتحاد السوفييتي و اعترافه بألمانيا الديمقراطية اهم من برنامجه الداخلي و موقفه من حقوق الانسان .
و فيما بعد كان سقوط الاتحاد السوفييتي إيذانا بنهاية هذه المرحلة التي مثلت حكم الجيل الثاني و حلفاءهم من القادة من الذين وضعوا شعوبهم رهينة في الصراع مع اسرائيل لجيلين او اكثر دون ان يقدموا اية خدمة حقيقية لا للقضية الفلسطينية و لا لشعوبهم و خسر جيلان او اكثر حياتهم و بقوا حبيسي برامج غير قابلة للتحقيق فيما تدهورت حالة الفلسطينين من سيء الى أسوأ.
كان همّ القوميون العرب ، من جهة أخرى ، منصبا على جانب آخر من الهموم السياسية الطوبية التي ما جعلهم بموجبها يعتبرون ان كل مشاكل " الوطن العربي " سببها التجزئة و أن حل مشاكل الامة لن يتم الا بتوحيدها من المحيط الى الخليج و بما ان توحيد الأمة كان ، لأسباب موضوعية و ذاتية ، هو المستحيلَ بعينه فقد منعوا عمليا حل اي من المشاكل الحقيقية و دعوا الناس للركض وراء السراب بدلا من حل مشاكلهم الوطنية على الصعيد القطري كأمر واقع .
أكد مثال الوحدة الاوربية أن التطور الاقليمي الاقتصادي و الثقافي و الاساس السياسي القائم على الديمقراطية و التداولية و حقوق الانسان لكل دولة على حدة و على الرغم من عدم وجود لغة مشتركة و على الرغم من ماضي الصراع الدموي هو الطريق الاسلم لتأسيس قاعدة صلبة للوحدة و ليس الشعارات الطوبية التي وضعها مؤرخو القومية العربية و منظروها من امثال ميشيل عفلق و الحصري.
فشل مزدوج
كان نموذج الحزب الواحد و الاقتصاد الموجه الذي تسيطر عليه الدولة و عمليات التأميم في الانظمة التي اُعتبرت " انظمة تحرر وطني معادية للامبريالية " أو " سائرة في طريق التطور اللارأسمالي" لا تمُت الى الاشتراكية أو العدالة الاجتماعية بصلة و انما كانت و سيلة لإقامة رأسمالية الدولة و لتشديد قبضة هذه الانظمة على المجتمع بسيطرة الحكومة على مفاتيح الاقتصاد و تحويل أغلبية المجتمع الى موظفين تسهل السيطرة عليهم .
من المعروف أن الاقتصاد الحر ينتج مراكز قوى سياسية و يتعارض مع الواحدية و يعيد توزيع مراكز القوة السياسية حسب حركة مراكز القوة في الاقتصاد و يحد من تمادي نفوذ ممثلي السلطة و يفرض الرقابة عليهم و كل هذا لا يتلائم مع التركيبة العسكرية و شبه العسكرية للقادة الجدد الذين طالبوا الشعب بالانضباط العسكري و الطاعة و بالتهليل لهم باعتبارهم قادة منقذين وهم الذين رفضوا اي توزيع للسلطات و اي شكل من اشكال التعددية باعتبار ان المعركة تتطلب عدم اثارة المشاكل و تأجيل النقد الى ما لا نهاية او حتى تحقيق الانتصار الحاسم على الاعداء و الذي لم يكن يلوح في الافق ابدا .
تحججت الانظمة الواحدية بحجة أولوية الانتصار في المعركة على "العدو" على عمليات البناء و التحديث و اعتبرت الديمقراطية و التعددية و التداولية و الحريات العامة و النقد نقطة ضعف و أخفت عن قصد حقيقة ان "العدو" نفسه الذي كان ينتصر علينا المرة تلو المرة المرة كان ،على الضد مما تدعي ، يخوض معاركه ضدنا و ينتصر على انظمة عربية عديدة تفوقه عددا في وقت واحد دون ان يعطل مسار العملية السياسية التداولية و كانت تتعاقب على قيادة الحكم لديه مختلف الاحزاب و الشخصيات دون ان يؤشر ذلك الى اي نقطة ضعف .
و على الضد من ذلك كانت مستلزمات المعركة تستلزم تعزيز المجتمع المدني و عمليات البناء .
و بسقوطها جرت هذه الانظمة معها الى القاع احزاب اليسار العربي التي كانت حليفتها في " معاداة الامبريالية " . ففي الوقت التي كان المحلل يتوقع صعود احزاب اليسار كبديل عن التيار القومي الساقط و الذي أثبت فشله نجد أن السقوط كان مزدوجا شمل الانظمة العربية التي اعتمدت على الخطاب القومي و على احزاب اليسار في وقت واحد مما مهد لصعود قوى الاسلام السياسي التي هيمنت على الحكم أو على الشارع .
موقف مداهن
تمظهر صعود قوى الاسلام السياسي بأشكال متعددة ، كان واحدا من اشكالها انخراط انظمة قومية تدعي العلمانية مهتمة ببقائها على سدة الحكم بعملية أسلمة المجتمع و مداهنة قوى الظلام و التخلف كما كانت عليه مثلا الحملة الايمانية في العراق في أبان حكم النظام السابق بالرغم من إدعائها العلمانية . فالمهتمون بالبقاء بالسلطة بأي ثمن يبحثون عن الولاءات في أي مكان ويغيرون خطابهم الايدولوجي بدوافع البقاء في السلطة كأولوية مطلقة . ففي الوقت الذي خسرت فيه السلطة السابقة في العراق اي دعم جماهيري حقيقي من القوى السليمة في المجتمع تحولت الى تبني الخطاب الديني بدلا من خطابها القومي اليساري العلماني و مهدت بذلك لفصل المأساة الحالي الذي يشهده العراق .
أما قوى الاسلام السياسي بكافة اطيافه فقد كانت عاجزة تماما عن طرح بديل واقعي . فالاسلام السياسي يعيش في الماضي بطريقة أو بأخرى ، و ليس لديه أي برنامج لتحقيق التقدم و التحديث و هو غير مقبول من المجتمع الدولي و من قبل الاغلبية الساحقة من دول العالم و لكن الجماهير العربية المحبطة كانت ستتشبث باي شيء من أجل الخلاص كما يتشبث الغريق بقشة . و السبب في هذا الانعطاف في مزاج الجماهير نحو الاسلمة واضح ، فالأحزاب القومية اخذت فرصتها في الحكم و اثبتت فشلها وأحزاب اليسار العربي ربطت مصيرها ، من جهة , بأنظمة الحكم في الدول الاشتراكية التي اصبحت بمرور الوقت انظمة بالية تعاني من الترهل و الكهولة بعيدة كل البعد عن آخر التطورات السياسية و تقوم انظمتها باعتماد نظام الحزب الواحد و تمنع عن مواطنيها الحقوق المدنية بما في ذلك الحق بالسفر .. الخ ، كما ربطت احزاب اليسار مصيرها ، من جهة اخرى ، بأنظمة حكم التحرر الوطني ، كما سُمّيت ، كحليف و تحملت جزءا كبيرا من مسؤولية الاخفاق . و كان على قوى اليسار العربي انطلاقا من المصالح الوطنية أن لا تربط مصالحها بشكل كامل بقوى "المنظومة الاشتراكية" و أن تراعي التوازنات الدولية بين المعسكرين على غرار مواقف الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية التي أخذت بنظر الاعتبار سلبية الانحياز الى انظمة تفتقر الى حد كبير ، كما رأينا ، الى الموقف المتحضر من ابناء الشعوب العائشة بين ظهرانيها ناهيك عن شعوب اخرى .
و بالتطورات الأخيرة تبدو الخارطة السياسية في البلدان العربية الآن بحالة مثيرة للهلع و تشتمل على :
ـ الفشل المزدوج للخطابين اليساري الكلاسيكي و القومي كما أشرنا .
ـ الفشل المحتم و المأساوي القادم لقوى الاسلام السياسي بمخلتف تلاوينه .
ـ عدم وجود قوى ليبرالية أو اشتراكية ديمقراطية منفتحة قادرة ، كبديل ، على قيادة العملية السياسية و تحديثها في أي من البلدان العربية .
ادت هذه الحالة الى فراغ سياسي رأي اللبراليون الجدد في الولايات المتحدة ان تشغله القوى العالمية اعتمادا على حساباتٍ دفعتهم للمسارعة في نقل تجربتهم الى منطقتنا بواسطة القوة معولة على أمثلة تاريخية معزولة عن سياقها لما حدث في ألمانيا و اليابان في أعقاب الحرب العالمية الثانية أو كما هي تجربتها مع كوريا الجنوبية .
كان الخطأ الفادح الذي أرتكبه اللبراليون الجدد هو اسقاط هذا المثال على منطقتنا بإخراجه عن سياقه التاريخي ، و تجاهل الفارق الاساسي الذي يقوم ، ليس فقط ، على استعداد شعوب اوربا حينذاك ، لتقبل الاحتلال مقابل الاصلاح و إعادة البناء على غرار مشروع مارشال ، و انما ايضا واقع أن جميع دول اوربا كانت بعد انتهاء الحرب منهكة تماما و محطمة و غير مستعدة للدخول في المزيد من الصراعات في حين نجد ان منطقة الشرق الاوسط كانت ، على الضد من ذلك ، " بكامل عافيتها " الاقتصادية و كانت من جهة اخرى تمتلك الوسائل لتخريب المشروع الامريكي الذي وضعه اللبراليون الجدد كما كانت تمتلك النية و الارادة السياسية لاستثمار مرارات شعوب المنطقة من السياسات الامريكية التي دعمت بدون قيد احتلال إسرائيل الاراضي العربية ، و من جهة اخرى كانت أغلبية الاوساط التي تنشد الديمقراطية في الوطن العربي و تتطلع اليها لا تثق بالمشروع الامريكي بسبب الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة لقوى الاسلام السياسي الرجعية في الصراع مع اليسار و مع القوى التي لا تتفق مع مصالح الولايات المتحدة المنطقة .
و الآن ؟
بعد أن دعمت قوى اليسار انقلابات الضباط الاحرار في أكثر من وطن عربي و أكتفت بدور ثانوي ساندٍ و مهلل تصر الآن على دور الكومبارس هذا . فقد فقدت قوى اليسار كل جرأتها في التصدي للظلام الديني بل و اصطفت في بعض البلدان الى جانب القوى الدينية تحت مبررات ايديولوجية بالية و أيدت كما في العراق تشريعات ظلامية أو قانون فدرالي يقوم في جزء منه على الطائفة .
يجري الآن الاستخفاف بحقوق المرأة و التقليل من شأنها و إعتبارها ثانوية و لا تدفع قضيتها الى الصدارة بالرغم من كون هذه القضية بدون ادنى شك قضية محورية و تشكل المحك الرئيسي لجدية اية قوة سياسية في احترام الحقوق المدنية و الحقوق العامة . لقد اضحت حقوق المرأة الآن و بدون منافس محكا للجدية و مفترقا للطرق في التصدي للتفكير الظلامي الرجعي . و لا تجري قيادة المجتمع نحو الامام بطريقة اقتحامية و جريئة و انما الانحناء بكل خنوع للتيار الديني الظلامي بحجة الواقعية ، و تفقد احزاب اليسار ملامحها الخاصة ازاء التيارات القومية و الطائفية و الدينية الظلامية و تتحول الى مجاميع عديمة الملامح .
و في العراق و بتأثير الطائفية يحاول يساريون الايحاء بأن قوى الاسلام السياسي الشيعي تختلف عن مثيلتها من قوى الاسلام السياسي السني في محاولة جديدة في الالتفاف على الحقيقة و يمزج لديهم العلم بالخيال و يستعاد الماضي و امثلة التضحية المبالغ بها من اعماق التاريخ و كأنما حاضرنا يفتقر الى امثلة التضحية و الفداء التي لا تزال فيها دماء الضحايا لم تجف . إن الظلام واحد و به تنعدم الألون و يصبح كل شيء أسود .
و تشهد التركيبة الفكرية الحالية لمفكري و مثقفي اليسار تراكما مموها من الولائات التي لا تمت للعلمية و الواقعية بصلة وبسبب التراكم التاريخي أصبحت من التعقيد بحيث تحتاج الى تحليل دقيق و صبور للكشف عما هو غير معلن و غير مصرح به ، هذا التركيب الفكري المموه و المخادع و الذي بات بفضل سقوط النظام السابق اكثر انكشافا حاملا معه مفاجئات لم تكن لتخطر ببال اكثر الباحثين دقة و استشرافا .
يتبع الجزء الثاني تحليل جذور فكر الاسلام السياسي في العراق
المرتكزات الاساسية للفكر الاسلامي ـ السياسي الشيعي



#محمد_صالح_مصطفى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الكردية و التحولات الحاسمة


المزيد.....




- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صالح مصطفى - مقدمات صعود الإسلام السياسي