أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاضل الخطيب - من الهلال الخصيب إلى الهلال الكئيب!














المزيد.....

من الهلال الخصيب إلى الهلال الكئيب!


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 2074 - 2007 / 10 / 20 - 12:39
المحور: حقوق الانسان
    



بين آخر عصرٍ جليديٍّ وبين صعود روما, كان الهلال الخصيب, منه عَبَرت البشرية من عصر الإنسان البدائي إلى عصر الإنسان الحضاري. أساطير العالم ودياناته وعلومه ظهرت ونمت في هذا الهلال.
عرفوا التعامل الإنساني والاجتماعي قبل إبراهيم الخليل, اخترعوا لنا نوح وسفينته وطوفانه, "صنعوا" برج بابل وحاولوا الوصول إلى الله, اخترعوا أسس ديانات التوحيد وأساطيرها والتي من أجل نصرتها ونصرة آلهتها المتعددة تخندقنا وذبحنا وغزونا وسبينا!
ما تبقى من شعوب ما بين النهرين وما حول النهرين ـ من آشور وسريان وكلدان وآراميين وغيرهم ـ يُذبحون ويتم القضاء عليهم فيزيائياً بسبب الجريمة التي اقترفها أجدادهم الأوائل وهي اختراعهم للديانات والآلهات, خطيئة سرغون وحمورابي وعشتار وهرموز و...., وهي خطيئة عيسى ابن مريم وتعاليمه التي لا تصمد أمام تعاليم ابن لادن (الخد الأيمن والأيسر مقارنة بسيف الله وقنبلته)!
بين جولتين من جهاد إله السنة وإله الشيعة كانا لا يبخلان على الآلهة التي لا تملك غير "النقاقيف" برشقة من هنا وغزوة من هناك على ما تبقى من خميرة الأرض والقيم والإنسان.

كما كانوا الجسر الذي نقل الإنسان إلى الحضارة قبل عشرة آلاف سنة فإن أبناء شعوب هلالنا الأصليين يمكن أن يكونوا الجسر الذي يربطنا بعالم الحضارة والذي يقع على الضفة الأخرى لهلالنا.
ابن لادن وابن الزرقاوي وقبلهم ومعهم ابن القرداحة وابن تكريت وابن النجادي وأبناء كثر آخرون, يحفظون مقولة ابن الوليد والذي عبّر فيها عن ظمئه لشرب دماء الروم قبل أكثر من ألف عام!
سياسة واحدة وعقيدة واحدة, "من ليس معنا فهو ضدنا", ومن كان ضدنا فهو ضد إلهنا, ومن هو ضد إلهنا يجب قتله أو يصبح من سبايانا.

إنني من منطقة لا تُعتبر من المحافظات المحافظة في سوريا بل بالعكس من ذلك, وفي هذه المحافظة ما يزيد على 10% من سكانها مسيحيين, محفوظة كرامتهم وهم محافظون على قيمهم وعاداتهم, وأقول بصدق أنني وغيري كثيرون كنّا وما زلنا ننظر للمسيحيين على أنهم يسبقوننا حضارياً خطوة على الأقل!
ورغم تحفظي تجاه كل الأديان, لكنني أعتقد أن الخزعبلات الموجودة في المسيحية أقل من خزعبلات الأديان الأخرى, وأهم قضية أن إلههم قد سُرّح من الخدمة العسكرية, ودور عبادتهم ليست مراكز للتجنيد, ورجال دينهم لا يؤمنون بـ"ماركتينغ" غوبلز, بل هم أقرب إلى ماركتينغ غاندي ولينكولن.
إن خطر اندثار المسيحية في العراق قاب قوسين, وإن غياب قوميات عديدة مرتبطة بالديانة المسيحية في منطقتنا خسارة لا يمكن تعويضها وجريمة لا يمكن غفرانها. وربما يأتي يوم يصبح فيه جدال عن سبب اندثار هذه الشعوب, وسينكرون إبادتهم لها, كما ينكر الأتراك إبادة الأرمن على يد قادة آخر دولة للخلافة الإسلامية بدل أن يعتذروا, وهو أقلّ ما يمكن أن يقوموا به!

إذا تخيلنا أنفسنا في طائرة على ارتفاع عالٍ فوق المحيط الهندي أو الأطلسي أو الهادي ونظرنا إلى مئات الجزر المتناثرة في هذا الأوقيانوس لوجدناها جواهر وجنات بكل ما تحمله الكلمة من معنى! وإن القوميات والديانات الصغيرة العدد في المنطقة هي جواهر في هذا البحر الإسلامي وغنىً لا يستطيع المتطرفون الجهلة تقديره.
إن بقاء "الأقليات" المسيحية في المنطقة ليس فقط قضية إنسانية بالدرجة الأولى بل هي مكسبٌ للغالبية المسلمة, هي ثروة لنا جميعاً.

قبل سنوات شاهدت معرضاً في أكبر متاحف بودابست للفن القبطي, تماثيل حجرية ولوحات وتحف فنية تاريخية كثيرة, وما لفت نظري أنه في كل تمثالٍ أو لوحةٍ تُشير إلى شيء دينيٍ(صليب, نور الشمس, ...) كان هناك تشويهٌ مقصودٌ واضح(كسر مثلاً..) عند أجزاء اللوحة أو التمثال التي ترمز للمسيحية, وقد سأل بعض أصدقائي المجريين الذين كنت معهم عن تكرار ذلك التشويه في كل عمل وتحفة قديمة فيها لمسة دينية! وبصراحة لم أقول لهم أنه نفس السبب الذي حُرقت من أجله مكتبة الاسكندرية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجزاه خيراً وبعد فتح(غزو) مصر بقيادة داهية العرب القائد المثقف عمر بن العاص!

العالم يبحث عن سلوك الحيوانات المنقرضة ويحاول فهم العالم الذي كان موجوداً قبل مئات ملايين السنين, ونحن نُدمر عمداً ثقافة وحضارات وقوميات وديانات شعوب كانت الحاضن "لثقافتنا وحضارتنا" وللإنسانية جمعاء.

لا أفهم ربطاً منطقياً وإنسانياً بين سفك الدماء ودخول الجنة,
هل يُمكن العيش في جنة تكون ثمن بطاقة دخولها قتل من هم خارج ديني أنا.
أي وطن وعالم تبنيه تلك الفتاة الفلسطينية التي فجّرت نفسها قبل سنوات وقتلت معها ركاب باصٍ يهودٍ وتركت خلفها شريط فيديو يباركه الشيخ ياسين وتقول فيه "أنها ستدق أبواب الجنة بجماجم اليهود"!!
وفي العراق, الشيعي المتخلف يدق أبواب جنته بجماجم السنيّ, والسنيّ الأكثر جهلاً يدق أبواب جنته بجماجم الشيعي, والاثنان يدقان أبواب جنونهما بجماجم المسيحي واليزيدي والصابئي والمرتد والبدعي واللاديني و...!
في هذا العالم مئات الملايين من الناس ترفض أكل اللحم لأنها لا تؤمن حتى بقتل الحيوانات!! فهل تفهم الحيوانات قدسية الإنسان؟!

إن الطوفان الذي اخترعه أجدادكم قبل أكثر من خمسة آلاف عام يلاحقكم الآن, لكن يا ترى هل تجدون نوحاً وسفينة في بحر بن لادن وأنهار شركائه؟.

إن السريان والآشور والكلدان والصابئة وغيرهم من أصحاب الأرض الحقيقيين في بلاد الهلال الخصيب, اخترعوا الهلال والجمال, والحضارة والطهارة, ومن بقي منهم يحمل صليبه في الساعة الأخيرة من ليلٍ ما عاد الهلال يكفي لإضاءة ظلامه, وقريباً لن يبقى لنا سوى وضع إشارة الصليب على الهلال الخصيب!



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأكراد بين شرعية الحدود والوجود!
- ضبابٌ سوريٌ في يومٍ مشمس!
- دمشق تنتقل إلى برلين!
- سورية- معارضات بلا حوار في دولة بشار
- رابعة العدوية والعشق الإلهي السوري
- حزيران بين الصُوَر
- سبع وسبعة ودبيكة و-كمشة- تسعات
- تليفون الإستفتاء
- قبل الإستفتاء
- الديكتاتور والديكتاتورية قديماً وحديثاً
- انتخابات ديمقراطية في سورية الأبية
- أريد أن أكون وزيراً
- وجهتي نظر لقضية واحدة-لباس المرأة
- بيعة وبيّاعين في سوق البعثيين
- السارق والسرقة
- حلمٌ غريبٌ في بلد إسمه سوريا
- نفاق الرفاق ديالكتيك العبد والقبضاي
- الحوار السياسي, هل نتعلمه؟
- تزمير وتثاؤب
- محطات ليست بعيدة عن السياسة


المزيد.....




- بدء أعمال لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان بمقر الجامعة الع ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: نشعر بالذعر من تقارير وجود ...
- اعتقالات جماعية في جامعات أمريكية بسبب مظاهرات مناهضة لحرب غ ...
- ثورات في الجامعات الأمريكية.. اعتقالات وإغلاقات وسط تصاعد ال ...
- بعد قانون ترحيل لاجئين إلى رواندا.. وزير داخلية بريطانيا يوج ...
- تقرير أممي مستقل: إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي دليل على ارتبا ...
- الأمم المتحدة تدعو بريطانيا إلى مراجعة قرار ترحيل المهاجرين ...
- إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة
- مراجعات وتوصيات تقرير عمل الأونروا في غزة
- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاضل الخطيب - من الهلال الخصيب إلى الهلال الكئيب!