أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دلور ميقري - أكراد وأرمن : نهاية الأتاتوركية ؟















المزيد.....

أكراد وأرمن : نهاية الأتاتوركية ؟


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 2074 - 2007 / 10 / 20 - 12:39
المحور: القضية الكردية
    



" ومن الضروري تقوية العنصر التركي في بلاد الروم والأناضول خاصة ، وصهر الأكراد وضمّهم إلينا " : هذا ما يُصرّح به في مذكراته ، السلطان عبد الحميد الثاني ( حكم بين أعوام 1876 ـ 1909 ) . والمناسبة الموجبة لإستعادة تلك الذكرى ، يبدو أنها أنباء المجزرة المروّعة بحق رعايا السلطنة ، الأرمن ، المرتكبة في أعوام الحرب العظمى . ولنتذكر أنّ عبد الحميد هذا ، كان آنئذٍ مخلوعاً عن العرش ومحكوماً بالإقامة الجبرية في أحد قصوره ، إثر ثورة " تركية الفتاة " ضد نظامه الأوتوقراطي . هكذا ، يتابع السلطان ، المحال على المعاش ، بثّ " عبرة " الأحداث الموافقة لسطوة عهده ، علّها تفيد الحكامَ الجدد ، الإتحاديين ، الموغلين سفكاً في الدم الأرمنيّ ـ والكرديّ لاحقاً ـ والمتعثرين ، في الآن نفسه ، على جبهات الحرب المفتوحة من كل جانب على حدود إمبراطوريتهم . إنه هنا ، على كل حال ، يعقد مقارنة بين الأحداث هذه ، الأخيرة ، وتلك الحاصلة في عهده ؛ في عام 1893 ، حينما ثار الأرمن ضد طغيانه ، فما كان منه إلا الإستعانة بوحدات الخيالة الكردية ، " الحميدية " ، المنعوتة بجلالة إسمه السلطانيّ ؛ الفرقة ، سيئة الصيت ، التي أنشأها وقتذاك ـ كردّ على تجنيد القيصر الروسيّ لبعض رعايا السلطنة ، من النصارى ، في وحدات الخيالة الروسية ، " القوزاق " . ها هوَ عبد الحميد ، في مذكراته ، يلوم أوروبة وأمريكة لما يصفه برعايتهما : " عداوة الأرمن لجيرانهم الأكراد " . ويستطرد القول ، بأنه ثمة من يشجع إدارتيْ الدولتين ، العظميين ، في هذا الإتجاه ، مسمياً إياهم : " التجار الأرمن الأغنياء الذين كانوا يمولون في أوروبة وأمريكة قضية إخوانهم المقيمين في كيليكية وكردستان " ( المذكرات السياسية ، الطبعة العربية ، ص 27 ) .

حينما يسمّي أشهر سلاطين بني عثمان ، في مذكراته ، الولاية الجنوبية الشرقية من سلطنته ، الهمايونية ، بإسمها الفصيح ، " كردستان " ، الفاقع الحروف بشرياً وجغرافياً ؛ فإنه ومن غير قصد ، بطبيعة الحال ، يهبنا تفسيراً ، معجزاً ، لـ " آية " النزعة التركية ، الحديثة ، المغالية في عنصريتها وعنجهيتها ، القوميتيْن : وحينها ، بالتالي ، يُصبح مفهوماً لدينا ذلك الإصرار العجيب ، المتناهي في غيّه ، من لدن الحكومات التركية ، المتعاقبة ، على رفض فتح الأرشيف العثماني ، الخاص بأحداث إبادة الجنس الأرمني ( الجينوسايد ) ، العائد لأعوام الحرب العظمى ( 1914 ـ 1918 ) . يقيناً ، أنّ عواقب " الفتح " الجديد ، لمآثر الفتح العثمانيّ ، الآبد ، لن يفعل أكثر من ترسيخ هذه المفردة ، المحرّمة ، " كردستان " ، وجعلها في متناول الوجبات ، اليومية ، للميديا التركية نفسها ، وقبل غيرها . فضلاً عن الكمّ الهائل ، الساحق ، من الأسئلة التي ستنهال منذئذٍ على كاهل المؤسسة الرسمية ، الأتاتوركية القلب والقالب ، عن هذه الولاية العثمانية ، الموسومة ، ومدى تاريخانيتها خلل حقب الإمبراطورية ، السماوية ، المسجاة في طول وعرض القرون الأربعة من إتساعها ، شرقاً ، حتى الأهداب المذهبة لأطراف السجادة ، الأعجمية : أحقاً ، إذاً ، أنّ الكرد " الهمج الرعاع السذج " ، كانوا طوال القرون تلك ، ذوي سلطان وسطوة في إماراتهم العتيدة ، العديدة ، المستقلة تماماً عن الباب العالي ، لا يربطها به سوى داعي " الجهاد المقدّس " ، الذي ما كان ، غالباً ، ليصدي صوته في آذانهم ؟ أوَ حقاً ، أيضاً ، أنّ أولئك الكرد ، الكذا وكذا ، تناهت قوة وهيبة إماراتهم حدّ عقدها المحالفات ، الموثقة والمدغومة بالمهر الأزرق المذهّب ، مع أساطين الدول الكبرى وقتذاك ، مشرقاً ومغرباً ؛ مثل محمد علي باشا ، حاكم مصر ، وإسماعيل الصفوي ، شاه العجم ، والقيصر الروسي وقناصل أمريكة وبريطانية وفرنسة ؟؟

من جهة اخرى ، فإنّ إنكار الحكومات التركية ، المتعاقبة ، للحقيقة التاريخية تلك ، المتمثلة بـ " الجينوسايد الأرمنيّ " ، وعلى الرغم من حصولها في العهد العثماني ، البائد ؛ هذا الإنكار ، له دواع متعددة ، غيرَ ذلك الداعي المتعلق بما سلف لنا إيراده عن مفردة " كردستان " وتصاريفها : وبما أنّ الشيء بالشيء يذكر ، كما يقال ؛ فما من ريبٍ أنه في حسبان الأتراك ، ساسة ً وعسكراً بالخصوص ، أنّ الإعتراف بالحقيقة التاريخية تلك ، الموسومة ، سيجرهم إلى سلسلة من " الإعترافات " المتلاحقة ، تتعلق بكيان دولتهم نفسه ، المؤسّس من قبل " الغازي " مصطفى كمال أتاتورك ، على أشلاء السلطنة العثمانية وشعوبها ، سواءً بسواء ، من كرد وأرمن ويونان وآشوريين وسريان ، وعرب أيضاً ! لذلك يبدو ساذجاً ، برأيي الشخصي ، تساؤل البعض : عما تخشاه الدولة التركية من الإعتراف بالجينوسايد الأرمنيّ ، ما دامت غيرَ مسؤولة عنه بحال ؟ إنّ فتحَ " أرشيف الموت " ، العثماني ، على رأينا نفسه ، سيبعث من رقاده ماضي تلك القوميات ، آنفة الذكر ، ليسَ فيما يعني التقويم الزمنيّ للإبادة وحسب ، بل وكل ما في ذلك الماضي ، القريب على أيّ حال ، من حقيقة كبرى ، دامغة ، غيرَ قابلة للإنكار تاريخياً : أنّ حدود الدولة التركية ، الحالية ، ما هيَ سوى صنيعة إتفاقياتٍ لا يعوّل عليها ، لناحية شرعيتها الحقوقية ، بما أنها قد أبرمتْ أصلاً مع سلطات دول كولونيالية ـ كبريطانية العظمى وفرنسة وروسية ، وعلى خلفية ما يُعرف بـ " إتفاقية سايكس ـ بيكو " . وإذ تمادى أتاتورك ، وورثته من بعده مباشرة ً ، بسياسة هضم حقوق الشعوب الاخرى ، حدّ إجتياح لواء إسكندرون ، السوريّ ، وإلحاقه بالخريطة الإعتباطية لتركية الحديثة ، إلا أنّ محاولتهم ، المماثلة ، كانت قد فشلت فيما يخصّ " ولاية الموصل " ؛ وهوَ الإسم المتداول ، عصرئذٍ ، لإقليم كردستان العراق ، الحاليّ .

ثمة أمثولة ، يُطرب لها الخلق التركيّ ، المعتدّ جداً بنفسه ، وهيَ أنّ جيش الجمهورية الكمالية ، المهيب ، على إستعداد دائم لمنع قيام دولة كردية ، حتى لو كانت في الأرجنتين : يقيناً ، فلن يحتاج الجيش التركي لعبور البحار ، ما فتأ إقليم كردستان العراقي ، الفيدرالي ، متشامخاً بحقيقته ، الراسخة ، كما جباله الحالقة ! وإذاً ، بمقدور أخلاف بني عثمان ، الحاليين ، الإمعان في طي الأرشيف الخاص بالإبادة الأرمنية ، العائد لأوائل القرن المنصرم ؛ ولكن هيهاتَ لهم أن يقدروا قلب صفحة واحدة من صفحات كتاب الحقيقة الاخرى ، الكردية ، الماثلة اليوم قدّام أعينهم وعلى مشارف القرن الجديد ! وإذ يحلو للشيخ أردوغان ، وأطنابه في حزب العدالة والتنمية ، التلاعب بالألفاظ البلاغية وتذكير كرد العراق بأنّ مصيرهم رهنٌ ببقاء قوات الإحتلال الأنكلو أمريكيّ ؛ فليتذكر بنفسه ، قبل أيّ كان ، أنّ إحتلالاً مشابهاً ، أنكلو فرنساوي ، هوَ من خلق الجمهورية التركية ، الحالية ، بعدما كان مصيرها على كف عفريت النهوض القوميّ ، الكاسح ، لأثنيات الإمبراطورية العثمانية : وأنّ الكرد ، الذين خدعوا مراتٍ عديدة بوعود أتاتورك وأسلافه ، الإتحاديين ، بالحرية والعدالة والمساواة ؛ أنّ أحفاد أولئك الكرد ، لم يعد بمقدور أحد التدليس عليهم من بعد ، لا بوعود دنيوية ولا دينية !

كم تبدو هشة اليوم ، جمهورية اتاتورك هذه ، أمام حقيقة تمتّ لتاريخ ضارب في القدم ؛ كما هوَ حالها مع حقيقة الجينوسايد الأرمنيّ .. وكم تبدو هذه الجمهورية ، نفسها ، مُزلزلة مُرتعدة مُبلبلة ، بمواجهة بضعة مئات من المسلحين الكرد ، " الإنفصاليين " ، المعتصمين بذرى جبال كردستان العراقية ، إلى حدّ أن تغامرَ بمستقبلها ، الأوروبيّ ، وقبل كل شيء ، بعلاقاتها الإستراتيجية مع واشنطن ، تحقيقاً لحلم ، واهم ، يدغدغ إغفاءتها وصحوتها على السواء ، في تقويض التجربة الفيدرالية ، أو منع إلحاق مدينة كركوك النفطية بها ؛ وهيَ مربط فرس مشروع " ولاية الموصل " ، البائد ، الذي ما زال في أذهان ساسة هذه الجمهورية ! فهل يجرؤ ملالي أنقرة ، من العثمانيين الجدد ، والحالة كما وصفنا ، على المغامرة بعلاقات بلادهم مع أولئك الحلفاء ، الغربيين ، والتي من دونها ، كما يعرفون حق المعرفة ، لن تقوم قائمة من بعد لحدود دولتهم الحالية ، الإعتباطية ؛ أو على الأقل ، لن يقدّر لها إلا الترسّم من جديد وبقوة خارجية ، جديدة تماماً !!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهْرُ الصَبّار 6 : سليلو الخلاء وملاكه
- مظاهر نوبل وباطنية أدونيس
- جنس وأجناس 2 : تأصيل السينما المصرية
- زهْرُ الصَبّار 5 : قابيلُ الزقاق وعُطيله
- إنتقام القرَدة
- زهْرُ الصَبّار 4 : زمنٌ للأزقة
- شعب واحد
- زهْرُ الصبّار 3 : بدلاً عن بنت
- جنس وأجناس : تأسيس السينما المصرية
- هذا الشبل
- زهْرُ الصَبّار 2 : طفلٌ آخر للعائلة
- وداعاً ، إسكندريّة كافافيس / 3
- يا نائب وَحِّد القائد
- وداعاً ، إسكندريّة كافافيس / 2
- زهْرُ الصَبّار
- وداعاً ، إسكندرية كافافيس
- الأرمن والعنصرية اللبنانية
- الختم السابع : بيرغمان وشعريّة السينما
- قاض سوري للمحكمة الدولية
- رحلة إلى الجنة المؤنفلة / 3


المزيد.....




- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - دلور ميقري - أكراد وأرمن : نهاية الأتاتوركية ؟