أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - بعد العيد















المزيد.....

بعد العيد


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 2071 - 2007 / 10 / 17 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


في اليوم الأول لمغادرة البيت,سعادة وبهجة مع الخروج من الروتين والعادات القهرية, في اليوم التالي يفتر الحماس وتقلّ الدهشة, مع الثالث تغدو العودة مركز الاهتمام... بعد الخامس نادرا ما فعلتها. لا فرق في بيت ياشوط أو حلب أو بيروت....أو جبلة.
ماذا يوجد في اللاذقية,وهم يقصدون البيت أيضا,....
_أعود لأكتب....كم رغبت في هذا الجواب البسيط.
لا اشعر بالأمان سوى في غرفتي الشخصية. كانت في الماضي أكثر حميميّة, أوراق مبعثرة ورسائل باليد والأنفاس,استبدلت بجهاز الكمبيوتر وتواصل غير مرئي.
قبل العاشرة رافقني الدفتر بغلافه الأسود دوما. أكلّمه,أشكو إليه,نضحك معا, ونضجر ونتأفّف... كل امرأة عبرت في حياتي...لها صفحة أو أكثر. في الجامعة وبعدما استأثرت واحدة بأكثر من دفتر,ثم غادرتني بأسهل مما تغادر حافلة أو مقهى, أحرقت دفترها وجميع ما سبقه,شعرت بسعادة غامرة وأنا أمزّق الصفحات وأطعمها للنار... تبعها فترات ندم,على قطع حياة,أعدمتها لحظة غضب وطيش, ولا تعود.
تلك الأيام والسنوات كنت أعيش وأكتب على العكس من حالتي اليوم.
....كان الدفتر صديقي الأول وبيت أسراري,وأحرص على إخفائه أكثر من عورتي.
_ربما صرت استعراضيّا,بل استعرائيا وبالمعنى السريري للكلمة...أعيش بلا ستائر وأتيح رؤية خصوصيّاتي بلا تفكير.قد تكون تصفية حساب متأخّرة مع الأنا العليا والقيود الصارمة التي نشأت عليها!
*
في الدفاتر القديمة أتكلّم مع نفسي والصفحات البيضاء,ولا أتردّد في إتلافها,لمجرّد تغيير الغرفة أو البيت_لو تعرّضت سريّتها إلى احتمال صغير لأن تكشف.
كل الأشياء تتغيّر.الأحياء والأموات....الشجر والحجر....الأفكار والصور والذكريات.
مختلف عناصر جسدي أصابها التغير العنيف,الشعر الأبيض والأسنان البديلة... الغضون والبشرة المتهدّلة...حتى الطبائع والعادات انقلبت أكثر من مرّة,ولا تزال تتدحرج على أكثر من جهة ووجه.
وحده صديقي الأقدم,أصابه التغيّر كما أصابني, وبقيت العلاقة بيننا. الصفحة البيضاء صارت شاشة فضائية وافتراضية بلا نهاية.
أمام الصفحة البيضاء كنت عاشقا بتولا, واكتفي بالهمس والإشارة.
أمام الشاشة العملاقة صرت شهوانيّا داعرا,وأرغب بفتح جميع الأبواب واختراقها.
أعرف أن فشلي هنا أقسى من خسارتي هناك وأشمل.
*
لا أتردّد في العودة ....إلى حظيرتي.
أقطع السهرة أو الحوار أو اللعبة,وسيّان من يكن شركائي,...أعود لأضع رأسي فوق يدي وأشرد....في اللاشيء غالبا. مرات أعبث بأعضائي وأضحك مثل طفل أبله. أتذكّر,أتخيّل,أحلم....ألهو.... أعبث بالكلمات والأفكار...أمام شاشتي أنا الملك والمالك المطلق.وحدي في هذا الكون.
مرّات كثيرة أدرك ضعفي وهشاشتي,وأعتقد أن الجميع مثلي,يقفون أمام مراياهم الشخصية أحيانا,لكن الرعب الذي لا يحتمل,يقذفنا سريعا إلى الخارج والسطح.
.
.
غرفتي في الدويلعة... وغرفتي في مشروع شريتح_بداية الشباب مقابل بداية الكهولة_ هي الأمّ البديل التي ساهمت في خلقها,ليس كما أريد تماما,ما أريده يتغيّر مثلي, بين عالمي الداخل والخارج تدور مختلف المعارك والبراكين,تحت قناع موحّد ويرغب الجميع بتمزيقه والتخلّص منه...مرّة وإلى الأبد,هذا ما أعرفه أكثر من اسمي.
*
بشكل دوري تنوس حياتي,بين البلادة والغرابة.
مرّة أعيش في التكرار والروتين,أكثر من حارس سجن.
تليها فترات,أعيش تجدّد واختلاف, أكثر من شاعر شجاع.
بداية المراهقة,كان خوفي الأكبر من الجنون,أستيقظ ولا أعرف من أنا وأين أكون.
شفائي كان على يد صبيّة زميلتي في المدرسة,نبلها...شفافيّتها...حنانها....أنقذتني.
بداية الشباب,كان خوفي الأكبر من السجن,يقفل عليّ بالمفتاح,رجل أجهله ويجهلني.
حدث ذلك ولن أشفى منه أبدا.
الخوف من الموت,ما يزال أقلّ رعبا من السجن أو الجنون,مرّات يكون الحلّ المناسب.
كلّ طريق...امرأة ترفسك بقسوة ووحشيّة,وأخرى تستقبلك بحنان وضحكة تسع الكون.
إن اجتمعت الصورتان والصفتان والسلوكان...في واحدة شخص بعينها...يا لجحيمك!
*
.
.
أنا الآن في غرفتي الشرقيّة, شقّة مشروع شريتح,دخلت فريدة إلى غرفتها لتنام.
.
.
أدخل إلى المطبخ بحذر. أفتح الزجاجة وأصبّ كأسا من العيار الوسط. أقطّع قرص بندورة وأكسر بضعة جوزات...أجل مع ثمر الجوز والبندورة سكرة اليوم.
في الحقيقة فريدة السعيدة,ليست سفيهة ولا فاجرة في العموم,لكنها حين تشخط وتخبط. أفضّل أي حلّ على فتح معركة.
حسين بدوره من جنس البغال, لا يكسر عناده سوى الموت أو الرفض الصريح.
.
.
أتذكّر الآن صديقي نور الدين بدران_أبو النور_ بصحتّك.....يا صديقي....كيف حالك؟
كم جميل...لو تعود الآن لساعة تخبرنا ماذا يوجد هناك...ولو للحظة ونفهم من الإشارة!
...حتى اليوم لم يعد أحد....
تلك مطلع الكوميديا الإلهية.... وكم هي تجمع المتناقضات فعلا وقولا.
...رغبت بتعلّم الايطالية بعد قراءتي لترجمة مقاطع من الكوميديا الإلهية, وشاعر أظنه حديث حفظت له مقطعين بالعربية وعلى ذائقة المترجم:
كان الخمّار,
يصبّ لك كأسا من الجحيم....
وأنت تصرخين مذعورة,
أينبغي أن أشربه!
ألا يكفي...
أننا جميعا في قلب نار بطيئة...
.
لقد نزلت
وأنت تتكئين على ذراعي,
مليون درجة على الأقلّ...
الآن_بعد غيابك
لم يبقى سوى الفراغ
فوق هذه الأدراج
.
.
رغبت في تعلّم الايطالية لأقرأ بوتزاتي بلغته وخصوصا الليلة الناعمة, وغيره...
من الأشياء التي تؤلمني في العمق والجوهر_بتعبير سوزان,....أن رغبتي الفعلية في التعلّم قد أجهضت باكرا,رغبت بتعلّم الفرنسية لأقرأ جان كوكتو وإيف بونفوا... وألبير كامو....وكثر,كما رغبت في تعلّم الروسية لقراءة تشيخوف أولا بأول, البرتغالية وفرناندو بيسوا ومن بعده ساراماجو... الاسبانية والانكليزية_يتعذّر تعدادهم....
.
.
ماذا عن السويد والدانيمارك وهولندا...حلم بلاد العرب والمسلمين بالوصول إليها ولو في تابوت....ماذا ولماذا!
.
.

أشعر بالمرارة والقهر,عندما أفكر_ غالبا سأموت دون ركوب طيارة ورؤية بلاد جديدة_ هنا يضيق التسامح والقبول...وأي تعبير آخر.
....وأكرر مع المتنبي ومع اعتراضاتي على الصيغ التي وصلتني عنه...
عيد بأيّة حال عدت يا عيد....





#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باب الحارة يخاطب الحاجات القاهرة,وينجح_ثرثرة
- يوم في تشرين_ثرثرة
- أدونيس وجائزة نوبل_ثرثرة
- جدران عالية_ثرثرة
- نور الدين بدران وسلمى...في حديقة الغياب_ثرثرة
- قصيدة نثر_ثرثرة
- ذهاب أيلول_ثرثرة
- الضمير بين الثقل والخفة_ثرثرة
- مع بيسوا وفراشات أيلول_ثرثرة
- اللعبة المنتهية_ثرثرة
- يوم خارق_ثرثرة
- الفكر السوري في طور التفعيلة_ثرثرة
- لفظتنا أرصفة دمشق...بعدها اللاذقية_ثرثرة
- أحلام...في الصحو والنوم_ثرثرة
- خطوة إلى الأمام ثلاث إلى الوراء_ثرثرة
- كأس أصدقائي....في مشارق الأرض ومغاربها_ثرثرة
- في الليل الطويل تشتت أحلامي_ثرثرة
- القضية.....فراغات المعنى_ثرثرة
- معجب بذكائي رغم كل شيئ_ثرثرة
- مدارات حزينة_ثرثرة


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - بعد العيد