أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - موسم الهجرة نحو الوسط














المزيد.....

موسم الهجرة نحو الوسط


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 2072 - 2007 / 10 / 18 - 12:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من مخرجات الاستحقاق التشريعي الأخير، أن الأحزاب السياسية المسماة "كبيرة" شهدت عملية هجرة جماعية نحو الوسط، وأن ذلك الوصف التقليدي، لما كان ينعت تجاوزا باليمين واليسار في المشهد الحزبي، فقد شكله ومدلوله وبات مجرد توصيف نظري في أدبيات تحليل الظاهرة الحزبية وتحولاتها، فالزمن على ما يبدو زمن هرولة جماعية من الأطراف نحو المركز الوسطي، تشترك فيها أحزاب من اليمين وأخرى من اليسار على حد سواء.
لكن، ولكي نلامس سر هذه القوة الجاذبة المتزايدة التي تتميز بها وضعية الوسط في السياق الحزبي، وجب أن نقف على خاصيات الحزب الوسطي بين الدوائر والوضعيات "الإيديولوجية" الأخرى في المغرب، إذ على ضوئها يمكن أن نتبين بوضوح دوافع السلوك الارتحالي لدى الأحزاب عند كل استحقاق انتخابي:

أولا ـ الحزب الوسطي، في نظام، نسبيا، متمفصل إيديولوجيا إلى يمين ويسار ووسط، هو حزب اللامذهب أو اللاإيديولوجيا، لأنه بتعبير الفقيه الفرنسي موريس دو فرجيه يمكن أن يكون كحزب سياسي قائم لكن لا يمكن أن يوجد كاتجاه وسط أو مذهب وسط، فهو مجرد كيان يتشكل في النقطة الهندسية لالتقاء المعتدلين من اتجاهين متعارضين: معتدلي اليمين بمعتدلي اليسار (...)، أو ما عبر عنه بالتجميع الاصطناعي للشق اليميني في اليسار مع الشق اليساري في اليمين.
وهكذا إذا تأملنا هذه الوضعية، سنجدها أصبحت هي عز الطلب بالنسبة لكثير من الأحزاب السياسية التي تعرضت للتآكل والضمور الإيديولوجي والفكري بسبب "موت الإيديولوجيا" وغياب النموذج من جهة، وبسبب اعتزال المثقفين العضويين الملتزمين من جهة أخرى، أي أن الرحيل نحو الوسط هو رحيل للتحلل من قيود إيديولوجيا جامدة لم تراجع ولم تحين منذ ثلاث عقود وربما أكثر.

ثانيا ـ حزب الوسط هو الحزب الذي يرفع شعار "الوطن" حينما يرفع الآخرون شعار الطبقة أو الفئة الاجتماعية. وهو الحزب الذي يصوغ رؤاه الاقتصادية والاجتماعية ومشروعه السياسي، بمنأى عن التقسيمات الفئوية والتناقضات الطبقية، أي أنه الحزب الذي يسعى لأن يكون للجميع بدون أدنى تفضيل أو استثناء أو تحيز، وهذا مطلب كل الأحزاب المترحلة التي رهنت وجودها بالانتخابات بعد أن خسرت وزنها السياسي وامتدادها الشعبي بفعل تذمر القواعد العريضة واستيائها من تجربتها في تدبير الشأن العام، وبفعل تزايد ظاهرة العزوف السياسي.

ثالثا ـ حزب الوسط هو الحزب الذي يشكل صمام أمان بالنسبة للدولة، فهو الحزب الذي وجد ليحكم دائما، إما منفردا، إن أمكن، أو بالتحالف السهل مع من على يمينه أو مع من على يساره. وتحالفه مشروط في الغالب (ضمنا أو علنا) بأن لا تغيير جذري في اختيارات الدولة وتوجهاتها العامة.
ولا يخفى أن وضعية "الجوكر" هاته وضعية مريحة للغاية بالنسبة لأحزاب يهمها أن تكرر تجربة الحكم، ويهمها ألا تتراجع إلى موقع المعارضة حتى ولو تدنت حصيلتها الانتخابية.. فكل الطرق المؤدية إلى الحكومة إن لم تنطلق من نقطة الوسط بدءا فلابد أن تمر منها بأي حال من الأحوال.

رابعا: حزب الوسط من الأحزاب المسماة لاقطة (catch all parties/ attrape- tout) والتي تتميز بخاصية الالتقاط أو التجميع. وهو، كما سبقت الإشارة، حزب غير إيدولوجي أو عقدي، يمكن أن يفتح بابه على مصراعيه أمام الجميع بدون قيد أو شرط، فأولوية توسيع القاعدة لغرض انتخابي، تعتبر عنده أهم من مجهود التأطير الثقافي والفكري الذي يحتاج إلى وقت ومصاريف ووسائل مادية ومتطوعين مؤمنين بفكر الحزب وعمل نضالي عميق وطويل الأمد.
وهكذا وحتى لو لم نشأ أن نذهب في تتبع خاصية الالتقاط هاته عميقا وفي كل الاتجاهات فعلى الأقل ينبغي أن نذكر أن هناك اتجاه واضح للأحزاب المغربية الكبيرة، نحو فئة الأعيان وأصحاب المال ينشط في كل موسم انتخابي، لأنهم يشكلون ورقة رابحة في الانتخابات، ولكونهم يتمتعون في الأغلب الأعم بقاعدة شعبية موالية، ولأن استقطابهم وتزكيتهم لا يكلف الحزب ماديا من حيث تمويل الحملات الانتخابية، كما أنهم، وهذا هو الأهم، لا يلتحقون بالحزب لمزاحمة قادته على بعض المكاسب ولا تكون لديهم في الغالب أطماع في الترقي الداخلي أو نية في طلب الزعامة.
ومعلوم أن هذا السلوك الالتقاطي الذي تسمح به وضعية الحزب الوسطي لا يمكن أن يكون مستساغا، أخلاقيا، بالنسبة لحزب بهوية إيديولوجية محددة، وتقاليد تنظيمية، مما يدفع الأحزاب إلى التحول عمليا وعلى أرض الواقع إلى أحزاب وسط.

إذن بخلاصة سريعة نقول، إن ما سميناه موسم هجرة نحو الوسط، يمكن تفسيره، من خلال مقتربين اثنين:
ـ المقترب الانتخابي: ويكون بخضوع الأحزاب لهواجس انتخابية متعلقة بالرغبة في استقطاب أكبر عدد من الناخبين والانفتاح على مرشحين من فئات اجتماعية مختلفة.
ـ المقترب الانتسابي: ويكون بخضوع الأحزاب لهواجس التقرب والانتساب للمنظومة المعتدلة التي تملك دائما حظوظا للمشاركة في تدبير الشأن العام.




#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاجة إلى معارضة حزبية قوية
- ملاحظات على هامش انتخابات سبتمبر
- البذور المنتقاة لديمقراطية بوش
- الانتخابات والأمية بالمغرب: -إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب-( ...
- التعليم في المغرب: صانع السم لا يذوقه
- تعديل الدستور: نحو حكومات تحكم وتحاسَب
- السباق نحو تدبير الأزمة
- باتش وورك
- وعي العزوف السياسي
- زبانية الجنة
- الحكومة التي ننتظر
- الحملة الانتخابية: فعل ديمقراطي بأدوات تواصلية
- محاربة الفساد تبدأ من أعلى
- كَمَرَادْ عبد -العالي- الليبرالي ورفاقه
- في مواطنة الخم.. للدجاج أيضا حقوق(!).
- على تغييرها قدراء
- خيمياء التراكم: البطالة.. حل(!)
- الوسط المعتل والفعل الأجوف: عن التعددية الحزبية في المغرب
- مورفولوجية الرمز وخطاب التميمة
- كفايات التناظر التلفزيوني


المزيد.....




- شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري ...
- جنوب إفريقيا.. مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من على جسر
- هل إسرائيل قادرة على شن حرب ضد حزب الله اللبناني عقب اجتياح ...
- تغير المناخ يؤثر على سرعة دوران الأرض وقد يؤدي إلى تغير ضبط ...
- العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان مساعدة إنسانية عاجلة- لغزة ...
- زلزال بقوة 3.2 درجة شمالي الضفة الغربية
- بودولياك يؤكد في اعتراف مبطن ضلوع نظام كييف بالهجوم الإرهابي ...
- إعلام إسرائيلي: بعد 100 يوم من القتال في قطاع غزة لواء غولان ...
- صورة تظهر إغلاق مدخل مستوطنة كريات شمونة في شمال إسرائيل بال ...
- محكمة العدل الدولية: على إسرائيل -ضمان توفير مساعدة إنسانية ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - موسم الهجرة نحو الوسط