أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - الجنة وما أدراك ما الجنة















المزيد.....

الجنة وما أدراك ما الجنة


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2070 - 2007 / 10 / 16 - 11:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما عرف الإنسان الأفعال التي تفيد المجموعة البشرية حوله وأسماها "خير" والأفعال التي تضر أو تؤذي الغير وأسماها "شر"، كان لابد له من ابتكار وسيلة يشجع بها الآخرين على الإكثار من عمل الخير والابتعاد عن الشر، فاخترع الإنسان الأديان وجعل الآلهة مسؤولين عن ثواب من يفعل الخير وعقاب من يفعل الشر. ولكن لم يكن في مقدور الإنسان أن يجعل الثواب أو العقاب الإلهي سريع الحدوث لأنه لاحظ أن الذين يرتكبون الافعال الشريرة يهابهم الناس ويصبحون هم أصحاب الأمر والنهي، ولذلك كان لابد له من أن يفكر في عقاب في العالم الأخر أو الحياة الثانية بعد الموت. وظهرت في جميع الميثولوجيات الدينية القديمة فكرة عقاب الأشرار بحرقهم بالنار في واديٍ سحيق في العالم الأخر، ومكافأة المحسنين بإدخالهم حدائق جميلة مليئة بالفواكه واللحوم وكل ما لذ وطاب. وظهرت فكرة هذه الحدائق في الميثولوجيا الهندية والفارسية وتخيلوا هذه الحدائق بصورة الحدائق الملكية في المملكة الفارسية والتي كانت عبارة عن حدائق شاسعة ومسورة ومليئة بالحيوانات التي كان الملوك يصطادونها كنوع من التسلية. وقد جعلت الميثولوجيا الدينية الفارسية هذه الحدائق الإلهية في السماء وكانت تعرف ب Bihisht وتعني في اللغة الفارسية القديمة "الدنيا الأحسن" The Better Land. وجعلوا فيها Paries أي أرواح براقة جميلة لتأسر قلوب الرجال (Ibn Warraq: The Origins of the Koran, p 280)
ثم أخذت اليهودية هذه الفكرة وجعلت تلك الحديقة أو الجنة في عدن، وهي المكان الذي خُلق فيه آدم وحواء. وتقول الميثولوجيا اليهودية إن جنة عدن بها شجرة الخلود وشجرة العلم وبها أربعة أنهار، منها دجلة والفرات. وعندما جاء الإسلام لم يكتف بفكرة جنة عدن والأشجار والأنهار، فزاد عليها وجعل الجنة في السماء، وجعل عرضها السموات والأرض (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين) (آل عمران 133). وحتى يؤكد القرآن أهمية الجنة، لم يكتف بالمسارعة إليها بل طلب من المؤمنين أن يتسابقوا إليها، فقال (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنةِ عرضها كعرض السماء والأرض أُعدت للذين آمنوا بالله ورسله وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (الحديد 21). وتؤكد هذه الآية الأخيرة أن الجنة فضلٌ من الله يؤتيه من يشاء. وسوف نتحدث عن هذا الفضل لاحقاً.
وكما في اليهودية نجد في الإسلام أن الجنة موجودة فعلياً في الوقت الراهن لأن آدم قد خُلق في الجنة ثم أنزله الله منها عندما عصاه. والقرآن يؤكد ذلك بقوله "عرضها السموات والأرض". فالجنة أكبر من أن تكون في الأرض. ثم أن محمد عندما أُسري به إلى السماء ومر بالجنة سأل جبريل أن يريه الباب الذي سوف يدخل منه المسلمون (عن أبي هريرة قال قال رسول الله ( ص ) بينما جبريل يطوف بي أبواب الجنة قلت يا جبريل أرني الباب الذي تدخل منه أمتي قال فأرانيه) (البغدادي، تاريخ بغداد، ج3، ص 54). وقيل إن روح المؤمن عندما يموت تتعلق أشجار الجنة (روى عبد الله عن أبيه {الإمام أحمد بن حنبل} أنه قال قد روى عن رسول الله أنه قال نسمة المؤمن إذا مات طير تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه) (شذرات الذهب للدمشقي، ج2، ص 203). وكذلك عندما قُتل أصحاب بئر معونة في السنة الرابعة للهجرة، (قال أنس : فأنزل الله في الذين قتلوا ببئر معونة قرآناً قرأناه حتى نسخ [ بلغوا عنا قومنا إنا قد لقينا ربنا فرضى عنا و رضينا عنه ]) (السيرة النبوية لابن حبان، ص 98). وقال عنهم محمد إن أرواحهم صارت في طير أخضر يطير في الجنة. ولما قُتل جعفر بن أبي طالب في واقعة مؤته، قال محمد للمسلمين: استغفروا له فإنه دخل الجنة وهو يطير في الجنة بجناحين من ياقوت حيث يشاء من الجنة (تاريخ الإسلام للذهبي، ص 9).
فالجنة بالنسبة للمسلمين موجودة الآن وهي في السماء، وتتحدث مع الله (قال أنس بن مالك قال رسول الله خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده فقال لها تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون) (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن قيم الجوزية، ص 36). ولكن الآن تواجهنا مشكلة عويصة: وهي أن الجنة التي في السماء الآن، عرضها كعرض السموات والأرض مجتمعتين. وكل شيء مستطيل عرضه أقصر من طوله، فنستطيع أن نقول إن طولها يفوق طول السموات والأرض. والسماء، كما نعلم ماهي إلا فضاء لا متناهي تدور فيه النجوم والأفلاك والأرض. وما دام الفضاء أي السماء غير متناهي، فهو لا طول له ولا عرض. فأين إذاً هذه الجنة التي عرضها يفوق السموات والأرض؟
ولا غرو أننا نحتاج إلى جنة بهذه المقاييس لأن عبد الله بن قيس روى عن أبيه (قال قال رسول الله: إن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها ستون ميلاً، للعبد المؤمن أهلون فيطوف عليهم لا يرى بعضهم بعضاً) أخرجه البخاري (فتاوى النساء للشيخ متولي الشعراوي، ص 176). فإذاً الجنة مليئة بخيام من اللؤلؤ طول كل خيمة 60 ميلاً. فإذا قدّرنا أن عدد المؤمنين سوف يبلغ المليارات عندما تقوم القيامة، ولكل واحد خيمة، فالجنة لابد أن تكون أوسع من الأرض.
ونأتي الآن إلي مشكلة عويصة اختلف فيها الفقهاء، وما زالوا يختلفون، وهي: مَنْ الذي يدخل الجنة؟ ورغم أن السؤال في حد ذاته فيه نوع من التعدي على سلطات الله، لأنه يقول لنا في القرآن عندما تحدث عن الجنة (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) إلا أن الفقهاء أخذوا على عاتقهم تحديد الذين سوف يدخلون الجنة، والمغضوب عليهم والذين لن يشموا رائحتها. يقول ابن حزم الأندلسي في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنِحل) (وأما الجنة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ‏"‏ والحيوان، حاشا من ذكرنا، لا يقع عليهم اسم مسلمين لأن المسلم هو المتعبد بالإسلام والحيوان المذكور غير متعبد بشرع) (ص 65). فاليهود والنصارى لا مكان لهم في الجنة، وقد نفهم هذا لأنهم من ملة غير ملة المسلمين الذين يستحوذون على الحقيقة المطلقة، ولكننا لا نفهم كيف لا يدخل الحيوان الجنة والقرآن يقول (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً) (الإسراء 44). فلا بد أن الحيوان مشمول في "كل شيء" يسبح لله. ثم أن المؤمنين في الجنة لا يمكن أن يعيشوا على الفواكه والعسل واللبن والخمر، فلا بد لهم من لحم، ومن المنطقي أن يكون في الجنة حيوانات تجود لهم بهذا اللحم. ولكن ربما اعتمد الفقهاء على آية قي سورة الواقعة تقول عن طعام أهل الجنة (وفاكهة مما يتخيرون. ولحم طير مما يشتهون) (الآيات 20، 21). وربما تكون للفقهاء حجة هنا من أن الله ذكر لحم الطير ولم يذكر لحم الحيوان ولا السمك
وكان الرسول في حياته قد بشر عشرةً من القرشيين بالجنة، ثم لما هجم عليه القرشيون يوم أحد وهو في عدد قليل من أصحابه، قال َ: (( مَنْ يَرُدُّهمْ عَنَّا، وَلَهُ الجَنَّة )، أو ( هُوَ رفِيقى فى الجَنَّةِ )) (زاد المعاد لابن قيم الجوزية، ج3، ص 97). وكذلك شهد النبي لأبي سفيان بن حرب بالجنة بعد أن أسلم (ويقال: إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم حياءً منه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحبه، وشهد له بالجنَّة، وقال: ((أرْجُو أَنْ يَكُونَ خَلَفاً مِنْ حَمْزَة))، ولما حضرته الوفاةُ، قال: لا تَبْكُوا علىَّ، فواللهِ ما نطقتُ بخطيئة منذ أسلمتُ) (نفس المصدر، ص 217). وكذلك أخبرنا النبي أن الحسن والحسين سيدا شباب الجنة. فالنبي كان مخولاً أن يهب الجنة لمن يختار، ولكن أن يحدد الفقهاء مَنْ سوف يدخل الجنة، فأمر يأباه المنطق.
يقول هؤلاء الفقهاء إن دخول الجنة لا يعتمد على عمل الخير، رغم أن الميثولوجيات الدينية كلها تقول إن الجنة هي ثواب من يعمل خيراً. (إِنّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنّةِ حَتّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَها إِلاّ ذِرَاعٌ ثُمّ يَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النّارِ فَيَدْخُلُهَا، وإنّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النّارِ حَتّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاّ ذِرَاعٌ، ثمّ يَسْبِقُ عَلِيْهِ الكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنّةِ فَيَدْخُلُهَا". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.‏) (تحفة الأحوذي، كتاب القدر، حديث 1425).
ويقول الإمام جلال الدين السيوطي (وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك قال: إن الله أخرج من ظهر آدم يوم خلقه ذريته، ما يكون إلى يوم القيامة، فأخرجهم مثل الذر ثم قال {ألست بربكم قالوا بلى} قالت الملائكة: شهدنا. ثم قبض قبضة بيمينه فقال: هؤلاء في الجنة. ثم قبض قبضة أخرى فقال: هؤلاء في النار ولا أبالي.) فدخول الجنة عملية يانصيب نتائجها معروفة مسبقاً

أما ابن حزم الأندلسي فيزيد على القول السابق ويؤكد بالمنطق أن دخول الجنة هبة من الله ولا يعتمد على العمل الصالخ، فيقول (قال أبو محمد‏:‏ وأما قولهم أن دخول الجنة على وجه الجزاء على العمل أعلى درجة وأسنى رتبة من دخولها بالتفضل المجرد، فنقول لهم وبالله تعالى التوفيق هذا خطأ محض لأننا قد علمنا أن هذا الحكم إنما يقع بين الأكفاء والمتماثلين وأما الله فليس له كفواً أحد ومن كان عبداً لآخر فإن إقبال السيد عليه بالتفضل عليه المجرد والاختصاص والمحاباة أسنى له وأعلى وأشرف لرتبته وأرفع لدرجته من أن يعطيه شيئاً بمقدار ما يستحقه لخدمته ويستخبره إياه، هذا ما لا ينكره إلا معاند فكيف وليس لأحد على الله حق وحينئذ كل ما وهبه الله تعالى لأحد من أنبيائه وملائكته عليهم السلام وكل ما أخبر تعالى أنه أوجبه وكتبه على نفسه وجعله حقاً لعباده فكل ذلك تفضل مجرد من الله عز وجل) (الملل والنحل، ج2، ص 83). فدخول الجنة فضلٌ من الله لا علاقة له بالعمل الصالح.
ولما جاءت في القرآن الآية التي تقول (إن الذين يكنزون الذهب والفضة) سوف يدخلون النار وسوف يُحمى بالذهب والفضة وتكوى بهه جنوبهم، زاد الفقهاء عليها وقالوا إن الجنة لا يدخلها إلا الفقراء (قال محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبيه، قال: رأيتُ الجنة وأني دخلتها حبواً، ورأيتُ أنه لا يدخلها إلا الفقراء) (تاريخ الإسلام للذهبي، ص 149). فطوبى للفقراء. وهذا القول يشبه ما أتى به الإنجيل من أن الأغنياء لا يدخلون ملكوت الله حتى يدخل الجمل من سم الخياط. ولكن المشكلة هنا أن العشرة المبشرين بالجنة في حياة النبي، وقد كانوا معدمين، قد أصبحوا من أصحاب الملايين بعد موته، فكيف يدخلون الجنة وهم أغنياء؟ ثم أن عثمان بن عفان، ذلك الصحابي الثري، كان قد اشترى الجنة من رسول الله مرتين، كما يقول أبو هريرة (وعن أبي هريرة قال: اشترى عثمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة مرتين: يوم رومة، ويوم جيش العسرة) (نفس المصدر، ص 179). فالغني يمكنه أن يشتري الجنة. ثم أن أبا داود قد اشترى الجنة (أخرج ابن عبد البر بسند جيد عن أبي داود صاحب السنن إنه كان في سفينة فسمع عاطسا على الشط حمد الله، فاكترى قاربا بدرهم حتى جاء إلى العاطس {على الشط} فشمّته {قال له يرحمك الله} ثم رجع، فسئل عن ذلك فقال: لعله يكون مجاب الدعوة، فلما رقدوا سمعوا قائلا يقول: يا أهل السفينة إن أبا داود اشترى الجنة من الله بدرهم) (فتح الباري، شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، باب لا يُشمّت العاطس إذا لم يحمد الله). وما أرخص الجنة.

ثم أن هناك فصائل عديدة من المسلمين لن يدخلوا الجنة، كما جاء في الأثر: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) (صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب إثم القاطع). ويقول صاحب كتاب (الولاء والبراء في الإسلام، محمد بن سعيد القحطاني) (وصلة الرحم واجبة، وإن كانت لكافر، فله دينه وللواصل دينه وقياس النفقة على الميراث قياس فاسد، فإن الميراث مبناه على النصرة والموالاة بخلاف النفقة فإنها صلة ومواساة من حقوق القرابة. وقد جعل الله للقرابة حقاً – وإن كانت كافرة – فالكفر لا يسقط حقوقها في الدنيا) (ص 255). ولكن هذا الحديث قد يدخلنا في مشكلة عويصة إذ أن النبي إبراهيم قطع رحمه مع أبيه وقال له (بدت بيننا وبينكم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) فهل سوف يدخل إبراهيم الجنة وهو قاطع رحم؟ ويخبرنا أهل الحديث كذلك أن هناك عدة أحاديث عن النبي تقول لن يدخل الجنة من لا يأمنه جاره على أهله، ولا يدخلها مدمن خمر، ولا من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا المتبرجات من النساء. والنساء أصلاً ليس بينهن مبشرة بالجنة وقال عنهن الحديث (لا يدخل الجنة من النساء إلا مثل الغراب الأعصم) وهو نادر الوجود.
وهناك بونٌ شاسع بين الفقهاء في مصير الأطفال، وماذا يحدث لهم في الحنة إذا دخلوها. يقول الإمام جلال الدين السيوطي في كتاب (الإتقان في علوم القرآن) (روى عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمنين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏ {‏والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمانهم ألحقنا بهم ذرياتهم‏}). ويبدو أن العدل الإلهي لا يشمل أطفال الكفار رغم أنهم، كما يقول الفقهاء، رُفع عنهم القلم إلى حين البلوغ.
أما أطفال المسلمين الذين يدخلون الجنة فإنهم لا يكبرون بها، كما يقول الشخ متولي الشعراوي (إن الجنة لا ينمو فيها الإنسان كما ينمو في الدنيا، فلا ولدان أهلها ينمون ويكبرون، ولا الرجال ينمون، بل هؤلاء ولدان صغار لا يتغيرون، وهؤلاء أبناء ثلاث وثلاثين لا يتغيرون، فلو كان في الجنة ولادة لكان المولود ينمو ضرورةً حتى يصير رجلاً، ومعلوم أن من مات من الأطفال يُردّون أبناء ثلاث وثلاثين من غير نمو) (ص 189).
فماذا يفعل الأطفال وآباؤهم في الجنة، إذ أن الأمهات لا يدخلن الجنة إلا كالغراب الأعصم؟ فقد رأينا أن للرجل خيمة طولها 60 ميلاً وله ثنتان وسبعون حورية وربما زوجتان من أهل الأرض، وسراري كذلك. يقول الشيخ الشعراوي (قد روى الترمذي في جامعه من حديث أنس عن النبي (ص) قال: "يُعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع" قيل: يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال: "يُعطى قوة مائة". هذا حديث صحيح، فلعل من رواه يفضي إلى مائة عذراء رواه بالمعنى أو يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات والله أعلم) ((فتاوى النساء، ص 176). وعن الزهري أن ابن عباس قال: إنّ في الجنة نهراً يقال له البيدخ عليه قباب من ياقوت، تحته حور ناشئات. يقول أهل الجنة: إنطلقوا بنا إلى البيدخ، فيجيئون فيتصفحون تلك الجواري فإذا أعجبت رجلاً منهم جارية مس معصمها فتتبعه) (نفس المصدر، ص 177).
فما دام ليس هناك صلاة ولا صيام ولا تجارة ولا عمل في الجنة، فكيف يقضي هؤلاء الناس أيامهم، خاصة أن اليوم في الجنة ربما يساوي ألف سنة مما نحسب هنا. ثم أن الجنة ليس بها شمس وبالتالي ليس بها ليل ليسكنوا فيه. فلا بد أن حياتهم تتكون من خمر وجنس متواصل لأن الواحد منهم لديه قوة مائة رجل في الجماع. وإذا ملّ من أزواجه فيذهب مع أصدقائه إلى البيدر ليتفرج على الحوريات الناشئات ويمس معصم من تستهويه. وإني لأعجب لماذا يتهجم الشيوخ على بنات الهوى في بترينات أمستردام عندما يعرضن أجسادهن للمارة فيلمس أحدهم معصم من يريد ويدخل معها إلى غرفتها؟ ربما لأن أغلب الرجال أوربيين وكفار لا يجوز لهم ما يجوز للمسلم، أو ربما لأن البترينات ليست على نهر البيدخ وإنما على قتاة صغيرة في أمستردام؟ ولماذا يصلي المسلم ويصوم وهو يعرف أن دخول الجنة ليس بالعمل وإنما باليانصيب؟
هل يمكن أن يقبل عقل أي شخص محايد أن تكون الجنة وبهذه الأوصاف، شيئاً حقيقياً يستحق أن يُضحي المسلم بمتعة الحياة الدنيا من أجلها، وتستحق أن يُضحي شاب في مقتبل العمر بحياته من أجل أن يدخل تلك الجنة؟



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من لا يشك ليس إنساناً
- المال هو قلب الإسلام الحقيقي
- ماهو الوحي، ولمن يوحي الإله؟
- رمضان والتخبط في التشريع
- حوار الأديان وحوار الطرشان
- حرب الفتاوى تكشف زئبقية الإسلام
- التعذيب في الإسلام
- نزهة مع الصحابة
- لولا كلمةٌ سبقت
- الإسلام أكبر نكبة أصابت العرب
- رجال الدين يفسدون الدولة
- ما أبشعه من إله يذبح الأطفال
- أطباء خانوا مهنتهم
- البغض في الله
- عندما نقتال العقل من أجل النقل
- بلطجية الأزهر ورضاع الكبير
- فتاوى تحض على الجهل
- الإعجاز غير العلمي
- التجارة الرابحة والمسابقات الدائرية
- الأمل يتضاءل مع انتشار فضائيات السحر


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - الجنة وما أدراك ما الجنة