أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - ألمسألة الأساسية في الفلسفة















المزيد.....

ألمسألة الأساسية في الفلسفة


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 2067 - 2007 / 10 / 13 - 12:08
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


كي نفهم فهما صحيحا ما يدور من حولنا، في الطبيعة، والمجتمع، علينا أن نسترشد بنظام فكري علمي، في النظر الى الحياة، الى العالم ككل، والى مكاننا كأفراد وشعوب في هذا العالم. وأهمية وضع نظام فكري علمي نسترشد به، يلزمان الإنسان ليس فقط توضيح وفهم أسباب الأحداث الدائرة حولنا وحسب بل أيضا وهذا الأهم، لكي يحدد موقعه في العالم ويؤثر في هذه الأحداث بصورة فعالة إيجابية، مساهما نشيطا في النضال القومي ضد الاستغلال والاستعمار الجديد والهيمنة الأمريكية الرأسمالية، ومساهما نشيطا في النضال الطبقي على مستوى هذا المجتمع او ذاك وعلى المستوى العالمي.
فنحن من أجل أن نبني حياة جديدة بحاجة الى المعارف الفلسفية أيضا، بجانب المعارف العلمية الأخرى كحاجتنا الى الهواء والماء، ومن يدرس الفلسفة، يَنمِّ لديه فكرة البحث واستقلال الفكر، والاجتهاد وطرح التساؤل، ويصبح صاحب رؤيا واسعة وعميقة ومتمعنة في كل ما يدور في عالمنا المعاصر.
وليس عبثا أن كلمة "فلسفة" مترجمة عن اللغة اليونانية القديمة تعني حب الحكمة، حب المعرفة.
فالفلسفة هي العلم عن القوانين الأكثر شمولا لتطور الطبيعة والمجتمع، والتفكير البشري، الوعي الجماعي لهذا المجتمع أو ذاك.
ولكن الفلسفة لا تستطيع أن تستغني عن العلوم الأخرى، وهذه بدورها عن الفلسفة، فالعلاقة بين العلوم والفلسفة علاقة جدلية مترابطة، ولا تستطيع الفلسفة أن تـُكوّن نظرة تقدمية ثورية طليعية الى المجتمع والعالم إلا حين تعتمد في استنتاجاتها على منجزات العلوم الأخرى.
الفلسفة تعطي للناس مجموعة من نظرات معينة الى العالم، أي أنها تسلحهم بمفاهيم عنه، وهنا تكمن قوتها الهائلة.
ولكن النظرات والمواقف والمفاهيم عن العالم تختلف عند الأفراد ومختلف فئات وطبقات المجتمع فلدى البعض قد تكون علمية وتقدمية، ولدى البعض الآخر، من منطلق مصلحته في الحفاظ على الوضع القائم، منافية للعلم، بل ورجعيّة.
مثلا، لو أخذنا مسائل فلسفية مثل المسائل المتعلقة بمعنى الحياة، والسعادة والحرية وما الى ذلك، لوجدنا فهمها يختلف بالنسبة لمن يناضل في سبيل حرية وسعادة الشعوب، وبالنسبة لمن يضطهد الشعوب، فالمناضلون ضد الاستعمار والامبريالية يفهمون الحرية والسعادة بصورة مغايرة لفهم الامبرياليين والمستعمرين.
إن الفهم المختلف للمسائل الفلسفية يتوقف، قبل كل شيء، على الوضع الذي يشغله هؤلاء وأولئك الناس في الحياة وفي المجتمع. ففي المجتمع الذي تكون فيه طبقات وفئات اجتماعية مختلفة تتصارع فيما بينها، تكون النظرات الفلسفية، كما يبيّن التاريخ، مختلفة ايضا.
لذا يستحيل أن تكون في المجتمع الطبقي فلسفة واحدة، نظرة واحدة الى العالم بالنسبة للمظلومين والظالمين للمستـَعمِر والمـُستـَعمَر، للغني والفقير، للعامل وصاحب رأس المال، فالفلسفة لا تستطيع أن تكون محايدة، لأنها تدافع دوما عن مصالح الطبقات والفئات التي تخدمها وتدافع عنها، من هنا فأي فلسفة هي دائما طبقية، حزبية.
لذا كان على الدوام، في فلسفة كل عصر تاريخي، منذ أكثر من 2500 سنة، صراع بين الفلسفة المثالية والفلسفة المادية. فالمسألة الأساسية في الفلسفة هي الصلة التي تربط الظاهرات المادية والروحية (المثالية)، أي منها يسبق الآخر: الظاهرات المادية تسبق الروحية المثالية أم العكس؟ وبتعبير آخر، ما الذي ينبغي اعتباره الأولي!
العالم المادي والطبيعة، أم الوعي؟
هذا هو أحد جانبي المسألة الأساسية في كل فلسفة. أما الجانب الآخر في هذه المسألة فقوامه ما يلي: أيستطيع الإنسان معرفة العالم وتكوين تصور صحيح عنه، ام انه عاجز عن ذلك؟ ان الفلاسفة يجيبون بأشكال مختلفة على هذه المسألة الأساسية في الفلسفة. وتبعا لكيفيّة حلهم لهذه المسألة ينقسمون الى معسكرين كبيرين فالفلاسفة الذين يعترفون بأولوية العالم المادي، الطبيعة، ويعتبرون الوعي (الإدراك) ثانويا وناتجا عن الطبيعة يؤلفون المعسكر المادي في الفلسفة أما أولئك الذين يعتبرون الوعي هو الأولي وأن الطبيعة ثانوية ناتجة عن الوعي فيؤلفون المعسكر المثالي في الفلسفة. هذا هو الفرق الفعلي بين المادية والمثالية في الفلسفة.
اذًا المادية هي النقيض المباشر للمثالية، فالمثالية تسعى الى تفسير كل ظواهر الطبيعة، كل خواص المادة بهذه الخاصة أو تلك من خواص الروح.
أما المادية تفعل ذلك بالطريقة المضادة تماما. إنها تحاول أن تفسر الظواهر النفسية بهذه الخاصية أو تلك من خواص المادة وبهذا التنظيم أو ذاك للجسم الإنساني، أو للجسم الحيواني عامة .
وكل الفلاسفة الذين يرون ان المادة هي العامل الأول ينتمون الى معسكر الماديين. أما من يعتبرون العامل الأول هو الروح فهم مثاليون.
وتستقطب المادية المثالية أهم اتجاهات الفكر الفلسفي. صحيح أنـّه قد وجدت الى جانبها دائما تقريبا مذاهب ثنائية، مذاهب تعترف بالروح وبالمادة كجوهرين منفصلين ومستقلين. إلا أن الثنائية لم تكن قادرة أبدا على أن تجيب إجابة كافية عن السؤال الذي لا مفر منه: كيف يستطيع هذان الجوهران المنفصلان اللذان لا يشتركان في شيء أن يؤثرا على بعضهما البعض؟!
ولهذا مال أكثر المفكرين اتساقا وعمقا دائما الى الواحدية – (MONISM).
أي الى تفسير الظواهر بالإستناد الى مبدأ أساسي واحد ما، فكلمة monos تعني باليونانية "واحدي".
فكل مثالي منشق واحدي، شأنه شأن كل مادي متسق.
من هنا، هناك نهجان أساسيان في الفلسفة النهج المادي والنهج المثالي.
للمادية تاريخ طويل، ولكن مادية القدماء كانت تتصف بالسذاجة وعدم اعتمادها على العلوم الدقيقة، لأن هذه العلوم كانت في الحالة الجنينية.
وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر نشأ شكل جديد للمادية، المادية الميكانيكية حيث كانت علوم الميكانيكا انضج العلوم. وهذه المادية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، لم تستطع أن تتابع بشكل منطقي فكرة تطور العالم والترابط بين جميع ظواهره، أي أنها كانت كما يقول الفلاسفة ميتافيزيقة – جامدة غير متغيرة - .
وأخيرا كانت هذه المادية تأملية، لأنها لم تفهم دور نشاط الناس العملي والثوري التحويلي.
اما النظرية الفلسفية الماركسية تنظر الى العالم وهو في حالة من الحركة والتطور المستمرين في سياقهما تتوحد جميع الظواهر في ترابط فيما بينها من خلال تأثير جدلي متبادل.
وهذا يعني أن المادية في الفلسفة الماركسية متصلة إتصالا عضويا بالدياليكتيك (بالجدل، بالحركة) ولهذا أطلق على الفلسفة الماركسية بمجملها اسم المادية الدياليكتيكية.
فالمادية، كقاعدة عامة، هي فلسفة طبقات المجتمع الطليعية التقدمية.
فالفلسفة المادية هي نهج طليعي تقدمي وثوري في الفلسفة. ولكن في الفلسفة نهج او اتجاه آخر، وهو المثالية.
يرى المثاليون أن أساس العالم هو الروح، هو الفكرة. ويمتنع المثاليون منذ البداية عن تفسير الطبيعة والمادة، ويعتبرون الطبيعة والمادة س، من صنع الوعي الفكر والإله.
وتنقسم المثالية الى تيارين أساسيين: المثالية الذاتية والمثالية الموضوعية. فالمثاليون الذاتيون يعتبرون أن جميع الأشياء والظواهر في العالم الخارجي هي نتاج الوعي البشري. إن كل حكمة المثالية الذاتية تتلخص في قول أحدهم: "إن العالم كله هو مجموعة احاسيسي".
اما المثاليون الموضوعيون فيقولون بأن العالم المادي هو نتاج عقل كلي موجود خارج وعي الإنسان. ولكن أثبت العلم ان الوعي هو نتاج مادة بالغة شأنا رفيعا من التنظيم هي الدماغ.
من هنا فالمادية والمثالية هما نهجان اساسيان واتجاهان متضادان ومعسكران متناحران في الفلسفة.
من هنا فالمسألة الأساسية للفلسفة – أي الحد الفاصل بين المادية والمثالية، هو اختلافهما في حل مسألة علاقة المادة والوعي.
فمبدأ المادية الأساسي هو الاعتراف بأولية المادة وثانوية الوعي (أي أن المادة وجدت أولا ثم وجد الوعي).
وبالعكس فإن مبدأ المثالية الأساسي هو الاعتراف بأولية الوعي وثانوية المادة.
ولأن مسألة علاقة المادة والوعي ذات أهمية استثنائية في تحديد المواقف الفلسفية، فقد أطلق عليها اسم المسألة الأساسية للفلسفة.
فقط بامتلاكنا المعارف الفلسفية العلمية المادية نستطيع أن نذود بثقة عن مصالح شعوبنا وعن قضايا الحرية والسلام، في العالم، وبناء مملكة الحرية والسعادة على الأرض.

المراجع:

- ماركس إنجلز- مختارات.
- كارل ماركس ومذهبه- لينين.
- الناس العلم والمجتمع- فريق من المؤلفين.
- في تطور النظرة الواحدية الى التاريخ- بليخانوف.





#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألحزب الشيوعي والجبهة وتحدّيات المرحلة الراهنة
- ما أصعب أن يعيش الإنسان بدون حلم
- مداخلة في نقد الخطاب والفكر السلفي
- مداخلة حول رسالة الحزب الشيوعي التاريخية .
- مداخلة حول رسالة الحزب الشيوعي التاريخية
- ألعلاقة الجدلية بين الدمقراطية والرأسمالية
- أنصار الدولة الكهنوتية الاسلامية
- عملية السلام وبسيخوزا المجتمع الاسرائيلي
- دور اليسار في مكافحة هيمنة رأس المال
- البديل الإنساني الوحيد
- ألصهيونية المسيحية - دين في خدمة العنصرية ورأسمال
- ألثورة العلمية والتناقضات بين العمل والرأسمال
- حول الطائفية والعودة إلى السلفية
- علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي
- إمبراطورية الشر - من وجهة نظر ماركسية
- بعض ملامح مملكة الحرية - مجتمع المستقبل


المزيد.....




- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - ألمسألة الأساسية في الفلسفة