أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - منير شفيق - الإتجاه الليبرالي الثالث هل هو ممكن؟















المزيد.....

الإتجاه الليبرالي الثالث هل هو ممكن؟


منير شفيق

الحوار المتمدن-العدد: 636 - 2003 / 10 / 29 - 03:55
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



     الحياة     2003/10/26
الليبرالية بمعناها الحديث ولدت في العالم الرأسمالي الغربي، فهو محضنها ومركزها نظريةً وايديولوجية وممارسة واتجاهات سياسية ووطنية وتأثيراً خارجياً. فكان لا بد من ان تجد لها صدى أو تأثيراً، في المستعمرات لدى عدد من الحركات الوطنية التي حاولت هضمها بعد مواءمتها مع خصوصيات بلادها، خلافاً لما راح يفعل ليبراليو التسعينات من القرن العشرين. ومن هنا يمكن تسمية تلك الحالة التي عرفتها العشرينات والثلاثينات والاربعينات بـ"الليبرالية الوطنية" كما عبر عنها حزب الوفد في مصر، مثلاً، أو الحزب الوطني في سورية، وحزب المؤتمر في الهند وحركة صن يات صن في الصين، بل يمكن ان تجد أمثلة على هذا الاتجاه في كل المستعمرات أو شبه المستعمرات في حينه.

دخلت تلك الليبرالية الوطنية التي تعاملت مع الليبرالية بأصالة في صراع مع الاحزاب المحافظة المحلية التي كانت متحالفة مع الاستعمار وممثلة للاقطاع المعاصر والرأسمال التجاري المرتبط بالخارج. هذا وخاضت في الوقت نفسه صراعاً مع الاتجاهات اليسارية والقومية التي كانت تتهم تلك الليبرالية بالمساومة والتذبذب. فتارة اعتبرتها وطنية وتارة اخرى اتهمتها بإلقاء "أعلام النضال بعيداً في البحر". ثم يجب ان يشار ايضاً الى ظاهرتين اخريين. الأولى انفتاح الليبرالية الوطنية على الاسلام والتراث ودخولها في تحالفات مع الحركات الاسلامية التي يسميها ليبراليو اليوم "أصولية" أو "اسلاموية" (استخفافاً أو تحقيراً). فالعلاقة بين الوفد والاخوان المسلمين في مصر، أو بين غاندي والاتجاهات الاسلامية المعتدلة في الهند، مثلاً، والأمثلة كثيرة تشهد على ذلك.

اما الظاهرة الثانية فبروز اتجاهات فكرية ليبرالية ذات توجهات اشتراكية طوبوية - تدرجية - اصلاحية داخل الليبرالية الوطنية، تأثرت بالأحزاب الاشتراكية الأوروبية أو حزب العمال البريطاني، مثلاً جمعية العمال في فلسطين (سامي طه) ومدرسة سلامة موسى وشبلي شميل في مصر. وهذا على الضد من اتجاه أغلب ليبراليي التسعينات الماضية الذين رموا وراء ظهورهم كل حديث عن عدالة اجتماعية أو محاربة للاستغلال العالمي أو المحلي، واستسلموا للعولمة وحرية السوق والخصخصة. وراح أكثرهم تطرفاً يعالج المشاكل الاجتماعية (الفقر والبطالة والمرض والمجاعات والغلاء) والتخلف الاقتصادي بثقافة الانترنت و"مجتمع المعرفة".

وجاءت مرحلة الخمسينات والستينات والسبعينات الآفلة لتُقصي الليبرالية الوطنية والاصلاحية الاجتماعية من الساحة تماماً. وتحل مكانها أفكار الاشتراكية والماركسية - اللينينية في معركة تعزيز الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والاصلاح الزراعي والتأميمات و"الديموقراطية الموجهة" (كل ديموقراطية موجهة عملياً) المحكومة بتخطيط الدولة وقبضتها الحديد. واللافت ان الاتجاهات الاسلامية أُقصيت في الآن نفسه واعتُبرت "رجعية" كذلك. لكنها لم تطر شعاعاً كما حدث لاتجاهات الليبرالية الوطنية التي أُغلقت أبواب البيوت عليها أو تناثرت في المهاجر. بل استعادت الاتجاهات الاسلامية المعتدلة في الثمانينات رغم تأثير انتصار الثورة الاسلامية في ايران وانطلاقة ارهاصات الجهاد في لبنان وفلسطين وافغانستان وانتشار صــحوة اسلامية بين الجـماهير عموماً.

ثم هّلت التسعينات مع انهيار المعسكر السوفياتي وانحسار اليسار الشيوعي والجديد والوطني والقومي، والى جانبه بروز موضوعات عالم القطب الواحد، وانطلاق مقولات العولمة في الاقتصاد والثقافة والقيم "الكونية". وقد عبر عن ذلك بيل كلينتون وادارته وتوني بلير وحزب عماله الجديد. ومن هنا نبعت ليبرالية جديدة في العالم، وفي بلادنا العربية، كان من أهم سماتها الانفتاح على اميركا والصهيونية والحماسة للعولمة والقيم الكونية بما في ذلك التبشير المتعاطف بانتهاء سيادة الدولة الوطنية والتعاون مع حزب العمل الاسرائيلي وما انقلب على نفسه من احزاب اشتراكية وديموقراطية غربية راحت تصفّي المكاسب الاجتماعية التي حققتها "دولة الرفاه".

هذه المرتكزت دفعت اكثر الليبراليين الجدد الى شن حملات شعواء على كل ما كان يمت بصلة للوطنية والقومية والتحرر واليسارية والعدالة الاجتماعية من خلال هجوم غير متوازن على الملكية العامة والضمانات الاجتماعية والصحية والتعليمية من جهة، ولم تسلم الحركات المناهضة للعولمة في الغرب من الهزء بها من جهة اخرى. وهذا بالضرورة يفقدها صفة الوطنية (بالمعنى الحرفي للكلمة) التي تمتعت بها الليبرالية الوطنية لأن من منطلقاتها تسويغ استباحة السيادة الوطنية والاستقلال مع قبول التدخل في الشؤون الداخلية تحت ظاهرة العولمة وامتداداتها "الشرق أوسطية" الى جانب اقامة قطيعة عدائية كاملة (بناء جدار) مع الاسلام والحركات الاسلامية المعتدلة، وحتى مع الاكثر اعتدالاً وتغرباً وليبرالية، فضلاً عن القطيعة مع فكر التحرر الوطني والوحدة العربية ومحاولات التجديد اليسارية والوطنية والقومية. وبديهي أن هذا كله نتاج طبيعي لتبني مقولات العولمية و"القيم الكونية".

على أن الليبراليين الجدد راحوا يواجهون الآن أزمة بينهم (من دون وضعهم في سلة واحدة أصلاً) بعد مجيء إدارة بوش وما أظهرته من عدائية للديموقراطية والليبرالية الأميركية، ومن عدائية على العرب والمسلمين، وحتى على فرنسا والمانيا ورسيا والصين (العالم عموماً)، ومن استهتار وتهديم للقانون الدولي والمواثيق العالمية وهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها. بل ان تلك الادارة تخلت حتى عن "القيم الكونية" الكلينتونية - البليرية، وأعادت النظر في العولمة باتجاه وضعها تحت حكم عسكري للعالم. ثم تماهت مع شارون وسياساته، وأخيراً وليس آخراً، شنت العدوان على العراق واحتلته، واتبعت فيه سياسات نهبية وتدميرية يندى لها الجبين.

هذا الوضع فرض أن ينقسم الاتجاه الليبرالي الآنف الذكر إلى اتجاهين عامين، ليبدأ الحديث عن فرز داخله بين اتجاه يمالئ بشكل أو بآخر، سياسات بوش، واتجاه يأخذ منها موقفاً نقدياً مع حرص شديد على ألا يصب في مصلحة المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، أو الاتجاهات الإسلامية والقومية والوطنية واليسارية التي تُصر على أن تبقى القطيعة واياها عالية الجدران.

في كل الأحوال، يجب النظر إلى الاتجاه الثاني بايجابية. لأن الخطر الداهم آت من البوشية - الشارونية وممن يستدعون العدوان الأميركي، أو يرحبون به، من أجل إحداث "التغيير" في الأنظمة والمجتمعات العربية. وبهذا يكون عندنا الآن اتجاهان ليبراليان، كما عبرت عن ذلك مقالات عدة في "الحياة"، خلال بضعة الأشهر الماضية، لا سيما في الأسابيع القليلة الأخيرة نشرها هذا الملحق.

لكن السؤال: هل ثمة احتمال بأن تفرز الليبرالية الحالية اتجاهاً ثالثاً لا يقتصر على نقد سياسات بوش - شارون ليدخل في إطار ليبرالي يعارض استباحة الأوطان ليس في الحرب فحسب، وإنما أيضاً، في السياسة والاقتصاد والثقافة والقيم، ويرفض الهيمنة الأحادية على العالم والهيمنة الإسرائيلية التي طمح إليها، وما يزال شمعون بيريز من خلال مشروعه للتسوية والشرق أوسطية، كما يتخذ موقفاً نقدياً من العولمة منحازاً إلى اعتراضات بلدان العالم الثالث عليها والتي برزت بواكيرها في مؤتمري وزراء خارجية منظمة التجارة العالمية في الدوحة وكانكون، وعبرت عنها بصورة أقوى وأدق وأعمق، حركات ليبرالية ويسارية مناهضة للعولمة في الغرب وفي بلدان آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية من المشاركين في مؤتمر بورتو الليغري والمنتدى الاجتماعي الأوروبي؟

فبهذا يمكن تجديد الليبرالية الوطنية والاصلاحية لتعقد تواصلها مع سابقتها الآنفة الذكر، ومن ثم تجد مكاناً في طروحاتها للأصالة والاستقلالية والتراث، وللانفتاح على الحركات الإسلامية المعتدلة والوطنية واليسارية والقومية الديموقراطية.

 



#منير_شفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إدارة أميركية رهيبة... خارجياً وداخلياً
- فشل إملاءات الأغنياء
- أميركا والإستراتيجية الذاهبة الى الفشل
- أكثر من منهجين في التعاطي مع أميركا
- فشل أميركا وإطلاقها حملة من المواجهات البائسة
- بين دافوس وبورتو أليغري: كيف نقرأ المنتديين وآفاقهما؟
- فشل الإشتراكية لا يبرئ العولمة
- حجتان واهيتان لتأييد الحرب الأميركية
- أوهام ( الإقتصاد الجديد ) و ( التنمية البشرية )


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - منير شفيق - الإتجاه الليبرالي الثالث هل هو ممكن؟