أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - سينما سورية جديدة (4):















المزيد.....

سينما سورية جديدة (4):


بشار إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2068 - 2007 / 10 / 14 - 09:59
المحور: الادب والفن
    


مع قصي خولي، يمكنك فوراً الشعور بالألفة المحببة، وتبدو كأنك تعرفه شخصياً منذ سنوات، فهذا الفنان الشاب الأنيق، يتسرَّب إلى الروح كما نسمة رقيقة، بكل ما فيه من لطافة الحضور، وكلمة «يا غالي»، التي يكاد لا يكفّ عن تكرارها.
يستطيع قصي أن يدهشك بلياقته، بثقافته، بأحلامه، ومشاريعه، وطموحاته.. بصراحته، واعترافاته.. وبنبرة الحزن العالية، وهو يتحدث عن تجربة والده «عميد خولي»، أحد أعمدة الصحافة السورية الرسمية، طيلة أكثر من ربع قرن مضى.
حقق قصي خولي فيلمه الأول، تأليفاً وإخراجاً وإنتاجاً، عام 2005، بعنوان «سيناريو»، وهو فيلم روائي قصير (مدته 30 دقيقة). والفيلم ينتمي إلى ما نسميه السينما السورية الجديدة، أو «السينما المستقلة في سوريا»، شكلاً ومضموناً، وكانت له، على الأقل، مشاركة في بينالي السينما العربية في باريس 2006.
يقدم الفيلم صورة مؤسية لحالة العزلة والاغتراب التي يعيشها الشباب، من خلال الرحلة الأخيرة لكاتب سيناريو ناجح، يعيش القطيعة مع العالم، على الرغم من كل النجاح الذي يبدو أنه حققه!.. ربما تبدو الطفولة ببراءتها الباهية، والفتاة الجميلة بعذريتها الطافحة، آخر الخيوط التي كان يمكن أن تشدَّه إلى الحياة، ولكن الموت العبثي، إثر حادث غبي، يأتيه في لحظة فاجعة.
رحلة إلى الموت، يقطعها بطل الفيلم، الذي لن نعرف اسمه، على الرغم من أن فيروز ستغني في بداية الفيلم ونهايته، أغنيتها الشهيرة «أسامينا».. إنه من طراز «خرج ولم يعد»، دون أن نعرف الأسباب أو المبررات، ليصبح الفيلم نموذج حالة، لا تكلف نفسها عناء تقديم منطقها السردي، إلا عبر القليل جداً من الكلام، ومن خلال النظرات والتعبيرات والايماءات..
الكلّ في الفيلم ينادون بطلنا الصامت، أو يخاطبونه، بلقب «الأستاذ»، باستثناء الطفلين اللذين يناديانه «عمو»، و«خالو».. وطبعاً فإنه بحضور الصفات، وغياب الاسم، ثمة ما يضمره الفيلم في خطابه، على الرغم من الإشارات التي كان من الممكن أن تحمل دلالات محددة، كأن يكون بطل الفيلم كاتب سيناريو، أو لا يكون، ففي الحالتين لن يغيِّر هذا من الأمر شيئاً. إنها مأساة مثقف، كما هي مأساة شاب يبدو أنه يدخل الأربعين، وحيداً أعزلاً..
***
يقول الفنان قصي خولي: على الرغم من أن فيلم «سيناريو» يحمل توقيعي، إلا أنه في النهاية جاء نتيجة تعاون مجموعة من الأصدقاء والعاملين الفنيين، ممن شاركوني همّ إيجاد سينما خاصة، أو سينما سورية مستقلة، بعيداً عن المؤسسات الحكومية.. أعتقد أن إمكانية خلق سينما سورية خاصة، أو مستقلة، ممكنة، ومتوفرة، وهذا سيكون على عاتق الشباب.. وفي هذا السياق، علينا الانتباه إلى أن الدراما السورية في نجاحها، إنما قامت على جهود الشباب، فقد كان الأساس فيها الدم الجديد وروح الشباب. ونحن كشباب لدينا أفكارنا ومبادئنا التي نريد أن ندافع عنها، وأن نظهرها للعالم، ولقد رأينا عبر تجربة فيلم «سيناريو» أننا يمكن أن نفعل ذلك من خلال تحقيق أفلام سينمائية تحمل هذه الأفكار، وهذه الهموم.
وقصي بهذه الكلمات يكشف عن عدة أمور دفعة واحدة، ربما يكون أبرزها أنه وعلى الرغم من النجاحات التي حققها في الأعمال الدرامية التلفزيونية، إلا أن عينيه تنظران بلهفة للعمل في السينما، ليس ممثلاً فقط، وهذا ما تحقَّق له حتى الآن عبر فيلم «العشاق» مع المخرج حاتم علي، وفيلم «سبع دقائق إلى منتصف الليل» مع المخرج وليد حريب، بل كذلك مخرجاً، الأمر الذي حققه في «سيناريو»، وهو يطمح إلى تحقيق المزيد من الأفلام.
وإذ أسأل قصي خولي، قائلاً: يلفت نظري، أنك شاب في مقتبل العمر (مواليد 1976)؛ ناجح، ومتحقق كحالة فنية، فلماذا فكرت بهذه الطريقة القاسية التي ظهرت في فيلم «سيناريو»؟.. فإنه يجيب: أردت أن أقول إننا كشعب عربي عموماً، نعاني من القهر، والتعب، والمشاكل المستعصية.. نحن ممنوعون من الحرية اللائقة، ومن القدرة على التعبير بجرأة.. أتألم عندما أرى جيلاً من الشباب لا يستطيع تحقيق أحلامه.. وأتألم عندما أرى هدر الامكانيات المتوفرة.. عندما أنظر إلى والدي «عميد خولي»، الذي ساهم في بناء الصحافة السورية، والذي رهن حياته لخدمة البلد، من خلال العمل الصحفي، وحال النكران الذي يلاقيها الآن..
أسأله: ولكنك اخترت فناناً تشكيلياً لبطولة فيلمك السينمائي الأول، ولم تعتمد على ممثل محترف؟.. فيقول: «عيسى ديب» فنان نحات، ولقد اخترته لمجموعة عوامل، جعلته مناسباً لبطولة الفيلم، وأداء حالة الوحدة؛ حالة الكاتب الذي يعيش الاغتراب عن مجتمعه.. بصراحة ربما كان من المهم أن يكون معي في تجربتي الأولى، أحد أساتذتي، لكننا نعود مرة أخرى إلى موضوع الشاب الذي يريد أن يعمل مع أستاذ، فالأستاذ أكثر قدرة على إعطاء الملاحظة، من تلقيها.. وأنا خشيت أن لا أستطيع الحصول على أريده، نتيجة ملاحظات هنا، أو اعتراض هناك. لكن على الأقل، وفي التجربة الأولى، وكي تعطي وجهة نظرك في شيء تحب أن تعمله، ينبغي أن يكون معك أشخاص متعاونون، بالإضافة إلى أن الفنان عيسى ديب يتمتع إحساس عالٍ جداً، أي أنه لم يكن يمثِّل، كما أنه كان يتقبَّل الملاحظة، بطريقة رائعة.
وفي السؤال عن إدارة الممثلين، واختياره الاعتماد على لغة العين، والاستغناء ما أمكن عن الكلام أو الحوار، يوضح: أنا كنت أطالب وأصرُّ على هذا النوع من الأداء، الذي أراه يغني الفكرة بشكل كبير. لقد اعتمدت، بالتعاون مع الجميع، على مبدأ «تبسيط البساطة»، بمعنى أننا كلما كنا بسيطين أكثر، نكون حقيقيين أكثر.. وفي الحياة تستطيع أن تكتشف الكثير من خلال العين، وإذا ما كنت تتكلم بشيء، والعين تتكلم بشيء آخر، فسوف ينفضح فوراً.. هذه المسألة لها علاقة بإحساسي كممثل، وليس كمخرج. أنا أعطي الملاحظة، وأفترض نفسي كما لو أنني أمام الكاميرا، وليس خلفها..
***
في المشاهدة، وباكتمال الدائرة، وانغلاقها فيما بين مشهدي البداية والختام، نكون قد وقعنا على فيلم روائي قصير، (كان يمكن أن يكون طويلاً)، مشغول بعناية، على الرغم من بعض الهفوات المونتاجية، التي كان من الممكن ببساطة تلافيها وتجازوها، خاصة بالنسبة لمونتير وغرافيكي محترف، مثل إياد شهاب أحمد، أو أمام عين المخرج النابهة.
ويبدو أن المخرج قصي خولي أراد استثمار أكثر ما يمكنه من قدرات الكاميرا الديجيتال، وخياراتها التقنية والبصرية، وحاول جعل بعض تلك الإمكانيات أسلوبية فنية في فيلمه، كتثبيت الكادر، وسحب اللون، والتأثير الغرافيكي، على الرغم من أن عشوائية ما، أو أن شيئاً من عدم الانتظام الداخلي، بدا في اختيار بعض هذه اللقطات، وتثبيتها، لتدخل مخيلة البطل، وتنتمي إلى مخزونه البصري!..
لا يقلل هذا من جمالية الفيلم، وطزاجته، خاصة وأن التمثيل بدا في حالات جيدة، أبرزها ما استطاعت الفنانة الشابة تاج حيدر تحقيقه من انفعالات وتعبيرات عبر العينين، وملامح الوجه البالغة البراءة، وشيطنة معن عبد الحق، ولؤم مصطفى الخاني، ممزوجاً بصوت الرائعة فيروز، وموسيقى عصام الحبال، النابعة من قلب الحالة وعمقها، دون شذوذ، ومن خلال الصورة الجميلة، المتقنة، بتصوير يزن شربتجي، ومدير التصوير والإضاءة سامر الزيات.
فيلم «سيناريو»، وبمقدار مرارته وفجيعته، ينتصر للطفولة والبراءة.. للحب والإنسانية.. ويبشِّر بسينمائي شاب، لا يحتفظ لنفسه بأسرار أن في جعبته القادمة المزيد من الأفلام..



#بشار_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سينما سورية جديدة (1)
- سينما سورية جديدة (2):
- سينما سورية جديدة (3)
- العالم عالق بأسطورة بابل، أم بالحكاية..
- فئران سكورسيزي المُحاصرة.. هل تمنحه الأوسكار؟..
- المرأة الفلسطينية.. كتابة وصورة
- الفلسطيني بين الواقع والرمز
- تظاهرة الوردة للسينما العربية المستقلة
- عندما يصبح الانتظار لعبة الفلسطينيين
- العالم كما يراه بوش
- إياد الداوود في ضيافة البندقية
- أسئلة السينما العراقية المعاصرة
- المخرج محمد ملص في جديده: (باب المقام).. أين المشكلة؟..
- عندما يصبح ال «انتظار» لعبة الفلسطينيين
- سينما الأصوات الصامتة في سوريا
- جديد مجلة «الوردة»: وماذا لو فاق أبو زهدي؟..
- تعاونية عمان للأفلام.. سينما الشباب في الأردن
- الفلسطيني يحضر بموته.. رحيل المخرج مازن غطاس
- عدنان مدانات.. بحثاً عن السينما
- هموم شباب لبنان في صورته السينمائية


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشار إبراهيم - سينما سورية جديدة (4):