أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - استقلالية الثقافة!هل هي علاقة قوة أم طيه سلطة؟















المزيد.....

استقلالية الثقافة!هل هي علاقة قوة أم طيه سلطة؟


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 2065 - 2007 / 10 / 11 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-
منذ مدة ليست وجيزة وأنا أتابع، استنفار الكثير من المثقفين العرب ، يتحدثون عن استقلالية الثقافة أو المثقف غير الموجود! عكسا لكتابة صالح بشير في مقالته المعنونة-دعوة المثقف إلى الاستقلال أم دعوته إلى الوجود- والتي نبهني لقراءتها الصديق ياسين الحاج صالح من خلال بحثه-خواطر مرسلة في شأن السياسة والثقافة- على موقع الأوان! ولكن ألا يحق لأي مواطن حتى لو لم يكن مثقفا، أين هو هذا المواطن؟ حتى يبدي رأيه بما يكتبه مثقفون يسعون للهيمنة على فكره!؟ أقله يحاورهم في ما لا يمتلكه من معرفة أو من علاقة قوة! وهل يمكننا الحديث عن علاقة قوة مستقلة عن حقل ممارستها؟ هل استقلالية الثقافة يمكن لها أن توجد دون علاقة قوة؟ في المقالين المذكورين أعلاه هنالك مساحة تجمع، وهي حقيقية تماما، لا تحتمل اللبس مهما كانت اللغة محالة لاستدراج تقعرها المناور أحيانا والغني بالدلالات أغلب الأحيان! وهذه المساحة يحتلها السياسي بلا منازع! حديث ياسين عن دور الأحداث السياسية في بلدان أربع في صياغة موقفه، في مقاله الافتتاحي لهذا الحوار والذي كان عنوانه-في مديح الثقافة ودفاعا عن استقلالها- كما أن حديث صالح بشير في مقالته المذكور عن التجربة المصرية في ترك الثقافة للإخوان المسلمين من قبل السلطة المصرية! والتي فيها استنتاج ضمني: بأن هذا الأمر قد قررته السلطة المصرية! وهذا لا نوافق عليه ولكنه ليس موضوع نقاشنا الآن. و من الواضح أن ما كتبه صالح بشير لا يعدو كونه هجاء من العيار الثقيل لغياب المثقف. وهو محق في بحثه عن هذا المثقف الذي لم يوجد بعد. وبدءا هي ليست أحجية، بل هي تسميات لما لم نسمه بعد: أية ثقافة نطالب باستقلاليتها؟ وأي مثقف نريد له أو نريده أن ينوجد؟ وأن تستقل الثقافة عن السياسة في مجتمعاتنا، فهي تريد أن تستقل لصالح سياسة أخرى. وهذه الثقافة التي نريد لها الاستقلال، ما هي رموزها ومن أين تستقي تاريخيتها، وهل هنالك ثقافة ليست تاريخية؟ والقصد هنا بالتاريخية هي كيف تندرج هذه الدعوة وثقافتها في التاريخ الراهن وآنيته المعاصرة بكل قواها وتفاعلات هذه القوى؟ استقلال الثقافة عن منتجها أم عن ممولها؟ استقلالها عن السياسة أم عن السلطة السياسية؟ هل هذه الاستقلالية تتيحها مؤسسات حكومية قائمة في دول المنطقة أم مؤسسات غير حكومية؟ وأين هي هذه المؤسسات غير الحكومية أو أين هي تلك المؤسسات التي تتمتع هي نفسها بدرجة من الاستقلالية حتى تستطيع حمل مشروعا له عنوان مقالة ياسين( دفاعا عن استقلالية الثقافة) ولأن ياسين من بين قلة من المثقفين السوريين من خارج ذو الاختصاص كما أتابعهم! ولأنهم يحرجوننا بكونهم محاولة نريد لها النجاح، يحرجوننا بأنهم يريدون رمي السياسة خلف مثاقفتهم العميقة! إلا أنهم دوما يجدونها أمامهم ونجدها تهيئة- ربما مقدمات لسياسة أخرى- لم تتضح معالمها بعد! نجدها مبثوثة في طيات كتابتهم، تنز عن سطورهم: لهم موقف مما يحدث في العراق، وفي لبنان وفي فلسطين، وفي سورية بؤرة هذه المثاقفة نفسها. وندرة- البضاعة- كما سماها ياسين في إحدى مقالاته عن بيروت- الناتج عن نخبويتها الحقيقية! لا تعني أبدا قدرتها على أن تمس حقول الهيمنة في شارع منتهك حتى آخر خلاياه من سلطة لم تعد منتهكة، لشارع قائم! بل أصبحت هي البانية الوحيدة لهذا الشارع، وتعرف تماما أين نقاط ضعفه وأين نقاط قوته. وصديقنا ياسين يعرف بأننا لسنا في تونس! ولسنا في مصر! فما بالك أن نكون في باريس! واللوبي العربي فيها، ساكن بحرية لم يمسس بعد أقنومها القيمي في ممارساته! ربما يوما ما لو تسنى للصديق ياسين* زيارة هذه الباريس- كنموذج لعواصم الغرب- سيعرف أن السلطة التي يريد الاستقلال عنها هي متواجدة هنا ربما أكثر مما هي متواجدة في بلداننا! أليس من طول ليلنا تصبح باريس ولازالت مربط خيلنا!
* لأن ياسين ممنوع من السفر بقرار أمني نتمنى أن يزول هذا القرار بسرعة.
-2-
استقلالية الثقافة المتواجدة أم استقلالية الثقافة التي نريد؟ عبارة تحمل حدين من أخطر الحدود التي نعيشها حتى اللحظة! حد الاستقلال وحد الثقافة. معادلة طرفيها يشكلان أكبر حالة تعويم للمشهد السلطوي العربي! أليست هذه الدعوة لاستقلالية الثقافة هي بحد ذاتها دعوة سياسية بامتياز؟ يقول ياسين في بحثه الأخير: ففي النهاية، الثقافة هي تجاوز واستيعاب المعطى المباشر، أي الجزئي والعياني والمحسوس على مستوى المعرفة، والعملي والمباشر على مستوى السياسة (وكذلك الانفعال المباشر والتذوق الأول على المستوى الجمالي). الانحياز للثقافة اليوم ليس انسحابا من التاريخ، بل لعله يكون، وهو في مقصد كاتب هذه السطور، انخراطا أعمق فيه. ومن شأن الانخراط بقدر ما يعي ذاته أن يصنع أدوات تدخله ومثله العليا بدل أن ينتحلها أو يستهلكها جاهزة.
في ملمح فوكوي واضح يحاول ياسين الالتفات للتفاصيل- مبتعدا بهذه المسافة أو تلك عن البؤرة السياسية المباشرة للسلطة سواء كانت مشخصنة أو اعتبارية تمثيلية مجازا- حيث السلطة تكمن في وبالتفاصيل. الانخراط اليومي في متابعة عيانية للقبض على السلطة- سلطة الإظلام- متلبسة في ممارساتها داخل هذا المعاش، والمعاش هو التفاصيل. هذا الانغماس الذي يريد الحفاظ على قدرته على التنقل من حقل إلى آخر، ومن بؤرة مولدة للحدث الثقافي والسياسي إلى بؤرة مولدة للأفاهيم المطروحة في سوق التداول اللفظي- هل هو خارج حيز الممارسة السلطوية؟ ولماذا يتنقل أصلا؟ أليس من أجل الانخراط في صراع الهيمنات الجزئي؟ والجزئي مبعثر مشتت، لم يعد قادرا على الحركة خارج هياكل التعليم- المكيلنة وليس الكليانية- في العالم العربي! ومن هي هياكل التعليم؟ لهذا قلت: نحن لسنا في تونس! ولسنا في المغرب أو مصر حتى! نحن منغمسين في طين البلاد- كما قال الراحل سعدالله ونوس مرة! التفاصيل تجعلك أكثر قدرة على إبقاء المسافة بينك وبينها! لأنها ليست كلية الحضور. العقلانية الآن تقتضي إدراج السياسي، حتى أننا يمكننا بعدم الجزم بأن السياسي الآن محور ومحرر العقلانية من كل ما يحيطها من ظلامية. ولكن عن أي سياسي نتحدث؟ هل نتحدث عن السياسي الشعاراتي؟ أم عن السياسي الذي يناهض سلطة وهو راكب لموجة سلطة أخرى؟ أم عن السياسي الذي يحايث التثاقف ممارساته! في أي حقل يحط به رحاله المتنقلة؟ وهل نستطيع الحديث بنفس الدرجة عن استقلالية الثقافة في كل بلدان العالم العربي؟ هل يمكننا الحديث عن مثقف مستقل في سورية؟ كما نتحدث عن مثقف مستقل في المغرب؟
لهذا لن نتدخل في الدعوة التي يطلقها ياسين وصالح إلا من زاوية سوريتها! فيصبح عنوان المقال( دفاعا عن استقلالية الثقافة في سورية) هل يستوي هذا الأمر مع هذه الدعوة التي تحاول إظهار المسافة بين السياسي والثقافي وكأنها مسافة بين العقلاني واللاعقلاني. عندما نصر على أن السلطة تصادر السياسي فهذا لا يعني أنها لا تترك هوامشا للثقافي- لأنها أصلا تفتقر إلى القدرة على ملء هذا الفراغ! فهي ليست من رحم ثقافة شمولية! بل هي من رحم ثقافة هجينة تجمع في غالب الأحيان ما لا يجمع- الشفاهي مع الكتابي، الشمولي مع ما قبل المدني، أمثلة بات يؤسس لها الآن اقتصاديا حتى! بين سطوة بيروقراطية على الاقتصاد وبين نزوعات لبرلة لا تنتج ليبرالية ولا تنتج سوقا أصلا. الجامعات مراكز بحوث لإنتاج السطوة السياسية على آخر ما تبقى من استقلاليات ثانوية عن تلك السطوة. هل مثقفي صحيفة الأهرام المصرية مثل حال مثقفي صحيفة الثورة السورية؟ إن القول الذي أوردناه أعلاه لياسين يطالبه قبل أي شخص آخر أن يعتبر الدعوة لاستقلال الثقافة في سورية انخراطا أعمق في الراهن السوري- أليست هذه الدعوة هي جزئي وعياني ومحسوس؟ كيف يمكننا بالنهاية واستدراجا لعقلانيتنا المطموسة بهذا الظلام أن نحول هذه الدعوة إلى مؤسسة؟ ليس لديها من سلطة سوى سلطة النقد، التي تلاحق المعنى أينما ذهب وأينما تمظهر مخاتلا- علماني وإقصائي- و حربائيا في أحايين كثيرة- قومي وطائفي! هي أمثلة من تفاصيلنا المغيبة! التي لا نستطيع حتى هذه اللحظة سوى أن نتهجى حروفها في هذا الظلام الهستيري. كيف تستوي إذن الدعوة لاستقلال الثقافة في سورية؟
-3-
أن نعقل التفاصيل سوريا هي المهمة سواء كانت ثقافتنا مستقلة أم غير مستقلة! فاستقلال المثقف يعني فيما يعنيه تبعية ربما تكون جائرة أحيانا لذاتيته. كيف يندرج أقنوم الاستقلال لديه؟ هل يتحرك وفق معاييره الذاتية؟ أم أنه محمول على معيار موضوعي تتيحه مأسسة لاستقلاله هي غير موجودة أصلا لولا بعضا من رأفة تمارسها معنا سلط أخرى!



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤتمر الثاني لجبهة الخلاص الوطني-3-القضية الكوردية
- المؤتمر العام لجبهة الخلاص-2
- المؤتمر الثاني لجبهة الخلاص الوطني-برلين
- العلمانية ضد العلمانية-مساهمة في الحوار السوري
- سويسرا في القلب-3-
- سويسرا في القلب-2-
- سويسرا في القلب-1-
- آخر مشاكل الحكم العراقي- رغد صدام حسين
- إعلان دمشق وجبهة الخلاص والمطلب الديمقراطي السوري.
- اليزيديون والمسيحيون يدفعون الثمن وسنة السلطات وشيعتها يتحار ...
- ضد ودفاعا عن الاخوان المسلمين في سورية
- مؤتمر السلام المرتقب...مصداقية السياسة الأميركية
- منى واصف سوريانا سيدة الحب والانتقام والتاريخ
- الديمقراطية بين عنف الثقافة وعنف السلطة تنويعات 2
- الديمقراطية بين عنف الثقافة وعنف السلطة
- الإرهاب الإسلامي في العالم آخر معاقل السلطات الهجينة 3
- الإرهاب الإسلامي في العالم غزوات لندن الجزء الثاني
- الإسلام السياسي في العالم آخر معاقل السلطة الهجينة غزوات لند ...
- المعارضة السورية بين مشروع السلطة ومشروع الدولة
- زيارة كوسران إلى دمشق نصر إسرائيلي وأزمة 14آذار


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - استقلالية الثقافة!هل هي علاقة قوة أم طيه سلطة؟