أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عبد زيد - قراءات في المتن الابداعي الحلي















المزيد.....



قراءات في المتن الابداعي الحلي


عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 2068 - 2007 / 10 / 14 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


قراءات نقدية
(1)
مقاربة نقدية في السرد الروائي
((قراءة في ما وراء السرد ما وراء الرواية))
" الرؤية"
النص الثقافي نص تختزن إمكانياته يحتاج إلى من يعامله توصفه معطى ثقافيا قابلا للاستنطاق والتثاقف بعيدا عن المعاملة الإيديولوجية التي تخضعه للمسألة صدقا أو كذبا ، أنها نظرة وحادية . بالمقابل هناك نظرة تقوم على التحويل والاستثمار لمعطيات النفي ، وهذا ما نحن يصدده ، إلا وهو قراءة (ما وراء السرد ما وراء الرواية) فان نقد النص لا يقوم على ضرورة تطابق الكلام ومعناه أو القول ومقصوره أو المفهوم ومرجعه ، لان الأمر هنا يتعلق بتشكيل خطابي أو نسق علاماتي يمتلك كينونة بقدر ما يمارس مفاعيله (1).
فقد جاء خطابه النقدي في تناول موضوع هو وليد الطرح لما بعد الحداثة وهو السرد وفق الذائقة الإبداعية الجديدة إلا إن صاحب الكتاب يرى إن الحواريات التي دارت حول هذه المواضيع - والتي سبق له إن طرحها في فاضاءات ثقافية متنوعة - لم تحقق لها ما أراده الباحث ، ويعلل هذا إلى جدة الموضوعة التي جاءت بفعل منجز ما بعد الحداثة متمثلا بالكثير من النصوص ولعل أبرزها ما أحدثه (باختنين) (والمتمثل بالإزاحة (حوارية) مركزية الصوت / الفرد / النمط الواحد لصالح : تعددية الأصوات / اللغات الأساليب / المواقف – انعكاسا لمبدأ تعددية المراكز وأشكال الوعي بالعالم الروائي) وهذا هو استثمار لمفهوم الحوار / التناص وهو وليد التصدر الذي (يعني إن الرواية لا تهيمن عليها ألذات المبدعة بنصها الخاص كل الهيمنة ، فالذات تتنازل عن بعض حقها الوجودي الكامل لصالح نصوص ذوات أخرى) (2)، وهذا ما يؤكده الباحث بقوله :
وانحلت القعدة الهيكلية الناظمة السرد . وعوامل الإقفال و(الإحساس بالنهاية) لصالح النهايات المفتوحة / السطوح المتعددة ، وكل ذلك كانت من نتائج عنصر الصراع في التغير الاجناسي .
ثمة إحساس بالاختلاف بين ما قبل السرد وما بعد هذا الاختلاف يدركه الباحث ويدرك أيضا أسبابه القائمة على تجاوز لقواعد تم اقترافها نحو التعددية نحو فهم أكثر سعة وعمق (النص تعددي لا يعني هذا فحسب انه ينطوي على معان عدة ، وإنما إنه يحقق تعدد المعنى ذاته . إنه تعدد لا يؤول إلى أية وحدة ليس النص تواجد المعاني ، وإنما هو مجاز وانتقال بناء على ذلك فلا يمكن أن يخضع لتأويل حتى ولو كان حرا ، وإنما لتفجير وتشتيت ذلك إن تعددية النص لا تعود للالتباس محتوياته ، وإنما لما يمكن إن تطلق عليه التعدد المتناغم للدلائل التي يتكون منها) (3) .
بعد هذا التأكيد على التحول الذي حدث فان الباحث عباس عبد جاسم في تأكيده على ردود الفعل من بحثه لدى الجمهور يقودنا إلى مسألة الاعتراف والمعرفة فالاعتراف : بقوانين العقل والحفاظ على مصالحه . إما المعرفة فهي الإحالة بكل ما يصنع تاريخ الحقل من المشكلات والصراعات النظام والإمكانيات ، فضلا عن المعرفة العملية بمبادئ اللعبة وكيفية ................ .
ولذا فان العامل في حقل من الحقول لا يمكنه انتزاع المشروعية والانخراط في العمل والإنتاج بشكل فعال ، إذا لم يكن .......... بما يسميه (بورديو) (العرف) وهو منظومة الاستعدادات (4) .
فهذا البعد المعرفي لمشروع النقدي الذي يتعلق بما بعد الحداثة وما بعد السرد والرواية فيها المقاربة التي يحاول الأستاذ عباس "عبد جاسم" ان يرصد حداته السرد في الرواية العربية لهذا فهو يتناول الإطار النظري لمفهومي
اخذ:
ما وراء السرد (الميتافكش / السرفكش / الميتا – واقعية) .
تحديد العلاقة بين مفهومي ما وراء السرد / وما وراء الرواية بوصف الأول السرد أوسع دلالة من مصطلح الرواية .
تكاد الرؤية ترتكز جهود اغلب المشغلين بتحليل الخطاب السردي في حقوله الرؤية (vision) حيث أكد الكثير من الباحثين في مجال تناولهم للرؤية على الربط بين الرؤية السردية وطرق أداء المعنى ولعل هذا الطاغي في اغلب المناقشات الدائرة حول نظرية السرد في الوقت الحاضر(5) .
وهذا أيضا ما نجده عند الأستاذ عباس عبد جاسم (أنها كتابة تخطى حدود الجنس واختراق واقعية السرد عن طريق طرح الواقع بوصفه افتراضا أو احتمالا) (الخروج عن واقعية السرد – تقليدا روائيا ، وانفلاتا من اسر النوع والهوية ، وخاصة على مستوى التشظي ، وتعدد طبقات النص والتنافذ الاجناسي أحدث ارتباكا في الفضاء التداولي النقدي) ص28 . هذا يمثل تأسيس للتصور الجديد في مجال السرد الذي يمثل خروج عما هو سائد من قواعد التجنس (الغنائي ، الملحمي ، الدرامي) نحو النص الذي يختلف قواعده التي هي في نفس الوقت خروج على (دائرة حددت) أي القواعد المستقر سابقا بما يحدث قطيعة مع إشكال السرد القديم يشير إليها الناقد عباس عبد جاسم (الدخول الروائي في الرواية (ما فوق الرواية) / ما وراء السرد ، السرد النحتي أو الضمني)(6.
(نميل إلى استخدام (ما وراء السرد) بمعنى السرد الذي يعمل دالا على سرد آخر (هذا السرد الآخر) هو مدلول عليه)(7.
لهذا فالباحث يعمل على التجذير لهذا التحول بالعودة إلى العلوم لهذا فهو يتناول (ما وراء الواقعية ، البنى الموازية لواقعية الواقع) .
فالعودة إلى الخطاب العلمي الذي أوجد متغيرات في فهم الواقعية في ظل ظهور (الفلسفة الجديدة للفيزياء الكوانطية ، كانت الواقعية تتحول الى واقعية رياضية ، ثم تنحل الواقعية الرياضية الى نوع من الواقعة الاحتمالية الكوانطية .
انعكس هذا التغير في السرد (وهذه (الميتا – واقعية) تفسر كيف إن المتخيل يفترق عن الواقع بفعل المخيلة الى تتعداه)(8) ، تغير التقليد الواقعي في تمثيل الحياة وتغير معه منطق الرواية في تمثيل السرد ، إذا ثمة استجابة (حساسية جديدة في تخليق بنى متخيلة)(9).
ثم انه بعد هذا الربط بين الحدث العلمي والحدث السرد (المتخيل) يعود الى التأسيس ألمفهومي لمفاهيم التي يعتمدها في تأسيس الرؤية التي تتمحور في نقد الهوية إقرار تعددية النص ، نقد مركزية المؤلف .
انه يحاول رصد تلك الحقبة الأولى المؤلف / الواقعية الى حقبة النص / الخطاب / القارئ ، وهي حقب جديدة في نظريات الأدب والفكر تفتح باب القراءة انطلاقا من متغيرات جديدة قائمة (تقويض حتمية المعنى الأحادي حتى يتحقق للنص المعنى ألتعددي الاحتمالي ، أي بمعنى إن النص عمل مفتوح يمتلك سلطة جديدة خاصة به(10)
إن هذا التصور تصور ما بعد الحداثة الذي يجعل الكتابة تولد فجوة بين النص والمعنى الواحد مما يمنح الكتاب طبيعة ارجائية تجعل النص ليس له معنى واحد . فالاختلاف هنا (إنما هو اختلاف النص عن نفسه ولا يتم تصور هذا الاختلاف إلا في عملية إعادة القراءة وحدها)(11).
إلا انه يعتد طرح السؤال من رواية النص : أهي رواية (لغة) ام رواية (ذات) أم رواية (أفكار) أم رواية (لا رواية)(12) .
رواية الرواية / والمؤلف المنظور : حل المؤلف المنظور محل المؤلف الضمني ، مما ترتب على ذلك إعادة النظر بـ(وجهة النظر) في إمكانية طرح نظرية الرواية بوصفها رواية وقد شاعت هذه الطريقة بوصفها نزعة جديدة لكتابة رواية داخل رواية(13) ، فإذا كانت السردية تمثل بحث في ما يجعل القصة أو الرواية أدبا سرديا من خلال رواية سلسلة من الوقائع والإحداث بعد إقامة بعض العلائق بينها سواء كانت دلالية أو علاماتي . فانفتاح الرواية من خلال التحول بقوة نحو الاختلاف والمغايرة عبر (رواية النص) بوصفها (أكثر قدرة على الانفلات من الواقع ألوصفي والسردي ، بخلق السطوح المتعددة ، والطيات المخضبة وأكثر قدرة على التشظي والانتشار بإحالة نظام المردي الى جزئيات متشظية أو جمع هذه الجزئيات في بنية واحدة ذات مستويات متعددة من الدلالات .
الملاحظ إن الباحث هنا يعمل على تجاوز التصور السردي للنص (الخطاب القصصي) والحكاية (أي الملفوظ القصصي) نحو تصور للنص نجد إثره في الدلالية عند غريماس في كتابه (في المعنى) الذي يعتبر المعنى كتركيب للدلالات المشحونة في النص وترتيب أني ومنسق لمعاني الكلمات الواردة في سياق الخطاب فان الدلالة لا تستنبط من سطح النص فحسب وإنما يجب استجلاؤها انطلاقا من نظرة توليد ته للمعنى فان توليد المعنى ليس له معنى إلا إذا كان تغيير للمعنى الأصلي(14) وهكذا يغدو النص بوصفه خلقة ذات عناصر متحركة متغيرة في حدود الخطاب . وهو ذات المعنى الذي يشير له عباس عبد جاسم باستخدامه مفهوم (الطيات المخفية) وهو مفهوم تفكيكي حيث يغدو (الاختلاف هنا طريقة يتم بها إطلاق طاقة النص على صنع المعنى وتحرير هذه الطاقة تحريرا كاملا عن طريق عملية التكرار التي لا تتم فيها العودة الى نفس ألذات مدة أخرى ، وإنما الى مختلف الى الاختلاف)(15) فان ما نسميه نصا ، (سواء كان (أدبيا) أم (نفسيا) أم (انثروبولوجيا) أم أي نوع أخر من النصوص – هو لعبة الحضور وغياب ومكان لأثر ممحو)(16). فان هذه الثنائية وذلك الانفتاح على الأثر انه أيضا يتفتح على خلق جماليات النص (إن نقل المركزية من النص من الصوت الواحد الى التعددية الصوتية بوصفها من جماليات التلقي والاستجابة وإيذانا بانحسار دور المؤلف)(17) . وهذه الجمالية هي مرتبطة بالعلاقة بين النص والأثر (القراءة) إذ لا يمكن فهم الماضي (السردية ألماضيه بقواعدها) إلا انطلاقا من (الأثر النص الجديد / أو القراءة التي تفهم القديم في ضوء الحاضر بهذا يتجاوزه ، وبالتالي يذكر بكتاب سوزان سانتاغ (ضد التأويل) بتذويدها بالتناقض الموجود بين الأدب والتأويل التقليدي الذي يختزل المعنى الجماعي للعمل المفتوح ، إلى دلالة وجوده تدعي الموضوعية ، إلا أنها تستند وراء النص تاركة البنية الجمالية منفلتة منها بالضرورة)(18) وهذا ما انتبه إليه الباحث في تجاوزه لقراءات التقليدية في تأسيس رؤيته .
الهوامش:
(1) علي حرب ، هكذا اقرأ التفكيك ، ص138 .
(2) حميد الحمداني ، القراءة وتوليد الدلالة ، المركز الثقافي العربي ، ص25 .
(3) رولان بارت ، من الأثر الأدبي الى النص ، م/ الفكر العربي المعاصر ، ع37 بيروت ، حركة الإنماء القومي ، 1986 ، ص14 .
(4) علي حرب ، أصناف النظرية وأطياف الحرية ، ص12 .
(5) مارك سور ، في إشكال الحديثة ، ص15 .
(6) عباس عبد جاسم ،ما وراء السرد الروائي،دار الشؤون الثقافية،بغداد"1 ،2005، ص25.
(7) المرجع نفسه، ص25
(8) المرجع السابق، ص31-32
(9) المرجع السابق، ص32-33.
(10) المرجع السابق، ص38.
(11) حافظ ، الشعر والتحدي ، ص78.
(12) عباس عبد جاسم ،ما وراء السرد الروائي، ص41.
(13) المرجع نفسه، ص47-49.
(14). سمير المرزوقي ، مدخل الى نظرية القصة ، ص116-119 .
(15) صبري حافظ ، الشعر والتحدي ، ص79.
(16) جايترياسبيكال – صور در يدا ، المجلس الأعلى للثقافة ، ص79.
(17) عباس عبد جاسم ،ما وراء السرد الروائي ،ص49.
(18) هانز روبرت جوس، جمالية التلقي والتواصل الأدبي ، ، م / فكر عربي معاصر ع38 ، ص107.
(2)
مقاربة نقدية في السرد الروائي
((قراءة في ما وراء السرد ما وراء الرواية))
2-"ألممارسه"
مدخل: " الممارسة"فهي التجربة التي سبقت نصيا الرؤية رغم أنها تقدمة عليها؛ لان الممارسة كانت قد كتبت على شكل بحوث أو قدمة على شكل أوراق عمل في مؤتمرات بحثيه .والرؤية هنا جاءت في متن الكتاب متقدمه إلا أنها تريد وضع إطار تنظيري "لموت المؤلف"وظهور سلطة النص /أو القراءة جعل من اهتمام النقد اليوم بشخصية القارئ الحدث البارز في السنوات العشر الأخيرة؛ لكن هذا التغيير في توجه الدراسات الأدبية قد مهد له ظهور نظريات القراءة في السبعينيات. وتفترض جمالية التلقي، بتجاوزها لسوسيولوجيا الأدب، أن العمل الفني هو دائما عبارة عن معنى ممكن؛ فهو سؤال وليس جوابا؛ وترفض »معنى المؤلف«، وتقابله بالمعاني المختلفة التي يعطيها القراء لنفس العمل على مر الزمن.()ان موريل ،النقد من منظور القارئ،ترجمةإبراهيم أولحيـان،م /نزوه،ص
إن تقدم الممارسة جنبت الباحث دون إن يعي السقوط في جمود لان الإطار النظري لو تقدم لأصبح قيد يعيق اللعب الفكري أو التجريب في الممارسة ،وهذا لم يحصل رغم إن الباحث هنا يقدم كتابه متكون من رؤية ثم ممارسة بوصف الرؤية هي إطار الممارسة .
وقد تطرقنا إلى الرؤية إما ألان فنحن نحاول تناول الممارسة حيث نلمس بها شئ مخالف لما تقدمه الرؤية في وقت تؤكد الرؤية على نظرية القراءة أو سلطه النص وهذا يعني غياب القصديةالتي ممكن إن يفرضها المؤلف مما يبطل البحث الذي يقدمه على أساس أعادت بناء أفق القراءة عبر التأكيد على الفترة التاريخية والتناصات بين النصوص ثم التأويل الذي يقدمه القارئ اذيفسر اشتغال النص من خلال الدور الذي يلعبه المرسل إليه "القارئ" في تكونه، وأيضا في فهمه وفي تأويله؛ لأن الأدب يشّيد تواصلا مؤجلا بين كاتب ما وقراء ليسوا بالضرورة كلهم معاصرين بعضهم لبعض، ولا حاضرين جميعهم في المكان نفسه() المرجع السابق،ص.إلا إننا هنا نلمس أمرين :
الأول- إن الباحث عباس عبد جاسم كان المؤلف لديه واضح التأثير وله قصديه بل انه هو الذي قاد القارئ إلى ما وصل إليه من قراءة ،بمعنى إن القراءة كانت تقف عند ما صرح به النص /المؤلف وتحاول جعله ضمن أفق القراءة (إن التحليل التاويلي يفترض أولا إن ما في النص قد انفصل عن مؤلفه بمعنى إن قصده أصبح بعيداً حين أنجز نصه وأطلقه للقراءة)() حاتم الصكر ،البئر والعسل،دار الشؤون الثقافية العامة ،بغداد ،1992ص8،
أو تكون القراءة النقدية انقادت إلى هذا التصور بفعل استنطاقها النصوص أي فرض المقولات التنظيرية على النصوص(إن النصوص ليست خرساء لكي نستنطقها )(9) المرجع السابق، ص9لا يحيا العمل الأدبي إلا إذا قرئ، و»بدون عملية القراءة هذه ليس هناك سوى تخطيطات سوداء على الورق«، كما لاحظ ذلك سارتر في بداية كتابه »ما الأدب؟«؛ غير أن القراءة عملية صامتة لا تترك أثرا مكتوبا، إلا ما ندر. وكان سارتر ( فلا تهمه سوى العلاقة بين العمل والقراء؛ فهو يعطي الجمهور الأهمية التي يعطيها تين »للوسط«: »فالوسط قوة تضرب في الماضي؛ والجمهور بخلاف ذلك توقع، وفراغ يجب ملؤه، وتطلع، بالمعنى المجازي وبالمعنى الحقيقي«. إنه يسلم مبدئيا بأن فعالية التواصل تفسر العمل أكثر مما تفسره علاقته المحاكاتية مع العالم الخارجي )() إن موريل ،النقد من منظور القارئ، ص.
ونحن إميل إلى الافتراض الأول وهذا ما تؤكده المعاينة النصية : فالكتابة الروائية العراقية وفيها يتناول مجموعة من الأسماء : عبد الخالق ألركابي (سابع أيام الخالق) اعتمدت تقنية المؤلف المنظور ويمكن الاصطلاح عليها بـ(رواية الرواية) أي رواية داخل رواية ويخلق على هذه الرواية (رواية أطروحة) لأنها تطر الرواية بوصفها رواية .
نجد إن هذه الممارسة هي الأخرى خارج نطاق ألمقدمه التنظيرية لكونها كتبت قبلها وحاولت المقدمة احتوائها.ثم إننا نجد هناك في قراءتنا لأفق القراءة ألسابقه "عباس عبد جاسم"أنها قراءه تأثرت بتصريحات النص ألقصديه الصريحة والخصوص هيمنة المؤلف الذي يشير إليه القارئ في نصين مهمين هما:
- في صفحه (84) من الدراسة اشاره إلى المقطع التالي من الرواية (إلا يبدو الكتاب المفقود لعبة كبيرة أضع عليها ثقل الرواية)ص173 الرواية .
- وفي صفحة (85) من الدراسة اشاره إلى المقطع التالي من الرواية (قلت لنفسي ..سأكون مضطرا لكتابة روايتين في نص واحد )ص279 الرواية.
ثم ان المؤلف يمارس لعبة التلقي عبر إدخاله القراء في تشكيل النص بقوله في الدراسة صفحه (85) بالمقطع التالي المأخوذ من الرواية ( لكن الناس لا تروي الحكايات عبثا ،لابد من عبره أو قصد حين يحكونها لبعضهم سأروي لكم حكاية الكنز المفقود ،وعليكم إن تربطو بين الحكاية والكنز أو اربطوا الكنز بحكايات تخصكم)ص40 الرواية.
وهذا أفق النص الرواية يؤثر على القراء فتاتي إحكام القراءة بالتوصيف ( بان الرواية هي رواية في كتاب أو كتاب في رواية ..ثم يبحث عن صدق هذا هل الكتاب موجود ام متخيل ،وهذا يحاء المؤلف الذي يقود افق الناقد الى وصف الرواية بأنها "رواية الرواية" وبالتالي هي رواية ماوراء السرد.فالواقع ان السارد يمارس بقصديه بقصدية واعية فعالية السرد واختراق حدوده عبر إتباع طرائق متعدد لسرد ،مما يحول النص الروائي من السرد المعتاد إلى سرد يحقق فيه إشكالية جديدة وهمية ومقصودة .
اما رغوة السحاب والتي ذيلها الناقد "الصمت بوصفه قضية ما وراء قصصية" ان افق القراءة هنا يرتقي الى كشف تصريحان :
1- افق النص/المؤلف الذي ذكرتها الدراسة في الاتي:في الصفحة "91( احتفظ بمرجعية الهاتف جوهر القص الداخلي للحكايات الذي نقلت عبره)/ الرواية/14وفي الصفحة 93 (ماوراء الصورة يبدو غابة سوداء) الرواية/143. و( تنتابني في بعض الليالي رغبة أن العب لعبة:اعبث بأرقام الهاتف)الرواية/101. وفي الصفحة 90 ثمت تصريح مهم يظهر قصدية المؤلف وهميته داخل النص (في دليل الرواية أشار المؤلف إلى قصة كتبها "جان كوكتو "بعنوان (الصمت البشري)( ولم يجد ما يبدد عنه وحدته إلا إن يلجأ إلى الهاتف ) الرواية /90.
2-هكذا يظهر أفق المؤلف / النص وهو يضع أفاق العمل مؤثرا على القارئ في صياغة رؤيته النقدية عن خطاب الصمت الذي صرح به المؤلف /النص دون إن يعتمد على كشف المكونات الحقيقية من هذا التوهم المقصود من قبل المؤلف بل إن الناقد عمل على التأسيس للصمت بوصفه خطاب عبر ألعوده إلى مرجعيات إلى "ايرل .اي" بوصفه ضربا من المجاز في تميز النوع الجديد من الكتابة.ويعتمد على "بارت" في إشارته إلى الصور(مما يجعلها مرتبة قبل الكتابة بين الوثائق المرجعية لكتابة الصورة.)
3- النقد يظهر لنا إن النص الرواية اعتمد الشكل بوصفه بعد جمالي وإيديولوجي في نقد الحرب والموت ،وهذا ما غابة الاشاره إليه من قبل القراءة النقدية التي هي الأخرى تعرضت إلى الإقصاء لأنها اثنا ألكتابه ولم تستطع الإشارة الى هذا البعد المشفر داخل النص،وان الصمت /البوح مرتبط بثنائية الموت /الحرب.
ثانيا – إننا نلمس إن الإشكال ألتحديثي لدى أصحاب هذه النصوص منشبك بالخطاب السياسي والاجتماعي ،وهذا الأمر غاب تماما لدى الباحث بمعنى انه ركز على الجانب الجمالي وغاب عنه الأفق الاجتماعي –السياسي ،وهذه الثغرة قد تعود إلى الأفق الذي كتب به هذا النقد السردي (وتفترض عملية التواصل لكي تكون فعالة وجود أنساق مشتركة بين المؤلف وقرائه: أي نسق اللغة، وأيضا الأنساق الجمالية والإيديولوجية)() إن موريل ،النقد من منظور القارئ، ص
فهذه النصوص السردية مهمة جدا ومهمة قراءتنا هنا إن نتناول تلك الثغرات التي تفتح القراءة باتجاه المسكوت عنه في النصوص السردية أو النص النقدي الذي نحن في صدده ألان ، نحن نرى إن التحديث السردي والتغريب أو التخيل في النصوص يعود إلى أمرين هما:
الأفق الجمالي في الذي يمثل هذا الخطاب السردي الذي يمثل خطاب متكامل في النص السردي العراقي،وله تناصات غربية وعربيه على مستوى النص الإبداعي أو النقدي.
الأفق الاجتماعي /السياسي وهوة الأفق التاريخي حيث حاول هؤلاء الأدباء بوصفهم مثقفين إن يكون لهم دور نقدي في نقد المخيال بأنساقه السياسية والاجتماعية والدينية سواء بشكل حقيقي عبر التغريبي أو عبر الادعاء بامتلاكهم موقف نقدي .
ان الحديث عن السرد يعني الحديث عن الحداثة نظراً لما يمثله السرد من دور كبير في تشكيل الوعي فأن النظرية السردية تمثل أحدى المنجزات الحداثوية فهي أنجاز قد ظهر داخل الخطاب الحد اثوي الغربي ،ومن هنا يصبح الحديث عن السرد يعني الحديث عن ثلاثة مستويات هي:
الأول :النظرية السردية المعاصرة التي تبحث في مكونات البنية للخطاب السردي من راوي ومروي له ولما كانت بنية السرد تمثل نسيجاً قوماه تفاعل تلك المكونات أمكن التأكيدان السردية هي: العلم الذي يعنى بمظاهر الخطاب السردي أسلوبا وبناءاً ودلالة وهي على هذا تحوي وظائف الراوي ،بنية الوحدة الحكائية،وبنية الشخصية نسيج البنية السردية وهذه هي ملامح المعالجة السردية أسلوباً وبناء ودلالة.
الثاني: السرد والسلطة والتراث والمستقبل وفي هذا المضمار نلاحظ هناك قراءتان عبرهما يمكن تشيد قراءة فيها توظيف جديد للعلاقة بين السرد والسلطة ،ولهذه القراءات :
قراءة ادوارد سعيد : ففي كتابه " الثقافة والإمبريالية" نلاحظ انه يطرح مصطلح القراءة"الطباقية" في قراءة التراثات العالمية التي تكاد ترادف "الحوارية"لدى باختين وعنى بها التعددية والاختلاف المفضي إلى التلاؤم والنظام ونبذ الهيمنة فهو يقدم قراءة ذات إبعاد ثلاثة تاريخية وسياسية واجتماعية ما تنطوي على مفهوم أدبي إذا ما نظرنا إليه على أنه تاريخ الأنواع والجمالية وتحدياتها وقد تراكمت لتشكيل نظرية أدبية عبرا لعصور وبالتالي شكل ذاكرة النصوص الأدبية وتاريخ تلقيها الذي مثل (افق التلقي) بمصطلح غادمير ونظرية القراءة ،بما يتعلق بين بالايدولوجيا وما تمثله من انحيازا وصولاالى تشكيل حوارا متعدد أي التأكيد على العلاقة بين النصوص الادبية والاجتماعية عبر مفهوم "اجتماعية الادب"معبر عن سجال في النظم الاجتماعية والمعرفية وهذا يدخلنا في العلاقة بين السرد والتمثيل وكما يقول عبد الله ابراهيم :اذ كان لمفهوم التمثيل بالغ الاهمية في كشف تورط الرؤى في أعادت صوغ المرجعيات على وفق موقف نمطي ثابت .
قراءة بول ريكور عن السرد: إذ قدمت توصيف أخر عن العلاقة بين التراث، والمستقبل، والإيديولوجية، والسرد ،ونقد الميتافيزيقا، في عرضها لمفهومها عن انصهار الأفاق والسرد .
(3)
شعرية السرد
في الإقامة في الأسئلة
السرد والهوية :
شكل السرد جزءا أساسيا في حياة البشر وترك إثره العميق في الوجود الاجتماعي والإيديولوجي حيث عبر السرد اتم تقصد نظام القيم من أوامر ونواهي ومثل عليا للجماعة كانت تتلقى هذا عبر الحكايات الخرافية والنصوص القدسية والنظم المعرفية بنصوصها المعرفية والتي يتم خلالها بناء منظومة القيم التي تمنح الجماعة القدرة على البقاء ومقاومة المحيط العدائي والتي تتخذ من التعليم والتربية والتثاقف أنماط الاتصال التي تتسرب إلى كيان الفرد حتى تصبغ في النهاية شخصيته وتمنحه هويته الاجتماعية التي تتصف أنها عرضة لإعادة البناء نظرا لطبيعتها المائعة والمتغيرة ، وتقيم الهوية ذاتها عبر علاقتها بالمكان الذي يشكل شرط لها وشرط للخبرة الإنسانية لهذا فان العلاقة بين المكان والثقافة علاقة مهيمنة في بناء هوية الفرد والجماعة.
وتأتي هذه العلاقة بين السرد والهوية علاقة في نص الإقامة في الأسئلة للقاص حامد الهيتي، حيث الزمن الذي يغدو إنسانيا عبر ما يقدمه السارد من فعالية إفصاح تتخذ من العودة بعد تغريبة السرد الطويلة يعود ويكتشف ذاته "البطل محور الرغبة " الذي يحاول السارد من خلاله استخدام الزمن الذي تشظى بين زمن محبوب زمن البدايات البعيدة حيث شهد ظهور الجماعة الذي تعرف عليه عبر الحكايات والبدايات الأولى للبطل المعاشة التي يحاول أن يعيد سردها عبر التذكر وهذه الاستعارة ذات قصدية من السارد يحاول اعتمادها في تشكيل هوية يمنحها طابع الحقيقة التاريخية تاريخ معين تاريخ جماعة وبالمقابل يحاول أن يطرد من ذاته ذلك الماضي الحزين حيث الغرب عن المكان " الأسر " انه هنا يمارس عملية إعادة بناء للماضي يقلب فيه الماضي الحالم حيث بداية الجماعة البعيد وماضي الفرد الذي تشظى بين ماضي الطفولة وماضي الإحداث والحروب والأسر وهي تجتمع فتشكل صورة حزينة تشبع بالصور النمطية عن الأخر المختلف القديم والحاضر ، عبر ثنائية الاختلاف بين ألذات والآخر يتم بناء السرد الذي يحاول خلاله السارد أن يعيد بناء ذلك الماضي عبر رغبته بالتغير نحو الأحسن للذات والجماعة .
2- السرد وخرائط المكان وأفاق المستقبل :
فان السارد هنا يمارس بقصدية انتقاء ألاماكن بوصفها بقايا الماضي والتي يعتمدها في بناء الماضي ، فتعتمد الخرائط هنا في رسم تعرجات ألازمة التي تركت أثارها على بقايا المكان فهو يعمل على تصويره وكشف المرغوب به أو المراد التأسيس له في ذلك الماضي الباحث له عن تأثيث للمخيلة سعيا إلى بناء تمثلاث عنة تتجه صوب المستقبل .
فالنص له توظفين : الأول إيديولوجي مرتبط بالراهن السياسي والتاريخي وقت الكتابة وانطلاقا من النقد الذي تعرضت له الايدولوجيا فأننا نستبعده من أفق القراءة رغم إننا حاولنا الإشارة إليه .
أما الثاني فهو التخيلي وخط الشروع نحو المستقبل .
غربة عن المكان الذي يشهد ظهور الجماعة الصغيرة الهيتاويين داخل الجماعة الأكبر ( الحلة ) وبالتالي في بناء الهوية الأكبر العراق ( وهذا هو حال وطنه العريض عرض السماء .. العريق عراقة التاريخ والأرض والإنسان ) .
وبعد عودة البطل إلى المكان كان يرافقه شعور انه لا شيء قد تغير إلا انه سرعان ما يحفز الجدار الأبيض وكأنه شاشة تلفاز تعيد له الماضي عبر السرد التخيلي يقوم على استعادة الماضي بالأمة في ضوء جدل الحاضر عبر :
المعاناة الني تعيشها الذات ( الحياة بلا معنى لا تستحق أن تعاش ) .
إعطاء تصور يوتوبي إشراقي للماضي استعادة ابتولوجية اشراقية نحو المستقبل كل هذا يحدث عبر ثلاثية الماضي ( تراث الحرب ) الحاضر معاناة المستقبل الأمل بالانعتاق الصورة إلى سرد الأصل للجماعة يصفهم ( هم الذين شطروا قلوبهم إلى نصفين : فهم الشعراء البسطاء المعدمون ، الحالمون بالأمس وبرغيد الأيام آلاتية ، وهم قساة الأرض الذين تركوا قلوبهم معلقة بين السماء والألفة ) .
يقوم السرد المتخيل باستعادة الماضي عن طريق الإحالة التراجعية لأصول تاريخية حتى يفسر كيف جاءت تلك الجماعة إلى الوجود إلى الحلة ( الوطن السعيد في قلوبهم أجنحة بيضاء طاروا إليها ).
فالقصة مثلما تحول الماضي بوصفه استذكارا وتحويلا ، وإعادة تأويل للماضي هي كذلك تنطوي على بعد آخر إلا وهو الاستباق التخيلي للمستقبل إلى الإمام حيث تعبر تلك الجماعة عن طموحاتها المتحققة في عالم أفضل من عالمها الأول.
وكما يقول بول ريكور انه بدون نظرة تراجعية ( تذكرية ) تحرم الثقافة من ذاكرتها ومن دون نظرتها التطلعية تحرم من أحلامها فان السارد هنا يحاول استعادة لحظة التأسيس المتخيل للجماعة وغربتها عن المكان بالجماعة الأكبر الفضاء الذي يحقق اندماج الكل في هوية المكان.
(4)
جماليات المكان في نص "مكابدات زهرة اليقطين"
المكان ينقسم المكان إلى مكان خاص هو الحيز الذي يشغله الجسم والمكان المشترك وهو الحيز الذي تشغله جملة أجسام ويتصف المكان بأنه متجانس ومتصل وغير محدود ويتصف المكان من الوجهة الرياضية بأنة ذو ثلاثة إبعاد وان الإشكال الهندسية ذات طلائع ثابتة (1)
.ويصف ((كانت )المكان بوصفه مفهوما (بواسطة الحس الخارجي (وهو احد خصائص ذهننا)نتصور الموضوعات بوصفها خارجا عنا وبوصفها جميعا في مكان (2) والمكان التخيلي يكثف الوجود في حدود تتسم بالحماية وكما يسميه "ثروة الوجود المتخيل"هذه المنطقة التي تفتح على تاريخ سحيق ترتبط فيها الخيال بالذاكرة ،كل منها يعمق الأخر حين نستدعي هذه الذكريات فإننا نضيف إلى مخزون ذكرياتنا من الأحلام إن الإنسان يعلم غريزيا أن المكان المرتبط بوحدته مكان خلاق يحدث هذا حتى حين تختفي هذه ألاماكن من الحاضر، الواقع إننا هنا إمام وحدة الصورة مع الذاكرة في ذلك التأليف الوظيفي بين الخيال والذاكرة. (3)وهذا ما يظهر في ديوان ديوان (مكابدات زهرة اليقطين) ، الذي يتكون من ثلاث كلمات ، (المكابدات)توحي بحالة الترقب و الانتظار،والمعانات بوصفها تكابد تعاني من نقص ما أو حرمان يضفي على كيانها المتخيل ألمعانا الوجودية التي أخذا صوره بايلوجيه بدلالتها ألمباشره مع احتفاضها بالدلالة العميقة و كلمة (زهره) توحي بالحضور و والحياة التي ممكن أن تعانيها الزهرة التي تأخذ بعدا ترميزنا عبر رجوعها إلى ذالك العمق الدلالي للزهرة بوصفها رمزا إلى الخصب، أما كلمة (اليقطين) فهي قد تدل على واحده من النباتات التي جاء بها الباحث من اجل بعد استعاري وتلك المشابهة البايلوجيه بين الأنثى البشرية والزهرة من حيث عملية الإخصاب حيث التشابه الظاهري بين العمليتين حيث لهذه الزهرة وقت من اجل الإخصاب هو ما قبل الفجر إلى جانب التشابه بين الفعلين إذ تحوي تلك ألزهره على عضوي ذكري وأنثوي يقوم الفلاح بتلقيحها عبر الوصل بينتهما ، لكن بتعميق النظر و الحس ،فان الشاعر استعار هذه الزهرة من اجل بناء عالمه التخيلي في تخليق جو من المشاركة الإنسانية والوجدانية بين المتلقي والشاعر في المعزل في محنته الأبدية , في فراغ غير مؤسس من الناحية المكانية , فلا حوادث تجري لكي يضمها ذلك المكان ,يحاول الرجوع إلى الماضي متجاوزا الحاضر الذي بلا تاريخ لأنه , بلا حوادث وشهود , كما ولا فعل ولا بطولات ,لهذا نراه يعود إلى عالمه المستعاد تخليا ، والذي يصف حاله.
أغمض عيني
وافتح نافذة القلب
أومئ للأحلام المحبوسة
أن تبتدر الماء ص10
بذلك يكون الشاعر الشيخ علي ( اثر) ممتاز، حينما كان يقرأ صفحات الطبيعة باعتبارها (الواقعة الطبيعية / الذاكرة)، صفحة من كتاب كبير يشكل كتابا بصفحات لا نهاية لها، يمتزج فيها العالم في ألصوره الشعرية نموذجا للطبيعة في تشكلها الجمالي وتشكلها الوثائقي معا في وحدة شديدة الترابط والتنوع.عزلة ، تذكر و انتظار قصائد الديوان قائمة على يتيمتين : العزلة و الانتظار ، و هما ليسا منفصلين لأن كل عزلة هي انتظار و كل انتظار هو عزلة ، فتلك العزلة حتى لا تبدو فراغا فالشاعر يمارس فيها لعبة التذكر و استعادة ما مضى في غنائه.
في مبتدأ الليلة
في قيعاني الخرساء
تشتعل الأحزان
أحزان تمتد بعيداً
ميراث
احمله قهراً
أسرار أبي الخرساء وأمي
وغناء بنات القرية ص19
هي في الحقيقة محاولة تذكر واستعادة الآخر ، مما يحول تلك العزلة إلى انتظار ، انتظار الآخر الذي يحاول استعادته من جديد عبر المكان المتخيل المحبوب عبر الربط بين الذاكرة والتذكر اللذين تعودنا أن نربط بينهما وأن نعلقهما بنمط واحد للزمان هو نمط الماضي في أماكن الحقول ،النهر،البساتين، المقهى النهار/ العتمة ،السمر، والخوف ،والمجهول /الشرطي هذه ألاماكن المألوفة في الريف يحاول من خلال الصور أن يعرض البراءة والحياة والمضاد لها الموت والحقد الممسوخ الحراس المسعورين بعيونهم التي ترمي حقدا،رغم هذه الصور تبقى هناك مساحه للغزل والتخيل.
في أحداق القلب
تلف عباءتها السوداء
من أعلى
رأس الحب
حتى أخمص
دقات القلب
يشتعل الحب
فتغدوا كتلة ضوءص31
الإيقاع السرد والذاكرة: ثمة إيقاع يكس توتر وانفعال كان قد استثمراهما الشاعر في رسم أبعاد الإيقاع لما يورده من توصيفات كان لها قدر كبير من التعبير والتصوير والتأثير المعتمد على الوصف السردي لإحداث والانفعالات والمعالم الطبيعية (لان هذه القابلات الثنائية هي التي تساعدنا على إدراك التخلخل النفسي والتوتر العاطفي لمخزون التفاعل الحيوي للمشاعره الإنسانية وإحساس بالتجربة الشعرية)(4) إذ نلمس هذا الإيقاع السردي(انه إيقاع ينبع من ذات الفرد وهو يسترسل بوصف أو الحديث تبعاً لرغباته الخاصة)(5) ،وهذا واضح في فعالية السرد داخل قصيدة هلال الشيخ علي
يروى:
عن ماء النهر البني
الممتد إلى النخيل
أن امرأة
فاجأها العشق
لدى زهرة يقطين برية
ويروى:
عن نجم الصبح البلوري
ان الزهرة كانت
عند مصب النهر تخلع أردية الليل
وتنتظر الفجر البلوري
كي ترسم في مبسمه
صورتها ص42
أن الشاعر هنا يحاول استعادة حلم الشباب المتواري في الماضي ألا أن الرغبة تدفعه إلى استعادته جماليا حيث نلمس ذلك البعد العاطفي اتجاه الأخر الذي يعطيه استعارات طبيعية عبر الإيقاع السردي وكما يقول "هيدجر" عن الذاكرة:في البدء لم يكن لفظ ذاكرة ليعني القدرة على إحياء الذكرى واسترجاع الماضي«. إن ذلك اللفظ يحيل »إلى النفس بكاملها كاستيعاب باطني دائم لكل ما يخاطب الإحساس بكامله. الذاكرة في أصلها هي الحضرة بالقرب من ... هي أن نظل مشدودين إلى.. لا إلى الماضي وحده، وإنما إلى الحاضر، وكل ما سيأتي. إن ما مضى وما هو حاضر وما سيأتي، كل هذا يلتقي في وحدة الحضرة التي تتخذ كل مرة، طابعا خاصا.«في هاته الحضرة إذن لا يجثم علينا الماضي بكل ثقله، وإنما ينفجر اندفاع نحو المستقبل، أو لنقل إننا لا نحيي الماضي هنا إلا لنبتعد عنه. الحضرة إذن ليست حضورا وامتلاء وإحياء ووصلا واتصالا، وإنما هي كذلك، وربما أساسا، غياب وابتعاد وانفصال.ليست الذكرى فحسب مناسبة استرجاع وربط للصلة، وإنما هي كذلك مناسبة انفصال وتجديد للانفصال، إنها ليست مناسبة إحياء، وكل ما يضج بالحياة. في إشارة ذكية لمعنى الوجود، ، تغوص بعيدا عن الهم الحياتي المعاش، بل تخلق عالمها الميتافيزيقي وتسرح فيه.
وماذا بعد
مذكنا ... وكان الخطو
كنت أسير هذي الدروب
والمسرى ص3
في الليل الخرافي
الذي مازلت تقطع فيه
مذ كان المسير الصعب ص6
في هذه الإشارات المختزلة، يتوجب علينا أن نفتش عن معنى، فالطبيعة وحيواتها هي "مكابدات زهرة اليقطين "، لكنه هل يشكل وحدة مكانية فاضلة، تتعايش فيها الكل في مخيلة الشاعر الذي يحاول اسطرة الواقع عبر تداعيات مفعمة بالرغبة بمواصلة الوجد والتمسك بأهداب الحياة باتجاه المستقبل عبر فض الاشتباك مع الماضي، وما حدث هناك كان له اثر اليوم. وهذا واضح هنا لدى الشاعر الذي يحاول اسطرة البعد الواقعي للمكان عبر منحه طابعها أسطوريا يذكرنا بأساطير الخصب والنهر انكي حيث "دلمو" المكان المتخيل في ملتقى النهار
ويروى:
عن طين الأرض
ان الماء رآها عارية
فصفا
حتى أصبح مرآة ص43
فان المكان هنا هو انعكاس لذات وبعدها العاطفي وثر هذا على المكان في الوقت الذي يظهر في المكان بمعناه العلمي –العقلي متجانس متصل يصف مرسيا الياد(المكان الأسطوري) بعدم التجانس والانقطاع تظهر معالم الإيقاع السردي مع مراعاة البعد ألتضادي بين ماهو داخل المربع وبين ماهو خارجه حيث هناك تضاد بين الاثنان يمنح بنية الإيقاع دور بارز؛ إلى جانب مراعاة الشاعر إلى الإيقاع البياض عبر هندسة الأبيات الشعرية (يمكن أن نلاحظ تداخل العلاقة بين بنية المكان والزمن في البيت الشعري ،فهو عندما ينتهي ببياض قد ينتهي بوقفة عروضية وقد لاينتني،كما أن طول البيت وقصره ليسا موحدين في جميع الأبيات )(6)
لقد ساهم هذا الإيقاع داخل بنية المكان؛ فبدأت بالظهور في المشهد الخلفي لصوره مدنا كانت غارقة في بالخصب والطيبة قبل ذاك، فظهرت معالمها الآن، وهو ما فرض علاقات جديدة بين موجودات القصيدة، علاقات ذات طابع نفسي وشكلي معا فبدأت الصور المتخيلة تأخذ طابع المكان المؤسس وفق ذات الأسس التي تحكم المشهدية المتخيلة تحاول تأثيث الواقع الذي يحاول الشاعر أن يتناول من خلال تلك المشهدية الشعرية الغنائية.
وفي الحقل متسع للغناء
زفي الحقل
تترك كل النساء..
.. العباءات
يسفرن
هذه سنة الحقل
إذ تتفتح فيه الزهور
تتفتح فيه النساء
وتبدأ أغنية العاشقين ص64
وكأنما يحاول أن يحتفظ ببقايا نقاء الماضي المستعاد تخيليا بعيدا عن انثيالات الواقعتتصف الصور الشعرية لدى الشاعر هلال الشيخ علي بكونها مؤهلة للتمرد ضد فكرة وجود وبشكل يجعل وجود ذلك المشهد الريفي اختياراً اعتباطياً مكتظ بنزوع قوي للتوسع في اتجاهاتها الأربعة فقد تمتد أرضيته المرصوفة غالباً بالأزهار والفجر والحقول والأنهار ومواسم الخصب للأزهار والحصاد الممتد عميقا في أفعال البشر وأشكالهم ملامح وملابس وطقوس يوميه تتسم بالبراءة المفقود وجود ذلك الإطار الذي يكبح امتداداته بل أن الشاعر لا يكتفي بل انه يعرج على حدث مهم يبدو وكأنه هو الحدث الذي عكر ذالك الهدوء انه الحدث السياسي العنيف إلي أحدث ما حدث؟

عمانوئيل كانت ، نقد العقل المحض ، مركز الإنماء القومي ، ترجمة : موسى وهيبة ، بيروت ، (د0.ت) ، ص 60 – 61 .
باشلار ، جماليات المكان ، ص 69.
المرجع السابق،ص43-44-45 .
محمد صابر عبيد ،البنية أدلالية والبنية الإيقاعية،منشورات اتحاد الكتاب العرب ،دمشق،2001،ص14.
المرجع نفسه،ص42.
المرجع السابق،ص48.
هلال الشيخ علي،مكابدات زهرة اليقطين،الغسق،بابل،2002.
(5)
قراءة في ديوان (ايماءات بعيدة)
مقاربة نقدية
د0 عامر عبد زيد
لاشك ان الحديث عن الشعر يعني الحديث عن مفردات باتت من اهم مقومات التجربة الشعرية، ومنها الغموض ، الترميز، والاشتغال على اللغة حتى بات الشعر مطلبا صعب المنال ، يتطلب جهدا معرفيا وجماليا يصب في مجمل التجربة الشعرية، وفي ظل الحرية التي هي انبثاق الداخل صوب الخارج فهي ناتجة عن رغبة جامحة وخروج المكبوت من اللاوعي الى الوعي ، انه يتسرب الى ماهو مقصي ومغيب الى الخارج ، انطلاقا من الذات عبر اللغة ورمزيتها حيث تتماهى الذات مع اشياء الوجود لتعيد صياغة نفسها من جديد، عبر السياق اللغوي ذاته، ففي علم النفس تعني كلمة (صوره) اعادة انتاج عقلية ذكرى لتجربة عاطفية او ادراكية غابرة ليست بالضرورة بصرية().
ان تشكيل الصورة هو وليد نضج الاسلوب بوصفه تنشئة (نقل حالة ما او توتر داخلي تحدثه الانفعالات النفسية)().
فالصورة حتى تغدو شعرية بامتياز تعكس واقعا فنيا دلاليا – ايحائيا منتظما تحكمه بشكل متصل حركة منسابة داخل سياق عام متماسك ، وتغدو معه هذه الصورة جامعة مركزية تجتمع عندها خيوط القصيدة وتفرع منها الاغراض الدلالية فاتحة الافق للتلقي والتاويل بوصفها رسالة تحوي قصدية او شفرة تنم عن بنية .
والشاعرهنا ازاء اكراهات اجتماعية يحاول تجاوزها عبر اعتماده اللغة الرمزية، تلك اللغة التي تساهم في اشباع الرغبة عبر وهم اللغة كي توصل رسالة ، (غير ان الوهم ليس هو موضوع الرغبة ، انه مشهد ، وفي داخل الوهم ، في الواقع فان الذات لاترنو الى الموضوع او الى علامته ، انها تبرز هي نفسها ماخوذة ضمن تتابع الصور ، انها لاتمثل الموضوع المشتهى ، بل انها ممثلة كمشارك في المشهد من دون أن يكون من الممكن ان يخصص لها ، ضمن الاشكال الاكثر قربا من الوهم الاصلي )() .
وخليتني ضائعا في براري النزيف
ارمم عودي بكسرة خبز
لاختم هذا الخريف
وابدا من دهشة الامكنة
اكل الشوارع حولي تدور()
هذه الصورة التي تاخذ طابعا زمانيا يعتمد الرؤية التي تعبر عن تلك الرغبة المكابدة ، (بالامان) داخل عوالم تحفزها ويخترقها الزمن.
تقطر نول الزمان كما يشتهي العابرون
وتطوي قطاف الدروب البعيدة
في الليلة الغاضبة
انها ابسط امنية في ظل هذا التدحرج والخروقات التي تودي بكل ماحازته النفس بعد عذابات من امان في ليال محملة بالجحيم الهادروهي تطوي السكون باخر مميت.
الحرية رغبة كبيرة لا يمكن ان نحققها هنا عبر تلك الكراهات ، لهذا يميل التوهم الى خلق صوره الرمزية التي تستثير الرغبات المدفونة والاماني المكبوتة في تراب الأمس الذي يدفع الشاعر الى اعتماد الرمز التاريخي في هذه العلاقة بين افق الماضي (التراث) واستشراف المستقبل بافقه المجهول عبر اماني ورغبات وحاجات الآن . (تصبح الذات رائية بمعنى انها تخترق البينة الاجتماعية والثقافية والادبية المتخارجة منها ، وتتعالق مع عالمها الخاص ، ورؤيتها المستقبلية ضمن ثنائية الحرية / الابداع)(6).
الليلة ...
يركلني بحوافر خيل الزمن الاجرد
ويدوس بقية روحي المحترقة
لكني اطلع من شرنقتي ذئبا
فأرى المتنبي يصرخ في وجهي ..
(ومن عرف الأيام معرفتي بها من الناس روى رمحه غير راحم)
فأسير بموماتي محتربا
ونجومي تتدحرج قدامي
هذه الاستعارة التناصية مع المتنبي هي استثمار الماضي كقناع يتم فيه توظيف المرموز التاريخي لمصلحة الراهن في ابراز شموخ النص المعاصر وهو يوظف هذا التراث لمصلحة ذلك الاعتقاد بالفرج وايقاد جذوة الأمل داخل الذات ، حيث تبرز تلك العلاقة بالموروث بوصفه رأس مال رمزي وجمالي وقيمي عبر التفاعل مع الآن بعيدا عن التناسخ والشرح صوب التجاوز والاختلاف المفضي الى استشراف المستقبل . في كثافة الرؤية التي تختزل الماضي في ادراك فعالية التغيير بوصفها حقيقة الوجود .
مقاربة الشاعر والمتخيل السياسي : انه افق الارتحال نحو الذات هربا من افق الواقع وهمومه المتجسدة بالعلاقة بين السلطة واللغة والرغبة لدى الشاعر ، حيث تحرضه على الانشاد بعيدا عن سرب المرددين المنتجين للمخيال السياسي الرعوي الذي فرض على الواقع الاجتماعي – السياسي يمجد الفرد الاستثنائي ويطوع الرغبة عبر الصور الحماسية والتخييلية التي تحث المجتمع على استهلاكها لتسبغ الشرعية على ما هو قائم ، وبهذا تعاضد الشعري والافقي في معاصرة وعي المواطن والاجهاز عليه .
الشاعر هنا رهينة تلك الاكراهات التي جعلته يحاول التغريد بعيدا عن السرب عبر صوره الشعرية التي تشير برموزها عما تستبطن من وجع عبر اعتمادها الرمز والصورة واللغة والموروث والعوالم المتخيلة الداخلية (زمانا ومكانا) . ولعل هذا هو المخيال الابداعي الذي تولد في استجابة الذات المبدعة لهذه التحديات الخارجية وما تفرضه من اكراهات .
قالوا :
ما زالت للعشق بقايا
واصرح للعشق رؤوس
تصحو والحجاج يقلبها
وبقارب ليل منحوس
تقذفني لتخوم الموت الأزرق
تشعل في عيني الكابوس
كابوس المتنبي .. سقراط .. المعري .. الحلاج .. السياب ودعبل . ص68
هذا الكابوس الذي يعتمد في كشفه عبر اقنعة الحجاج ، دعبل ، هذا الاستثمار للموروث في العلاقة بين الشاعر / السلطة تغدو رهينة ذلك الموت الذي يشعل في عينيه تلك الاحجية من المخاوف لتغدو مكثفة اكثر وهي بمثابة رحلة صوفية مع ابن الفارض ، او تجديد ومعاناة مع السياب .
مقاربة فلسفية : ان النص الشعري هو دوامة فكرية – جمالية وهي بمثابة الفكر المكثف والعميق في رؤية نخبوية ، وهو الشعر بالمعنى الحديث المعبر عن السياحة الفكرية التي تتطلب عمقا ودراية وهما ثقافيا وحضاريا . ففي قصيدة (سبع قصائد) في المقطع المسمى (مسافة) حيث ثنائية الاختيار / المصير التي تبدأ صورتها عبر التساؤل .
ما الذي يصطفيك لهذا الطريق
لا المسافة لصق الخطى
لا المعابر تفضي الى شاطئ اخر
والمدى ابد
غير اني اجدف في موجه
كالغريق . ص16
هذه القصيدة تحاول الخوض في ذلك البعد التأملي في الوجود / المصير الموت تلك الدوامة التي تفتح افق الانسان صوب عوالم تخييلية ما ورائية غيبية يحاول الشاعر الخوض فيها عبر صوره بوصفها المدى الأبد المطلق . والصورة الأخيرة تبدو فيها الفكرة مكثفة (التجذيف / الموجة / الغريق) هذه المفردات كشفت الفعل الشعري ، وفي المقطع الثاني في التراب دثرته البدأ تكسر الزمن .
وهذه المعاني تغدو اكثر كثافة باجتماع النماء / والموت (الجفاف معا) .
يتدلى من خاصرة النبع الماء
ويولول في صدر الطائر عطش
الصحراء . ص13
هكذا تغدو الآلام هي بؤرة الصورة عند رغبة الحلم وضمن الملك الذي يكرس تلك الصور .
في الممر التقيتك
ليس لي غير حلم الرصيف
وناي يزنر في مبسمي
كالقصيدة . ص14
انه الخراب الذي يخترق الشاعر الى حيث التجديف في المجهول بآلية واقعية ، والتي تغدو اكثر قدرة على التكثيف في قصيدة (قطاف) .
الربابة دارت بنا من زمان
وعلى حائط من رميم البقايا
رأيت المدينة تبكي .. وفانوسها
جثة في الظلام . ص15
انظر كيف تكثف المعنى وتحول إلى مغزى واحد وهو مركز الفعل الشعري باجتماع هذه الدائرة التي اهتم بها بامتحان كل زواياها وهي مأخوذة بهذا الأمل وارتهان الذات بوصفها طوق نجاة داخل عوالم متخيلة تحيل إلى آفاق اجتماعية سياسية فلسفية وهي عوالم حاول الشاعر عبر الصور ترميمها داخل نصه الشعري
(6)
عوالم علاء مظلوم الشعرية
يمكننا الدخول إلى عوالم علاء مظلوم الشعرية والفكرية بصفة عامة ؛حيث أنني لا أستطيع أن أعتبره شاعرا فقط فهو كاتب مقال معرفي له درايه بتاريخ والفكر النقدي ومتذوق جيد للشعر والسرد وله رؤية عميقة بالدين والفكر القديم ولعل هذا يظهر بسهوله لمن يقرء نصوصه الشعرية فهيه سياحه فكرية غنية حيث يلمس مامنحها المظلوم من بهيجة من روحه .. التي تحوي حزن عميق الغرس في ذاته التي تظهر ملامحها في تلك التناصات مع نصوص التراث التي تظهر تصوراته للعلاقة بين الرجل /والمرأة والشاعر والسلطة ،والانسان والوجود، محاور صاغها في قصيده واحده رغم تنوعاتها الزمانيه والمكانيه وكاننا امام قصيده واحده ,نجد رؤيتة للعالم تنفتح وتعمق ؛لان تجربة الشاعر المفتوحة لاستقبال الواقع والوقائع في حسيتها او روحانيتها, في جملتها وتفصيلها, في سطوحها وأعماقها،تغني نصوصه بالدلالة.
تلك بقية عمر الماء
وفي ذاكرة الطين
يفر الندم
فلقد اغرق هذا الطين التيه
لان مرايا الافعى
شبق في ذاكرة الأنثى
ولان حماقة نار
تتعرى في جسد الماء ولان براس الأفعى ()(من قصيدة أين مرايا وجهي، جريدة ألجريده ،ع 243 في 17 تشرين الثاني 2005)
وهنا لا تكون اللغة وسيلة لمحاكاة الواقع, وانما هي وسيلة انتاجه فهذه الثنائي ألجامعه المرموز الأنثوي /الأفعى تعطي تاويلات متضاربة لها مضامين كثيرة فالشاعر تأول ذالك المروي التراث من الماضي والموقف من الأنثى التي كان لها تأثيرات عميقة في تصورات الكثيرين سلبا ويجابا وقد حول في هذه ألقصيده أن ينفتح على مرجعيات متنوعة دينية او أسطورية تذكرنا بحقل دلالي واسع من الصراع الأسطوري بين الخير والشر حيث تعامه/مردوخ الى الخطيئة الاولى حيث ادم وحواء الى قصة يوسف فانه يعيد عرض كل هذا عبر اشاراته المباشره او بالاستعارة عبر عرض التفاحة او الشبق/الافعى اة القميص كلها مرموزات تحيلنا الى ذاك الموروث البعيد او القريب حيث نلمس في كل هذه الاستعارات معانات عميقة الجذور مع الاخر /الانثى عبر عنه باستعارات توحي بدرايته،ومعاناته اذ يقول :.
تنشق عيون الذئب
خبزتأكل منها الطير
وخمرا يعصر
في ذاكرة السجن
ميهرع في القصر الى قميص
ينهض من صندوق الأموات
ويقاسمه الجب قميصا
دثره طيف الماء
فألقيتعيون زليخا () القصيده نفسها
ان الشاعر هنا امام تناص مع قصة يوسف ومعاناته داخل السجن
انا اما معانات الشاعر الذي صرح بها في مقدمة القصيده بقوله :
أين مرايا وجهي؟
سقطت في النار عيوني
يغتسل الما..
وتخرج من تابوت الماء
عيوني
وعلى شجر التفاح
مرايا وجهي
ان الشاعر هنا في استعاراته يصرح بما يعانيه عبر تقمصه لكل المعانات التي عاناه الرجال مع الانثى ،في ذالك الصراع الابدي.ولعل هذا يذكرنا بماكتبه " جوزيف جلانفيل"، وهو واحد من كبار مؤسسي الجمعية الملكية في لندن، يقول، " مازالت المرأة فينا تواصل الخداع، مثلما بدأت خديعتها في الفردوس، واقترنت حواء في أذهاننا بالقضاء المبرم بوصفها أرومة بؤسنا بأسره"
والشاعر ايضا حر في طرقة تفكيره الذي يعكس اكيد رؤيته الاخر
وكما يقول" ساد":يقينا أنه أحمق بائس ذلك الذي يتبنى منوالا للتفكير من أجل الآخرين. إن أسلوب تفكيري ينبع مباشرة من تأملاتي.. إنه يحتوي وجودي؛ الطريقة التي خُلقت بها.() عبدالقادر الجنابي، عالم دُساد لا شيء سوى اللذة،موقع ايلاف/ثقلفات.في 2006 الثلائاء 12 سبتمبر
وهذا منجده عند علاء مظلوم ؛
والشاعر والسلطة :الاانا نراه في قصيده اخرى هي(مرآة الأفكار) يقوم بعرض معانات من نوع اخر فان المحرمات لم يعد لها قدرة الاسكات, والبنى المهيمنه الكابته لم تعد سدا غير قابل للاختراق الفني وهذا مانجده في قصيدة المظلوم الذي تمكن من استحضار المسكوت عنه , ولهذا ولم يجد أمامه من سبيل للتلقي لتك الثيمات, الا التعامل مع الترميز والتناصات ,من اجل الاشاره الى الواقع فيرد وقائع الإبداع إلى وقائع العالم المتخيل التي تكشف تدرايته المعرفيه, والتي لو تأملها لربما قادته إلى إزاحة ذالك الراسب الكآبة المشاعر والافكار والذي شكل بنيتنا الاشعورية القائمة على الكبة والإزاحة والتأويل والنقلة من اجل القول والفعل انها بنية غرستها السلطات القامعة بمختفل انواعها جعلة الشاعر يسير في حقول الغام موجوده او متخيلة
في "خطابات هامات"انها فنطازية تحاول ان تخترق البعد التداولي للغة بوصفها لغة توصل الى لغة تقدم تناصات كثيرة (إذ تتخطى لغة الاتصال ما بين البشر إلى لغة الاتصال مع العالم, ويعني ذلك إدراك الموقع النسبي للأرض في العالم).
اذ نجدها ؛وقد تحول الكائن/الشاعر الى حدث/واقعة يكتنفها التحول المستمر وتحيط ذاتها بالالتباس والتكوثر عبر صور مستعارة تتعدد وتتشضى وجودياً وترتحل عبر فضاءات داخل الوجود المتخيل شعرياً.
يمطر في وجهي
قلقاً يكتب إعلان
تنزف الأرض على
الجدران
يا دمي....
نافورة تابوت
يذرع وجه الله
بانجيل القربان
جسدي يتعرى
حين أمر بثقب الإبرة. (خطابات)
انه يمارس التبدل في الإحالة صوب مجاوزتها حتى لتبدو لعبة من الإزاحة لكشف واختراق أوهام تلك الانطولوجيا / بوثوقيتها بين الدال/ والمدلول ،انه يحيلها عبر البلاغة إلى عدم عبر الهدم وتأجيل المعنى والى صهر دائم .
الحرب
خمراً من جسد الإنسان
وعلى دكات الغسل
يسافر في الماء
نزف الطوفان. (خطابات)
أن ذلك الانزياح التناصي للمدلولات يتحول الى انزياح مجودي يحاول ان يسخر من كل تلك القنا عات ............ التي تصهر الأجساد ،في محارق الموت تحت ذرائع شتى الان الشاعر لاينظر الى الصور المباشرة بل يحاول عبر صوره نقد المخيالات الدوغمائية التي اخترقت هذه الواقع واللا واقع و(المكان واللا مكان) و(الزمان واللازمان), و(المعلوم والمجهول) و(الممكن والمحال),وعادة تأسيس الكل في بوتقتها .وفي هذا يميز أدونيس بين ما يمكننا تسميته بالرمز التعبيري والرمز الديناميكي. فالرمز التعبيري حتى في شكله الرومانتيكي رمز نازل يفك فيه التمثيل الرمزي نفسه وينحدر إلينا من حقيقة سابقة وعليا في حين أن الرمز الديناميكي يتخطى الفاصل ما بين > (الأفكار) و> (الصعيد المادي)
وكلها دوائر تستعصي على التلقي الساذج, بل تحتاج إلى متلق يمتلك طاقة إدراكية موازية وهذا ما يظهر لنا في قراءة نص المظلوم انه يسطح تلك الدلالة حتى لا يبقى من الوهم سوى الماء المنسكب ،ونزف الطوفان الذي اغرق الارض بلا جدوى يستعيده في محاربة طواحين الموت تلك.
أين خلاص الطين ؟
وهذا رب
يأتي بصليب
يغسل وجه الأرض
من الأخطاء
يا ارض النخلة
هل شجر أنت من
الصلبان؟ (خطابات).
هذه الكلمة (الصلبان؟ ) تحيل على الواقع و على الخيال في نفس الآن ، أي نفس الكلمة يستعملها استعمالا حقيقيا و استعمالا مجازيا في سياق واحد في وصف التراجيديا العراقية انها كلمات نورانه كما وصفها السهروردي (قال: "اعلم أني لي كلمات هي جزء من كلمته النورانية، بعضُها يقع فوق بعض، حتى اكتمال العدد(." .
.فهذه الكلمة وهذا التسأل يحيلنا إلى تلك الأوصاف التي ساقها الشاعر عن قناع المسيح والولادة والصلب عبر رمز النخلة/ الصليب حيث التوازي بين الحياة والموت معاً هذه هي الكلمات النورانية في اضائة التراجيديا العراقيه هل اكتمل العدد؟ نعم هذا مايظهر في توصيف هذه الانسان العراقي الذي احاطه القدر بهذه المزاوجه بين الموت والحياة الا ان الموت يذكرنا بصخرة سيزيت التي يحملها العراقي اليوم من اجل مواصلة الحياة التي استحالة الى صلبان ؟..........................



#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد النقد ام نقد تهافتي؟
- أخلاق الطاعة في ظل مهيمنة الدولة
- المخيال السياسي في الآداب السلطانية
- الموت في الفكر المصري القديم
- قراءة في رسالة شفرة دافنش
- حوار مع ثلاثة فنانين
- الموت غدا رائجا
- الوجودية في الفكر الفلسفي المعاصر
- النص الرشدي في القراءة الفلسفية العربية المعاصرة
- القراءة الابستمولوجيه لتراث ابن رشدعند محمد عابد الجابري
- المثقف بين خانقي التخوين والتهميش
- ظاهرة القراءه ورهانا الوعي
- الفرد وروح التعايش والأمل
- الكتاب وقيم القراءة
- :الديمقراطية والإطار ألمفهومي
- في أنماط الاتصال بين الإسلام والغرب المسيحي
- الشعور العربية بين نفوذ الاخر واستبداد الذات
- أسلمة الخطاب عند محمد باقر الصدر
- إشكالية النفس والمعرفة في الفكر اليوناني
- جماليات المكان


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عبد زيد - قراءات في المتن الابداعي الحلي