أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد بريك - الديموقراطية والفكر الشمولي















المزيد.....

الديموقراطية والفكر الشمولي


فؤاد بريك

الحوار المتمدن-العدد: 2062 - 2007 / 10 / 8 - 12:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



قبل اكثر من ثلاثة وعشرين قرنا صنف ارسطو الحكومات باشكال تختلف باختلاف الغاية التى ترمي اليها ، الحكومة صالحة متى كانت غايتها خير المجموع ، وفاسدة متى توخى الحكام مصالحهم الخاصة .

قال ارسطو فى الحكومة الديمقراطية ، هي حكومة الأغلبية وتمتاز باتباع دستور يصون الحرية، ويحقق المساواة.

يرى ارسطو المجتمع مزاج من ضدين ووسط بين طرفين ، ويسمي الطبقة الوسطى "بوليتية" اي الدستورية ، وهي مؤلفة من اصحاب الثروة المتوسطة ، وكلما كثرعدد هذه الطبقة استطاعوا مقاومة الأحزاب المتطرفة ، وصيانة الدستور .

الديمقراطية هي النظام الأرقى والممثل لارادة الشعب بين الأنظمة السياسية التي اخترعتها البشرية في مسارها التاريخي الطويل ، والديمقراطية لاتقوم الا بدستور يصون الحريات، ويؤمن المساواة الكاملة بين المواطنين، وليس تعبيرا لمقدسات الأكثرية، والدستورهوالوسيلة الوحيدة لحماية الفرد والأقليات من طغيان الأكثرية العددية .

الديمقراطية هي بالتأكيد طريقة الوصول الى الحكومة التمثيلية للعدد الأكبر . ولكن هذا العدد الأكبر ليس دائما بل متغير دائما ، فأغلبية اليوم هي اقلية الغد ، واقلية اليوم هي اغلبية الغد . وهكذا يتم التبادل السلمي للسلطة ، وهذا لا يتحقق الا عندما يكون المجتمع مقسوم قسما افقيا ، وليس قسما عموديا ، فما هو عمودي في المجتمع هو كل ما يتعلق بالهوية سواء تجلت هذه الهوية بالدين او الطائفة او الأثنية او القبيلة. وما هو افقي ما يتمثل بمؤسسات المجتمع المدني ، والنقابات ، والأحزاب السياسية بالمعنى الحديث للكلمة .

ان اختزال الديمقراطية الى مجرد اجراءات تصويت وصناديق اقتراع ، قد تنقلب وبالا على الديمقراطية نفسها ، وتؤدي الى طغيان الأغلبية العددية ، وفرض دكتاتوريتها على الجميع ، وتصبح الديمقراطية " كلمة حق اريد بها باطل " .

ومما يزيد في سوء الواقع السياسي والأجتماعي ، ان النظام الأستبدادي في سوريا لم يواجه من قبل معظم فصائل المعارضة من مواقع ديمقراطية ، فالمعارضة كما السلطة التي تعارضها تقف على ارضية طائفية، وليست الدكتاتورية بحد ذاتها هي موضع المعارضة ، بل طبيعتها الطائفية . فالدكتاتورية باقية بينما الطائفة هي وحدها التي ستتغير، وكأن الديمقراطية هي وسيلة لاستبدال طائفة الأقلية بطائفة الأكثرية فقط .

في نهاية عام 1980 تكون تحالف بين العديد من الجماعات السنية المعارضة ، وسيطر عليه أساسا الاخوان المسلمون ، وأطلق عليه " الجبهة الاسلامية في سوريا " . وفي تشرين الثاني 1980 اصدرت الجبهة بيانا سياسيا تحت عنوان "بيان الثورةالاسلامية في سوريا ومنهاجها ص 11-12" موقعا عليه من قبل قادتها سعيد الحوى وعلي البيانوني وعدنان سعدالدين:

"اهابة بابناء الطائفة العلوية

اننا نأمل من ابناء الطائفة العلوية التي ينتمي اليها هذا البلاء المسلط ، حافظ أسد وشقيقه الماجن السفاح أن تسهم بصورة ايجابية في منع المأساة أن تبلغ نهايتها .

كما نهيب بالعناصر الواعية في الطائفة أن تراجع حساباتها ، معلنين بغيرمواربة ولا خداع أنه يسرنا أن تنفض عن نفسها وصاية العناصرالفاسدة التي قادتها الى هذا المأزق الدقيق ، فما زال في الوقت متسع ، وصدور شعبنا تتسع لأوبة الآيبين .

اننا مؤمنون ايمانا راسخا أنه ليس من المحتم أن تحل المشاكل بالعنف ، بل الوضع الطبيعي أن يجرى حل هذه المشاكل بالحوار البنّاء ، ولكن ما العمل اذا كان الطرف الآخر يصر على تجاهلالآخرين ، ويرفض الحوار معهم الا بلغة القوة ؟؛

بناء على هذا، وايمانا منا بأن النظام القائم بلغ مرحلة اللاعودة ، واصبحت المراجعة الجذرية بالنسبة اليه مستحيلة، فاننا لن نهادن، ولن نلقي السلاح، وسنمضي في طريقنا غير عابئين بالعقبات والأخطار، حتى ينهار هذا النظام الغشوم، ويذهب الى غير رجعة ."

في الفترة التي تلت تكوين التحالف الاسلامي تزايدت اعمال العنف ، ونجحت الجبهة الاسلامية في نقل معركتها الى دمشق ، عن طريق قذف المؤسسات الحكومية بالمتفجرات والاغتيالات الفردية ، خلال أشهر آب وأيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني لعام 1981 . وختمت المأساة بكارثة مدينة حماه ، التي يتحمل مسؤوليتها التحالف الاسلامي وبنفس القدر مع النظام .

استغل النظام هذا الصراع مع التحالف الاسلامي لمصلحته كوسيلة ترهيب لأبناء الطائفة العلوية ، وجميع الأقليات الأخرى والعلمانيون في المجتمع ، وأن البديل لهذا النظام هو نظام طائفي آخر يمثل الاسلام السني .

وفشلت المعارضة في أن تكسب الى جانبها المظلومين من أبناء الطائفة العلوية ، من مشردين خارج سوريا ، واقارب من قتلهم النظام مثل اقارب محمد عمران وصلاح جديد ، ونزلاء سجون السلطة . لأن المعارضة لم تقدم تصورها للمستقبل ، ولم تقدم التطمينات الكافية لأبناء الطائفة العلوية ، والأقليات الأخرى ، والعلمانيون .

كل من حمل فكرا شموليا ، أو شارك في حكم شمولي ، بغض النظر عن حسن نيته ، مطالب بتقديم اعتذار من الشعب السوري ، لأن مسؤولية الحكم الشمولي تقع على الجميع ، كل حسب موقعه ، ان كان في السلطة ام في المعارضة .

جميع فصائل المعارضة مطالبة بأن تنحو نحو"حزب الشعب الديمقراطي السوري" ، " الحزب الشيوعي المكتب السياسي سابقا " ، الذي ملك الشجاعة لكسر سجن الأيديولوجيا والخروج من بوتقتها الى رحاب الفكر الانساني الأوسع ، حيث حدد في وثائق المؤتمر السادس عام 2005 ص 60 ، تعريفه للديمقراطية " ان الديمقراطية واحدة في مضمونها او جوهرها ، وان اختلفت أشكال تطبيقها ، وهى ليست تلك التي أضيف اليها صفات أخرى مثل "الديمقراطية الثورية" او "الديمقراطية الشعبية" او اي اختراع آخر من نوع "الجماهيرية" ، ربما كانت تلك الاضافات في منطلقها نابعة من الرغبة والحلم باستنباط اشكال أكثر ديمقراطية ، اذا صح مثل هذا التعبير، ولكنها غدت فيما بعد وسيلة لممارسة الاستبداد والتسلط .

الديمقراطية واحدة ، وهي تلك التي جسدتها الثورة البرجوازية في القرنين الثامن والتاسع عشر"

وحدد الحزب في وثائق المؤتمرالسادس 2005 قرارات المؤتمر ص 96 " ليس لأي حزب او تيار حق الادعاء بدور استثنائي يمنحه الحق في قيادة الدولة والمجتمع ، وليس لأحد الحق في نبذ الآخر أو اضطهاده أوسلبه حق الوجود والمشاركة في الوطن."

عام 2002 نشر البيانوني ، المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمون ، بيانا دعا فيه الى دولة ديمقراطية ، ونبذ العنف .

جماعة الاخوان المسلمون تمثل الاسلام السني ، وبنفس الوقت تمثل كل مخاوف الطائفة العلوية والأقليات الأخرى والعلمانيون من كل الطوائف . مطلوب من الاخوان تقديم تصورهم للمستقبل مفصلا ، بغير مواربة ، وما هي ماهية الديمقراطية التي يدعو لها هذا البيان ، وما هي حدود الحرية والمساواة التي يتحدثون عنها ؟ ، وما هو شكل دستور المستقبل الذي يطمحون اليه ؟ .

الأرضية الفكرية لجبهة الخلاص بشقيها ، القومي العروبي ، والديني الأصولي ، هي مصدر خوف وقلق ، الأول لغير العرب ، والثاني لغير المسلمين والطوائف الاسلامية غير السنية ، والعلمانيون من كل الطوائف .

الجدل الفكري في الاسلام تمحورمنذ أيام الأمويين حول "الانسان مخير ام مسير" أو " أنصار العقل وأنصار الايمان " . واستمرت المعركة بين اهل العقل واهل النقل الى عهد الخليفة القادر العباسي ، عندما أباح دم المعتزلة وغيرهم من المذاهب الاسلامية ، وبمحنة المعتزلة ضعف صوت العقل وسيطر السلفيون المتحالفون مع الدولة ، وحسب فتوى ابن الصلاح التي اعلن فيها تحريم الاشتغال بالمنطق والفلسفة ، وهي " أس السفه والانحلال ومادة الحيرة والضلال ، ومثار الزيغ والزندقة " . وهكذا غرق الشرق فيما تسميه كتب التاريخ بعصور الانحطاط . وفي اوروبا والأندلس حرق الخليفة وبابا روما كتب ابن رشد وكتب ارسطو، وحرّم تداولها ، وغرقت اوروبا في عصور الظلمات .

والآن جماعة الاخوان مطالبة بان تقول ما تراه في الحريات والمساواة في حال وصولها للسلطة :

هل " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "

" انا هديناه النجدين : اما شاكرا واما كفورا "

" لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي "

" كل نفس بما كسبت رهينة "

" من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها "

أم - سيقام حد الردة على من كفر، او اختار دينا غير دين أبويه ، أليس هذا اعتراف بعجز أئمة الجوامع ورجال الدين عن هداية المرتد بالحجة والاقناع .

-- - وهل سيسوق رجال الشرطة " المطوعون " مفطر رمضان الى السجن لنهاية الشهر، والمسلم غير المؤمن الى الجامع للصلاة .

-- - اليس إجبار المرأة على ارتداء الحجاب مماثل لما فعله شبيبة الثورة عندما نزعوا الحجاب عن رؤوس المحجبات في أسواق دمشق .

-- - هل مساواة المرأة مع الرجل كاملة، ام منقوصة، وشهادة المرأة الطبيبة او المهندسة نصف شهادة الرجل الأمي .

وكما خلص سعد الدين ابراهيم في دراسة حول الطوائف والعرقية والأقليات، تحت عنوان " هموم الأقليات في الوطن العربي" القاهرة، الطبعة الثانية 1994 ص16-763 " مبادئ الديمقراطية والفيدرالية والمجتمع المدني معا تمثل مفاتيح السلم الاجتماعي والتطور السياسي، وتحول المجتمع الى حلبة مفتوحة يسعى فيها الجميع الى خدمة مصالحهم ، والحفاظ على هويتهم الفرعية دون تدمير الحلبة ."

وختاما اذا كانت المعارضة جادة فيما تقول : انها تريد التغيير السلمي ، ودون الاستعانة بالخارج ، عليها أن تقدم رؤية واضحة للمستقبل ، بشكل مسودة دستور يفصل توزيع السلطات ، ولائحة حقوق تصون الحريات وتحقق المساواة .

* كندا



#فؤاد_بريك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد بريك - الديموقراطية والفكر الشمولي