أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنان اغنس شركس - عندما تكسر المرأة قيودها بيديها















المزيد.....

عندما تكسر المرأة قيودها بيديها


حنان اغنس شركس

الحوار المتمدن-العدد: 2062 - 2007 / 10 / 8 - 12:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



عندما تثور المرأةعلى عادات وقيم ومفاهيم مجتمعهاالبالية المتخلفة الظالمة لها لاتخسر إلا قيودها المكبلة بها ولدي دليل حي على ذلك لامرأة متمردة اسمها مريم .
في قرية وادعة محيطة بالعاصمة المحتلة من قبل الإسرائيليين الذين يكبلونها بألف قيد وقيد احتلالي كغيرها من القرى والمدن والمخيمات والعشوائيات الفلسطينية ، نبتت امرأة من النساء التي تهمل فيها إنسانية المرأة وتوضع حقوقها على الرفوف المهملة وتغلف إرادتها بأغلفة سميكة من العادات والتقاليد والقيم والمفاهيم وتغرس في عقلها مفردات العيب والحرام والصمت الرهيب والطاعة العمياء لتبقى أسيرة سجينة التخلف والقهر والعبودية .
أجبرت على الزواج في سن مبكرة وهي طفلة غير مكتملة النضوح الجسمي والعقلي فحملت الأعباء الكبيرة من سيطرة زوج متخلف وأعمال منزلية وتربية أطفال ، وأصبحت جارية لزوجها وهو سيدها ، فالسيطرة الذكورية على الأنوثة ضاربة جذورها في الزمن السحيق ، فمنذ مئات السنين رددت العبارة التالية عن الكلام ذي المدلول المكرس لمركزية الرجولة والأنوثة : ( خير الكلام ما كان لفظه فحلا ومعناه بكرا )، فالمعنى يكون خاضعا لسيطرة اللفظ وهذا انعكاس وإشارة إلى سيطرة الرجل على المرأة أو خضوع المرأة للرجل ،فلا تزال تمارس جريمة وأد الأنثى بكل أشكاله الجسدية والعقلية والنفسية والثقافية واللغوية .
صوت الأنثى هذه قادم من البرية من الحقول الخضراء، كما أنه آت من الأودية العميقة، من الهضاب وسفوح الجبال من الأرض الحقيقية التي تنتمي لها وتشرب من ينابيعها العزة والكرامة الإنسانية والحرية وتأكل من ثمارها التغير والتبدل والتطور فكانت الابنة الشرعية الوحيدة بتفكيرها وعقلها وذهنيتها لهذه القرية العزيزة عليها.
امرأة فيها طاقة كامنة جبارة قادرة على قلع صخور التقاليد ، ونبش قيم الماضي ، وكسر حاجز الأعراف ، وثقب المفاهيم السائدة . امرأة تريد أن تكون أنثى الثقة بالنفس والإعتزاز بها ، أنثى العمل والنشاط الدؤوب ، أنثى التحدي والتمرد لكي تكون جديرة بحمل اسم أنثى القرن الحادي والعشرين ومحو أنثى الماضي ، أنثى النسيان ، أنثى الجمود والتحجر ، أنثى الستر والخجل ، أنثى الصمت والطاعة ، أنثى الذل والخضوع ، أنثى الإستكانة والقيد .
هي أنثى النور لا الظلام ،أنثى العلم لا الجهل ، أنثى التحرر لا العبودية ، أنثى المستقبل لا الماضي ، أنثى التفاؤل بمستقبل عمرها لا التشاؤم باندحار ماضيها .
كانت مستكينة محجبة الرأس والعقل وأصبحت منطلقة تكره كل أنواع الأحجبة وخاصة حجاب العقل .
كانت ذليلة عند زوجها تهان كل مرة بعلة وبغير علة في كل آن وفي كل مكان ، أصبحت شامخة شموخ الجبال ، مرفوعة الرأس تقف في وجه زوجها تتحداه تضع حدا لاضطهاده ، تكسر حواجز الخوف والرهبة وسلطة الزوج ، وسياط العادات والتقاليد وكرابيج القيم السائدة ، كرابيج العيب والحرام والصمت الرهيب والطاعة العمياء.
كل هذا بفضل بصيص النور الذي تسلل إليها عبر نافذة الدراسات الثقافية في معهد كانت تدرس فيه في العاصمة ، وعبر فتح نافذة عقلها على نافذة عقل معلمتها التي أصبحت صديقتها ولا تزال . لقد أعطت قيمة كبرى لذاتها بعد أن كانت مهملة لها ، أعطت قيمة كبرى لعقلها بعد أن كان غائبا عنها . أصبحت مرحة مسرورة بحياتها منفرجة الأسارير بعد أن كانت مغمورة بالهموم والأحزان الزوجية والأسرية .
أصبحت تدرك أنها إنسانة من عقل وضمير وإرادة كما هي من لحم ودم وعظم ، لا فرق بينها وبين زوجها على الاطلاق ، بل وحتى هي تتفوق عليه بإرادتها وعقلها وبذهنيتها المتحركة ، بينما زوجها لا يزال يحمل عقلا ذا ذهنية ساكنة جامدة يرفض التغيير ومكبل بكل قيود العادات والتقاليد، لكنها هي كسرت كل قيد وواجهت كل وجه ذكوري وعقل ذكوري وتفكير ذكوري ونهج ذكوري ومصلحة ذكورية . في البداية كانت الغالبية العظمى من معارفها ضدها والآن الكثيرين يقفون معها .
بالأمس كانت تسمع باستمرارمفردات المجتمع الذكوري الأبوي ...
العيب . الحرام . العار . الشرف . الطاعة . المسكنة . كسيرة الجناح . ليس لها إلا زوجها لأنها قاصرة . لا بد من اعتمادها على زوج يرعاها.
بعد أن عاشت وغرقت في المهانة والذل الزوجي وفي الاستكانة والخضوع تمردت وتحررت حتى حصلت على مرادها وهو الطلاق
رغم أنف زوجها ووالدها ووالدتها وأخواتها وإخوتها وأعمامها وأخوالها وأقاربها في القرية ، رغم العادات والتقاليد ، رغم قيم المجتمع الذكوري المهيمن المسيطر الجبار المنتقم . مزقت صك عبوديتها وتحررت ونادت بأعلى صوتها : أنا حرة ، أ نا حرة .
لا أحد يتحكم بي ، لا شيء قادرا على تكبيلي مرة ثانية . قالت مريم لزوجها عند طلاقها ما قالته مي زيادة : ( أيها الرجل لقد أذللتني فكنت ذليلا والآن تحررت منك فأصبحت حرا ) .
درست ، اجتهدت ، ناضلت ، حصلت على شهادة من المعهد وعلى رخصة سياقة ،والتحقت بدورات تدريبية عديدة .
أصبحت امرأة عاملة، امرأة أخرى مختلفة تماما عن ذي قبل لها كيان جديد ونفس جديدة وعزيمة جديدة وارادة حرة.وثقة بالنفس واحترام لذاتها . أصبحت نجمة القرية التي رفضتها سابقا، يشار لها بالبنان ، بعد أن انتزعت احترام رجال ونساء القرية وغدت مرجعا لهم يعودون إليها عند أي مشكلة اجتماعية أو أسرية أو تعليمية . أصبح لها دور مهم في المجتمع يفوق الكثيرين من الرجال . أصبحت تتحمل المسؤولية الكاملة تجاه نفسها وتجاه أبنها وابنتها ، أصبحت إرادتها حرة وعقلها حر.
عندما حصلت على الطلاق كانت مرفوعة الهامة مغمورة بالفرحة
أصبحت تشعر أنها جزء أساسي و هام في مجتمعها ذات إنجازات كبيرة و يكفي أنها غدت إنسانة كاملة الإنسانية لا عبدة تباع وتشترى ، إنسانة تواقة إلى الحرية وإلى التميز وإلى الإبداع .
أصبحت تدرك معنى شرف الأنثى الحقيقي شرف نشدان الحرية والمسؤولية ، وشرف اختيار الزوج شرف اختيار كلمة نعم واختيار كلمة لا . وتعتبر من حقها أن تفجر طاقة العاطفة لديها
فتحب رجلا يحبها كما هي بشخصيتها وذهنيتها وتفكيرها ووضعها الاجتماعي وأعجبت بمقولة الفيلسوف الألماني نيتشة )ما قيمة فضيلتي إن كانت لم تستطع أن تجعل مني إنسانا عاطفيا)
بخبرتها وتجربتها العميقة في الحياة كفتاة وزوجة ومتعلمة ومثقفة وعاملة انطلقت من القمقم الزوجي الذي كانت تعيش فيه إلى الفضاء الواسع إلى آفاق الدنيا والحياة الواسعة العريضة وأكدت نظرية التطور الإنساني .
أخيرا اختارت شريكا جديدا لحياتها زوجا تفتخر به ويفتخر بها لقد اختارته بكامل إرادتها كما اختارها بكامل إرادته ، تعيش معه بكامل حريتها ويعيش معها بكامل حريته وتعيش معه الآن بسعادة ويعيش معها أيضا بسعادة وهكذا تعيش وتقول نعم حسب قناعاتها وتقول لا حسب قناعاتها أيضا .
هذه هي مريم .. المرأة المتمردة .. المرأة التي أصبحت مثالا يحتذى به من قبل نساء بلدتها .. مريم .. التي رمت حجرا في بركة بلدتها الراكدة فوسعت دائرة الوعي والمعرفة لدى نسائها.



#حنان_اغنس_شركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “مشروع نور”.. النظام الإيراني يجدد حملات القمع الذكورية
- وناسه رجعت من تاني.. تردد قناة وناسه الجديد 2024 بجودة عالية ...
- الاحتلال يعتقل النسوية والأكاديمية الفلسطينية نادرة شلهوب كي ...
- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حنان اغنس شركس - عندما تكسر المرأة قيودها بيديها