أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - - حكاية شعبية- الراعي والقطروز !















المزيد.....

- حكاية شعبية- الراعي والقطروز !


نايف أبو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2063 - 2007 / 10 / 9 - 09:45
المحور: الادب والفن
    


بعد رحلة مضنية للبحث عن عمل وجد ضالته اخيرا لدى احد الاغنياء الاقطاعيين الذي اشترط عليه ان يقطرز او " يقطرس" طيلة العام عنده,قبل ان يعطيه اجره من الاغنام التي يتمكن من رميها فوق سور الزريبة المرتفع , وان يعمل كل ما يطلبه منه دون تذمر او مناقشة في الصيف والشتاء , وان ينام في الزريبة مع راعي الغنم وان يصحو قبل الجميع , واخيرا من يفقد صبره ويزعل يحق للاخر انتزاع الجزء الامامي من فروة راسه . وافق على الشروط , وبما ان النهار في اوله فقد طلب منه الاقطاعي مرافقته ليتعرف على الاراضي التي يملكها ليحفظ اسماءها ومساحة كل منها ومواقعها حتى يسرح اليها بمفرده .ركب الرجل الفرس بينما لحقه الشاب مهرولا طيلة الطريق , وما ان وصلا اطراف تلة بعيدة تحيط بها الجبال من كل جانب , توقف الرجل واشار لاحدها كانت ترعى فيه اغنام كثيرة ,وقال : " شايف شلية الغنم اللي بترعى هناك على الجبل ؟" اشار بهزة من راسه , وتابع الرجل يقول: " هاي الغنم والجبل اللي ترعى بيه كلها لي " تمتم الشاب :" ما شاء الله " ثم بدا الرجل يسمي له الاراضي التي تخصه ومساحتها وموقعها, وهو يحاول جهده ان يحفظ كل شيء في ذاكرته .وقبل ان يرجع الرجل للبيت طلب منه ان يذهب بقية النهار ليتعرف على الراعي كي يساعده على حفظها وعندما يعود في المساء سيخبره عما سيفعل بالغد . هرول الشاب تجاه الوادي الذي يفصل التلة عن الجبل المزروع باشجار متنوعة حيث ترعى الاغنام , وقبل ان يصل المكان كانت ثيابه قد بللها العرق ,اما هو فقد ارهقه المشوار بين الصخور والاشواك . وعندما اقترب من الاغنام المنتشرة في كل مكان نبحت الكلاب نحوه بشراسة,وما ان راه الراعي حتى صاح به محذرا وهو يلتقط حجرين عن الارض , ويصيح على الكلاب ان تبتعد عنه: " علامك ! مين انت وايش تريد ؟" حاول التقدم نحوه الا ان الراعي امره محذرا من جديد:" ما تقرب اكثر . احكي لي من بعيد منو انت وايش تريد؟" رد بنبرة ودية :" تقدر تقول انا القطروز الجديدعند معلمك , وجابني يعرفني على ارضه " ضحك الراعي بسخرية :" يظهر انك مستغني عن جلدة راسك " رد الشاب متسائلا: " يمكن يصير العكس كيف تحكم سلف ؟" رد الراعي وهو يلقي باحد الحجرين من يده تجاه الكلاب لتبتعد بينما ظل ممسكا بالاخر وعصاه القوية باليد الاخرى "خيو. معلمنا صعب كثير .ترا دير بالك .قبلك اجا كذا واحد ما صبروا على الشغل عنده . من هسه اقول لك ,اذا تضمن على حالك تصبر وتنفذ شروطه, اشتغل. ما تضمن افركها من الحين احسن لك " رد الشاب بنبرة واثقة: " ما تخاف اضمن حالي منيح " . علق الراعي: " زين يا طويل العمر . طالما انت ضامن حالك , انا راح اساعدك باللي اقدر عليه " . كان الراعي يتصرف بحذر تجاه القطروز الجديد, وعندما جلسا يتعارفان ويكملان حديثهما , على طرف الصخرة العالية , واخذهما الوقت في الحديث كانت الاغنام قد ابتعدت كثيرا عنهما, وعندما ساله الشاب كم من الوقت سيحتاج لجمعها واعادتها للمكان حتى لا تضيع او يهاجمها حيوان ما .ابتسم الراعي واخرج ارغوله المصنوع من القصيب من تحت حزامه على الفور, وقال له: " هسه تشوف بعينك كيف الغنم ترد وترجع هون, ومعها الحمار والكلاب- بعيد عنك- " . بدا الراعي عزفه بلحن شجي ممتع وقد انتفخت اوداجه وهو ينفخ بقوة متواصلة ويغير اللحن عدة مرات , وما هي الا دقائق معدودة حتى استدارت الاغنام برؤوسها عائدة تجاه مصدر اللحن واخذت تقترب ببطء و تنحدر على صفحة الجبل وهي ترعى بمجموعات صغيرة متناثرة ,والكلاب الشرسة تسير حولها متباعدة تحرسها من أي خطر مفاجيء , بينما الحمار الذي حمل خرج الطعام والماء كان يتنقل علىمهل في المؤخرة دون ان يرفع راسه عن الارض ويتبع الاغنام والكلاب المتوجهة حيث كان الراعي يواصل عزفه دون توقف حتى تجمعت كلها حول الصخرة كل جانب وبعضها توقف عن الرعي وارتفع ثغائها كانما تعلن عن وصولها المكان. توقف الراعي عن العزف فجاة والشاب ينظر الى الاغنام بدهشة غير مصدق ما تراه عيناه . وقف الراعي على الصخرة فجاة , ونظر ثاية للبعيد وهو يتقي اشعة الشمس المتكاسلة في اواخر فصل الخريف بكفه فوق عينيه وقال مشيرا الى سفح الجبل : " هرعوه واحد بعيد ما اجا معها " تابع يقول:" اكيد هذا التيس اللي اشتريناه قبل يومين " ساله الشاب : " فكرك ليش تاخر هيك وما رجع مع الغنم ؟" رد الراعي وهو يثبت ارغوله تحت حزامه بعناية: " هذا اشتريناه من يومين "تابع يقول بنبرة واثقة :" الحين اثبت لك ان هالتيس ما في راسه مخ " . ركض الراعي منحدرا تجاه الوادي بخفة ليعيد تيس الغنم الذي تاخر لوحده وما ان اقترب منه حتى قذفه بحجر كسر احدى رجليه , وجره من قرنه نحو المكان الذي ترك فيه" القطروز" الجديد.وما ان وصل طرف الصخرة حتى بطحه على الارض وثبت رقبته تحت ساقه بقوة وفي لمح البصر كانت سكينه تحز رقبة التيس , والشاب ينظر بذهول , وحين ساله ماذا سيفعل به اجاب الراعي وهو يسلخ الجلد بمهارة فائقة " بدنا نوكله . والا ايش فكرك نسوي بيه ؟"ساله الشاب بدهشة " انا وانت لحالنا ؟" رد الراعي ضاحكا " اولا انا قررت اذبحه حتى اثبت لك انه ما في براسه مخ مثل باقي الغنم, وثاني شيء حتى اعزمك على اكلة زرب من لحم مشوي يشهي, وثالث شيء لو ما كنت معي كنت ذبحته واكلته لوحدي " ساله الشاب بنبرة استغراب" والمعلم ايش يقول وقت يلاقي الغنم ناقصة راس ؟"رد الراعي ضاحكا " المعلم مش فاضي يعد الغنم ولا بقر. المعلم فاضي بس للمعلمة اللي هدت حيله لانها اصغر منه بكثير " ضحك الشاب وادرك في قرارة نفسه ان الراعي داهية والحياة علمته الكثير . ساله الشاب " زمان صار لك بترعى عنده ؟" رد الراعي وهو يفجر بطن التيس ويخرج معدته وامعائه ويلقي بها للكلاب, " تقول هاي السنة الرابعة صار لي عنده "ساله ثانية " ما حط عليك شروط ؟" ضحك الراعي ثانية " لا يا صاحبي الشروط هاي يحطها على القطاريس بدون مواخذة , ووقت اجا يحكي لي عن شروط ما قبلت ,لاني شغلتي ارعي الغنم واحلبها , واروح السوق ابيع اللي ما يعجبني واشتري اللي يعجبني , ولانه عندي خبرة من زمان لا براجعني ولا بسالني شيء " ساله الشاب " واجرتك كيف توخذها منه ؟" ضحك الراعي بخبث وقال " هاي الشغلة سر يا صاحبي ما احكيها لحدا , ما تواخذني " وتابع يسال الشاب وهو يضع التيس المسلوخ على الصخرة ويركض تجاه الحمار لجلب قربة الماء " بدك توكل لحمة زرب اليوم والا كيف ؟" رد الشاب " نعم اريد طبعا " قال الراعي " انت عليك تجمع الحطب والنتش اليابس , يلا اشوف همتك عاد " عندما بدا الشاب بجمع الحطب كان الراعي يغسل الذبيحة , وقبل ان يرجع بكومة الحطب كان الراعي قد هيأ الحفرة التي اعتاد ان يشوي بها مع الرعاة الاخرين , وعندما اشتعلت النيران بكومة الحطب وحولتها الى جمر متقد وضع الراعي قطع اللحم الكبيرة فوقها بمهارة تدل على خبرته , ثم غطاها بالحجارة جيدا قبل ان يهيل التراب وبقايا الرماد القديم عليها , وسرعان ما تصاعدت منها خيوط من الدخان , وعندما كسر راس التيس فوجيء بوجود المخ فيه " عندها قال مازحا " اما تيس صحيح . ليش ما طرب مثل باقي الغنم طالما فيه مخ , شايف نتيجة التياسة ايش تسوي ؟" ساله الشاب بجدية " انت عن صحيح قلت ما فيه مخ ؟" رد الراعي وهو يطوح بالراس ناحية الكلاب " طبعا لا . لكن الراس اللي ما فيه كيف ويطرب على صوت اليرغول, ليش هو ؟" علق الشاب " تعرف يا صاحبي منيح ما يعملوا هيك مع البشر " , ضحك الراعي وهو يسوي التراب والرماد فوق الحفرة , وقال " هذا اول درس تتعلمه عشان المعلم ما يخلع جلدة راسك" ساله الشاب بدهشة: " كيف يعني , مش فاهم " رد الراعي " بعد ما نوكل ونشبع تكون الشمس غابت , وبالطريق احكي لك" !
بقلم:نايف أبو عيشه
4/10/2007




#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عند حاجز الارتباط !
- عند الحاجز !
- وانهزم ابو النبوت !
- الحق على الحمار !
- من طين بلادك ...!
- العدس ولحم الفقراء !
- زوجة الاستاذ !
- الاختيار !
- - خربطيطة مروكية-!
- تحليق في سماء الحرية !
- صبرا وشاتيلا,جرح نازف !
- لماذا تاخر هنية في دعوته !
- السيارة والسياسة وما بينهما !
- تهنئة للتفوق ، واخرى للطموح !!


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - - حكاية شعبية- الراعي والقطروز !