أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - ليلى فريد - السياحة الدينية كما يجب أن تكون














المزيد.....

السياحة الدينية كما يجب أن تكون


ليلى فريد

الحوار المتمدن-العدد: 2057 - 2007 / 10 / 3 - 02:35
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


(لوردز (أو( لورد(هى مدينة صغيرة تقع جنوب غرب فرنسا، يسكنها ما لايزيد عن 17 ألف نسمة ولكنها تستقبل أكثر من 5 ملايين زائر كل عام، وتعد من أهم المزارات الكاثوليكية المقدسة على مستوى العالم . وكل هذا كان نتيجة ظهور السيدة العذراء مريم لفتاة فقيرة جاهلة معتلة الصحة.
ولدت برناديت عام 1844، وعانت أسرتها من تردى مستواها الاقتصادى )بتأثير عوامل متعددة من ضمنها الثورة الصناعية التى أطاحت بالمطاحن اليدوية التى كان رب الأسرة يملك إحداها( حتى أصبحت فى عداد الفقراء.
ذهبت، إبنة الرابعة عشرة، يوماً لجمع الحطب، وإذا بطيف العذراء يظهر لها خلال تجويف فى قلب الصخر، ويخاطبها ويحملها رسائل مقدسة. وتكرر المشهد الإعجازى ثمانى عشرة مرة، واستتبع ذلك أن انخرطت برناديت فى سلك الرهبنة وخدمة الفقراء والمحتاجين، ثم انتهت حياتها القصيرة على الأرض فى سن الخامسة والثلاثين بتأثيرمجموعة من الأمراض من ضمنها الدرن .وفى عام 1933 رفعت إلى مرتبة القديسين، فصارت القديسة برناديت وأصبحت بلدة لوردز الصغيرة قبلة الحجاج من جميع أنحاء العالم.
لو زرت هذا المكان سترى أروع مثال لما يمكن أن تقدمه السياحة الدينية .نموذج تحقق فيه التوازن البالغ الصعوبة بين الروحانية و”البيزينيس". الروحانية هى الغالبة؛ فهى تلون المشهد العام، بينما يتوارى »البيزينيس« بذكاء، بحيث لا يظهر بصورة فجة، وإن كان يحقق نجاحات ساحقة.
محلات كثيرة متجاورة تبيع التذكارات والهدايا. ورغم المنافسة الشديدة، لاتجد من يجذبك من ملابسك لتدخل، أو يلح عليك بسماجة لتشترى رغماً عنك. البضائع جيدة الصنع ومعروضة بطريقة جذابة وبأسعار معقولة. المطاعم والكافيتريات واللوكاندات لا تستغل ولا تستغفل السواح.
رحلة الحج للوردز ليس لها مثيل فى أى مكان آخر بفضل عوامل النظام والنظافة والالتزام والصيانة التى تتحكم فى كل صغيرة وكبيرة فى المزارات.
أجواء روحية توفرها قداسات تقام يومياً بكل اللغات وفى كافة الأوقات. الصلوات تتردد فى كنائس مختلفة ،منها ما يتربع على قمم الجبال، ومنها ما يختفى فى أنفاق تحت الأرض. بعضها صغير يشعر فيها المصلون أنهم أفراد أسرة واحدة، والآخر كاتدرائيات ضخمة تتسع للألوف، ويتابع فيها الحاضرون ما يجرى من خلال شاشات تليفزيونية ومكبرات صوت عالية التقنية.
الطوابير اللانهائية لا تنقطع ليلاً نهاراً للتبرك بالمغارة التى ظهرت فيها العذراء، ولملء الزجاجات من ماء الينبوع الذى تفجر أثناء إحدى الظهورات.
مجموعات تتلوها مجموعات من المتعبدين، يتتبعون بخطواتهم درب الصليب أو يؤدون صلوات التسبحة المريمية،وينشدون الترانيم بمختلف اللغات.
وتبلغ الاحتفالية أوجها فى الساعة التاسعة من مساء كل يوم. فحينما يحل الظلام يجتمع ألوف البشر من مختلف الأجناس والطوائف المسيحية فى الساحة المكشوفة المترامية الأطراف. تجد الأسود إلى جانب الأشقر،لابسة السارى بجوار لابسة الجينز،رجال ونساء، شيوخ وأطفال، كل يحمل شمعة مشتعلةتتوهج فى الظلام، والجميع يسير بنظام بديع وفى خطوط مرسومة. الكل يردد الصلوات والتسابيح، تقودهم أصوات ملائكية تنبعث من المنصة الرئيسية، وتتردد فى أرجاء المكان موسيقى سماوية، وتنتشر فى الأجواء رائحة البخور الزكية.ورغم الألوف المؤلفة لا تسمع صوتاً ناشزاً ولاترى حركة مستهجنة، فالكل يسير فى خشوع وانضباط، ليس هناك تزاحم بالمناكب أو تسابق على الوصول.
أما أهم فئة تفتح لها مدينة لوردز أذرعتها مرحبة، فهى المرضى والمقعدين.كل شبر فيها معد لاستقبالهم بدفء ومحبة.فى كل المسيرات والقداسات لهم أولوية المكان والزمان. جيش من المتطوعين مكرس لرعايتهم وتوصيلهم من مكان لآخر بأكثر الوسائل راحة واحتراماً لآدميتهم.هناك مالايقل عن ثلاث مستشفيات مجهزة لإقامة من يحتاج لرعاية طبية خلال فترة الحج.تلمح فى كل مكان عضوات فريق التمريض بالرداء الأبيض والأزرق وغطاء الرأس »المنشى« الناصع: المظهر القديم الذى كان يوحى فعلاً بلقب" ملائكة الرحمة".
ورغم أفواج المرضى والمحتضرين القادمة بحثاً عن بارقة أمل، لاتجد أى نوع من المتاجرة بآلام البشر...لامكان للدجل أو الشعوذة... ليس هناك وعود بشفاء مؤكد أو بماء مقدس يعالج كافة الأمراض. فى كل القداسات تتلى صلوات من أجل المرضى: الشفاء لمن أراد الله له الشفاء، والصبر والتحمل لمن كتب عليه أن يعانى حتى النهاية.ولكن فى كل الأحوال يحصل المريض وأهله وأحباؤه خلال هذه الزيارة على تعازى كثيرة وراحة للنفس وتسليم بما تجرى به المقادير.
والسائح فى لوردز لايمكن أن يتسلل الملل إلى نفسه، فهناك العديد من الأماكن التى تستحق الزيارة: البيت الذى ولدت فيه برناديت، والحجرة فى سجن البلدة التى لم تجد الأسرة ملجأ سواها عندما عضها الفقر بنابه، قلعة تاريخية ضخمة، قطار يحمل السائح إلى قمة الجبل ليرى منظراً بانوراميا رائعاً، متاحف ممتعة تضم مجسمات بالشمع ونماذج مصغرة مأخوذة عن قصص الإنجيل ومظاهر الحياة فى القرية وقت الظهورات ؛ كلها مصنوعة بدقة متناهية وذوق فنى رفيع.
وكالمعتاد،لايرى المصرى نماذج ناجحة فى أى بقعة فى العالم إلا ويشعر بغصة وتمتلئ نفسه بالحسرات، عندما يجنح به الخيال إلى أرض الوطن ويتذكر كم من مكان فى مصر ــ شمالها وجنوبها ــ يصلح لأن يكون مزاراً سياحياً: تاريخيا أودينياً أوترفيهياً، لايضاهيه فى قيمته وعظمته وجماله أى مكان آخر على ظهر البسيطة.
تحقيق ذلك لا يحتاج لمعجزات فوق طاقة البشر. هذا المستحيل سيصبح ممكناً لو صدقت النوايا، واستعاد المصريون القيم الضرورية والأسلحة اللازمة لتحقيق النجاح فى أى مجال من مجالات الحياة.



#ليلى_فريد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحى...مرحى...أطباء وقتلة
- الجميلة ليست قادمة
- شهر العسل المر
- الأيقونة التي احتجبت
- المسيحية في بريطانيا تعلن الثورة على الغبن
- إنهم يقولون .. ماذا يقولون؟ دعهم يقولون!
- لست وحدك
- من مات غنيا مات موصوما
- عندما يعتذر البابا
- التعامل الإيماني والعقلاني مع تحدي المقدسات إنجيل يهوذا وشفر ...
- الحركة القبطية بين العمل الفردي والعمل الجماعي
- محفوظ قد سلمكم الأمانة كاملة أنتم من أضاعها


المزيد.....




- -العفو الدولية-: كيان الاحتلال ارتكب -جرائم حرب- في غزة بذخا ...
- ألمانيا تستأنف العمل مع -الأونروا- في غزة
- -سابقة خطيرة-...ما هي الخطة البريطانية لترحيل المهاجرين غير ...
- رئيس لجنة الميثاق العربي يشيد بمنظومة حقوق الإنسان في البحري ...
- بعد تقرير كولونا بشأن الحيادية في الأونروا.. برلين تعلن استئ ...
- ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في غزة
- تفاصيل قانون بريطاني جديد يمهّد لترحيل اللاجئين إلى رواندا
- بعد 200 يوم من بدء الحرب على غزة.. مخاوف النازحين في رفح تتص ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في قطاع غزة


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - ليلى فريد - السياحة الدينية كما يجب أن تكون