أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثائر سالم - كالمستجير من الرمضاء بالنار















المزيد.....

كالمستجير من الرمضاء بالنار


ثائر سالم

الحوار المتمدن-العدد: 2053 - 2007 / 9 / 29 - 06:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


وقوع البلد تحت الاحتلال ، كان ابرز واخطر، تداعيات الحروب العراقية ، في العقدين الاخيرين من القرن الماضي، التي تهدد افق التطور والاستقرار، وعملية التمدن والتحديث، بشكل خاص، التي انطلقت بتاثير موجة ومناخ ، ثقافة التقدم الاجتماعي والحياة العصرية، في ستينات وسبعينات القرن الماضي، واقتحمت المجتمع، ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا ، وان بدرجات مختلفة . و بسبب من درجة التطور النسبي، العراق شعبا وبلدا ، وامتلاكه للموارد اللازمة، تمكن مشروع تحديث المجتمع والدولة، قتصاديا وعلميا واداريا ،ان يحقق تقدما جديا، (وكان بالامكان بلوغ مديات اكبر)، رغم فشله في اقامة نظام سياسي ديموقراطي، وان يقيم دولة لاتقبل بغير مظلتها وسلطتها، كمرجعية قانونية اساسية، في اي نزاع او قرار يتعلق بمستقبل البلد السياسي او الاقتصادي وحتى الاداري.

ورغم الطابع القسري لعملية التحول هذه، الا ان الضرورات الاقتصادية، لعملية التحول هذه ارغمت الدولة على المضي فيها، مستفيدة من موروث ثقافة الاستبداد والتفرد والزعامة. ان نجاح الدولة في اخضاع جميع مواطنيها، الى مؤسسة ادارية وقانونية ذا مرجعية قضائية واحدة ، كان خطوة هامة ، في نجاح مشروع التحديث، وخلق ارضية الهوية الوطنية للمجتمع والدولة،... التي يتوحد مواطنيها امامها، قانونا ، في القيمة والحقوق. القانون الذي تسنه الدولة، وتكفل تطبيقه على الجميع، ولاتسمح فيه ، لاية مرجعيات، فكرية ، سياسية ، دينية ، خارجها ان تغدو فوقها او فوق قوانينها.

بشكل عام النجاح النسبي، الذي تحقق، في احتواء تلك البنى والمرجعيات، تم بسلاسة وتفهم، الى حد بعيد، من البنى ذاتها. ولجوء الدولة احيانا ،الى وسيلة العنف، كان في الغالب، بسببب بعض المواقف السياسية الخاطئة لها، من عملية التنمية الاجتماعية الاقتصادية، وتحسين حياة الناس. وعدم قدرة تلك القوى ، على الوقوف بالضد من عملية التحديث، في اغلب الاوقات، قد يكون مرده ايضا، لقوة الدولة وسلطتها، ومناخ الثقافة والسياسة التي سادت ، داخليا واقليميا ودوليا. الا ان التطور الاقتصادي الاجتماعي ، الذي شهدته المجتمعات، بالدرجة الاولى ، لم يترك ، لتلك البنى والهويات ، سوى امكان العيش تحت ضلال ، وفي احسن الاحوال بجوار، الدولة ، وهويتها ومشروعها. هذا التوازن تجلى في الواقع، ونجح الى حد بعيد ، في الحفاظ على مسيرة سلمية لعملية التحديث والتنمية، في كل الظروف الطبيعية.

وعجز الدولة وفشلها في اقامة العدل في الحق بين الناس، لم يمنعها من اقامة العدل في توزيع الظلم بين الناس. ففي اغلب الاوقات كانوا اعداء الدولة هم اعداء النظام السياسي واللذين يمكن ان يشكلوا خطرا جديا او منظورا على مستقبل السلطة السياسية. وحقيقة انقسام الناس وتوزع مواقفهم بين مؤيد ومعارض للنظام ، لم يتم بمعزل عن اعتبارات المصالح ، الاجتماعية السياسية والاقتصادية او حتى الشخصية للافراد . وامركهذا، بات بديهيا، ومن العبث الجدال فيه.

وتوظيف تطرف ودموية بعض السياسات المنتقدة ، السابقة ، او التي تجري على الارض اليوم ، بدواعي السلطة والحكم ، لم يعد ممكنا بعد تجربة السنوات التي مضت. اقصد تجربة سنوات (التحرير!) الاحتلال، التي وضعت الجميع على المحك، وكشفت بوضوح تام ، حقيقة نوايا واهداف الاحتلال والقوى الاساسية، التي تحالفت معه، مثلما كشفت خطأ رهان بعض القوى، على امكان التاثيرعلى اهداف الاحتلال وتغييرها، عبر طريق" العملية السياسية "، باسسها الحالية، والمعدة لانهاء الكيان السياسي الموحد للعراق، والتي تتعارض جوهريا مع شروط الدولة الحديثة.
واعلان الديموقراطيون، في الكونغرس الامريكي، عن دعمهم مشروع تقسيم العراق، ليس سوى اعلان متاخر، لحقيقة توقعها ويتوقعها الان ، العديد من الساسة والاحواب والمثقفين. لانها تبقى في اخر الام ، الحقيقة الاهم في اهداف غزو العراق .

فالناس اللذين جرى التحدث باسمهم ، واستغلال مظالمهم، لم تتغير حياتهم اليومية نحو الاحسن . اللذين تغيرت حياتهم حقا، هم اناس همشتهم غربتهم، واغترابهم، والعنصرية، وامراض مجتمعات الغرب الراسمالية. السياسة والحياة بالنسبة لهؤلاء فرصا ، يجب التجرؤ على استغلالها. وليست هناك اية ضوابط او اعتبارات قيمية ، عامة او خاصة، تقتضي مراعاتها. المهم عند هؤلاء دائما المنفعة الفردية. فهم ليسوا معنيين بحداثة المجتمع ، اوحياة الناس ، او مستقبل البلد الاقتصادي وموارده، او مستقبل ابنائه .
هؤلاء المهمشون ، اجتماعيا وسياسيا، في وطنهم وقبلو التهميش في اوطان الغربة، لاينتمون لوطن يخشون عليه ، ولاقيما يؤمنون بها. البلد بالنسبة لهؤلاء، بات لقية يتنافس عليها، كل سرّاق الارض. ولامجال للانتظار. ولا يمكن القبول بالخسارة في فرصة كهذه.

وبالتاكيد فامثال هؤلاء، لن يعنيهم امر، الحداثة والاستقلال والاقتصاد، ولا ثقافة الدولة وقوانينها، اوحياة الناس وخدماتهم ، التي تقتضيها اي حياة انسانية متمدنة. ولن يعنيهم امر وعواقب ،اعادة الحياة لبنى وثقافات متخلفة، لايمكنها التعبير عن مشكلات المجتمع الحالية، او تقديم الحلول الملائمة لها. فالعلاقة بين دورهذه البنى وثقافاتها في حياة المجتمع ، وثقافات مجتمع المواطنة والدولة الحديثة ، انما هي غالبا علاقة عكسية. دور هذا البنى والثقافات يتعاظم بتعثر او فشل مشروع الدولة والتحديث والمواطنة والمجتمع المدني . استراتيجيا هناك تناقض في المصالح بين الثقافتين والبنى المعبرة عنها .

واستدعاء قوات اجنبية الى الوطن، من اجل تغيير نظام سياسي ، هو سابقة تسجل للتجربة السياسية العراقية ، التي لايمكن التشكيك بالماضي الوطني والكفاحي ، للبعض منها. فهو قرار لم يتجرأ على فعله اي من الحركات والقيادات السياسية في المنطقة. لانه بنظر كل شعوب المنطقة وقواها السياسية، وبكل المعايير الوطنية والقيمية، فعل مستهجن. اثمانه واثاره الستراتيجية ، لايمكن ان تخفى على عامة الناس ، دع عنك السياسيون والحركات السياسية العريقة. ولن تغير بشاعة جرائم النظام السابق (حتى دون مقارنتها بجرائم الوضع الحالي)، من حقيقة هذا الخطأ الاستراتيجي ، الذي سيبقى الشعب العراقي يدفع ثمنه، من قوته وقوت ابنائه ومستقبل تطوره.

ولن يشفع لاحد ممن ساروا في هذا الخيار، سوى التجرؤ على، الاعتراف بخطأ الرهان والخيار، والتصارح مع الشعب والاعتذار منه ، لما لحق به من مصائب وكوارث، والانتقال الى صفوفه في العمل، من اجل انهاء الاحتلال كاولوية تتقدم الاولويات، وتبني نهج الدفاع عن ، حقوق اي مواطن بعيدا عن انتماءاته الاخرى، لا الدفاع عن مواطني دولة جارة قوية، تعرف كيف تحمي وطنها، وتدافع عن شعبها. والبدء باتخاذ مو قف حازم لحماية المواطنين، من اعتداءات القوات الامريكية ، وقصفها لمنازلهم ومدنهم بالطائرات، وتحويل مدنهم واحيائهم، الى سجون دائمة، داخل جدران اسمنتية عازلة، لا تخفى نوايا المحتل منها.

الوقوع ضحية التعصب باي نوع من انواعه ، كان دوما ، اداة المحتل الاضمن والاسهل والاقل كلفة والابعد اثرا. وسيساهم عن وعي وقصد او دونه، في تحقيق مشروع الاحتلال، واجندات قوى ودول تحركها مصالحها واجندتها. اية تاويلات ، بافتراض سلامة القصد، تنم في احسن الاحوال، عن قصر نظر، وعدم آهلية للمسؤلية. فالاوطان لاتحمى ولاتبنى، من افراد وقوى، ليس اولويتها شعبها ووطنها ، بل تحركها مصالح، فردية ـ فئوية ـ حزبية .

كان بامكان المراهنة على قدرات الشعب ، والانحياز لمصلحته ، وليس للسلطة ومغانمها، وللمكتسبات الفئوية الضيقة ، والانجرار وراء نزعة الثار والانتقام ،التي غذاها المحتل ، واحسن استثمارها، وكذلك المراهنة على الاستفادة من، مساندة الجوار، وموقف كل الدول الرافضة للاحتلال، وتقوية جبهة معارضة مشروع الاحتلال، بدل الضغط عليهم لدعم عملية سياسية، فصّلها الاحتلال على مقاسات اهدافه ، واثبتت التجربة خطا الاسس، التي قامت عليها ، والطريق الذي سارت فيه،ان تجنب الشعب والبلد الجزء الاعظم من الكوارث والضحايا ، ان لم يكن تجنبها كلها.

فالبديل كان وسيبقى الاسراع بخروج المحتل ، والبدء بمشروع تحريرحقيقي للبلد، سيادته واستقلاله، اقتصاده ونظامه السياسي ، من الاستعمار والدكتاتورية ، في آن، في الدولة والمجتمع، الفكر والثقافة، والتخلي عن اوهام ومخاوف لا اساس لها ، من عودة العراق الى نظام الحكم السابق . فالاابتزاز الذي يمارس بحق العديد من القوى العلمانية ، تحت هذه الحجة ، يجب ان يتوقف ، من الطرفين ، الطرف الذي يمارس الابتزاز والطرف الذي يخضع له، اذا ما اريد السير في طريق اعادة بناء البلد وانتشاله من المستنقع الذي وضع فيه .

اعتقد ان اللعب بهذه الورقة ، هو امر مفضوح الاهداف ، ولايمكن ان ينطلي على احد. وقد اخذ فرصته في التجربة. وهاهو البلد كله ، بعد ان دفع ثمن ذلك باهضا ، يحاول تخفيف عواقب تلك السياسات الثأرية اللامسؤلة ، التي حركتها غرائزية، لايجمعها جامع مع، الفكر والسياسة، والدين والثقافة، المدعاة، التي لازال العالم كله يحاول انتشال العراق منها. الان فقط يكتشف البعض خطأ هذا الطريق . ولست متاكدا فيما اذا كان هذا الاكتشاف، نابع عن ادراك حقيقي لكارثية التجربة وافقها المسدود. ام انه التحول الى منهج اخر بعد تحقيق الاهداف المطلوبة من السياسات السابقة . المهم والاكيد يبقى العودة الى سكة الصواب ، فهي في اقل منافعها ستجنب البلد والشعب ، المزيد من الضحايا الابرياء ، وتساهم في تخفيف مديات التوتر، وتعبد الطريق لمسار اكثر امنا.

لقد اثبتت التجربة ، ان كل يوم يمر على بقاء قوات الاحتلال ، يعني مزيدا من الاضطراب والضحايا ، ومزيدا من المخاطر التي تهدد الكيان السياسي للعرق ، ووحدة شعبه، ويجعل امر مغادرته العراق اكثر صعوبة. وان الانجاز الاوضح للاحتلال، حتى الان، لم يكن سوى السرعة القياسية التي تم فيها تدمير البلد، وتحطيم وحدة الشعب السياسية، وقيم الحضارة والمواطنة، وليس اعادة بنائه. وان عيوب وجرائم الماضي لايمكنها حجب بشاعة مشهد الحاضر. فالمقارنة ، لاجل ان تكون واقعية وموضوعية ، يجب ان تكون بين حقائق الماضي و حقائق الحاضر، لا بين حقائق الماضي و قراءة ما، تأويلية للحاضر، التي لايمكنها اخفاء حقيقة ، ان في هذا الحاضر، بالذات، تم استنبات امراض وكيانات ، لم يعرفها العراق ولا المنطقة سابقا. وعلى هذا فطريق الوحدة الوطنية لايمرعبرالتشارك في استعداء الخارج ومشاريعه، او الاستقواء به ، على الداخل، الشقيق الشريك، في الوطن والمصلحة والحقوق.

والمفارقة او بالاحرى (وآسف)"الوقاحة"، هو ان يستمرالتشكيك ، بعلاقة الاخرين بالغرب، على طول خريطة المنطقة ، دولا واحزابا وافرادا ، حكاما او معارضين. والعيب عليهم خضوعهم لمطالبه، والتشكيك بوطنيتهم، بل وعدم التردد بمواصلة اتهام الاخرين بالعمالة، حتى بعد ان تم استقدام الاستعمار، واخضاع البلد للاحتلال.بل وحتى بعد ان اتضح، ان ما تم فعله خلال سنوات قليلة فقط ، يفوق ما فعله اي استعمار في كل تاريخ العراق والمنطقة.

لقد جئتم بالاستعمار ذاته، واسلمتموه، بلدكم وخيراتكم، شعبكم وامنكم. وتركتم ابناء شعبكم تتقدم صفوف جيشه، لتقاتل بالنيابة عنه اعدائه، وفي معركة هي معركته، وعلى ارض بلدكم ، وبموارد شعبكم ، وبحياة اكثر من مليون عراقي. معركة لم يكن للشعب والبلد ناقة له فيها ولا بعير. استقدمها الاحتلال معه ، لاهداف باتت معروفة للجميع. حتى غدوتم اداته وفي مقدمة صفوفه لمهاجمة وقتل ابناء جلدتكم، دفاعا عن سلطة محتل، تتهاوى . وبالديموقراطية التي وعدتم، شعبكم بها، وقاتلتم من اجلها، وانتقدتم زيفها، شكليتها ، وقباحة جوهرها عند الاخرين ، اقمتم واحدة اخرى اسوأ منها ، شكلا ومضمونا ، لا تقوم على المساواة الفرص والحقوق وفي صنع القرار.

خلال عمر الدولة العراقية، التي حكمها علمانيون ودكتاتوريون، لم يحرق مسجد ولا كنيسة ولا اي دار من دور العبادة.
ولم يقتل مصلي في دار عبادته ، او بيته. ولم تهاجم طائرة عسكرية بيتا او تهدمه على رؤس ساكنيه. ولم يحصل ان قتل الابرياء على هذا الشكل الهمجي والعشوائي، امام ذويهم. ولم تغتصب النساء امام ازواجها او اهلها. ولم تكن يوما، نفقات اجهزة الحماية الخاصة للرؤساء، والوزراء والمدراء، تكلف ميزانية الدولة، المليارات من الدولارات سنويا، وتستنزف موارد الشعب السنوية من النفط، تقريبا.

ولاافهم كيف يمكن لذات السكن( القصر) ، ان يكون مقبولا اليوم ومرفوضا حينما بناه وسكنه الاخرون. ولا كيف تكون، متفهمة ومقبولة ، ظروف سكن الناس( المحرومة من شروط السكن اللائق والانساني)، وحياتهم الاقتصادية والامنية في ظل كل هذه الجرائم التي ترتكب في كل يوم ، وان لا تكون هذه الوضعية ، حجة على" المحرر" الداخلي والخارجي ، تحمله المسؤلية ، في حين كانت دوما ، وهو موقف صحيح ، دليل تقصير ولامسؤلية، وحجة على الاخر ،لاتتقبل اي تبرير او تأويل.

والتهجير الذي طالما، اعتبر احد مظاهر، الوحشية والعنصرية، في سياسات النظام وثقافته السياسية، يغدو اليوم ، وهو يتكرر ويطول كل مناطق العراق، باكثر اشكال العنصرية والجريمة بشاعة، مشكلة يجب تفهم اسباب ودوافع مرتكبيها. وكيف كان استثمار الدين في الدفاع عن النظام السياسي والبلد، امرا مدانا ، في حين يغدو اليوم اداة حراسة للنظام.

كان القوميون والشيوعيون، في نظركم ، احزابا وافرادا ،" امتداد لا وطنيا للاخر !" . فالشيوعيون لم يكونوا وطنيون ، لانهم يتلقون ارشاداتهم من موسكو. والقوميون ، عروبيون ، ينفذون ارادة زعيم او مصلحة عربية لاتخدم العراق، وهم ينفذون مشروعاته واولوياته ومصالحه ، وهم لايترددون بالتضحية بمصالح البلد ،اذا ما تطلبت ذلك ، مصلحة ذاك الذي خارج الحدود. اما العمل علانية اليوم ، على تحقيق اجندة الاخر، الدولي او الاقليمي، عقيدة او مصلحة وخوفا، ومنحه الفرصة للتدخل ومناقشة مستقبل البلد ، وعلى حساب حياة وامن المواطن ، فهو عمل يدخل في صميم السيادة والاستقلال والمصلحة والاجندة الوطنية.

والتدخل والنفوذ الايراني والاحتلال الامريكي للعراق، مفهوما ومبررا، باعتباره امرا تقتضيه مصالحهم الوطنية ، التي ارتهنت مصلحة العراق الوطنية ، شعبا وبلدا، في حين لاتحضى المصالح العراقية والعربية او التركية او حتى العالمية الاخرى ، بذات التفهم والمراعاة.

باي مقياس يكون التدخل الايراني نافعا، والتدخل العربي السوري الاردني او حتى التركي واي دول اخرى ، ضارا بمصلحة العراق. اللهم الا اذا كان المقياس الوجود في السلطة والمساعدة على الاحتفاظ بها باي ثمن. بل كيف كانت الجامعة العربية والنظام العربي ، خائنا للشعب العراقي حينما تخلى عن نصرة معارضي الدكتاتورية، وهي اليوم تقوم بواجبها، حينما تقف الى جانب نظام ، جاء بالاحتلال لشعبه، وهي مطالبة بان تكرر موقف التخلي عن القوى المعارضة للاحتلال والدكتاتورية والتخلف.

اما الديموقراطية التي كانت شعار نضالكم سنين طويلة، واتهمتم غيركم بعدم قدرته على امتلاكها او شكليتها، اقمتم الاسوأ منها، في شكليتها ومضمونها. التطور الذي حصل في شكل آليتها، ابتلعه المضمون الطائفي العنصري المتخلف ، الذي قامت عليه الالية الجديدة. الامر الذي ترك بصماته على كل مظاهر الحياة العامة ايضا ، وليس العملية " الديموقراطية " فحسب. فالابتزاز اليومي للناس بعقائدهم السياسية والدينية، ورؤاهم الفكرية ، وارهابهم لاختيار مظلة ومرجعية طائفية، دينية ـ سياسية ، يكونوا فيها اتباع مرجع ، وليسوا مواطنون احرارا ، يتمتعون بقدرة وحق، التفكير والقرار والاختيار، المستقل. منهجا كهذا، لايمكنه ان يكون الا، اهانة واستهانة صريحة، لآدمية وحقوق البشر والمواطنة ( بالمعنى التاريخي ) التي ليمكن لدولة القانون والمساواة والحرية والعدالة.

وتبقى حقيقة السياسات والرؤى رهن الاختبار والتجربة والنتائجا. فالتحدي الذي يواجه التجربة الجديدة ، هو اثبات مصداقية الاهداف المعلنة، والقدرة على تحقيقها، وعدم السير في ذات الطريق، وتكرار ذات الاخطاء، الذي حسبما تقولون انه تم احتلال البلد بسببها. درجة السوء التي بلغها الوضع في العراق، هي اليوم محط اجماع كل الفرقاء ، مؤيدون ومعارضون. ترى اهو الرهان الخاطيء الذي بات من الصعب اصلاحه؟ ام نها الحقيقة التي تتعرى في اختبار التجربة؟
من حق المتابع الموضوعي ، وهو يدقق مواقف وادعاءات، القوى الدينية القائدة ل " العملية السياسية، ان يتسائل بحيادية
": ماهي الجريمة البشعة، والشيء الذي حرمه الله، ، ولم يحصل في ظل حكمكم للبلد او على يد منتسبي احزابكم ؟

التجربة الملهاة ـ المأساة التي اقامها التحريرـ الاحتلال للعراق، واريد لها ان تكون نموذجا يحتذى في المنطقة، تحتضر وتلفظ انفاسها الاخيرة، ولن تنقذها بعض النجاحات الامنية، المحدودة والتي ستبقى مؤقتة، ما بقيت الالغام التي اشتركت بعض الاطراف في وضعها مع الاحتلال . مثل هذا الامل، لايمكن المراهنة عليه ، مادام عاجزا عن معالجة الاسباب الحقيقية للازمة او الاضطراب الامني. وياتي في مقدمة هذه الاسباب الاحتلال ذاته. ولن يكون بمقدور ارقى الخبرات والوسائل تغيير مصير الفشل المحتوم.



#ثائر_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتلال الامريكي للعراق ...عواقب ومخاطر
- وجاهة تبرير ...ةمعنى له
- ضربة موجعة
- مغامرة باهضة الثمن
- قراءات الايديولوجية ام تحريف الايديولوجية
- حينما تكون الهزيمة نصرا
- العراق هوية وطن ام وطن بلا هوية
- فشل الفوضى الخلاقة ام تقاطع الاجندات
- المثقف والاختيار
- قطار الديموقراطية
- لعراق الجديد ..الحقيقة والوهم


المزيد.....




- دبي بأحدث صور للفيضانات مع استمرار الجهود لليوم الرابع بعد ا ...
- الكويت.. فيديو مداهمة مزرعة ماريغوانا بعملية أمنية لمكافحة ا ...
- عفو عام في عيد استقلال زيمبابوي بإطلاق سراح آلاف السجناء بين ...
- -هآرتس-: الجيش الإسرائيلي يبني موقعين استيطانيين عند ممر نتس ...
- الدفاع الصينية تؤكد أهمية الدعم المعلوماتي للجيش لتحقيق الان ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /20.04.2024/ ...
- ??مباشر: إيران تتوعد بالرد على -أقصى مستوى- إذا تصرفت إسرائي ...
- صحيفة: سياسيو حماس يفكرون في الخروج من قطر
- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثائر سالم - كالمستجير من الرمضاء بالنار