أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - من طين بلادك ...!














المزيد.....

من طين بلادك ...!


نايف أبو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2052 - 2007 / 9 / 28 - 08:50
المحور: الادب والفن
    


-1-
حينما ابلغها بقرار السفر الى امريكا , فوجئت وشحب لونها وطلبت منه ان يفكر ويدرس قراره جيدا قبل ان يقدم على خطوة يندم عليها مستقبلا , لكنه صمم على رايه , خاصة وانه مضى على تخرجه ثلاث سنوات دون ان يجد وظيفة او فرصة عمل اخرى وعندما يئس ولم يعد هناك بارقة امل بالحصول عليها قرر السفر لبلد اخر . حاولت كثيرا معه لاقناعه بتغيير رايه لكن دون جدوى . وعندما ذكرته بافكاره وقناعاته بشان الغربة والرحيل عن الوطن , رد بعصبية " كنت رومانسيا حالما . أي وطن هذا الذي اتمسك به وابقى فيه ولا يوفر لي فرصة عمل ؟". ذكرته بالارض التي يملكها وانها يمكن ان توفر له احسن فرصة عمل اذا شمر عن ساعديه واشتغل بها ويستمر في البحث عن وظيفة وانها ستقف لجانبه وتساعده حتى يبني نفسه مهما طال الوقت , الا انه قال يائسا " بعد الشهادة الجامعية اعود للحراثة والزراعة والتعب في الارض ؟!" حاولت اقناعه انه على الاقل يشتغل بحريته في ارضه وهناك الكثيرين يعتاشون من الزراعة , وانه فلاح ومزارع ابا عن جد ,قال " لن ينجح المشروع بدون توفر الماء للري " , وعندما وجدت حلا لمشكلة الماء بان يحفر بئر في الارض ويسقي منه , قال " انت مثل امي تماما تحاول سجني هنا لابقى اخدم الارض , وبالاخر احرث وادرس لبطرس " وعندما قالت انها تبحث هي الاخرى عن وظيفة ولن تتخلى عنه ولا تريد مقدما ولا ذهبا ولا حفلة بالصالة , قال " ومع هيك نوصل الاربعين قبل الزواج " وعندما قالت له انه لا ياتي من الغرب شيء يسر القلب , وانه ربما يجمع النقود لكنه سيعود شخصا اخر قال " انت تتكلمين مثل امي " وعندما قالت له امك على حق , رد عليها " وانا ساثبت العكس " وعندما قالت ان البعد جفا والبعيد عن العين بعيد عن القلب , وان جمال امريكا سوف ينسيه الوطن وكل ما فيه , قال " الايام بيننا ومن يعش يذكر الاخر " وعندما سالته ان كان سيكتب لها ويطمنها عن اخباره , قال " سوف تزهقين من كثرة الرسائل " وعندما قالت سانتظرك مهما طال الغياب طالما بقيت على العهد , قال " هذا الامر غير قابل للاختبار ". وعندما سالته اخيرا كم سيغيب عنها , قال " سنة واحدة تكفي ,وربما سنتين , حسب فرصة العمل " . بعد سفره بشهرين وصلتها الرسالة الاولى منه يخبرها انه حصل فعلا على فرصة عمل ذهبية , دون ان يذكر التفاصيل .بعد ثلاثة شهور بعث اليها رسالة مقتضبة يسالها عن احوالها ويخبرها انه موفق في عمله وانه مشتاق اليها .اما الرسالة الثالثة فقد وصلت بعد ستة اشهر , كتب فيها بعد التحية ان الحياة رائعة هناك. وانتظرت رسالة اخرى منه وبعثت اكثر من مرة تستفسر عن سبب الانقطاع لكنه لم يرد . اخيرا بدات تسمع من الاخرين انه تزوج فتاة امريكية وسوف يستقر هناك . حاولت الاتصل به للتاكد من صحة الاشاعة لكنه لم يرد على رسائلها المتكررة , عندها ايقنت الا دخان بدون نار.
-2-
حينما تقدم ابن الجيران الذي خرج لتوه من السجن ,وافقت على الفور , على الرغم انه لا يحمل شهادة جامعية مثلها , لكنه كان صادقا وصريحا معها , وبسيطا يفكر في الاستقرار وحياة زوجية هانئة , والى جانب عمله في الارض التحق بالجامعة المفتوحة لاكمال دراسته , وبدات تساعده براتبها الشهري , وتعمل معه في الارض , ووجدته زوجا رائعا . اما ذكريات حبها الاول فقد دفنتها في الارض ولم تعد تابه بها .
-3-
يوم رجوعه للوطن مع زوار الصيف , سال عنها وعرف اخبارها بالتفصيل فقرر زيارتها والاعتذار لها عما فعل ,وعندما رن جرس الباب , ركض احد اولادها الصغار ليفتحه ظنا ان والده عاد للبيت بالهدايا التي وعدهم بها , لكنه فجيء برجل اخر يرتدي بذلة انيقة وربطة عنق , ونظارة سوداء تخفي عيناه , ويحل في يده هاتف نقال , وفي الاخرى سلسل مفاتيح ذهبية اللون , وقبل ان يساله عمن يكون , جاءت تحث الخطى لتعرف هوية الزائر , وما ان راته واقفا امامها عند مدخل الباب وابتسامة على شفتيه , وهو يخلع نظارته , حتى اختلطت لديها المشاعر , وتراقص فلبها فرحا برؤيته , وتراءت لها الذكريات وقصة حبهما خلال اعوام الدراسة , وتصاعدت الدماء لوجهها , وسيطر عليها الارتباك , وتلعثمت قبل ان تتمكن من الترحيب به بعد غياب طويل , فقد صعقتها المفاجاة , وعجز لسانها ان يقول كلمة واحدة .ولكن ما ان تراكض بقية الاولاد نحوها , متسائلين عن الزائر من يكون , حتى وقع بصرها على بطنها النتفخ بحمل اخر , فاذا بحواسها تتحفز وتغيرت ملامحها , وسالت بنبرة حادة " نعم . مين حضرتك , وايش تريد ؟ تردد قبل ان يسالها معاتبا " ولو هيك الواحد ينسى احبابه بسرعة ؟"ردت بذات النبرة وعيناها تتقدان من الغضب المفاجيء " اذا اردت أي شيء من زوجي , تقدر ترجع له المساء , اكيد تلاقيه "قال بالحاح وهو ينقل بصره بين اطفالها المتمسكين بثوبها من الجانبين " اريد الاعتذار منك , فانا....."قاطعته بحدة قبل ان تغلق الباب " لا تعتذر , ولا على بالك . والله معك " . وعندما صفقت الباب وراءه , احس كانما سيارة كبيرة مرقت فوقه , فمشى مبتعدا عن بيتها وطعم المرارة في فمه وحلقه , واكتسى وجهه بالحزن العميق وقاد سيارته بسرعة جنونية وهو يلوم نفسه ويقول " لو ظليت بكرامتي وما اجيت اعتذر منها , وافتح جرح قديم , كان احسن بكثير . لكن هي على حق لاني تخليت عنها من يوم غادرت الوطن , وهيك وهيك لامريكا واليوم اللي رحتها فيه " !
بقلم : نايف أبو عيشه
27/9/2007



#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدس ولحم الفقراء !
- زوجة الاستاذ !
- الاختيار !
- - خربطيطة مروكية-!
- تحليق في سماء الحرية !
- صبرا وشاتيلا,جرح نازف !
- لماذا تاخر هنية في دعوته !
- السيارة والسياسة وما بينهما !
- تهنئة للتفوق ، واخرى للطموح !!


المزيد.....




- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - من طين بلادك ...!