أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - كفاح محمود كريم - ( وعادوا ثانية يا سنجار ؟ )














المزيد.....

( وعادوا ثانية يا سنجار ؟ )


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2050 - 2007 / 9 / 26 - 03:25
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


قبل أربعة وثلاثين عاما وفي أواخر تموز وأوائل آب من عام 1972 اندفعت عشرات الدبابات والمدرعات وآلاف الجنود ترافقهم عصابات حزب البعث الى قرى وبساتين وتلال سنجار لتحرق الأخضر واليابس وتطمر عشرات الينابيع وتحرق مئات من خلايا النحل وأبراج الحمام وتسحق المئات من الأرانب البرية في طريقها للبحث عمن اغتالوا قائم مقام سنجار في السابع من تموز نفس العام.
في ذلك الصيف الحارق وبينما الفلاحون البسطاء يحصدون غلالهم سبقتهم سيوف الأعداء فجزت رؤوسهم وبعثرت قذائف الدبابات أشلائهم، وما زلت اذكر أولئك العمال البؤساء وهم يحملون أكياس القمح من الحقل الى الشاحنة حينما داهمتهم مفرزة من الجنود والمدنيين من أعضاء حزب البعث آنذاك لتطلب منهم أن يضعوا أيديهم فوق رؤوسهم ويلتفتوا الى الشاحنة، ليمطروهم بزخات من الرصاص فتتهاوى أجسادهم وهي تتمزق وتنزف دماءً لتمتزج بالقمح والتراب؟
وتبقى تلك الأجساد العشرة تتلوى على الأرض وهم يضحكون قائلين إن الايزيديين نقصوا عشرة، وحينما كان احدهم يأن أو يتلوى كانوا يمطروه برصاص حقدهم حتى تنطفئ الروح في جسده الذي تمزق، وتسمو عاليا مبتعدة عن عالم النجاسة هنا.
كان العاشر مسلماً، اسمه خطاب عمر، لم تنفعه الشهادتين وهو يتلوها نازفا من كل أنحاء جسده الذي مزقه رصاص الجنود ورفاقهم أعضاء حزب البعث؟
في مكان آخر كانت الغيلان تداهم قرى في حواضن الجبل وظلاله لتحرق أشجار التين والزيتون وتحرق معها قسم الإله الأعظم بقدسية الشجرتين، وحينما قال لهم الشيخ الطاعن في السن:
تلك أشجار الله التي انتقاها للقسم والتباهي دعوها ربما تتمتعون بثمارها، ضربوه بأخمص بنادقهم على رأسه حتى لفظ أنفاسه تحت ظلال واحدة من شجرات التين، التي لم يشفع لها قسم خالقها بها؟
لم يتركو قرية أو حقلا أو بستانا أو ينبوع ماء، فقد داست حوافرهم كل شيء، بيوت النمل والنحل والأرانب والفراشات وأعشاش الطير والحمام والعصافير، ثم سرقوا قطعان الماشية من الأغنام والماعز وحرقوا حقول القمح والشعير ومعها أعشاش الطير والقطا؟
وحينما اقتربت مفارزهم ومدرعاتهم من واحدة من أجمل القرى الصغيرة في حضن الجبل من ناحية الشمال (سنون)، كان الأهالي البسطاء من الفلاحين الجبليين يتصورونهم ضيوفا أو ربما لديهم واجب تدريبي هناك، حتى انهالت قذائف مدفعيتهم ورصاص أسلحتهم الخفيفة لتحصد تلك الرؤوس اليانعة الصغيرة لعشرات الأطفال من الأولاد والبنات والمتدلية من على أسطح البيوت الطينية التي كانت تتمتع برؤية تلك القطعات أو القطعان الهائجة.
وفوق سماء جبل سنجار الأشم كانت طائرات الهليكوبتر تحوم لتقذف حممها على الرعاة والماعز والأغنام وتحرق بساتين التين والرمان والزيتون وتملأ الكهوف بنيران صواريخها لتحرق من فيها من أطفال ونساء وشيوخ الرعاة ومربي الماعز والأغنام.
عادوا ثانية يا مدينة القمح والخبز الحار.. عادوا يا سنجار يحرقون من جديد براعم الحياة والأطفال ويدمرون المدارس ويحيلون البيوت والمعابد والبناء الى أكوام من الطين والأحجار.
عادوا ثانية يا سنجار في مساء الرابع عشر من آب 2007 بعد خمسة وثلاثون عاما من هجمتهم البربرية في آب 1972 ليحرقوا الأخضر واليابس، عادوا ليحملوا في شاحناتهم أحقادهم السوداء وعنصريتهم المقيتة وقسوتهم التي لاتطالها بربرية هولاكو والهكسوس والحيوانات المفترسة.
عادوا بنفس أنفاسهم المليئة بالسموم ورائحة الموت والخراب والكراهية والبغضاء، عادوا ولم يشبعوا أو يملوا آلاف آلاف الجثث التي دفنوها في صحراوات بربريتهم وبدائيتهم.
عادوا يحملون ثانية أنين أطفالنا وبكاء نسائنا وجروح شبابنا هدايا يوزعوها ذات اليمين وذات الشمال، ليستبدلوا الفرح والبناء بالدموع والدماء، وليحيلوا أكواخنا الى تنانير جحيم وتراب.
عادوا ليقتلوا ثانية رشو وجردو وبسي وخناف وعيشان ودلوفان وآلا وكاروان، وليحرقوا أجسادا غضة ما كانت تحتمل ضوء الشمس فاكتوت بالنيران، عادوا ليكرروا القتل ثانية كما قتلوا أجدادهم هؤلاء وآباءهم منذ أعوام، ثانية جاؤوا هذه المرة ليخلطوا ترابنا بدمائنا ودموعنا بمياهنا، وليدمروا مدارسنا وحروف لغتنا ويحرقوا أغانينا وأناشيدنا، عادوا ثانية في خلسة من الزمن الذي طحنهم والعفونة التي انتجتهم، عادوا ولأنهم لا يدركون ضوء الشمس ودفأ الندى في مساءات سيبا شيخ خدر وكر عزير ونسائم كرزرك وكروفي ورمبوسي وكل القرى العاشقة في سنجار التاريخ والهوية، فإنهم يفجرون أنفسهم انتحارا أمام حقائق بربريتهم وحضارتنا ضنا منهم إننا سننتهي وقد نسوا إننا حينما نموت تكون الحياة قد ابتدأت ثانية فينا.



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( شنكال.. من الفرمانات الى الأنفال )
- ( سنجار لا تبكي )
- ( سنجار ومساء الثلاثاء الأسود )
- ( دول الجوار بين الدق والرقص على أنغام الموت في العراق؟ )
- ( حلبجة والانفال... ياعار من مروا ومن حكموا !؟ )
- ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود ) 4_4
- ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود ) 3_4
- عارات الانفال والتاريخ الاسود 2_4
- ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود !؟ ) 1_4
- ( وما أدراكم مالحيتان ؟ )
- ( ومَن لكم غيرنا إخوة وأصحاب ؟ )
- ( ذاك زرعكم وهذا حصادكم... فهل ستتعضون؟ )
- العراق بين الأزدواجية والنفاق - القسم الرابع
- العراق بين الازدواجية والنفاق - القسم الثالث
- ( العراق بين الأزدواجية والنفاق ) القسم الثاني: من تجارة الر ...
- العراق بين الازدواجية والنفاق
- ( المرأة بين الخطيئة والفضيلة )
- ( لا تقتلوا الرئيس... هذه المرة !؟ )
- التافهون ... وراية الرذيلة والخطايا
- ( ثلاثية الأنتقام: التأميم والسُم الأسود والسحت الحرام ) الح ...


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - كفاح محمود كريم - ( وعادوا ثانية يا سنجار ؟ )