أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - صورة نصفية لمانديلا...من يتذكر دكلارك؟














المزيد.....

صورة نصفية لمانديلا...من يتذكر دكلارك؟


ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2048 - 2007 / 9 / 24 - 13:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العقل التجزيئي، سواء بسبب الكسل او الانانية، يمارس فعلا تدميريا ليس للذاكرة فقط وانما لمعطيات الراهن بطريقة تقلص من امكانية انتاج مستقبل افضل، فأولئك الذين يتذكرون جزءا من الحقيقة ويهملون الاجزاء الاخرى اعتمادا على فعالية الزمن انما لا يريدون الخروج من الحلقة المفرغة للمأساة السياسية في الشرق الاوسط عامة وفي العراق خاصة.
ففي الآونة الاخيرة كثيرا ما يتردد اسم مانديلا في استحضار مستلزمات المصالحة الوطنية في العراق باعتباره نموذجا للسياسي المتسامح القادر على انجاز مصالحة تحقق الاستقرار وتتجنب روح الثأر، وفي هذا الاستحضار يتناسى العديدون ليس الفارق بين الحالتين، جنوب افريقيا والعراق فقط، ولكن ايضا يتناسون الفارق بين كل من نظام التمييز العنصري هناك ونظام الاستبداد هنا، وبشكل ادق، فانهم يقطعون الصورة التي تجمع مانديلا مع خصمه فردرك دكلارك وهما يتسلمان معا جائزة نوبل للسلام مناصفة، واذا كان مانديلا مناضلا صلبا ومدافعا شريفا عن الحقوق الانسانية والسياسية لشعبه، فأن دكلارك هو السياسي الجريء والمنصف الذي استطاع ان يتجاوز ذاته وافكار مجتمعه المتعصب ويعمل على الاطاحة بالنظام الذي يرأسه هو نفسه، في حالة من العقلانية السياسية المستحيلة الشبيه في الشرق الاوسط، وكان من حقه كسياسي ان يضمن حياته وحياة رجال نظامه، لكن حتى ذلك لم يجر بمعزل عن حس العدالة الذي تجسد في عملية اعتراف اخلاقي لمن ساهم في القمع من رجالات النظام بعيدا عن العواقب القانونية المباشرة، ولكن عملية الاطاحة السلمية بنظام التمييز العنصري والتي قادها زعماء النظام انفسهم اقصت رموز وفكر ذلك النظام عن الحياة السياسية، وهنا يبدو الفارق جوهريا بين الحالة العراقية وحالة جنوب افريقيا، ويبدو ان سلوك دكلارك وزملائه كان نوعا من الشعور المكثف بتغير الزمن وضرورة التقدم نحو المستقبل بدل انتظاره، وبالتالي فأن دكلارك صنع مصيره بدل انتظار الاسوأ حتى اللحظة الاخيرة كما يفعل معظم الطغاة القساة والاغبياء.
مع بشاعة نظام الفصل العنصري وقسوته الا انه كان يتمسك بالعقلانية السياسية التي دفعت ذلك النظام الى الحفاظ على حياة خصمه العنيد (نيلسون مانديلا) وان كان خلف القضبان، وطوال سنوات كانت وسائل الاعلام تحتشد خارج المقر الامني الذي يلتقي فيه مانديلا بزوجته في زيارات دورية منتظمة، لتخرج تلك المرأة السوداء بثيابها التقليدية لتدلي بالتصريحات وتنقل التوجيهات علنا من زوجها، حتى صارت تلك المرأة وموكبها مما اعتاده مشاهدو نشرات الاخبار حتى في العراق، اما الصورة في بلاد الرافدين فقد كانت مقلوبة تماما، فنادرا ما يحصل ذوو المتهمين السياسيين على جثث ذويهم سواء اكانوا من القادة ام من المناضلين العاديين، حتى ان الرئيس الامريكي بوش وصف معضلة المصالحة في العراق بالقول، ان صدام قضى على كل شخص كان بامكانه ان يقوم بدور مانديلا في العراق.
لكن يبدو ان النظم القمعية في المنطقة لا تكره في بلدانها دور مانديلا فقط بل انها اكثر كرها لدور دكلارك، حتى ان تنظيماتها الحزبية تكاد تخلو ليس فقط من شخص قادر على تفكيك النظام القمعي عندما يصل الى نهاية حياته، بل تكاد تخلو ايضا من اشخاص قادرين على التحلي بالشجاعة لدفن ذلك النظام بعد موته، والاقتناع بان ذلك النظام الاستبدادي لا يورث وان ما كان يتمتع به من سلطة انما هو مجرد حالة سلب مارسها ضد شعبه.
ان اولئك الذين يغفلون عن عمد الجزء المتعلق بدكلارك في صناعة الاستقرار والسلام في جنوب افريقيا انما يريدون اعفاء انفسهم من اية خطوة ايجابية في انجاز المصالحة التي يريدونها مجرد تسوية تأخذ من طرف وتعطي طرفا اخر، بدون ان يكون للماضي حتى مجرد الذكرى مع مايحمله ذلك من خطر على المستقبل، خطر يعرفه يقينا كلا الطرفين.
مع ذلك لا بد من الاشارة الى المعلومات الاولية عن نية احد اجنحة حزب البعث العراقي المنحل الى عقد مؤتمر في احدى دول الجوار لمراجعة مسيرة الحزب اثناء الحكم وتعديل افكار الحزب واصلاح آلياته السياسية، وتعديل موقفه من الديمقراطية وحقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة، علما ان لا احد يجرؤ على التفاؤل بهذه الخطوة حيث لا يوجد تأكيد على ان تلك النوايا ناجمة عن وعي حقيقي بتطور العالم وتغير مفاهيم السياسة الحديثة، ام ان تلك الاشارات مجرد حلقات في الصراع بين اجنحة البعث للوصول الى صورة تسمح لهم بالجلوس مع الامريكان والعراقيين على طاولة الحوار السياسي، وبالتالي العودة الى الحياة السياسية، فالتجربة الطويلة والمريرة تقلص من حجم الأمل.



#ساطع_راجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخواء السياسي والأزمة العراقية
- الانسحابات المفيدة
- برنامج المعارضة
- نهاية صيف التوقعات
- بوش في الانبار
- قصف الجيران والواجب الامريكي
- حصيلة كربلاء
- وجه القاعدة
- ضرب تحت الحزام
- خطوة حاسمة
- المصالحة..مفاهيم متعددة
- توطين الفلسفة
- ادارة المعرفة( قراءة في الاضحوية لابن سينا )
- الاداء الضعيف
- المالكي.. حكومة وأزمة
- مهمة عاجلة
- جبهة التوافق..المواقف المتأرجحة
- تصريحات ليست عابرة
- قانون النفط..صفقات اللحظة الأخيرة
- نقد النص القديم - بنية التورية والسرد الحكائي


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ساطع راجي - صورة نصفية لمانديلا...من يتذكر دكلارك؟