أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل المياح - النظرة الاستعلائية وتبخيس العامة عبر التاريخ















المزيد.....

النظرة الاستعلائية وتبخيس العامة عبر التاريخ


خليل المياح

الحوار المتمدن-العدد: 2046 - 2007 / 9 / 22 - 10:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لغاية تاريخنا المعاصر لم يقل لنا احد لما سادت نظرة غير ودية اتجاه العامة والعوام. والغريب ان العارفين ومن وصفوا بالحكمة والتعقل ، من الاغريق والعرب وغيرهم من الامم قد اشتركوا جميعا في ذم العوام واعتبارهم من سفلة الاقوام دون أي ينعموا النظر قليلا او كثيرا ليبينوا لنا الكيفية اوالدوافع التي تكمن وراء تسلكات العامة التي تدفع بهم الى ذلك المنحدر الاخلاقي البغيض . نستثني من ذلك بعض الاقلام المعاصرة القليلة مثل الدكتور حسن حنفي الذي يلقي الضوء على مخزونهم الجماهيري بوصفه تراثا ينبغي الالتفات اليه دوما او بعض الاقلام ذات التوجه والرؤيا الماركسية كالراحل هادي العلوي وهنا يتم اعلاء الموقف النفسي للعامة والعوام بدرجهم " وان بصورة مضببه" بالموقف العام لما اصطلح عليه بالجماهير وانها صاحبة حق تاريخي ، وان بعدهم الانساني كان دوما يعكس الاستلاب والالينة* .
وافضل ان ابدأ الحديث عنهم انطلاقا من الحقبة اليونانية ونزولا الى الحقبة العربية الاسلامية. في كتاب الفلسفة اليونانية قبل ارسطو ، للدكتور حسام الالوسى(ص57-58) يقول عن هرقليطس بانه((كان يبخل على العامة بالفلسفة ، فجعلها صعبة فألف كتابا اسمه"الكل"ويسمى الغامض لصعوبته)) وكان الجميع يربأ بالفلسفة ان تكون مفتوحة للعامة ، ابتداءا ببارمنيدس ومرورا بفيثاغورس وافلاطون وحتى اخوان الصفا –الدكتور حسام ايضا- وجاء في كتاب (( العصر الوسيط والنهضة ) لاميل برهيية وعلى لسان مكيافللي (( من طبيعة العامة ان تبتهج للشر .. وهي كثرة لاقائد لها ولانفع لها)) (ص300).
اما كارليل فجاء على لسانه : (والناس في نظره نوعان الملهمون او الابطال الذين يحوزون الحكمة والذين كتب لهم ان يقودوا سواد البشر ممن لافضيلة لهم غير ان ينصاعوا للقانون والانضباط الحديدي هو مايحتاجه هؤلاء السواد)من كتاب القرن التاسع عشر اميل برهيية (ص133).
اما اشبنغلر في كتابه تدهور الحضارة او سقوط الغرب فيوسع من مفهوم العامة وجاء نقده للعامة حاقدا فهو يقول:(واعني بهذا العنصر هو ذلك الموجود في جميع المدنيات وتحت مختلف نعوت التحقير ، حثالة الامة ، اراذل القوم ، الغوغاء او الدهماء..كانوا هتامات لاجذور لها ، سكان يقفون خارج كل دائرة الارتباطات الاجتماعية.. الدهماء موجودون حين اتخاذ القرارت العظمى وهم عناصر مقتلعة من جميع الطبقات ). وذكر سقراط بمحاكمته:( انا ارى ان اراء الناس العاديين ماهي الا اوهام ، اعتقادات بلاجوهر، ظلال شاحبة للحقيقة، ينبغي الا تؤخذ بجدية والا قادت المدينة الى الضلال) ويضيف (كيف تصغون الى رأئ الاسكافي والدباغ حين تبغون العدالة في جمعيتكم في الوقت الذي تخنقون صوتي) مجلة افاق عربية 1977 العدد 1 ص43 .
وجاء في كتاب الاوروشيوعية والدولة:(ان المستغفلين في كل مكان وحتى في الجمهوريات البورجوازية الاكثر تقدما والاكثر ديمقراطية يكونون في معظمهم جماهير مسحوقة امية جاهلة تفتقر لقوة التوحد) ويقول جان هيبوليت في كتابه "ماركس وهيجل "(ان التنوير يشن الصراع الفلسفي ضد مملكة من ممالك الخطأ وامبراطورية الخطأ هذه مكونة من ثلاثة عناصر فهناك اولا الشعور الساذج عند جمهور لايزال ي طفولته والخطأ ليس في هذا الشعور الا غياب للتفكير والعودة الى الذات ) ص69 .
كير كيجارد (ابو الوجودية الحديثة) لم يلق بالا الى الحشد والجمهور هكذا يقول:( ان الحشد في مفهومه ذاته هو الباطل untruth ) الوجودية جون ماكوري ص173.
وكان نيتشه قد اطلق على الحقيقة نفسها اسما اقل مجاملة وهو القطيع herd فقد ابتكر القطيع (نسق القيم التي يسيطر بها على حياة البشر ) ذات المصدر ص175
اما هيدجر فيسمي الناس بصفة عامة وبغير تحديد هم they وهي القوة الغفل التي لاسمة لها والتي تسيطر علينا جميعا وهو يقول( فكل شخص هو الاخر ولايكون هو نفسه وايضا فالعلاقة الحقة بين الاشخاص زهرة نادرا، سرعان ماتذبل ) ذات المصدر ص176.
وعلى الرغم من حب بردياييف العارم للحرية فانه يكشف عن ذلك الميل الارستقراطي الذي يجري في دماء الوجوديين عموما (فهو يزعم ان الجماهير لاتقدر الحرية وهي قانعة راضية بالانماط الروتينية من الوجود البشري ) نفس المصدر ص262.
وكان بردياييف قد انتقد ماركس : ( الطبقة عند ماركس اكثر حقيقة من الانسان ! ) وكان بيكون يقول ( ان الانسان يرفض التجربة بسبب الغطرسة والكبر ويرفض المخالفة خوفا من الراي العام) .
ويذكر اميل برهييه في كتابه العصر الوسيط والنهضة(ولكن حسبنا هنا ونقول ان الدين والفلسفة لايتصادقان في نظر بن رشد ، وانما يمثلان مرحلتين من الفكر فالدين يلقي حجابا دون الحقائق التي يكشفها الفلاسفة لكي يجعلها في متناول العوام، ولكن معرفة هذه الحقائق هي العبادة التي يؤديها الفيلسوف لله) .
اما في الضفة الاخرى من النهر الفلسفي العربي الاسلامي فنرى ادم متز في كتاب عصر النهضة في الاسلام ترجمة محمد عبدالهادي ابو ريده يقول( وكان ماظهر في الادب من عناية بالعامة وحياتهم مما جعل علماء اللغة يهتمون بدراسة لغة العامة ومايعرض فيها من خطأ فألف ابو بكر محمد بن الحسن الزبيدي الاندلسي كتاب في لحن العامة ( بدأ العامة خصوصا عامة المدن غير المتعلمين يدخلون في الادب العربي وهم لم يقتصروا على تعلم القصائد والحكم عليها بنظرهم الخاص وعلى التغني بها وعلى اوزانهم الشعبية بل ان الكلام المرسل ايضا اصبح عندهم يستعمل في التعبير عن كل ماجد في الحياة من نواح متنوعة ، وكذلك الف القاضي محمد بن اسحاق الصيمري المتوفى عام 275هـ .888م كتاب مساوئ العوام واخبار السفلة والاغنام ص441.
ثم ان المتصوف الذي جاء حوالي اوائل القرن الثالث الهجري على اثر اضمحلال الروح العربية ونضوب قوتها ساعد كثيرا على نشر الادب وجعله شعبيا وعلى نشر الكتب بين الجماهير وصبغها بصبغتهم وساعد مساعدات كبيرة على تقوية المذهب الواقعي الطبيعي وهذا الى ان اهل التصوف كانوا في الغالب مع عامة الناس اذ كان هذا التصوف يتجه الى بعض العامة وتحليل حياتهم والعناية بحاجاتهم .ص444.
في كتاب امبراطورية العرب يذكر جلوب باشا بان: بايعت العامة يزيدا بحضور ابيه معاوية ولم تماحك في الامر ولو قليلا . ص99
وذكر الطبري وابن الاثير : وبايعت العامة عبيد الله بن زياد بعد موت يزيد في البصرة فقالوا له قد سمعنا مقالتك وما يعلم احد اقوى عليها منك فهلم لنبايعك ثم بسط يديه فبايعوه وانصرفوا عنه يمسحون ايديهم بالحيطان ويقولون: ايظن ابن مرجانة اننا ننقاد له بالجماعة والفرقة.
وفي كتاب الفصل في الملل والاهواء والنحل لابن جزم يذكر فيه : بان النصارى مقرون بانهم لم يقدموا على اخذه "السيد المسيح" نهاراً خوف العامة وانما اخذوه ليلا عند افتراق الناس وانه لم يبق في الخشبة الا ست ساعات من النهار لانه انزل اثر ذلك .
ولما توفي محمد بن جرير الطبري عام 310 هـ دفن بداره ليلا لان العامة اجتمعت ومنعت من دفنه نهارا بتاثير الحنابلة بسبب قوله ان احمد بن حنبل لم يكن فقيها وانما كان محدثا لكن الذي يبعث على الدهشة والتامل ان ابن رشد وهو العالم الجليل والمفكر المقارب لحافات العلم في زمنه وصاحب فكرة الحقيقتين أي الدين والفلسفة كان ( يوصي باستعمال الاكراه مع العوام والاقناع مع الخاصة، وكان يتكلم بلسان الغزالي الذي يوصي ياستعمال الحديد والسيف مع العامة)دراسات في الفكر الاسلامي. الدكتورحسام الالوسيص265 ووصل امر تبخيس العامة لدى ابن سينا انه تناول حتى المتفلسفين الشغوفين بالمشائين اذ جاء قوله بنعتهم بالعامية :( ولانبالي من مفارقة منا لما الفه معلمة كتب اليونان عن غفلة وقلة فهم ولما سمع منا في كتب الفناها للعاميين من المتفلسفة المشغوفين بالمشائين) جميل صليبا من افلاطون الى ابن سينا ص19.
ونقمة المعري على العامة شديدة لانهم برأيه لايفكرون بل ياتون اعمالهم بالتقليد ويميلون مع الهوى ويجمعون الاخلاق المذمومة مع البخل والطمع والحقد والنفاق والغش ، اما الفتن فلايمكن ان تثور الا اذا حرك بها العامة ، واسوأ من ذلك كله ان الصالحين من الناس-اذا كان في الناس صالحين- ينشدون الى مخاطبة العامة ، ويقال ان ابن عربي شطح امام العامة فقال( انتم وماتعبدون تحت قدمي هذه ، وفهم العامة جملته على ظاهرها فقتلوه وباطن الجملة ان الناس ومايعبدون المقصود به المال).
وكان ابن باجة يستعمل كذب الالغاز (التقية الفكرية) لمداراة العامة والجهال وقيل ان ابن طقيل ترفع عن تطبيب العامة وفي فلسفته رسالة حي بن يقظان احب ان يقطع الرجل لحكيم صلته بالعامة وان ينفض يده من اصلاحهم.
اما الغزالي فيقسم علمه الى خطابي للعامة واستدلالي للمتكلمين وبرهاني للفلاسفة والخاصة ويقول الغزالي:( ولايحل ان يوضع الورد بين الحمير ويطرح الدر في فم الخنازير ) وسنرى الغزالي يستعمل الدلالة في الخنازير والحمير ويصرفها الى العامة.
ويقول الدكتور حسن حنفي في كتابه التراث والتجديد:( الجمهور لفظ مستعمل في تراثنا القديم على نحو معرفي خالص ويعني العامة ويقابل العقلاء والفلاسفة وهم الخاصة فالجمهور له معنى سلبي يرادف السطحية والبلاهة او عدم القدرة على فهم الحقائق النظرية المجردة ولايقدر على التحقق من صدق مايقال له لانه اقرب الى الطاعة العمياء او التقليد ويضيف وهنالك العامة التي لاتدرك الا بالحس والخيال ويقوم ايمانها على الترغيب والترهيب . وفي دراسات في الفلسفة المعاصرة لزكريا ابراهيم ص510-511 جاء بها( اليست ارض العامة من الناس هي ارض السذاجة والاعتقاد الراسخ والتسليم الاعمى في حين ان ارض الفلاسفة هي ارض المعاني والتفسير العقلي والتجربة الميتافيزيقية، ونختم ارائنا برأي للباحث علي حرب في مداخلاته حيث نراه يقول : ان رجالات المعتزلة كانوا ينتمون الى نخب مثقفة مقابل الجماهير او العامة التي كان يستقطبها الفقهاء والتي كانت تتحرك في الاطار الديني وتعيش عالمها من خلال الرمز والميثولوجي ولعلها مازالت كذلك حتى هذا العصر ويقول الدكتور حسام الالوسي في دراساته الفكرية الاسلامية ص245( وكان رأي جمهور العامة في ابن رشد مختلف عن المكانة المرموقة التي يحتلها في بلاط الموحدين فقد رموه بالالحاد والقوا على رأسه الاقذار في شوارع قرطبة)

* الالينة:مصطلع يقصد به التغريب او الاقصاء وهو نعت معرب من كلمة alienation خ .م



#خليل_المياح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تلك الوردة بدون عطر ... لماذا !!
- الضغينة المكبوتة والكراهية للقيم
- بروميثيوس باحثا عن العدالة
- شبح اليوتوبيا يتجول في أعماقنا فلماذا نتجاهله.. ؟
- التماهي مع الواقع
- مسألة في اليقين الشعري
- علي شريعتي والانسان ذو البعدين


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خليل المياح - النظرة الاستعلائية وتبخيس العامة عبر التاريخ