أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - بين إدريسين يتشكل المغرب الجديد















المزيد.....

بين إدريسين يتشكل المغرب الجديد


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 2046 - 2007 / 9 / 22 - 10:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


1 ـ إدريس البصري عنوان الفساد ومهندسه : مما لا شك فيه أن اسم إدريس البصري ارتبط بمرحلة سياسية تميزت بخاصتين بارزتين :
أ ـ الأولى وهي الإمعان في نشر الفساد السياسي والإداري والمالي على مستوى الدولة والمجتمع . إذ خلال هذه الفترة من تاريخ المغرب تدخلت وزارة الداخلية ، بشكل مباشر وسافر ، في إفساد الحياة السياسية عبر صناعة خريطة على المقاس وتأثيثها بأدوات حزبية فاقدة للحياة وللإرادة ؛ وهي التي اصطلح عليها بـأحزاب " الكوكوت منوت" . وكانت وظيفتها الأساسية هي ضرب مصداقية العمل السياسي مجسدا في المؤسسات الدستورية ( البرلمان ، الحكومة ، المجالس المحلية ) التي تحولت ، بفعل الإفساد الممنهج ، إلى مؤسسات لا تكتفي بتزكية الفساد وشرعنته ، بل وأساسا ، تصنع الأعيان الجدد وتقوي نفوذ القدامى . بحيث أصبحت الانتخابات مجالا "للاستثمار" ، كما غدت المسئولية في المجالس "المنتخبة" حقلا للاغتناء . من هنا بدأت تتسع دائرة "الأعيان الجدد" الذين ارتبط وجودهم بسياسة الإفساد الممنهج للحياة السياسية . وهؤلاء هم الذين سيشكلون ما سماه الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي بـ "جيوب المقاومة" ـ أي مقاومة التغيير والدمقرطة . ومن أجل محاصرة كل الجهود الساعية إلى تحديث الدولة وبنياتها ، عمل البصري على إقحام عناصر الإفساد في كل مفاصل الدولة ودعم نفوذها . فضلا عن نجاحه في تشجيع الارتزاق بكل صنوفه ( الارتشاء ، الزبونية ، المحسوبية ، العمالة ، الوصولية ، الانتهازية الخ ) . إنها إستراتيجية واضحة سلكتها الدولة بتخطيط البصري وتنفيذ منه . حقا كان "عبد المأمور" لكن كان خادما ماكرا . هذه الإستراتيجية هي المسئولة عن الانهيار الاقتصادي الذي أوصل المغرب إلى ما أصطلح عليه بـ"السكتة القلبية" . وهي المسئولة عن ضرب قيم المواطنة بنشر ثقافة الفساد والتمييع والتضبيع . بل المسئولة مباشرة عن جعل المغرب بؤرة للإرهاب وضحية له . لقد لعب البصري دورا مركزيا في دعم الجماعات الإسلامية على اختلاف مشاربها ، بل وفي توفير كل الظروف السياسية والثقافية والاجتماعية والقانونية لتفريخ الجماعات وتمويلها .
ب ـ الخاصية الثانية وتتمثل في مستويات البطش وصنوف القهر والتعذيب التي مارستها الأجهزة الأمنية التي كان يشرف عليها البصري ضد المواطنين . لقد ولغ البصري في دماء المناضلين وكرامة المواطنين الذين أحبوا وطنهم حدّ الجنون وتمسكوا بكرامتهم التي هي من كرامة الوطن . إنها باختصار " سنوات الجمر الرصاص" التي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من المناضلين ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر . ومن ثم كان البصري عنوان مرحلة أليمة أفسدت البلاد والعباد وألقت بملايين الشباب في دوامة اليأس وزرعت الرعب في نفوس المواطنين من شر السياسة وشر الاهتمام بالشأن العام . بل جعل الرعب يتجسد في صفوة المناضلين بعد أن حولهم البطش والتعذيب هياكل عظمية تنخرها الأمراض ويسحقها الأسى والغبن . وإدريس بنزكري واحد من ضحايا البصري وشاهد على فظاعته .
2 ـ إدريس بنزكري عنوان النضال ومهندس المصالحة : كل الذين عاشروا إدريس بنزكري ـ رحمة الله عليه ـ شهدوا له بنيل أخلاقه وصدق نضاله . ولم تخمد فيه السنون 17 التي قضاها خلف القضبان وبين زوايا التعذيب شعلة الأمل في مغرب أرقى ووطن أرحب يحضن كل أبنائه ويشركهم في رسم آفاقه . لم يخرج من السجن حاقدا ولا ساخطا ، بل واصل نضاله من أجل إشاعة القيم النبيلة التي ناضل من أجلها إلى جانب ثلة من المناضلين الذين استرخصوا حياتهم لينعم المواطنون بدفء الوطن . وصدق الأستاذ صلاح الوديع ـ رفيق بنزكري في النضال وشريكه في ترسيخ ثقافة المصالحة ـ لما وصف الراحل بنزكري بأنه "نموذج الزهاد والنساك" . فعلا يشهد له سلوكه بالزهد والتعفف لدرجة أنه رفض تقديم ملفه طلبا للتعويض وجبر الضرر على غرار ما فعل بقية ضحايا سنوات الرصاص . لقد جسد بنزكري ومعه المناضلون الستة الذين اكتفوا بدرهم رمزي كتعويض عن معاناتهم خلف القضبان ، جسدوا ـ وبقية المناضلين والضحايا ـ نقيض ما كان يصر البصري على تشكيله . إذ في الوقت الذي عمل البصري على صناعة الانتهازيين والفاسدين المفسدين الذين تكالبوا على ثروات الوطن وعاثوا فيها نهبا وتبذيرا وتهريبا دون وخزة ضمير أو لحظة قلق عن مصير شعب أنهكه القهر والفقر ، تصدى المناضلون لهذه الإستراتيجية وقدموا نموذجا من المواطنين الذين يغنيهم حب الوطن عن الطمع في ثروته أو السعي لنهبها . إذن نحن أمام نموذجين : أحدهما يجسد الإفساد والثاني يمثل الإصلاح .
3 ـ الملك ينتصر للإصلاح والمصالحة : بمجرد اعتلاء الملك محمد السادس سدة الحكم تواترت عنه "الإشارات الإيجابية" بأن أفقا جديدا وأرحب للمغرب بدأ يتشكل . وسرعان ما تجسدت تلك الشعارات في إجراءات قانونية وسياسية أبرزها إعفاء إدريس البصري من كل مهامه الرسمية وتنصيب إدريس بنزكري رئيسا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان . فما أفسده البصري يصلحه بنزكري . ولعل جنازة الراحلين تكشف بوضوح انحياز الملك والدولة لخيار الإصلاح والقطع التدريجي والجريء مع مراحل الفساد ورموزه . ذلك أن تشييع جثمان بنزكري ـ وهو المناضل والضحية ـ في موكب جنائزي مهيب يتقدمه رموز النظام والدولة إلى جانب القيادات الحزبية والجمعوية ، يمثل دليل الانخراط الجدي في مسلسل الإصلاح والمصالحة . بينما جنازة البصري أريد لها أن تكون رسالة واضحة مفادها أن النظام يتخلى عن خدامه الماكرين وعازم على القطع مع إستراتيجية الفساد والإفساد التي عطلت انطلاقة المغرب وشلت تطوره . وهذه حقيقة أقر بها الراحل بنزكري في حوار نشرته جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 22/11/2005 جاء فيه (والأهم، في هذا الباب، هو ما يرتبط بالإصلاحات، فنحن عادة ما نتكلم عن الإصلاحات القانونية والدستورية والمؤسساتية، وقد تسنى لنا بالفعل ان نحدد بالضبط المكمن الذي يجب ان يتم الإصلاح على مستواه .. ولهذا، ربما فاجأ المجهود بعض الناس، لأنه تضمن تقديم مشاريع إصلاحات جوهرية وليست صدفة أيضا. فنحن جزء من هذا المجتمع، وسيكتشف المغاربة أننا نلتقي مع مشروع الإصلاح العام الواسع، وبكل صدق وصراحة سررنا كثيرا لكون جلالة الملك، يصدر أمره، مباشرة بعد اطلاعه على التقرير بنشره. ويقول جلالته "خاص الشعب يعرف هاذ الشي"، ليفتح نقاش حول الموضوع ) . وجاءت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت ـ بشهادة السيد أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ـ في أجواء " سليمة تميزت بحياد حقيقي للإدارة" ، جاءت تؤرخ لبداية تشكل أفق جديد لمغرب الإصلاح والمصالحة الذي يقتضي ـ من كل الضمائر الحية والطاقات الشابة والواعدة ـ الانخراط الفعال والمساهمة المباشرة في إبراز معالم هذا الأفق الجديد ، وتمكين المواطنين من عيشه وليس فقط تصوره. وللحديث بقية .





#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأوصياء على الدين أول من يخرق تعاليمه.
- تداول الأدوار أم تغيير المواقف؟
- القراءة -الجهادية- للدين تقود حتما إلى العنف والإرهاب(2)
- القراءة -الجهادية- للدين تقود حتما إلى العنف والإرهاب(1)
- هل يمكن أن يصير العثماني أردوغان المغرب ؟
- هل ستكون الأحزاب في الموعد الذي حدده الملك ؟
- حوار لفائدة موقع إسلام أون لاين
- لتكن المواجهة شمولية ضد الفساد والإرهاب
- بريطانيا تذوق السم الذي طبخته
- العدل والإحسان تداري عن الفضيحة بادعاء الفضيلة
- أوهام المراهنة على التحالف أو الإدماج السياسي لجماعة العدل و ...
- حتى لا تتسلل ولاية الفقيه إلى البرلمان .
- هيئات العلماء ومواجهة الإرهاب أية استراتيجية ؟
- حماس لن تقبل بأقل من الإمارة والسلطة
- هيئات العلماء ومسئولية الانخراط في حركة الإصلاح الشامل .
- مواجهة الإرهاب قضية خارج دائرة اهتمام المجالس العلمية.
- العيب في ثقافة البداوة وليس في بول الإبل
- الجزائر نيوز تحاور الباحث والكاتب المتخصص في الجماعات الإسلا ...
- المراجعة فضيلة لم تنضج بعد شروطها لدى شيوخ التطرف
- أحداث 16ماي الإرهابية بين النجاح الأمني والفشل الثقافي


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيد الكحل - بين إدريسين يتشكل المغرب الجديد