أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - في التعبير عن الحب














المزيد.....

في التعبير عن الحب


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2045 - 2007 / 9 / 21 - 06:21
المحور: المجتمع المدني
    


الحب امتياز للإنسان، للكائن الذي غادر مرحلة التوحش منذ بضعة آلاف من السنين ليعقل حياته من خلال قيم اكتشفها في دخيلته أو خلقها، أعانته على العيش بسلام وانسجام مع محيطه الطبيعي والاجتماعي فأرسى بذاك أسس المدنية والحضارة. فالحب واحد من تلك القيم، بل أسماها، وهو يعد المحرك الأول للإبداع والعمل والتواصل الاجتماعي، إذ من دونه لربما بقي الإنسان في الغابة. والحب شعور فطري يجعل المرء في تآزر وتناغم مع الآخرين، ويمنح الحياة نكهتها ومعناها. وأخطر الناس هم أولئك الذين لا يقدرون على الحب. وأفشلهم، في الغالب، هم أولئك الذين لا يستطيعون التعبير عنه. وفي معظم الأحيان توضع مفردة الحب نقيضةً لمفردة الحرب. وهناك عنوان رواية للروائي الألماني ( ريماك ) له دلالته في هذا السياق؛ ( وقت للحب.. وقت للحرب ).
ابتكر الإنسان طرقاً وأساليب لا تعد ولا تحصى للتعبير عن الحب وإظهاره ومنها الرقص والشعر والموسيقى والغناء والرسم والنحت، الخ. وكانت الطقوس الدينية وسيلة للتقرب من الله والتعبير عن محبته. وفي معظم الأديان، حتى بعض الوثنية منها؛ الله محبة. ومن يخفق في أن يحب لن يحظى برحمة الرب وجنته. وقد ارتبطت كلمة الحب بكلمات من قبيل؛ الشوق والحنين والشغف والهيام والغرام، وأيضاً؛ الرقة والعذوبة والرهافة والجمال، بعيداً عن القسوة والخشونة والعنف والقبح.
ما ساقني لهذا الكلام الذي ينبغي أن يكون بديهية لا اختلاف عليها هو ما نلاحظه، عندنا، من استخدام مفردات جديدة في التعبير عن الحب سواء في الغناء المبتذل الذي تبثه بعض القنوات الإعلامية أو في بعض الشعر الشعبي الذي يحفظه بعض شباب اليوم عن ظهر قلب حيث يجرد الحب من مضمونه الإنساني النقي والساحر ليغلف بتعابير منفرة وممجوجة لا يعكس إلاّ القبح الكامن في نفوس أصحابه. غير أن ما أثار انتباهي أكثر هو ما يتبادله كثر من المراهقين والمتصابين من الرسائل ( المسجات ) سواء تلك التي تظهر على الأشرطة المتحركة أسفل شاشات القنوات الفضائية أو عبر الهواتف الخلوية ( الموبايلات ). فتشبّه الحبيبة بالدبابة والهمر والقلب بالعبوة التي تنفجر، ويكون الحب قصفاً وتخريباً ودماراً وموتاً. وهاكم مثلاً عن هذا الذي يتمنى ( في قصيدة باللغة الشعبية الدارجة ) أن يكون صاروخاً يثقب سقف بيت الحبيبة لينفجر داخله صارخاً؛ أحبكِ. وطبعاً بعد أن يحيل جسد الحبيبة الفتي والجميل إلى أشلاء.
لا شك أن أحد دوافع مثل هذه التعابير هو السخرية والتهكم وكذلك اليأس في زمن صعب وواقع مرير يسوده العنف والقسوة واللاتسامح وانعدام الرحمة وغياب الحب عن نفوس بعض ناسنا الذين يريدون إعادتنا إلى مرحلة التوحش، إلى الغابة. لكن شيوع هذه اللغة بفظاظتها وضحالتها إذا ما حصل تماد في استخدامها سيؤثر لاحقاً على القاموس المتداول لأجيالنا اللاحقة، وربما حتى على مقدرتهم على الحب والتعبير عنه.
إنها ظاهرة سيئة، إلى جانب مئات الظواهر السيئة الأخرى التي تسمم حياتنا وتحاول سد آفاقها، وهي جديرة بالرصد والبحث والاهتمام من قبل علماء النفس والاجتماع والتربية والسياسة، ومن قبل الأدباء والمثقفين كافة. فوظيفة الشريحة العلمية والفكرية والتربوية العراقية هي متابعة إفرازات وظواهر ومشكلات واقعنا العراقي الموروثة منها والمستجدة، واقتراح المعالجات والحلول لها قبل أن تستفحل وتغدو حالات مرضية ميؤوس منها.
الحب شعور فطري ينبع من صميم النفس البشرية غير أنه يمكن أن يُهذب بوساطة الثقافة. فمن المهم أن يحب الإنسان لكن الأهم هو أن يعرف كيف يعبّر عن حبه.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -البيت الصامت- رواية أجيال وآمال ضائعة
- -صورة عتيقة-: رواية شخصيات استثنائية
- حكم الضمير
- مأزق المثقفين: رؤية في الحالة العراقية
- في ( بذور سحرية ): نايبول يكمل مسار ( نصف حياة )
- منتخبنا الوطني، لا الطائفي
- العدالة أولاً
- سحر السرد
- حدود العراقي
- في مديح الشعراء الموتى: أديب أبو نوار.. وداعاً
- المثقف الآن
- أبيض وأسود
- البانتوميم نصاً أدبياً: محاولات صباح الأنباري
- ابنة الحظ لإيزابيل الليندي؛ رواية حب ونهوض مدينة
- تحوّل الاهتمامات
- أنا وحماري لخوان رامون خيمينث: بلاتيرو في العالم
- من لا يتغير؟
- مصالح
- الاستشراق والإسلام قراءة أخرى لشؤون الشرق
- -تقنية شهرزاد في -حكايات إيفا لونا


المزيد.....




- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - في التعبير عن الحب