أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فايق - الصيام بالجبر... هل يقبله الله؟















المزيد.....

الصيام بالجبر... هل يقبله الله؟


جورج فايق

الحوار المتمدن-العدد: 2038 - 2007 / 9 / 14 - 07:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بداية أهنئ جميع قارئي مقالي من المسلمين بشهر رمضان المبارك؟ رغم اعتراضي على تصنيف أيام السنة إلى أيام مباركة وأيام غير مباركة لأن تقديسنا للأيام معينة ينزع القدسية عن باقي أيام السنة، ونحن الذين نجعل هناك أيام مقدسة وأيام أخرى غير مقدسة بأفعالنا وكل عام وأنتم بخير.

بداية ما هو الصوم؟ الصوم ما إلا فعل حب تجاه الله الخالق يمتنع فيه الإنسان بإرادته عن الأكل والشرب أو عن أصناف معينة من الأكل ليس ليرضي الله كما يظن المعظم لأن الله ليس في حاجة إلى صيامنا أو إفطارنا، إنما نحن الذين نحتاج إلى الصوم لندرب أنفسنا على ترويض أجسادنا وتهذيب أرواحنا والسمو بها لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح تشتهي ضد الجسد وكلما سيطرنا على أجسادنا وشهواتها سمت أرواحنا وحلقت أرواحنا وارتفعت ولأن الإنسان يتكون من جسد وروح فإذا انتصرت شهوات الجسد على روح الإنسان تحول الإنسان إلى حيوان تسوقه شهواته، والصيام إحدى وسائل تهذيب الجسد والسيطرة عليه، ولكن لا يجدي أن يتم هذا الصيام بقانون أوجبر الإنسان عليه لأن الجبر والإكراه يضيع الغرض من الصوم و هو حب الله و لا يجتمع الحب و الإكراه معاً لأن أهم شروط الحب الإرادة و الاختيار
الصوم والصلاة التي تؤدى دون محبة الله هي مجرد طقوس و شعائر، نؤديها بغرض الظهور كأناس أتقياء أمام المجتمع و ما هذا إلا خداع النفس، لأن أي عبادة صلاة أو صوم أو صدقة ليس منبعها محبة الله هي عبادة باطلة، وأي عبادة بالجبر والفرض لا طائل منها لأن الجبر والفرض يتنافيان مع الحب ولذلك إن مطاردة شرطة البلاد المؤمنة للفاطرون رمضان جهراً يجعلنا نتساءل بأي حق يفرض الصيام على الناس؟ وماذا فعل الفاطرون جهراً حتى يحبسوا أو يدفعوا غرامة أو يرحلوا من هذه البلاد؟ إن كانوا وافدين عليها أو من العاملين الأجانب بها؟ قد نجد إجابة من الذين يدافعوا عن الجبر إن الفاطرون لم يراعوا مشاعر الصائمين، ولا أدري أنا كصائم حباً في ربي ماذا يؤذي مشاعري أو ماذا يجرح إحساسي إن رأيت إنسان يأكل أو يشرب أو يدخن أمامي جهراً؟ هل أغير منه لأنني لا أستطيع أن أفعل مثله؟ أم أنا أتباهى علي غير الصائمين؟

وهل يجوز أن يضيع الصائم وقت الصيام في النوم والفرجة على المسلسلات والفوازير حتى يحين ميعاد الإفطار فنسرع بالجري على مائدة الأكل حتى نعوض ساعات الصوم بالحشو والأكل حتى يعجز عن القيام من كثرة الأكل؟
وهل إن صام موظف وعطّل مصالح الناس لأنه صائم ولا يقدر على العمل وهو صائم ويعامل الناس معاملة سيئة بحجة أنه الصيام يجعله عصبي وأنه يفتقد سيجارة الصباح أو كوب الشاي ويا ويل إن وجد أحد المواطنين كان فاطراً وطلب منه أن ينجز له عمله سوف يسمع ما لا يسره حتى يصل إلى اتهامه بالكفر.

وكأن الصيام يجيز إهانة الناس وسبهم؟ أما في الشوارع مصر المحروسة فأخلاق الصائمين يلزمها أساتذة الاجتماع وعلم النفس لتحليلها لكثرة السباب والخناق والتعارك لأن الصائمين أعصابهم ثائرة.

وقبل ميعاد الإفطار بساعة نجد الجميع يجري كأنه في مارثون عالمي للحاق بالأكل وكأن من في البيت وحوش كاسرة سوف يأكلون الأكل كله وإن وصل متأخر دقائق أو ساعات لن يجد ما يقتات به ولذلك نجد حوادث السيارات تكثر قبل الإفطار بلحظات وكأنهم مساجين أطلقوا سراحهم ليأكلوا.

وكأن الله لا يستحق دقائق صيام إضافية فهو أخذ حقه فلما يطالب بدقائق أو ساعات إضافية هكذا نحاسب الله بالثانية والدقيقة ونجري وندهس الآخرين من أجل الإفطار وكان أولى أن يهذب الصيام سلوكنا ويجعلنا هادئين وليس في عجلة للأكل والشرب وكأن الله هو الذي يحتاج صيامنا ويجبرنا عليه.
الصوم لا يجعل الإنسان ثائر يصرخ ويهب في وجه الناس ويقول اللهم إني صائم وإنما الصائم لا يتباهى بصومه ويتظاهر به لأن الصوم رياضة للنفس وتدريب للجسد وكما قال السيد المسيح ما يدخل فم الإنسان لا ينجسه أما الخارج من فم الإنسان هو الذي ينجسه أي الطعام والشراب لا ينجس الإنسان، وإنما الكذب والخداع والنفاق والشتيمة...، هذه الأشياء هي التي تنجس الإنسان فدعونا نصوم عن الشرور وأذية الناس فهذا هو الصيام الحق الذي يتبع بسلوك حسن فلا يجوز صيام مع رشوة أو سرقة أو استغلال وهذا الأشياء أولى أن نصوم عنها

وحتى نكون موضوعيين لا بد أن ننقد أنفسنا فكنيستنا القبطية الأرثوذكسية تشتهر بكثرة أصوامها، فنصوم ما يقرب من ثلثي السنة حتى تحول الصيام من وسيلة للسمو بالروح وتهذيب الجسد إلى أن الصيام أصبح هدف في حد ذاته ورغم أن المسيح لم يحدد طريقة معينة للصيام نجد أن الكنيسة حددت الصيام النباتي ولم تحدد كيف يصوم النباتيون؟ هل يصوموا عن الأطعمة النباتية بأكل أطعمة حيوانية؟ لم تكشف لنا الكنيسة لماذا لم يحتوي العهد الجديد على طريقة الصيام النباتي؟ فلا نجد آية واحدة تقول أن الصيام يكون بالأطعمة النباتية وأنا لا أقصد التشكيك في طريقة الصوم بقدر ما أرفض فرض طريقة معينة ومنهج واحد للصيام لكل البشر؟ وكل الأحداث والقصص التي وردت في العهد القديم مثل الفتية الثلاث ورفضهن أكل لحوم ذبائح الملك ليس لصومهم ورغبتهم في أكل أطعمة نباتية لكن لأن الفتية الثلاث كانوا يهود وحسب شريعة اليهود لا يأكلون من ذبائح ملك وثني خشية أن تكون ذبائحه قد ذبحت للأوثان.

النقطة الثانية والأهم هو أن الصيام في المسيحية ليست فرض ويجب أن لا يفرضها أحد على المسيحيين وأن الله لن يقبل منا صوم بالجبر أو الإكراه سواء كان هذا الإكراه مادي أو معنوي ويجب أن ينصح أباء الكنيسة الشعب بالصيام ويحثوهم عليه ويعلموهم أن يصوموا بطريقة صحيحة ولكن لا يحق لهم أن يفرضوه على الشعب
يجب أن تقضي الكنيسة على شبهة فرض صيام على الشعب التي تسربت إلى المسيحية فلا يحق أن يمنع غير الصائمين من التناول لأنهم غير صائمين أليس هذا وسيلة جبر وفرض للصيام وتميز للصائمين عن غير الصائمين وأذكر آباء الكنيسة بقول السيد المسيح في متى 6 (16:18) ومتى صمتم فلا تكونوا عابثين كالمرائين فإنهم يغيرون وجهوهم لكي يظهروا للناس صائمين الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم وأما أنت فمتى صمت فأدهن رأسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.
وأذكرهم أيضاً بمثل الفريسي والعشار فالفريسي وقف يصلي في نفسه وافتخر بصلاته وصومه أما العشار الذي قد يكون غير صائم قال اللهم ارحمني أنا الخاطئ فنزل العشار مبررا،ً وقد قال يسوع هذا المثل لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار ويحتقرون الآخرين لكونهم لا يصومون أو لا يصلون كثيراً أو لا يقدمون صدقة فالله لا يريد شعائر وفروض فارغة من الحب ويشوبها الجبر وإنما يريد أن يكون الصوم والصلاة والصدقة نابعة من رغبة وحب حقيقيين.



#جورج_فايق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رداً على الأستاذ جمال البنا
- ماريو وأندرو والفانوس السحري
- ماريو و اندرو الطفلان القبطيان و الفانوس السحري
- بدور المصرية وحديث أم عطية
- بدور المصرية و حديث أم عطية
- شعوب غير مؤهلة للديمقراطية
- مراثي الأقليات في الشرق الكريه
- مرة أخرى لماذا يكرهون بناء الكنائس ؟
- البضاعة المباعة لا ترد و لا تستبدل
- تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب
- ليس دفاعاً عن كمال غبريال و أنما أحققاً للحق
- دولة دينية صريحة أفضل من دولة دينية مستترة
- الحكم بصلب السيد المسيح هو اشهر فساد لمحكمة عبر التاريخ
- من يخلص السيدة من يد جاريتها ؟
- مازال يوحنا يصرخ و يصرح بالحق في برية الخوف و النفاق
- كلام في العضم مسلمون وأقباط
- تعلموا منا كيف تكون الحضارة أبها العلمانيون
- تعلموا منا كيف تكون الحضارة أيها العلمانيون
- إلى من نادى بقبول اعتذار محمد عمارة
- هل يجدي الحوار مع الحمار؟


المزيد.....




- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج فايق - الصيام بالجبر... هل يقبله الله؟