أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد المدلاوي المنبهي - من تجربة -التناوب التوافقي- إلى فرصة التناوب الديموقراطي بالمغرب















المزيد.....

من تجربة -التناوب التوافقي- إلى فرصة التناوب الديموقراطي بالمغرب


محمد المدلاوي المنبهي

الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 06:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


أعطى وزير الداخلية المغربي مساء يومه السبت 08 سبتمبر 2007، كما كان قد وعد بذلك، النتائج الأولية للانتخابات التشريعية المغربية التي جرت يوم أمس الجمعة، والتي ستعرف نتائجها الرسمية النهائية مساء غد الأحد كما هو مجدول في البيانات الصحفية لوزارة الداخلية نفسها.

وإذا كانت الرهانات الوحيدة التي كانت معقودة على تلك الانتخابات تنحصر في بعض الدلالات السياسية الكبرى ولا علاقة لها باختيارات التدبير السوسيوقتصادي، كما أشرنا إلى ذلك في مقدمة مقال سابق ("الحوار المتمدن"، صفحة http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=107931)، فقد تميزت تلك النتائج الأولية بإبراز معطيين سياسيين. هما:

 المعطى الأول، هو انخفاض صارخ لنسبة مشاركة الناخبين التي لم تتجاوز 37 في المائة. وبعيدا عن الضياع في تفاصيل الأدبيات السجالية التي راجت مساء أمس الجمعة (يوم الانتخاب) خلال الأمسية الإعلامية التي غطت من خلالها القنوات التلفزية والإذاعية الحدث فيما يتعلق بدلالة هذه النسبة، يمكن إجمال أسباب ثم دلالات هذا المعطى الأول في النقطتين الآتيتين:

(1) انعدام تميز مساهمة القوى السياسية المشاركة في حكومتي التناوب التوافقي القائمة (التناوب "أ" مع حكومة السياسي عبد الرحمن اليوسفي بتعديلها، وشبه التناوب "ب" مع حكومة إدريس التيقنوقؤاطي إدريس جطـو) في رسم معالم إي ورش من الأوراش الكبرى التي فتحت خلال تلك التجربة (الملف الثقافي واللغوي، ملف مدونة الأسرة، ملف مبادرة التنمية البشرية) والتي كانت كلها مبادرات من طرف المؤسسة الملكية، مما جعل ألوان بروفيلات تلك القوى السياسية تبهت وتتحول مع الزمن في أعين المواطن إلى مجرد بروفيلات تيقنوقراط مقـنـّعين لا يربطون دورهم العمومي ويبررونه بالدفاع عن أفكار وبرامج تعبوية واضحة حول قضايا موصوفة (التعليم، المرأة، علاقة الدين بمختلف السلط، قضايا الجهوية، الخ) ولا بمواقف سياسية ملموسة يتميزون بها ويتعارضون بشأنها مع خصومهم السياسيين. أضف إلى هذا ما اعترى البنيات الداخلية لتلك الهيئات السياسية من تصلب وانسداد آفاق أمام إمكانيات التطوير الفكري وتجديد دماء العنصر البشري من خلال استيعاب الأجيال وتناوبيتها الداخلية، مما نتج عنه وباء حزبية تكاثرية تجاوزت الآن منتصف "ستين حزب" مما جعل البقر في النهاية يتشابه على الناخب.

(2) اختفاء الواقع القديم والأساليب القديمة التي كان فيها كثير من الناخبين من أوساط معينة يشاركون في الانتخابات ليس بفعل إقبالٍ يحرّكـه وعيٌ المواطنة والانتصار إلى حزب أو مرشح معين، ولكنهم يفعلون ذلك إما بفعل التعبئة المخزنية المباشرة عبر الحافلات وانطلاقا من مؤسسات عمومية أو خاصة، وإما لمجرد الخوف العامي، بالنسبة للأميين، من عواقب عدم المشاركة (كانت تقدم الانتخابات كخدمة مدنية إجبارية)، وإما بفعل شراء ضمائر المصوتين لما كانت الترشيحات في القانون الانتخابي السابق تتم بالاسم وليس باللائحة. وهذا الوجه الأخير لتفسير نسبة المشاركة وجه إيجابي الدلالة، بما أنه يعكس تحولا في طبيعة فعل التصويت، من عملية قسرية أو إغرائية رخيصة كما كان، إلى اختيار من اختيارات المواطنة الحرة وممارسة الديموقراطية كما يبدو أنه قد أصبح. ولكي يعطى للأمر كامل دلالته، ما علينا إلا نقارنه بالانتخابات والاستفتاءات العالمثالثية التقليدية التي لا تنزل فيها الأرقام (مشاركة، تصويتا بنعم) عن الرقم 90 في المآئة (غالبا ما فوق 99، وما دون المائة حياءً)، وأن نشير إلى أنه في البلدان العريقة في الديموقراطية ينتخب رؤساء الدول بـمجرد ما فوق 50 في المائة مهما كانت نسبة المشاركة (لنتذكر انتخاب الولاية الأولى لــ"جورج بوش الابن")، وأن الشعوب الديموقراطية الواعية تعرف متى وكيف تنتفض حينما تدرك أن رهانا سياسيا مصيريا قد استجد بالرغم من انعدام رهانات سوسيو-اقتصادية كما حصل في الدور الثاني من الرئاسيات الفرنسية سنة 2002 حينما هب الفرنسيون لقطع الطريق أمام خطر اليمين المتطرف فصوتوا على شيراك بأكثر من 82 في المائة (82,21)بعد أن لم يعطوه في الدور الأول إلا أقل من عشرين في المائة (19,88).

 المعطى الثاني من معطيات النتائج الأولية للانتخابات 07 سبتمبر 2007 التشريعية بالمغرب يتمثل – في نوع من المفارقة – في حسنةِ ومزيةِ كونِ تلك النسبة الضعيفة للمشاركة، التي أشير إليها في النقطة (1) أعلاه، قد أفرزت، ربما كردّ فعلٍ سوسيو-سياسي ضد انبهام معالم الخريطة السياسية وبهاتة ألوانها، خريطةً واضحةَ المعالم؛ وذلك كما لو أن تلك المشاركة قد اقترحت تلك الخارطة في أفق خوض غمار الانتخابات الجماعية المقبلة والانتخابات التشريعية لسنة 2012 في مغرب يكون، بعد إنجاز تجربة "التناوب التوافقي" التي أرست ثقافةَ السياسة باعتبارها تداولا من حيث الجوهر محل ثقافة السياسة باعتبارها مجابهة (confrontation) مصيرية من حيث الجوهر، وبعد تجربة انتخابات 2002 و 2007 التي أرست نظام الانتخابات من تسجيلٍ وتصويتٍ كتمرّس وممارسة حرة لحقوق وواجبات المواطنة وليس كخدمة إجبارية أوكمساع تكسـّـبية، قد أضاف إنجازا سياسيا حاسما جديدا في طريق مسيرته الديموقراطية، ألا وهو إنجاز "خارطة طيفها السياسي واضح ومفروز المعالم" قوامه قطبٌ يميني قوي، وقوى وسط، وقطب يساري قوي، ومن شأن وضوح طيفها ذاك أن يساعد المواطن على تبين الخيط الأبيض من الاسود فيسهل عليه الاختيار والانخراط الإيجابي ليس فقط أيام الانتخابات ولكن على طول حياته المدنية.

فإذا كانت ظروف سابقة معينة، كانت فيها السياسة في المغرب تمارس كمجابهة وليس كتداول، قد أعطت لتكتل سياسي كــ"الكتلة الوطنة" مبررا لوجودها كمعقل احتماء وحضيرة إثبات وجود في فترات صعبة من تاريخ السياسة في المغرب، فأن الظروف السياسية الجديدة بالمغرب في العشر سنوات الأخيرة تجعل من الصعب على المواطن، الذي له إلمام معين بالأدبيات الأساسية للأحزاب ولتراث تجاربها في السلطة أو في المعارضة على الخصوص، أن يتصور مثلا حزب الاستقالال أقرب إلى الحزبين اليساريين "الاتحاد الاشتراكي" و"التقدم والاشتراكية" منه إلى "لعدالة والتنمية" و"الحركة الشعبية" و"الاتحاد الدستوري"، و/أو أن يتصور أحد الحزبين اليساريين المذكورين أقرب إلى ذلك الحزب أو إلى بقية تلك الأحزاب الأخرى منهما إلى بقية تنظيمات اليسار، التي هي في الحقيقة، ومن حيث تارخها، عبارة عن انشقاقات عنهما بسبب الانسدادات الداخلية التي سبقت الإشارة إليها.

وإذا كان من الطبيعي اليوم، بمقتضى حكم نتائج الاقتراع أن يشكل "حزب الاستقلال" مع أحزاب "العدالة والتنمية" و"الحركة الشعبية" و"التجمع الوطني للأحرار" و"الاتحاد الدستوري" حكومة منسجمة بحكم القرابات الفكرية والأيديولوجية وحتى من حيث تاريخ العلاقات مع ممارسة الحكم (يجب إلا ننسى بأن حزب العدالة والتنمية منبثق عن حركة الدكتور الخطيب)، فأن من الطبيعي جدا كذلك أن يشكل الاتحاد الاشتراكي وجزب التقدم والاشتراكية وبقية أحزاب اليسار قطبا يساريا للمعارضة يتعين أن يتم الانهماك على معالمه التنظيمية بما يتجاوز عقبة وعقدة الانسدادات الداخلية ونقيصة التشرذمات الخارجية التي يستعصي على المواطن الراغب في الانخراط أو في التصويت أن يتبين أسسها السياسية.

وإذا كان حزب كبير مثل حزب الاتحاد الاشتراكي - وكذا حزب التقدم والاشتراكية- الذي قام بدور حاسم في مسيرة المغرب عبر تجربة "التناوب التوافقي" المقترنة بـ"تجربة المصالحة" اللتين جعلتا المغرب يعبر بسلام برزخا لم يكن بالسهل، أقول إذا كان ذلك الحزب قد تأثر أكثر من غيره، وأكثر مما كان متوقعا، بمفعول عشر سنوات من التآكل السياسي الناجم عن ممارسة السلطة في ظروف "التوافق"، وعن متاعب انسداداته الداخلية على المستوى التنظيمي التي لم يتميز كثيرا في شأنها عن بقية الأحزاب التقليدية، فإن هذه المناسبة بما أسفرت عنه من نتائج لا ترضيه في الأمد المباشر، تشكل، ربما، بالنسبة له فرصة لإعادة تحديد مهامه، ورسم الآليات التنظيمية داخليا وخارجيا اللازمة لإنجاز تلك المهام. فإذا كان مؤتمره الاستثنائي قد مكنه من الحسم في "الاختيار الديموقراطي" ومن التدرج بدءا بتجربة المجالس المحلية وانتهاء بتجربة "التناوب التوافقي" التي يـبدو اليوم جليا أنها أدت مهمتها واستنفدت آخر شحنات طاقتها، وأن لا حياة سياسية حقيقية اليوم في المغرب خارج مربع تدشين "التناوب الديموقراطي"، فإن مهمة أعداد معارضة عصرية وقوية قائمة على أساس قضايا مجتمعية وفكرية وفلسفية أساسية ومصيرية يتجدد معها الخطاب بشكل يجعله من جديد خطابا مستقطبا لكافة الطاقات وخصوصا الشباب أو كهول 2012 وما بعدها، لمن أنبل المهام التي يمكن أن ينجزها حزب أو مجموعة من الأحزاب.



#محمد_المدلاوي_المنبهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة أعمال فنية ومدرستان لتدبير الخلاف (تذكير بمناسبة عودة ...
- عن تقاليد الموسيقى الأمازيغية لدى اليهود المغاربة
- انتخاباتٌ تشريعية بالمغرب بدل -قومة- 2006 التي لم تقع
- من برج بابل إلى برج مانهاتان ومن التتر إلى الطالبان
- بذل المجهود لرسم ما بين العلم والرأي من حدود(1*)
- التسونامي والله Tsunami and God (بقلم الربي بنيامين بليخ)
- التربية والتعليم، وتفجير طاقات الشباب (تذكيرات لا بد منها)
- الحافظ الصغير (من وحي الكاريكاتور الذي زعزع أركان أمة) 1*
- العطلة (1*)
- قضية الصحراء: عودة إلى تطوير الخطاب والسياسة في المغرب (*1)
- أسئلة حول التنوع الثقافي واللغوي في وسائل الإعلام بالمغرب (* ...
- اللغة العبرانية في عشرية تدبير اللغات الأجنبية بالمغرب (*1)
- فصيلة الأسئلة المغيَّبة في النقاش حول حرف كتابة الأمازيغية ( ...
- أسئلة حول اللسانيات والبحث العلمي بالمغرب (حوار)
- هل من تعارض وطني بين إنصاف الأمازيغية وتأهيل العربية؟ (حوار)
- موقع اللغة الأمازيغية من التعدد اللغوي بالمغرب
- انطباعاتٌ عن طباع وطبوعٍ وإيقاعاتٍ من بايروت
- عن اللقاء حول مسألة الديموقراطية في المملكة المغربية


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد المدلاوي المنبهي - من تجربة -التناوب التوافقي- إلى فرصة التناوب الديموقراطي بالمغرب