أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ستار موزان - الزمن والمكان في تصدُع الطيران















المزيد.....

الزمن والمكان في تصدُع الطيران


ستار موزان

الحوار المتمدن-العدد: 2034 - 2007 / 9 / 10 - 07:13
المحور: الادب والفن
    



صدرت المجموعة القصصية الجديدة للكاتب والقاص العراقي مصطفى محمد غريب بعنوان (تصدُع في الطيران) عن دار ازمنة في عمان وقد احتوت المجموعة على ثلاثة عشر قصة قصيرة ذات ابعاد واقعية وزمنية وانسانية ويبدو ان ان ( تصدُع في الطيرن) التي انتجت في النرويج في مدينة (jøvik ) يوفك التي تقع شمال العاصة اوسلو اتسمت بالواقعية او اتسمت بانتمائها الى المدرسة الواقعية في الكتابة القصصية ، اذ اني ازعم من ان مصطفى محمد غريب هو كاتب واقعي حيث ذهب في مجمل اعماله القصصية والروائية الى الواقعية التي تشير الى الزمن النازل نحو المكان القلق أو فلنقل المكان الصاعد نحو الزمن السائر بشكل تدريجي ، الى ذلك يبدو غريب انه ينتمي في فنه القصصي وخاصة عند ذلك (التصدُع في الطيران) الى موضوعة رسم الشخصيات وملامحها بشكل يتفق مع حركة الزمن وانبجاسات المكان في كل بعد من ابعاد الكتلة الاجتماعية التي تتحرك في المسار الذي رسمه الكاتب وهنا لا بد من الاشارة الى ان المجموعة القصصية التي عالجت زمناً ومكاناً في الشرق من خلال ثقب فني يقع في مخيلة الكاتب التي تنبجس من الغرب كانت تمثل انزياحاً زمنياً مختلاً في واقع الامر فدخول الزمن الستيني واحداثه في المكان الذي ينتمي الى الالفية الثالثة والخروج عنوة الى فضاء التسعينيات واستدراك مكان الحرب التي وقعت بموازاة الانقلاب العسكري الستيني وترك الفجوة التي ما ردمت مابين المكان والزمان حيث الاحتلالات المتعاقبة على المكان القلق بزمانه المنفلت من المدى الافتراضي والهروب اخيرا الى تامل القاص الغريب في الزمن الغريب ، كان دخول وخروج الزمن في الاحداث والوقائع والشخوص عند ذلك السرد القصصي يمثل احتجاجاً فنياً وتأريخياً على المكان وانتمائاته الزائفة من خلال الاسقاط السياسي على كل دائرة دارت هناك! . ان الكاتب مصطفى محمد غريب جعل من الزمن الذي مضى عن مرحلة الستينيات في اكثر قصصه ودخوله مرحلة التسعينيا ت ومن ثم الصعود نحو الالفية نفسها كان يمثل قوة استدراكية ومشعة بل كاشفة عن مرحلة اجتماعية وسياسية معقدة ذلك لان المتسع في موضوعة الصراع لم يكن يمثل مساحة حية وحسب بل هناك ما كان ضيقا ومحصورا في حركة المتسع وهو افتراضي وتأملي كما ذهب اليه الكاتب غريب وصفاً وتعبيراً ففي قصة انتظار جسم غريب موضوعة الرحيل المؤقت والذهاب الى ذلك المجهول الذي كان السجن والتعذيب ممثلاً اياه تجسيماً زمنياً راسخاً بل وتجسيماً مكانياً متحداً معتقداً ذات الوقت من ان العنصرين الزمان والمكان هما متحدان في ما يتمخض عن نتائج تحليلة كان الكاتب قد رجرجها هكذا لكن الامر لم ينتهِ عند هذا الحد بل ذهب ذلك الانسان الى المجهول قسراً فعاد منه بدون ملامح روحية او جسدية بالرغم من انه كائن وحسب لقد نُهبتْ انسانيته وشكله الذي كان ينعم بالمكان والزمان باعتبارهما صورتين عاكستين لحركة ذلك الكائن الجمالية والانسانية ويبدو ان الكاتب مصطفى محمد غريب قد راى ذلك الشرخ الزمني من خلال شيئية المكان الذي يحيى فيه في الغرب الاسكندنافي معتبرا ان تلك التجربة هي بمثابة ولوج زمكاني وحسب لكن في القصة التي تنتمي ايضا الى المجموعة نفسها( عند ذلك دفعت القسط واسترحت) المبنية محورياً على حوار مثير حدث مابين المريض والطبيب حول نصيحة قدمها الطبيب الى مريضه بحشو احد أسنانه لكن النصيحة كانت في غير محلها مما ادى الى قلع السن بسبب عدم دراية الطبيب الطبية مما ادى الى نزاع قانوني مابين الطبيب والمريض فبدأت الحوارات والخطابات والرسائل مابين الطرفين على اساس ان الطبيب ارسل فاتورة الى المريض لدفع تكاليف المعالجة في حين رد عليه المريض بضرورة التعويض لانه تسبب بقلع سن من اسنانه خطاً فكانت النتيجة اخيرا ان الطبيب ظهر على خطأ من جانب عمله في حين كان المريض على صواب حتى من الجانب القانوني ، هنا اريد القول من ان الحوار في هذه القصة رسم بعينه زمناً يسيرُ بشكلٍ تاملي مبعثهُ تسديد نظرة قوية وصلبة حيال المكان ملؤها التمسك بالحق والقانون والشعلة التي تنثر الزمن على المكان مثلما فعل ذلك الشاعر الياباني حين رمى بقصيدته نحو شاطيء مكاني متمسك بزمن مشيء حيث قال: ( من يجروء الليلة على ملازمة البيت وهناك قمر شاحب ينثر الفضة على شاطيء القصب) . المشهد الذي حوّلهُ القاص محمد غريب في القصة (تصدُع في الطيران) كان في واقع الامر يرمي من مؤسسته الزمنية الى مكان يرمي بروحه عليه بعد ان يحلق بعيداً عن كل ماهو مرئي وزمني يعود بنسبه الى ذلك المكان المنفصل افتراضاً ومؤقتاً الذي ملأ الروح انكسارات ومصائب وانهيارات في البُنى المحلولة وحسب اقول ان ميكانيك القوة التي دفعت بكل هذه الانحلالات ماكانت لتعصف بموضوعة المكان الذي شكل غيابه في رؤية الكاتب غريب الا بلوغاً تاريخياً في سرد الاحداث التي ارتكزت عليها المجموعة القصصية بشكل عام فغياب المكان على سبيل المثال في لجة او زحمة تدافع الحدث على حدود البلاد التي خرجت عن القانون في قصة (المهرب) كانت تمثل غيباً للمكان فتلك الحدود المشتلعة والممتدة على طول العذابات والانتهاكات الصارخة كانت في الواقع تمثل عذاباً لتلك الشخصية التي ايدت الخروج عن القانون الذي يمثل خروجاً عن العذاب نفسه فالقانون كان شراً يهتدي به وهو يمثل مرحلة انقلابية سريعة ومروعة بالنسبة الى ذلك المكان الذي غاب على الحدود والنفس والحياة ، المكان الذي غابَ دفاعاً عن الحياة التي ضاعت على الحدود بعد ان كان موضوع التهريب والمهرب قضية مكانية مرتبطة بغياب زمني ايضا ولا تعدو ان تكون مكانية الا بفعل الموت الذي انتهت به القصة على الحدود ، كان المكان غياباً وكان الغياب زمناً منوطاً بهستريا سرية فكان بُنية.
ان القاص مصطفى محمد غريب في مجموعته الجديدة ( تصدُع في الطيران) اراد منا ان نكترث الى الارتباط الزمكاني المفترض ولو سرياً مابين مرحلتين مهمتين للغاية الاولى تشكل البُعد الستيني والثانية تشكل او تمتد الى بُعد الحرب وما تلاها من اسفار زمنية وتحولات غريبة في ذلك الزمن المتطور ، طبعا ففي قصة (المهزلة) يصر الكاتب عل عدمية الاشياء هناك لما قرر ذلك البطل الذي لوح به الكاتب نفسه ان يعيش المهزلة منزوياً بعيداً عن اي اتصال اجتماعي او حيواتي وكان ذلك في مكان لم يبعد كثيراً عن المساحة المفترضة عن الكاتب نفسه وكان شرقاً ، أما في نفس السياق ومغترباً في الزمن إذ نجد ان الشخصية نفسها تعالت عن الانخفاض في عالم المكان المرسوم لها قسراً فكان الفضاء اكثر علواً مما كان وكانت الحرية اكثر توتراً مما كانت او ما كانت أصلاً وكانت في غياهب الجُب فقد حدا بالشخصية نفسها ان تبحث عن الضائع ليس في القطار المتصل بالسرعة والوصول اخيرا حيث المكان يتنفس بل بالبحث ايضا عن الشنطة الضائعة التي تحمل اسفار الغريب نفسه حيث العثور عليها على الرصيف الذي ودعهُ بعد قليل ، كان قد هبط من القطار بحرية باحثاً عن ما ولى وغاب بينما هناك في تلك الفجوة الغائبة الغامضة الملعونة لم يكن بستطاعته إلاّ الإنزواء تحت ذلك الجلد الذي يعتقدهُ بانه مرير للغاية وليس بمرئي بينما العكس هو الصح فكلُّ شيءٍ كان واضحاً حتى الحياة التي تسببت بخسارت كبيرة وهو يعدو نحو المحطة او الحدود . في قصة ( سر المقتول المتربص) يمضي الكاتب مصطفى محمد غريب الى ادانة مرحلة خطيرة من مراحل الحرب العراقية الايرانية والتي فيها صار الاغتراب سراً لمّا مضى الوقتُ خانقاً المكانَ في اكثر من موضع بل في أكثر من معنى وأكثر من ذهاب واياب فمنذ دخول الوقت في باكورة الدلالة للمكان اجهزَ عليه فاراداهُ قتيلاً حيث القوة الغاشمة وانتهكات الحبل الانساني هو السائد فما عاد ذلك المكان يمتد مع جذور الطفولة والبيوت التي كانت ناصعة البياض رغم بساطتها ورغم قلقها التأريخي فهي اعتادت على ان تنتهك بسبب الطواريء التي كانت تمثل ذريعة للحرب ، ذلك الكائن الذي لم يقبل ان ينتهي في يوما ما وعدم انتهائه في الواقع يمثل حيرة انسانية وغموض استحواذي يُصيب المعني بالحرب بشكل مباشر فما كان من الكاتب مصطفى محمد غريب إلا ان يمضي بتصوير تلك الادانة المباشرة والواقعية في محور مهم من محاور العمل الفني القصصي التي تجسم في عملية البحث عن الاخ المفقود الذي ذهب الى حربين وحشيتين على حد تعبير الكاتب غريب ، كان لا بد من السفر للبحث عن الاخ بعد ان غاب غياباً طويلاً عن العائلة والأهل والحارة والاصدقاء وطبعا الام بشكل خاص إذ وجد نفسهُ مكرهاً انسانياً وواقعياً ان يلحق بالمكان الغائب للبحث عن الاخ الذي غالباً ما ينجو من الحرب اينما اندلعت واينما مضت لكنَّ هذه المرة بدتْ الحرب غير ما كانت عليه فموضوعة الامل في انتهائها ليس وارداً البتّة وبناءً على ذلك كان الغيبا المطلق يلوح للاخ الشارد وراءَ أخيه ضارباً عرض المكان طولَ زمان غريب، أيُّها الغريب أين أنتَ؟ هكذا يطلقُ صرخة في البحث في المكان عن اخيه الضائع او الغائب لكنَّ الزمن كان قد انقض على سر ذلك المكان جاعلاً المكان شهيداً حياً او ميتاً عند اصفرار تلك الصحراء التي كانت في البدء مياهاً واخضراً ، في اللحظة الحاسمة التي كان يبحث عن اخيه في غياهب الحرب التي لن تنقطع حيث الجنوب كان قد خرج له من يحاول ان يقتلهُ هو ايضاً بعد ان نزعت الحرب ظلال روحه هو الاخر إذ حاول ذلك اللص والقاتل ان يقضي عليه لكنَّ الرجل الذي كان يبحثُ عن أخيه بحرقة تدارك الموقف الصعب وانقلبَ على ذلك اللص فقتلهُ دافعاً الشرَ نحو حفرة خربة فكان الزمن قد انقض على المكان وكان المكان قد ضيّعَ أيضاً حركة الزمن الذي جسمَ أخيراً العودة الى مدينته بعد أن تيقنَ من أن أخاه لم يعد ثانيةً وأن الحرب هذه المرة تخلصت منه وانتهى المشهد القصصي هنا الذي لعب لعبة صعبة ومعقدة مابين الزمكانية التي تدور في مدار الحرب والانسان



#ستار_موزان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفنان مازن المنصور في مهرجان ميلا ( mela ) العالمي للموسيقى
- فيزياء حقل الفراشات الميتة
- (وجه تحت الآضواء ( عاشق الفلامنكو الفنان العراقي النرويجي ال ...
- أيُّها السادة لقد قتلوا شاعراً في كركوك
- فيزياء الوصول
- كيمياء الغراب
- فيزياء الفنون
- فيزياء العزلة
- كيمياء المنبوذ
- كيمياء فوكوياما
- كيمياء كافكا
- ميتافيزيك شاكر لعيبي ولعبة الغائب
- النغم العراقي وفرقة مازن المنصور في مهرجان كرستيان سان العال ...
- مازن المنصور في مهرجان كرستيان سان العالمي للموسيقى والغناء ...
- حوار مع الفنان مازن المنصور
- انقراض الديناصور الاخير في نص الشاعرسعد جاسم
- قراءة نقدية في نثريات نجم عذوف


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ستار موزان - الزمن والمكان في تصدُع الطيران