أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - في ثقافتنا الوطنية متسع للجميع















المزيد.....

في ثقافتنا الوطنية متسع للجميع


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 2039 - 2007 / 9 / 15 - 05:26
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا غرو أن السياسة اصبحت اليوم فضاء للاختلاف والصراع ،صراع على السلطة وصراع الايديولوجيات والمصالح،صراع لم تعد تحده أي حدود
،حتى الحدود الاخلاقية أصبحت مبهمة وغير محددة المعالم ،هذا ناهيك عن الحدود الوطنية التي بدلا من ان تكون الإطار المستوعب لكل الخلافات السياسية والصاد والكابح لكل شطط في التحليل والتأويل،أصبحت وخصوصا في دول العالم العالم الثالث موضوعا للخلاف بل أكثر المواضبع استجلابا للصراع الحاد والدامي في كثير من الحالات . لم تعد الخلافات السياسية في مجتمعاتنا تخضع لقاعدة (الاختلاف في إطار الوحدة) أي الاختلاف بما لا يمس الثوابت الوطنية أو المصلحة الوطنية العليا ،بل أصبح صراعا على هذه الثوابت ،وعندما يصبح الصراع السياسي على الثوابت والمرجعيات أو تصبح هذه محل تساؤل أنذاك يصبح كل شيء مباح حتى دماء أبناء الوطن باسم ثوابت ومرجعيات موهومة لهذا الحزب أو ذاك ويصيح الأمر أكثر خطورة عندما يتم إضفاء طابع الفدسية على هذه الثوابت والمرجعيات .
إن كان عالم السياسة هو عالم الصراع والأختلاف–دون تجاهل أوجه الاتفاق والتعاون التي يفترض أن تحكم مكونات النظام السياسي بما يحفظ وحدة واستقرار هذا النظام – فإن وجود واستمرارية الأمم يجب ألا يُرتهن بعالم السياسية وتعقيداته ،بل هناك ما يُؤمن للامم والشعوب استمراريتها ويحقظ لها خصوصيتها ومكانتها بين الأمم ونقصد يذلك الثقافة والهوية الوطنية ،وإن كانت السياسة تُفرق فيُفترض بالثقافة أن تُوحِد ،حيث القواسم الثقافية المشتركة بين أبناء الأمة الواحدة هي أوسع مما هي عليه بالنسبة للسياسة ،الثقافة والمثقفون أسمى من السياسة والسياسيين ،فالأولون ثابتون وأصيلون لأنهم مرتبطون بما هو ثابت واصيل نسبيا والأخرون عابرون ومتغيرون لأنهم مرتبطون بما هو متغير ،وعلى هذا الاساس يمكن للثقافة أن تُصلح أخطاء السياسة ويمكن للمثقفين أن يُخرجوا الأمة من بؤس السياسة بل أن يكونوا أدوات الإصلاح والحوار بين الفرقاء السياسيين ،إلا أن هذا يتطلب أن يمارس المثقفون دورهم كمثقفين حقيقيين وأن يعيد البعض منهم النظر بعلاقته مع السياسة والسياسيين ليس بمعنى القطيعة ولكن بما يمنحهم درجة من حرية التفكير والتصرف بعيدا عن إغراءات السياسة والتبعية لرموزها، فكثير من المثقفين لا يدرك أن احترام الجمهور للمثقف هو احترام لذاته كمثقف مُنتج ومعبر عن الثقافة بكل مكوناتها وليس من كونه محسوبا على هذا الحزب أو ذلك أو هذا الزعيم السياسي أو ذاك،مع الإدراك بأن المثقف يصبح احيانا سياسيا حتى وإن لم يشأ ذلك.
هذا التمايز والتنافر بين المجالين السياسي والثقافي هو اكثر وضوحا وجلاء في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ، فيما هو أقل يرو زا في المجتمعات المتقدمة حيث الخلافات السياسية اكثر تحضرا وعقلانية وأقل تهديدا لوحدة الامة وثقافتها وهويتها.عندما تختلف الأمة على الثوابت ويأخذ الاحتلاف بين الفرقاء السياسيين طابع الصراع الدموي ويمتد اجتماعيا وثقافيا لخلق حالة من الاستقطاب الإثني والطائفي والمناطقي ،آنذاك تصبح كل محاولات استنهاض الأمة وتنميتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا هباء منثورا .ومن يتعمق في جوهر الصراعات والحروب الاهلية المتجولة من بلد عربي وإسلامي لآخر والمتأبدة في بعض البلدان ،وبعيدا عن القراءات السطيحة للحدث ،سيجد أن جوهر الصراع يكمن في الاحتلاف حول ما يُفترض ان تكون ثوابت اي ما يحدد هوية الامة وكينونتها،أو على الأقل توظف القوى والاحزاب السياسية مقولة الثوابت والمرجعيات لتخفي أهدافا أخرى كالسعي للسلطة أو الانفصال عن الأمة،والجماهير بعفويتها وجهلها احيانا تنساق في الصراع معتقدة انها تدافع عن ثوابت الأمة الدينية أو القومية او الوطنية .
لا محاجة بأن الحديث عن ثوابت الامة وضرورة الالتزام بها والدفاع عنها هو محل توافق الجميع إلا ان تحيين وتبيئة هذا الأمر في مجتمعاتنا التي تعاقبت عليها نظم وثقافات وكانت محل اطماع دول اجنبية بثقافات مغايرة ،وما ترتب على ذلك من غياب عامل الاستقرار الذي يتيح للثقافة أن تستقر وتطور مكوناتها ورموزها... يصطدم بكثير من العقبات على مستوى الممارسة ويشكل تحديا كبيرا امام من يتنطع للحديث باسم الامة وثوابتها ،وتصبح المسألة أكثر إشكالا إن كان المجتمع يعرف تعددية إثنية أو طائفية او كلاهما أو يخضع لتجاذبات صراعات إقليمية .
في الحالة الفلسطينية تصبح الأمور اكثر تعقيدا والتحدي اكبر سواء بالنسبة للاتفاق على الثوابت والمرجعيات أو بالنسبة للعلاقة بين السياسي والثقافي .المخاطر المهددة لثقافتنا وهويتنا الوطنية متعددة، فبالإضافة إلى ما تعرفه الثقافة والهوية في المجتمعات العربية الأخرى من تحديات ،هناك خطر الإحتلال وهو خطر لا يهدد فقط الأرض بل يهدد ثقافتنا وهويتنا الوطنية إنه نقيض وجودنا بما تتضمنه كلمة الوجود من حموله ثقافية وحضارية ،بل يمكن القول بأن الخطر الذي يهدد هويتنا وثقافتنا الوطنية لا يقل خطورة عن الخطر الذي يهدد الارض،بالإضافة إلى وقوع القضية الفلسطينية محل تجاذب صراعات واجندة إقليمية ودولية لكل منها ايديولوجيتها وخصوصيتها الثقافية ،هذه القوى تحاول توظيف ما تقدمه من مساعدات مالية أو مواقف سياسية لتقوض أسس ثقافتنا وهويتنا الوطنية ومشروعنا الوطني المؤسس عليهما.
لقد أثبت الواقع وخصوصا في السنوات الأخيرة أن الارتباط بهذه الاجندة الخارجية وبايديولوجياتها الثقافية والعقائدية وما نتج عنها من حالة استقطاب صدامية كان على حساب ثقافتنا وهويتنا مما شكل تهديدا لمشروعنا الوطني المستقل ووضع مكونات النظام السياسي بل المجتمع ككل فيما يشبه الحرب الأهلية،إي حزب أو جماعة يكون امتدادا لجماعة أو حزب مقرها أو مرجعيتها خارج الوطن يصبح مصير هذه الجماعة الوطنية مرتبط بمصير مركزها بالخارج . ثقافتنا الوطنية، ثقافة شعب وأرض مهد الديانات والتي تمتد لآلاف السنين ،هذه الثقافة التي احتضنت كل الديانات والثقافات ومزجت بينها بشكل ابداعي و تعززت عبر السنين بروح شعب واجه الاحتلال ودعم ثقافته التاريخية بثقافة المقاومة والمواجهة ثم بثقافة الديمقراطية عندما فُرض عليه التحدي الديمقراطي وهو في مرحلة التحرر الوطني،ثقافتنا الوطنية لا تحتاج لأن تُلحق بأحد تكون أو أن تكون امتدادا سياسيا لأحد خارج الوطن فلسطين ، في ثقافتنا الوطنية هذه متسع للجميع ،فيها متسع لكل القوى والاحزاب والتيارات والايديولوجيات ما دامت وجهتها فلسطين ،إن ثقافتنا الوطنية الحاضنة لهويتنا الوطنية متفتحة ومستوعبة لكل الثقافات وخصوصا للثقافة القومية والثقافة الإسلامية والعلاقة بينهم علاقة جدلية وتفاعلية ولكن مع ترتيب الاولويات نظرا لخصوصية الحالة الفلسطينية ،ثقافتنا الوطنية ثقافة تحترم التعددية الملتزمة بتفهم واحترام الخصوصية و وهذا يتطلب توطين أو تبيئة كل الايديلوجيات والثقافات بحيث تصبح جزءا من ثقافتنا الوطنية،هذه الخصوصية تحتم أن يكون المثقف أو السياسي الفلسطيني وطتيا أولا ثم قوميا أو عقائديا إسلاميا أو يساريا أو أي إنتماء آخر ،لا يعني هذا سمو الوطني أو الثقافة الوطنية على القومي أو الإسلامي ،بل معناه أن خصوصية القضية والحضور الضاغط لنقيض هويتنا وثقافتنا ووجودنا وهو الاحتلال ،يحتم تسبيق الوطني على غيره.
د/ ابراهيم ابراش




#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يستطيع وليس من حق أحد أن يسقط الحق بالمقاومة
- لا أخجل بل افتخر لكوني فلسطيني
- سيناريوهات ما بعد الانقلاب في غزة
- استنهاض حركة فتح الفلسطينية في عالم متغير
- المرحلة الثانية من مشروع تصفية المشروع الوطني الفلسطيني
- صمت الرئيس أبو مازن: عجز أم حكمة لا ندركها؟
- : صعوبة المهمة وغموض الهدف الدور المصري الراهن في القضية الف ...
- حق تقرير المصير بين القانون والسياسة
- ماذا تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني؟
- بعد الاقتتال في غزة :ماذا تبقى من المشروع الوطني ؟
- الأصولية والعلمانية :جدل الفكر والواقع
- جدلية الإرهاب والاصلاح :المغرب تموذجا
- ما وراء استقالة وزير داخلية السلطة الفلسطينية
- حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وتغيير مرتكزات التسوية
- حذار من فشل تفاهمات مكة
- مقابلة صحفية بعنوان - المراة والحجاب
- أجهاد ومقاومة في سبيل الله والوطن أم في سبيل السلطة؟
- في الذكرى الثانية والاربعين لانطلاق حركة فتح:فتح الفكرة وفتح ...
- صدام حسين ضحية المستحيل المشروع
- تقرير بيكر-هاملتون :تلميحات إيجابية ولكن يجب عدم المراهنة عل ...


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - في ثقافتنا الوطنية متسع للجميع