أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق السويراوي - قصة قصيرة:لاءاتُ أبي














المزيد.....

قصة قصيرة:لاءاتُ أبي


عبد الرزاق السويراوي

الحوار المتمدن-العدد: 2031 - 2007 / 9 / 7 - 04:28
المحور: الادب والفن
    


قبل أشهر قليلة , وبعد إلحاح أمّي المتواصل , عملت بنصيحتها, فإقتنيت صندوقا صغيرا للتوفير . حينها لم أكن مقتنعا تماما بالفكرة وطالما عبّرت عن رفضي لها , ولعلّ منْ بين أسباب رفضي لهذه الفكرة , أن قبولي لها , يعني حرمان نفسي , وإنْ كان مؤقتا , من إقتناء بعض الإحتياجات البسيطة , إسوة بأصدقائي , أو على الأقل تماهياً لهم , فضلا عن أنّ مصروفي اليومي , هو بالأساس كان متواضعا جدا. لكن حلمي في شراء الدراجة الهوائية , ظل هو الهاجس الذي تتهشم على صخرته , كل أحلامي الأخرى , الأمر الذي دفهني الى أنْ أخبر أهلي , وأمي على وجه الخصوص , بأنّ الدراجة بالنسبة لي , هي الهواء الذي عليّ أن أستنْشقه , لا بل هي الماء والمأكل والملبس . وقد يكون من بين دواعي قبولي لمقترح أمي , هو أنني وصلت في نهاية المطاف , الى قناعة شبه مؤكدة , بعدم إستطاعة أبي إقتناء دراجة لي , فهو بالكاد يستطيع تمشية حالنا , فليس أمامي إذاً , إلاّ القبول , أو بالأحرى , الرضوخ لمقترح أمي بضرورة إقتناء صندوق للتوفير ... وها أنا قمت بإستخراج ما إدّخرته فيه , و إصطحبت أبي , أو على الأصح , هو الذي إصطحبني معه لشراء الدراجة , ليس هذا فحسب , وأنما أنا ولليوم الثاني أو الثالث وربما الخامس , أقوم بإعتلاء سرج حصاني الحديدي وبفرح غامر لا يعرف مداه الحقيقي إلاّ أنا , وأنا فقط , وربما أمي أيضا . وبالمناسبة , أنّ جدّتي هي مَنْ يسمّي الدراجة بـ الحصان الحديدي . كمْ أنت محقّة يا جدتي .
بالرغم من أن حلمي تحقّق وأصبحت الدراجة في متناول يدي , لكن هذا لا يعني أن إعتلائي لصهوتها قد تحقق وإنتهى الى هذا الحد , ذلك لأنّ ابي , صفعني بسيل كبير من اللاءات , وكان لزاماً عليّ التقيّد بفحواها , وإلاّ فالنتيجة جاهزة ومرسومة في ذهنه .. " تجنّبْ السير بدراجتك في الشوارع المزدحمة بالسيارات .. حاضر يا أبي . لا تردف أحداً معك عليها , كائن من كان .. حاضر يا أبي . لا تبتعد بها كثيرا عن محيط البيت .. حاضر يا أبي . لا تذهب بها الى المدرسة .. حاضر يا أبي . لا .. لا .. وكثرتْ لاءات أبي , حتى أنني , ولولا خجلي منه , كان بودّي إخباره , لو إستطعت ذلك , بأنّ لاءاته المتلاحقه , سوف لا تجيز لي ركوب حصاني الحديدي , اللهم إلاّ إذا كان ذلك على سطح القمر , فهناك بالتأكيد ستسقط كلّ مبرّرات ومسوّغات لاءاته .
مسكين أبي , إنّ حرصه عليّ , جعله يستل من جعبته باقة كبيرة من اللاءات ويقذف بها نحوي . لكنه لم يخطر بباله أحد هذه اللاءات , والذي كاد يودي بحياتي . فبالأمس , إقتصرت في نزهتي بالدراجة على التجوال في الأزقة الفرعية غير مبتعد عن دائرة محيط بيتنا . ولكن في صباح هذا اليوم , ولأنّه يوم عطلة , فقد إتخذت قراراً لا يخلو من جرأة أو هو خروج على لاءات أبي , حينما قررت السير بدراجتي في الشارع الرئيسي , وكان شبه خال تقريبا من السيارات , فإنطلق حصاني الحديدي يسابق الريح . وعند التقاطع الرئيسي للمدينة , وكنت قد إقتربت منه , فوجئت برتل عسكري أمريكي , كانت آلياته هي الأخرى تسابق الريح مثل دراجتي , وقد تزامن وصولي مع وصول أولى آلياته , فلم يكن أمامي إلاّ أحد خيارين , إمّا أنْ أحزم أمري بحيث أخفّف من سرعة سير الدراجة ومن ثم أنعطف بها يمينا أو شمالا فأتجنب الإصطدام بالآلية الأولى , أو على العكس من ذلك , أقوم بمضاعفة سرعة الدراجة لأتمكن من المروق بها قبل وصول الرتل اليّ ولو بثوان , ولكن اللحظات التالية بكل حراجتها , لم تتح لي فرصة ترجيح أحد الخيارين ,بل ولا حتى أي خيار آخر , فقد داهمني الإرتباك ليختل توازني , ولم أشعر إلاّ وأنا فوق العشب المزروع على يمين الشارع , وكان حصاني الحديدي قد ( كبا ) فداستْه العجلات الضخمة للآلية الأولى من الرتل , فأحالته الى كومة من الحديد الخردة . حاولت النهوض فيما بصري كان مصوّباً نحو دراجتي , فيما قفز تساؤل في ذهني عن الكيفية التي سأواجه بها أبي .



#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس ردّا على مقال : ( مدينة الصدر ... تلك القروسطية الإسلامي ...
- عودة الى موضوع : لجان التحقيق الحكومية
- روح الإيثار : هل هي مغيّبة عن ذهنية النخب السياسية العراقية ...
- قراءة في :بعض معوّقات العملية السياسية في العراق
- آخر قرارات مجلس الأمن الدولي يخدم مَنْ :العراق أمْ الولايات ...
- إطفروا النهر ما دام ضيّقاً
- الحكومة السعودية وإزدواجية التعامل تجاه القضية العراقية
- قصة قصيرة :(( مع خيوط الفجر ))
- ( طفولة هرمة) :والتقاطع بين الذات والمحيط الخارجي
- طفولة هرمة:والتقاطع بين الذات والمحيط الخارجي
- ولادة
- هل من نهاية لمظاهر العنف في العراق؟؟
- قصة قصيرة : شريط الباراسيتول
- صحيفة الصباح في ذكرى الصدور: مزيدا من الكلمة الهادفة
- قصة قصيرة : شريط الباراسيتول
- الكتلة الصدرية تخوّل المالكي إختيار الوزراء وفقا للكفاءة وال ...
- قصة قصيرة:موكبان
- الأسلام والديمقراطية :توافق أم تقاطع؟؟
- المخبول : قصّة قصيرة
- النخب السياسية العراقية :وحرية التعبير عن الرأي


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق السويراوي - قصة قصيرة:لاءاتُ أبي