|
سر قوة الأيزيدية !!
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 2027 - 2007 / 9 / 3 - 09:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لمن ستعطون ظهوركم وانتم تجعلونها عارية ، فتتعب أكتافكم من الأحمال ، وتتعب أرواحكم من الخوف والرعب والهلع ، ويتعب أطفالكم في ليل بهيم ونهار غادر ؟ وتحتارون في اللجوء الى أماكن قصية لاتصلها البهائم البشرية ، لن يتعب أعداؤكم ولن تمل أياديهم الملوثة بدمائكم ، لن تتوقف قلوبهم الممتلئة قيحا ومخلفات ، وعقولا لاتمت لبني البشر بأية صلة ، كيف ستأمنون الجهات الأربعة والكل بانتظار أن يكون له قصب السبق في قتلكم ، وها قد جئتكم من آخر صفحات التاريخ بعد إن خربت مدنكم ودولكم ، وأخذتكم بقية الصفحات تحشركم في زوايا الجبال والكهوف التي عاشها أجدادكم ، تسرقون لحظة النهار ويسرق الزمن أعماركم ، وتخفون تاريخكم كله تحت أطمار التراب وفي صدور بعض منكم ما تشيب له الولدان ، ويحتفظ كبار السن ما يمكن ان يضيع ، فتضيع منكم حقائق كثيرة بكثرة المحنة ، وتتشوه فيكم معالم الجمال والمحبة ، سلسلة من المذابح التي خصكم بها الجيران والأخوة الأعداء ، وأنتم تقدمون القرابين لمن لايشبع ، وأنتم تقدمون الأضحيات لمن يشرب من دمها ، وتستمرون في الدعاء بأن يحفظ الله كل البشر بما فيهم البهائم التي ماتوقفت عن اللهاث خلفكم وقتل الفقراء والعزل والضعفاء والأطفال منكم . لمن تعطون ظهوركم ولم تزل آثار الحراب الغادرة ، وبقايا الرصاص العثماني والفارسي والعربي منقوشة في أجسادكم ؟ وكيف لكم إن تحصدوا الحنطة والشعير والزيتون وتطعموا الجياع ؟ كيف يمكن ان تمضوا في طريق الحياة وانتم تحملون كل هذا التاريخ الممتلئ بالدماء والمذابح ؟ كيف لكم إن تطمأنوا وحملات الغدر التي ذبحت حتى طفولتكم ، وبعثرت بيوتكم البسيطة وأتلفت حتى عدة الطبخ العتيقة ، وخربت مزارعكم ومنعت أحلامكم !! فهل بعد كل هذا لكم أحلام مثل باقي خلق الله ؟؟ من أين لكم كل هذا الصبر ؟ وكيف تعلمتم الصمت والقدرة على إعادة ترتيب الحياة ؟ من علمكم كل هذا التسامح والطيب وانتم تعيشون القناعة وشظف العيش . يافقراء المال وأقوياء الصبر ، ياضعفاء الحال وأشداء الأيمان ، كيف لم تمسحكم تلك الحملات الدموية من وجه الأرض كما فعلت مع غيركم ؟ كيف لم تجعلكم تهربوا نحو حدود الصين تلوذون بأقصى الأرض تتعبدون ربكم الأعلى ( خدا ) الواحد الأحد بحراسة كونفوشيوس حيث يعالج الآم الدنيا وإمداد الروح المشرقة ، ولكن ظهوركم على الأقل محمية من الغدر !! كيف يمكن لكم إن تعتقدوا ان الله الذي تعبدون هو اله جميع الناس ؟ وهو الواحد الأحد ، وقتلتكم يرفعون أسم ربهم الذي لايشبه رب الأديان وليس له بصلة . تحاكون السماء مباشرة دون وسيط ، وتحل البركة في قراكم الفقيرة ، وحين ينتشر الجراد بين بيوتكم تطردونه دون أذى فيرحل بعد إن يأكل زروعكم وينقل لكم الجدري ، ولأنكم تؤمنون بتقمص الأرواح والحلول فلن تفنى دنياكم ، ولن ينتهي مجتمعكم ، وزمنكم كفيل بإثبات تلك المعادلة ، فقد سطرتم من المجازر والمذابح التي لم تلفت سوى نظركم وحدكم ، وهو موتكم وحدكم ولامقابر لكم مثل كل شعوب الله ، ما تبقى لكم من مقابر الأجداد تلوذون به لعمل الخير واستذكار الأرواح التي لم تزل هائمة . لم تزل توصي بأن تنشروا المحبة والخير في صلواتكم ، وتغالون في محبتكم لأعدائكم وأعداء البشر ، فثمة ضوابط بين الإنسان والبهيمة ، وما يصلكم على الدوام تلك البهائم التي دمغت عقولها بدمغة التأريخ ، فلكل حقبة تاريخية بهائمها ، لم يتبق لكم من كل هذا التاريخ الطويل والعريض سوى تلك القرى النائية والبائسة والتي بقيت من مخلفات التاريخ الغابر ، ولم يتبق لكم سوى تلك البيوت العتيقة المتداعية التي تميزكم ، وهي القناعة التي تحل في أرواحكم . وفي تلك القرى المنسية تلاحقكم غربان الشر وبهائم مصابة بسعار ، تفوج وتتدافع حتى تصل الى أفقر أماكنكم وأكثرها حاجة لقنينة غاز أو غالون من نفط أو كيس من طحين حتى يمكن ان تشبع الفقراء ويصمت الجياع والأطفال . كيف يمكن إن تعوزا الحقائق التي سطرت كلماتها بمداد أحمر من أجساد أهلكم ، وكيف يعي الناس ما صار عليكم ، بل وما سيصير ، فأنتم المشاريع القادمة والأرواح المنذورة فلا تلتفتوا الى الوراء ، فالحياة هي حياة الروح لاالجسد كما تقولون ، ولهذا متيقنين أنكم باقون ، تحلقون فوق قباب لالش وبيوت أهلكم في شنكال وشيخان وبعشيقة وبحزاني ، سيان عندكم أن كنتم أو صرتم ، فقوانين الالهة لايغيرها البشر ، وإرادة الله لاتوقفها إرادة المخلوق . ولأن بيوتكم خاوية فأنها سهلة التهديم على رؤوسكم ، ولأنها خاوية فلعلة تركها بسرعة حتى لايضطركم القتلة أن تتحاصروا داخلها !! ولأنها مشروعا للهدم والأحتراق والتخريب فقد جعلتموها مبنية من طين . لكنها الروح التي لاتنتهي ولاتموت وتبقى تحوم فوق أماكنكم المقدسة ، ولكنها الروح التي تفارق الجسد فتلبس جسدا أخر ، فكيف يمكن إن يتم القضاء عليكم ، تعيدون دورة الحياة وفقا لتقمصكم أجسادا أخرى ، فيتعب القتلة وحملة الخناجر والبنادق وكل البهائم المفخخة التي تريد بكم السوء ، ولكن أرواحكم تبقى دون أن تسجل في الأحصاء . يافقراء الأيزيدية كتب عليكم الموت ذبحا أو خنقا أو غدرا كما كتب على الذين قبلكم من أخوتكم . ويافقراء الأيزيدية النار والسيوف والبنادق والبهائم كلها تتربص بكم المنون ، وأنتم لاتلتفتون ورائكم !! لاتدعوا جثث الأطفال مرمية على تراب كر عزير أو سيبا شيخ خدر ، أو فوق أرض الموصل ، فتلوثوا التراب وتدنسوا المنطقة . أحملوا قتلاكم بسرعة فلم يعد الدمع نافعا لكم ، كمالم يعد الأسى يليق بتلك المجاميع التي رحلت ممزقة الأشلاء ، لاتحتاروا في لملمة اشلاء الضحايا ، فالروح لاتعبأ بتمزيق الجسد ، وثمة حرقة في الروح حين تتلمس جسدها وتغادره الى جسد آخر ، معفرة بالتراب ومعمدة بالشمس ومباركة بكل الطقوس والأضرحة والسبقات . يامن تبقى منكم لم يقتل حتى اليوم ، قصائد الشعراء لاتفيد الضحايا وكتاباتنا لاتداوي الجراح ولاتعيد الأطفال الحلوين لمهاتهم ولا الرجال لزوجاتهم ، والتبرعات المادية لاتشفي الغليل ولاتحجب الغل في أرواح البهائم ، يامن تبقى منكم سهوا كيف يمكن لظهوركم ان تكون عارية ؟؟ دعونا نحصى الضحايا ونعد المقتولين ذبحا منكم ، ودعونا نكتب اسماؤهم فوق تراب شنكال أو لالش ، لعل ذبحهم يتوقف ، ولعل غلهم يهدأ ، وأنتم تحملون سركم الأبدي في التقمص والحلول مرة أخرى . دعوا واحدة من عيونكم مفتوحة لاتغفو فثمة مجزرة قادمة وظهوركم عارية !! وثمة بهائم بشرية لم تزل تركض خلفكم تتحين الفرص للأنقضاض في كل زمان ومكان ، تنهش لحمكم احياء وتأكلهم جثثا متروكة في العراء وتشرب من دمكم .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل حقا أن العراق بلد نفطي ؟
-
علي السوداني إرهابيا !!
-
تسلل القاعدة وطريق العبور الى العراق
-
ولم يزل الفاعل مجهولا !!
-
موفق محمد .. الإنسان والشاعر وملك الضيم
-
العدالة الأنتقالية
-
هل ينتقص الدين من الوطنية ؟
-
مسؤولية الدولة عن الجرائم المرتكبة إنتهاكا لأحكام القانون ال
...
-
أغتصاب القانون الدولي في العراق
-
محنة تغيير القومية
-
سيد محمود القمني ومحنة الزمان
-
الهروب من العدالة
-
الطائفية حين تتغلب على الكفاءة
-
حزب العودة
-
استقلالية القضاء العراقي
-
الشهيد الأب رغيد عزيز كني وداعا
-
محكمة المقابر
-
علاجنا خارج العراق
-
قضية المرأة والزواج
-
هل تقر تركيا بفاعلية مواثيق الأمم المتحدة ؟
المزيد.....
-
مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه
...
-
-أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟
...
-
يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات
...
-
سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
-
سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
-
أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
-
البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
-
قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو
...
-
ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
-
رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|