أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ابراهيم البهرزي - اية اغنية ستحط على راسك لحظة الموت؟















المزيد.....

اية اغنية ستحط على راسك لحظة الموت؟


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2025 - 2007 / 9 / 1 - 11:10
المحور: سيرة ذاتية
    


نحن نحمل فوق اكتافنا خزانات عملاقة تحوي اطنانا من خامات الالم والفرح ,ايها الاثقل؟ لا يعني ذلك شيئا كبيرا ,الالم والفرح شيطانان يتبادلان الاقنعة,واحيانا يندمجان فلا تعرف هوية لاحد منهما ,الم تمر على احد منكم لحظة الالتباس المحيرة هذه فلا يدري احزين هو ام سعيد ,كان الجواب الموجز لصديقي الشاعر الراحل اديب ابو نوار حين يساله احد ما السؤال العراقي التقليدي الممجوج:
(شلونك؟)
كلمة واحدة :
سعيد ,او,حزين .
فصرنا نختصر السؤال بالجواب ذاته :
سعيد ام حزين؟
حتى صار السؤال تلك الاغنية المستمرة الدائرية:
سعيد ولا حزين ؟ولا ...حزين ولا سعيد؟ولا....سعيد ولا حزين؟
تتشكل مشاعر البعض من سلسلة من الاغنيات ,هذا ما يحدث معي مثلا,وحسب علمي هو ما يحدث للكثيرين الذين لا يجدون ضيرا في اعتماد الاغنية وتدا حياتيامهما ,او يعتبرونها نوعا من الخفة التي لا تحتمل (لا افكر مطلقا ,هنا,في الذين يعتبرونها رجسا) وتتوالى لحظات العمر بنحسها وسعدها حلقات متصلة من الاغنيات ..
هل يعود ذلك لافتقار حياتنا الشرقية الى اي متنفس للتعبير خارج مجال الاغنية ؟
ربما ,وربما كذلك لان الاغنية لم يتقيد وجودها في حياتنا بالفرح او التطريب لوحده,حين كانت امهاتنا يحاولن انامت شياطيننا التي تقض مضاجع لياليهن ,كن يترنمن بما لاندري من الترانيم ,وكنا ننحدر الى النوم على زوارق تلك الترانيم ,البعض من تلك الترانيم يظل راكسا في غياهب النفس حتى تستفزه لحظة الاستجابة الموعودة فيطل مثل راس الجنين عائطا بترانيم تلك الاغنية المنسية ..
ما لا يحصى من المرات يستيقظ الواحد منا فيجد على شفتيه اغنية تتردد منذ لحظة الاستيقاظ حتى يعبر النهار كله واحيانا الليل كله واحيانا اخرى تعبر مع زمانه الى اليوم التالي,اغنية لم يكن على موعد معها ,اغنية ربما كانت نائمة في الكهف المطلسم للنفس,لم هذه الاغنية تحديدا تاتيني في هذا اليوم بعينه ؟لماذا ليس سواها؟ لماذا ليست اغنية من التي كنت اسمعها الليلة الماضية تحديدا ؟ اليس الاقرب اولى بالذكرى؟
ابق على تساؤلك هذا ,مامن احد سيجيبك ولا حتى انت...انها مجرد اغنية! هي اغنية كما يقول محمود درويش....
عندما تحاول ان تتذكر المرة الاولى التي سمعت فيها هذه الاغنية ,ستعاني من الدوار,ستتذكر ربا اللحظة التي مرت عليك بها هذه الاغنية ,ولكن لماذا استعادت غرامها معك الان ..هذا هو سر الاغنية المريب!
(اسال مرة عليه .....قل لي اساوتك ليه؟
انا افديك بعنيه ......واكتر منهم ايه ؟
اسال مرة عليه...اسال عليه مررررررررره!)
كان المطر ينث مداعبا صلعتي الصغيرة وانا اترنم بهذه الاغنية بمحاذاة كورنيش خريسان في بعقوبة اترنم بها وقت الغروب جيئة ورواحا قبل حلول الطقس المسائي المعتاد للقاء الصحبة ..ما الذي جاء بمحمد عبد المطلب الى شارع خريسان؟ما الذي جاء به الي في هذه اللحظات التي تقرقع فيها الانباء بصهيل الحرب في واحد من اماسي ربيع العام 2003..لقد استدامت معي هذه الاغنية حتى اليوم الاول للقصف ,جهيرة صادحة في الليالي مع الاصدقاء,وخافتة على طرف القلب في النهارات الكئيبة
انها (مانترا)الياس ! هكذا قلت لنفسي ,ولكن الاغنية ما لبثت ان تلاشت مع اليوم الاول للحرب تاركة على شفتي يبوس الدم الازرق!
لا اعرف المرة الاولى التي سمعت فيها هذه الاغنية اين ومتى كانت ,ولكنني ذكرتها لانها اغنية رافقتني لاكثر من يوم,كانت سواها وهن كثيرات لا يلبثن معي لاكثر من فترة الضحى ,ويذهبن بذهاب نشوة الليل الفائت,كنت انتبه احيانا لبعض الاغاني التي تداهمني في الصباح ,اتاملهن ,من اين مجيئكن الي في هذه الصبيحة ,من انتن ؟ اين صادفتكن من قبل ؟..وكالعادة تذهب الاسئلة خجلى تحت تراجيع الاغاني السكارى!
بعض الاغاني لا تاتي مناسبة لمقتضى الحال ,غريب مجيئهن في غير اوانهن ,اغان من زمن غابر ياتين فجاة الى جرف الشفة متغنجات حينا ومتاوهات حينا اخر..
(قل لي الى اين المسير
في ظلمة الليل العسير
طالت لياليه بنا
والعمر لو تدري قصير....
يا مالكا عمري
قد انتهى امري...يااااااااايا..مالكا قلبي )
في حفلة لعرس ضديق حيث الجميع يغني ,وصبايا يصفقن ويدبكن (..بدنا نتجوز ع العيد.)ياتي مداهما عبد الحليم حافظ بهذا الموشح الحزين ,ياتيني في حفلة عرس بحزنه الخانق الجميل دون اعتبار لمقام الفرح تظل بهمس تدور اغنيته على شفتي بعيدا عن حميمية الجو البهيج لتحجزني في مربع الذكرى الغائمة لحبيب ربما اضاعني او اضعته ذات يوم..انها مداهمة غير مناسبة ,ولكن هذا هو حال الاغنية العجيب ,لا الوقت يعنيها ولا الحال!
كم من مرة داهمت احدكم اغنية بالكاد يتذكر كلماتها ,لكن الترانيم تتوالى حتى وان بكلمات اخرى مفتعلة ,انه حكم ال(مانترا)هذا الشيء الذي يتوجب وجوده في لحظة ليعيد التوازن الى الروح الصاخبة ,انه سلم موسيقي الي يمنعك من القفز الى القاع حفاظا على قدميك من الانكسار ,يا لروعة الاغاني المنسية المفاجئة!
عند استعادته الوعي ,قبل عملية راسه الاخيرة القاتلة ,كنا نتريض في حقل خارج المدينة ,اديب ابو نوار وصديقتا المشترك عامل الكهربائيات الرائع احمد المصطاف حين فاجئت الراحل ابو نوار بالسؤال الغريب الوقح نوعا ما :
اديب ,هل للموت لون معين ؟هل له اصوات معينة ؟لقد اقتربت منه كثيرا ,هل عرفت عنه شيئا ؟.
صمت وهو يمج نفسا عميقا من سيكارته ,وقال وهو يبتسم ابتسامته الساخرة المالوفة:
نعم ,كن واثقا هذا كل ماكان يتردد باستمرار :
(رحنه انتصيد كطه ..ونسمع نغيط الوز
واسمعنه دك اكهوه وشمينه ريحة هيل........)
كان هذا الترنيم يتردد باستمرار رغم ان لا رابط بين شطري الاغنية كما ترى!
يا الهي!قلت في سري ,ان الرجل يصدق ,انه لم يعد يحمل ذاكرتنا التي تجيد الكذب ,يا الهي ,من اين جاءت هذه الاغاني العتيقة ؟
بعد ايام وكنا في غرفة الضيوف في البيت .,سالته نفس السؤال فرد لي بنفس الاجابة !
من اي زمان تاتي تلك الاغاني التي تلح علينا طوال ايامنا ,والتي تطاردنا ايضا حتى لحظة الموت ؟
لم يكن الراحل العزيز ابو نوار وطوال اكثر من ثلاثين عاما من الرفقة المليئة بحب الغناء والاصغاء اليه ,قد ترنم او تلفظ حتى لمرة واحدة ب(مانترا) الموت التي ذكرها ,في شطرها الاول على الاقل,اما الشطر الثاني فقد كنا نردده شعرا ,ولكن من زمان بعيد..
حسنا ايها الاحبة قد نعرف الاغنية التي تداهمنا في حياتنا ونسترجع اللحظة او الزمن الذي دلها على مسامعنا ,ولكن في موتنا,موت اي منا ,اية اغنية منسية ستحط على رؤوسنا ؟ ولمن سنغنيها؟ ..لمن؟


*كتب الموضوع في ذكرى الراحل اديب ابو نوار وتحت وطاة اغنية (قارئة الفنجان)لعبد الحليم حافظ التي كنا نحبها ونستمع اليها معا ,وقد فاجئتني هذا اليوم .



#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحتلال وتهديم النظام الاداري للدولة العراقية..تجربة شخصية
- توضيحات لاسئلة مضمرة واخرى معلنة ..عن السياسة واليسار والشعر
- الكفر بالانتماء...اذا كان السودانيون الاكثر وفاء ا قد فعلوها ...
- ايها الشعب القتيل ,ماذا ستخسر بعد؟فاما عصيان مدني شامل ,او ث ...
- بلاد الحميرالوديعة..................الحمار والاضطهاد الانسان ...
- للعبرة والذكرى والتامل.............جورج حاوي وابراهيم نقد... ...
- INTERNET NAGARI!! يابو الحسن ياباب كل محتاج........جانه الفر ...
- علي السوداني مجرم خطير اول من استخدم الفلافل في انتاج المتفج ...
- (مجرشة الكرخي)...ملحمة شعبية عن مظلومية المراة العراقية لا ت ...
- من مهازل العراق الجديد........2-الحكومة التي علمت الشياطين ك ...
- في مهب النسيان
- ليس ردا على احد...الحزب الشيوعي العراقي لم يعد ممثلا لقوى ال ...
- الفاطميات الاخيرة....ثلاث قصائد
- قطعة الجبن المليئة بالثقوب......مذكرات قيادات الحزب الشيوعي ...


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ابراهيم البهرزي - اية اغنية ستحط على راسك لحظة الموت؟