أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ابراهيم البهرزي - الاحتلال وتهديم النظام الاداري للدولة العراقية..تجربة شخصية















المزيد.....

الاحتلال وتهديم النظام الاداري للدولة العراقية..تجربة شخصية


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2023 - 2007 / 8 / 30 - 11:20
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بعد حرب الخليج الثانية ومحاولة اعادة اعمار الخراب المهول الذي هد المؤسسات الخدمية والصناعية للبلد ,اعيدت هيكلة النظام الاداري ليستبعد المسؤول الحزبي من ادارة المؤسسة المدنية وليتبع اسلوب شديد الصرامة في اختيار بدائل من العناصر الفنية المتخصصة ذات القدرات الاستثنائية لتؤسس ما يسمى دولة المدير العام..
تقوم دولة المدير العام على فكرة اختيار العناصر التي ظلت طويلا في الظل تعمل بكفائتها الفردية دون تسنمها مناصب ادارية عليا بسبب نفورها من العمل السياسي وهي حالة تمتاز بها طبقة التقنيين والاداريين القدامى الذين ظلوا مخلصين لحرفية النظام الاداري العريق الذي تشتهر به الدولة العراقية منذ تاسيسها اوائل العشرينات ..فواقع الامر لم تتغير انظمة الخدمة المدنية وقوانين انضباط موظفي الدولة وقوانين العمل كثيرا خلال فترات الانقلابات السياسية وحتى انتهاء حرب الخليج الثانية فكان الموظف خلال الفترة المذكورة حزبيا اوغير حزبي يخضع لقانون الخدمة المدنية رقم 25لسنة 1960المؤسس اصلا على قانون الخدمة المدنية العراقي المطبق في الحكم الملكي وهو بطبيعة الامر ذات قانون الادارة العامة البريطاني مترجما ...
الحق ان القانون كان رصينا جدا وكان بتفاصيله لا يضع ثغرة لغبن وظيفي ,الا ان التعديلات الملحقة التي كانت تضيفها انظمة الحكم المتتابعة لم تكن موفقة وكانت تنطلق من مبدا انتقائي يقوم في اغلب الاحيان على اساس الاعتباط لمنح فئة معينة مكتسبات لاتستحقها(طبعا نستثني من كل هذا الحديث الدوائر الخاصة غير المرتبطة بوزارات والتي كانت تخضع لانظمة شديدة الميوعةتتغير تبعا للظرف السياسي القائم)لذا فمن اجل السيطرة على حجم الخراب الهائل اضطر النظام السياسي للعودة الى الوضع الاداري المطلوب :
عمليا يتحمل المدير العام كل ما ينتج من اخفاقات
وسياسيا يربح الوزير ورئيسه كل حصاد النجاحات!
على صعيد عملي كان على المدير العام الذي لا يمتلك غطاءا حزبيا ان يثبت نجاحه تحت اقصى ظروف العمل وكان لذلك يلجا الى الصرامة في تسيير الاداء الوظيفي وما كان (الا في مؤسسات قليلة ذات طبيعة شبه امنيه )يمتلك حق الثواب العيني فكان عليه ان يمتلك اسلوبا اداريا استثنائيايمكنه من امساك العصا من المنتصف ..وهذا ما كان!
انتجت هذه الفترة الممتدة منذ العام 1991 وحتى الاحتلال تراكما وظيفيا على صعيد الادارة والخبرات الفنية لدى هذه الفئة الوظيفية ما جعلها هي الادارة العملية الحقيقية لكل مفاصل الدولة العراقية ,فتحت ظروف عجيبة غريبة من الافتقار لاي من مستلزمات التسيير الاداري بفعل غياب الاستيراد الناشيء عن تطبيقات قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالحصار الاقتصادي وتحت غياب اي برنامج رصين للتدريب والتطوير والاستفادة من الخبرات الاجنبية وتحت غياب الوفرة النقدية وبلوغ التضخم اعلى مستوياته (وصل سعر الدولار الواحد الى اربعة الاف دينار عراقي فيما كان متوسط راتب الموظف لايتجاوز الثلاثة دولارات فقط شهريا!) رغم كل ذلك كان النظام الاداري اكثر انضباطا ورصانة وكانت الخدمات - خصوصا في الدوائر الخدمية تؤدى بشكل افضل باضعاف مما تؤدى في الوقت الحاضر بشهادة اي مواطن عابر تلتقطه من الطريق وتساله,هذا هو الواقع وارجو ان لايتم تاويله من جانب سياسي كعادتنا حين نريد ان نسكت من لا يعجبنا سماع صوته ,هذا واقع اداري انقله بحذافيره من موقع المعايشة الميدانية ..
من المثالي نفي وجود فساد اداري بالمطلق ,ولكنه لم يكن مقننا وشبه مشرعن كما يحصل الان ,لقد كانت الرقابة شديدة جدا وكان حجم العقاب غير منطقي احيانا وانتقائيا في احيان اخرى(سجن معلم يعمل بعد انتهاء دوامه ببيع قناني الغاز لمدة سبع سنوات لانه باع قنينة للغاز بفارق دينارين فقط ولم يسجن سارق اثار معلن يبيعها في عمان بالالوف من الدولارات لقربه من موقع السلطة!)ولم يكن التسيب الوظيفي ممكنا في ظل قوانين تحرم الموظف من وظيفته وتقاعده وحق العمل في اية دائرة حكومية اذا تغيب لخمسة ايام فاكثر وكانت اعادته للوظيفة من سابع المستحيلات!
اذن,كان النظام الاداري رغم كل الظروف المحيطة انذاك منضبطابالكفاءة الفردية لشخص المدير العام الذي تبلورت شخصيته تحت ظروف عجيبة تتراوح ما بين الثواب والعقاب ,بل ان الثواب كان نادرا واتيحت لكاتب هذه السطور معايشة مدراء عامين بالكاد تكفيهم رواتبهم ,في الحين الذي يتسلم بعض صغار الموظفين في دوائرهم منحا واكراميات مادية شبه منتظمة بسبب حصولهم على اوسمة وانواط ما كان الانتماء السياسي المتواضع للمدراء العامين يتيحها لهم..
بعد الاحتلال مباشرة تم تسريح هؤلاء المدراء العامين ,ومن لم يسرح تم تهميشه في وظائف ادارية لاتتناسب حتى مع تحصيله العلمي فاضطروا للتقاعد رغم حيوية الكثير منهم عمرا وكفاءة بدنية احتراما وحفاظا على كراماتهم الشخصية ..
وجيء بالمدراء العامين الجدد على اسس المحاصصات الطائفية والحزبية لاحزاب لم يكن لها وجود مسبق في الشارع العراقي فتسابق الكثير من الانتهازيين من محرومي الجاه للتملق لها ,ولجهل اغلب عناصر هذه الاحزاب بطبيعة النظام الاداري فقد سقطت الدولة الادارية العراقية بايدي الانتهازيين من عديمي الخبرة والاستعداد الشخصي للادارة ,ولم يقتصر الامر على فئة المدراء العامين بل صار من المالوف ان ترى وزيرا لم يخدم طوال حياته حتى ولو بصفة موظف للصادرة والواردة !
لقد قصدت قوات الاحتلال في ايامها الاولى الى تحطيم البنية الادارية للدولة العراقية من خلال تدخل قواتها السافر في مفاصل الدوائر الحكومية يوم كانت ميزانية المصروفات بايدي مرتزقة جهلة من المارينز اتيح لهم شياطين من افسد موظفي الدولة فتم تضييع قرابة الثمانية مليارات دولار بين (احتيش وفتيش)!
وصار الموظف الان في الدولة العراقية لا يعرف مقدار راتبه في الشهر المقبل ولا موعد استلام راتبه ,بل ان مقدار الراتب سر من اسرار الغيب فهو لموظف في دائرة يكون ثلاثة امثال راتب موظف اخر في دائرة اخرى له نفس الخدمة والشهادة والعنوان الوظيفي وتسعى وزارة المالية منذ اربع سنوات لوضع نظام واحد للرواتب فلا تقدر على ذلك ومنذ اربع سنوات وقانون الخدمة المدنية متوقف عن الفعالية فلا يعرف موظف متى يكون ترفيعه اوعلاوته مع ان نظام الخدمة المدنية 25لعام 1960موجود وهو غير مشمول بقانون مكافحة الارهاب لانه اصلا من وضع اشقائنا الانكليز!
ولكن حين يظهر وزير المالية ليرد على تساؤل المتسائلين عن سبب عدم وجود نظام موحد للرواتب يقول ان المسالة تحتاج الى سنوات من الدراسة وتشكيل العديد من اللجان!في حين ان الامر لا يعدو عن اضافة نسبة التضخم على اليات نظام الخدمة المدنية القديم العريق وتطلق تلك الالية لتنساب ببساطة على الموظف وفقا لاستحقاقات القانون بدا من تاريخ تعيينه مرورا بعلاواته وترفيعاته وحتى تاريخ احالته على التقاعد, ولكن الامر يحتاج لموظف خدمته على الاقل ستة شهور وليس لوزير!
صار من الواضح ان الاحتلال لايرغب ببقاء النظام الاداري للدولة العراقية الذي يعرف مدى رصانته اي موظف خدم في الدولة منذ تعيين اول باشكاتب وحتى تعيين الوف المستشارين الذين لا يعلم الا الشيطان اية استشارة حول اي خراب يقدمون ولمن يقدمونها!
انني على ثقة ان نظام الادارة العام سيتحول وخلال سنوات قليلة الى الخصخصة ,اي ان المواطن يدور على الموظفين في بيوتهم لانجاز معاملته اواستجداء الخدمات في حين يقوم الموظفون شهريا بطرق ابواب المواطنين لاستحصال رواتبهم ويصبح البلد كله(كعب داير) وحينئذ لا تكون هنالك حاجة للدولة فندخل في مرحلة الشيوعية الزنبورية ..او هكذا اتذكر ان احد الرفاق قد شرحها لي قبل ثلاثين عاما..ويا موظفوا العراق انتحروا..وطن تشريب وشعب ثريد!


ملاحظة :ان كاتب هذه السطور لم يكن يوما مديرا عاما ولن يكون وذلك لكثرة مشاجراته مع المدراء العامين كما هو مدون في اضبارته الشخصية ..ولكن اذا كان افلاطون على حق فان الحق اكبر من افلاطون.




#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توضيحات لاسئلة مضمرة واخرى معلنة ..عن السياسة واليسار والشعر
- الكفر بالانتماء...اذا كان السودانيون الاكثر وفاء ا قد فعلوها ...
- ايها الشعب القتيل ,ماذا ستخسر بعد؟فاما عصيان مدني شامل ,او ث ...
- بلاد الحميرالوديعة..................الحمار والاضطهاد الانسان ...
- للعبرة والذكرى والتامل.............جورج حاوي وابراهيم نقد... ...
- INTERNET NAGARI!! يابو الحسن ياباب كل محتاج........جانه الفر ...
- علي السوداني مجرم خطير اول من استخدم الفلافل في انتاج المتفج ...
- (مجرشة الكرخي)...ملحمة شعبية عن مظلومية المراة العراقية لا ت ...
- من مهازل العراق الجديد........2-الحكومة التي علمت الشياطين ك ...
- في مهب النسيان
- ليس ردا على احد...الحزب الشيوعي العراقي لم يعد ممثلا لقوى ال ...
- الفاطميات الاخيرة....ثلاث قصائد
- قطعة الجبن المليئة بالثقوب......مذكرات قيادات الحزب الشيوعي ...


المزيد.....




- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ابراهيم البهرزي - الاحتلال وتهديم النظام الاداري للدولة العراقية..تجربة شخصية