|
اللغز!!
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 2022 - 2007 / 8 / 29 - 07:18
المحور:
كتابات ساخرة
قال أحدهم : " تموتُ الدولُ إذا تحوَّل حراسُها إلى تجَّارٍ وطغاة ، فيصبحون كارهين مكروهين ، طاردين مطرودين ، يُمضون حياتهم ، وهم يرتعدون خوفا من الأعداء في الداخل أكثر من خوفهم من الأعداء في الخارج ، وسوف ينحدرون للهاوية بسرعة ، يجرون معهم الدولة إلى المصير ذاته " انتهى الاقتباس ! حين أعدتُ قراءة القول السالف بتمعن قررتُ أن أجعله في إحدى محاضراتي لغزا محيرا أختبر به السامعين فسألتهم : من تظنون أنه قائل القول السابق ؟ ! افتنّ الحاضرون في ذكر اسم القائل ، وكانوا جميعهم جامعيين ، فمن قائلٍ : إنه مصطفى أمين ، ومن قائل إنه العقاد ، وتحمّس طالبٌ آخر فقال إنه طه حسين ، غير أن أحد الطلاب قال إنه محمد عبده ، وقال آخر إنه الجابري إلى أن وقف أحدهم قائلا : بالتأكيد سيكون المبدع ، عالم الاجتماع العربي المشهور عبد الرحمن ابن خلدون ، فالاقتباس السابق لا يمكن إلا أن يكون له وحده . حين ابتسمتُ ظنوا أن الإجابة الصحيحة : ابن خلدون بالفعل ، غير أنني قلت : ليس واحدا من هؤلاء جميعهم ! من المعلوم بأن كل الذين لا يقرؤون كثيرا من الكتب يظنون بأن الظواهر التي تحدث حولهم ليست سوى ظواهر جديدة لم تحدث إلا في حياتهم ، فلهم السبقُ في اكتشافها أو الإشارة إليها ، ومعروفٌ أيضا بأن غير القارىء لا يتمكن من إدراك البدهية المشهورة جدا : [ التاريخ يعيد نفسه] مراتٍ ومرات ! قائل العبارة السابقة ذاته لم يبتدعها ، وإنما قالها من حصيلةُ تجاربه وقراءاته المتعددة ، واستقراءاته ومقارناته ، فالمعرفة جهد عقليٌ ، وتمرينٌ فكريٌ طويل ، وقد تكون موهبة أو ناتجا تثقيفيا ! وفي الغالب فإن الشعوب التي قرأت العبارة السابقة ودرستها وحللتها ، استفادتْ بالتأكيد منها ، وتمكنت من البقاء على قيد الحياة مدة أطول من الأوطان التي لم تقرأها ، وتمكنت بفضل قراءتها وتحليلها من إسعاد مواطنيها ، فوضعت اللوائح والقوانين التي تجعل حكامها ليسوا طغاةً أو تجارا ، وجنبتْهم الكره والبغض من شعبهم ، فعاشوا محبوبين ، وماتوا محبوبين بعد أن تحولوا إلى رموز وطنية . ومن صفات الشعوب التي قرأت المقولة السابقة ، أنها جعلت حكامها ورؤساءها وأمراءها موظفين عاديين في سلك الدولة ، ينفذون أوامرها ، ويعيشون بين أهلهم ببساطة وسعادة . ومن صفات حكام الدول التي تقرأ المقولات وتسترشد بأفكار من سبقوها ، أن حكامها لا يعتبرون رعيتهم مطايا يوصلونهم إلى كراسي الحكم ، ولا يتغذون على دمائهم ، ولا يلتذون بمآسيهم وآلامهم وذلتهم وصغارهم ، ولا يسعدون بأن يحمِّلوهم الطبول ليدقوا بها أنغام الخنوع والخضوع لجنابهم ومقامهم السامق ، ولا يسعون إلى تحفيظهم أناشيد البطولات الزائفة لولاة أمورهم ، وفق النوتة الموسيقية النشاز ، وهي بالمناسبة مشهورة جدا في العالم العربي : أنت القائد أنت الرائد أنت الواهب أنت المانع أنت الوالي أنت المولى وكما قال الشاعر [ العربي] يمدح أحد الخلفاء : ما شئتَ لا ما شاءتْ الأقدارُ احكم فأنتَ الواحدُ القهَّارُ !! بقي أن أحل اللغز : فالقائل هو عميد الفلاسفة السيد أفلاطون الذي عاش ومات قبل الميلاد بثلاثة قرون على الأقل في كتاب ) (الجمهورية)) في باب معالجة أسباب خراب الدولة أو كما أسماها [المدينة] . ودامت دياركم عامرة بالمواعظ والعبر !!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللغز !
-
من طرائف أمة العرب
-
التنوير عند أحمد أمين !
-
تفخيخ العقول بمتفجرات الجهالات !
-
هل يمكن تنفيذ برنامج الكاميرا الخفية في فلسطين ؟
-
الحرب (المائية) الثالثة !
-
الحرب (المائية) الثالثة !!
-
كتيبة المليارديرات في إسرائيل
-
اغترب تصبح ثريا أو عبقريا
-
اغترب تصبح ثريَّا أو عبقريا
-
عصر الانتداب التجاري
-
هل معظم الأحزاب العربية أحزاب ( نكاية) ؟
-
من إنسان ( متفجر) إلى إنسان متحرر.
-
من الإنسان المتفجر إلى الإنسان المتحرر
-
إسرائيل أكبر مهدد للديموقراطية في الشرق الأوسط !
-
إسرائيل أكبر مهددة للديموقراطية في الشرق الأوسط
-
أوهام السلام الإسرائيلي
-
انتهاك الديموقراطية في فلسطين
-
اغتيال النشء الفلسطيني
-
العملاء واغتيال الروح الفلسطينية
المزيد.....
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|