|
الشعراء لا يصلحون للسياسة ، سعدي يوسف و البهرزي نموذجا
محمد العبدلي
الحوار المتمدن-العدد: 2021 - 2007 / 8 / 28 - 10:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس الأمر بجديد ، بالرغم من انه ملتبس ، فالشيوعيون اطاحوا بسعدي يوسف من عرش الشعر بسبب قصر نظره السياسي رغم إن قصر نظرهم السياسي هم انفسهم لا يجارى احيانا ، و لكنهم هذه المرة على الأقل محقون . و لكن لِمَ الاطاحة به من عرش الشعر ؟ الشعر شيء و السياسة شيء آخر ، الا اذا كانوا يرون و هذا هو الغالب لديهم ! ، إن الشعر الذي لا يخدم القضية ليس شعرا ، أليس لينين من كتب عن حزبية الأدب . و لكن الأمر ليس بجديد فالشاعر الجيد ليس بسياسي جيد في كل الاحوال الا اذا شاءوا خلاف ذلك و غلبوا الخطاب السياسي على الخطاب الشعري مهملين ان هذا و ذاك لا يتوافقان . بل أنه من البديهي في كل الأحوال على الأقل أن يطيح الشيوعيون بالشعراء الذين توجوهم هم على عرش الشعر بدون أن تكون لديهم اية شاعرية ، الذين توجوهم على قمة الشعر بسبب ميولهم السياسية و مجاراتهم لما يفكر به الحزب . على أن سعدي ليس واحدا من هؤلاء . فسعدي يوسف شاعر كبير سواء اتفقنا ام اختلفنا في انه لا يفقه في السياسة شيئا . و اذا ما أردنا مثالا على شاعر صنعه الشيوعيون و هو ليس بشاعر فإنه المرحوم محمد صالح بحر العلوم الذي لم يكن شاعرا ابدا حتى للحظة واحدة ، لقد أطاح المرحوم بنفسه قبل ان يطاح به من قبل حزب ما حين بات لا يكتب الا هراء ، و كان قبل ذلك لا يكتب الا هراء مخففا . أما تصنيع الشعراء من قبل البعض فحدث عنه و لا حرج ، حيث العديد من الشعراء الصغار يتم تصنيعهم هذه الايام لردم الفجوة الناتجة عن زوغان الشعراء الحقيقيين عن الخط ما يجعلك توافق الشعراء الكبار اذا ما تذكروا ما قاله المتنبي : أفي كل يوم تحت ضبني شويعر ضعيف يقاويني قصير يطاول لكن مثالنا اليوم ليس له علاقة ببيت المتنبي هذا . فالشاعر ابراهيم البهرزي الذي تعرفت على شعره من خلال مقالات منشورة عنه في العديد من المواقع احدها في الحوار المتمدن قبل فترة قصيرة هو شاعر ممتاز كما أرى ، و لكنه كما أرى ايضا كزميله لا يفقه في السياسة ، و ربما في التاريخ أيضا . فعدا انه يدعو الى المقاومة و الانتفاضة المسلحة ضد الأمريكان و يستخف بدماء الشعب العراقي ، وهو كشاعر لا ينبغي له أن يدعو الى اراقة الدماء التي شبع منها الشعب العراقي ، فإنه لا يجيب على السؤال التالي ولن يجيب عليه : من يقود الشعب العراقي في انتفاضته التي تدعوه اليها ؟ و ما هي اهدافها ؟ طرد المحتل ؟ حسنا و ماذا بعد ذلك ؟ و هو في مقاله المنشور في الحوار المتمدن بعنوان " ايها الشعب القتيل ,ماذا ستخسر بعد؟فاما عصيان مدني شامل ,او ثورة شعبية مسلحة ضد الاحتلال وادواته المحلية " يتساءل " اسمعتم عن بلد منحته امريكا نسمة من سلام او طابوقة لبناء او نعمة؟ " نعم سمعنا ! اليابان و كوريا الجنوبية و ألمانيا ما بعد الحرب ! فليس ثمة بين الدول التابعة للمنظمة الاشتراكية و دول التحرر الوطني من وصل إلى ما وصلت اليه هذه الدول من اعمار و نظام سياسي مستقر ، فاليابان هي الدولة الثانية في العالم صناعيا و ألمانيا هي الدولة الثالثة و واحدةٌ من هذه الدول يعادل انتاجها القومي انتاج كل الدول العربية و الاسلامية مجتمعة بما في الثروة النفطية التي هي هبة طبيعية . إذن سيكون جوابنا بما أننا قرأنا التاريخ: نعم سمعنا . و ليست صياغتك للسؤال سوى صيغة تحريضية شعرية تصلح لقصيدة و لكنها لا تصلح للوصول الى نتيجة علمية . فهل هذه الدول عميلة لأمريكا كما سيرد علي البعض حتما ؟ ليس صحيحا أيضا ، أنها دول مستقلة بمعني الكلمة كما تؤكد الكثير من الشواهد فقد عارضت المانيا و اليابان الكثير من السياسات الخارجية للولايات المتحدة ليس آخرها موقف المستشار الألماني السابق المعارض للحرب ضد العراق ، رغم ان امريكا حررت المانيا في الحرب و دعمتها في إعادة البناء . إن السيد البهرزي لم يبق من اليسار إلا على اسوأ أجزائه أي" الكراهية " الأزلية للولايات المتحدة التي هي ، مثل صنوها العقائدي و الديني " الحب " بعيدان كل البعد عن التفكير السياسي . ليعطيني السيد البهرزي مثالا واحدا يجاري كوريا الجنوبية في التأسيس لنظام اقتصادي وسياسي كفؤ ؟ من ؟ فيتنام التي تعتمد سياسة الحزب الواحد ؟ فيتنام التي تبرع لها العراق المحاصر في التسعينات بحصته من الرز حين غمرت اراضيه الفيضانات ؟ ام كوريا الشمالية الذي يستعمل قادتها البرنامج النووي لإبتزاز المجتمع الدولي من أجل الحصول على الغذاء و الطاقة ؟ أليس شعبها هو الذي يعيش غريبا عن العالم و الذي يمنع السفر منه و إليه و الذي تحول إلى مجتمع مغلق لا يجرؤ احد على رؤيته او التفكير بزيارته ؟ أم تراها كوبا التي يحكم فيها الرفيق فيدل اكثر من ثلاثين عاما ليخلفه اخوه بعد أن عجز الشعب الكوبي و الحزب الشيوعي العريق الذي قارع باتستا من أن ينجب قائدا واحدا عدا الأخوين كاسترو؟ إن الوقائع ضدك . و مقالك ليس سوى بلاغة تحريضية تسترخص دماء الناس . واذا ما أتفقنا معك ان الحكومة والحركة السياسية العراقية تعاني من العجز و الفساد و التحلل وهي اسوأ نخبة سياسية في تاريخ العراق الحديث ، فليس الحل أن يقوم الناس مرة اخرى بحمل السلاح بعد أن حملوه لعقود . انما الحل بالتبشير بسياسة سلم اجتماعي على غرار جنوب افريقيا او الهند في زمن غاندي ، وفي الفضح الفكري و السياسي لحكومة المحاصصة و الأحزاب التي تدعمها . و لا أضنك ترى ان نكون كما تألم لنا سعدي يوسف : فوق الأسوار ولدنا و على الأسوار نموت لم نعرف في بابل غير القتل لأجل القوت انت شاعر سيدي ! ادعو الى السلام و ليس الى توريط اولاد " الخايبة " انت شاعر ، سيدي ، فلتدعُ و تحرض على مثال غاندي و مانديلا ! محمد العبدلي
#محمد_العبدلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدكتور باقر الفضلي التضامن مع الحزب الشيوعي ليس فزعة عشائر
-
المالكي بين زيارة تركيا و زيارة ايران
-
هل أكل السيد حسن حاتم مذكور الحلوى حقا ؟
-
هل الشيعة ناكثون للعهد حقا ؟
-
لماذا ايران نعم ، لماذا صدام لا ؟
-
التكفير ظاهرة إسلامية و ليست سنية فقط
-
البريطانيون دخلوا المياه الاقليمة الإيرانية . فأين المشكلة ؟
-
الدكتور كاظم حبيب و الفكر الشيعي
-
حميد مجيد موسى ليس ضارا اطلاق النار على جثة
-
فؤاد السنيورة ، قوة الدمعة
-
بعد 47 عاما ، كاسترو يسلم السلطة الى اخيه
-
ملاحظات على بيان الحزب الشيوعي
-
الدولة الدينية ضد الدين
-
البعثيون عائدون
-
رسالة مفتوحة الى الدكتور الفاضل كاظم حبيب
-
الخطر هنا
-
لاسياسة و لا اخلاق
-
بين جلال محمد و سعد محمد رحيم و الحوار المتمدن
المزيد.....
-
الصحة في غزة ترفع عدد القتلى بالقطاع منذ 7 أكتوبر.. إليكم كم
...
-
آخر تحديث بالصور.. وضع دبي وإمارات مجاورة بعد الفيضانات
-
قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار في غزة
...
-
بوريل من اجتماع مجموعة السبع: نحن على حافة حرب إقليمية في ال
...
-
الجيش السوداني يرد على أنباء عن احتجاز مصر سفينة متجهة إلى ا
...
-
زاخاروفا تتهم الدول الغربية بممارسة الابتزاز النووي
-
برلين ترفض مشاركة السفارة الروسية في إحياء ذكرى تحرير سجناء
...
-
الخارجية الروسية تعلق على -السيادة الفرنسية- بعد نقل باريس ح
...
-
فيديو لمصرفي مصري ينقذ عائلة إماراتية من الغرق والبنك يكرمه
...
-
راجمات Uragan الروسية المعدّلة تظهر خلال العملية العسكرية ال
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|