أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد النعماني - أخطر مايعترض الاشتراكي في اليمن الاستجابة لابتزاز باحثين عن الزعامة تخشبوا في مواقعهم وأكلوا على كل الموائد















المزيد.....


أخطر مايعترض الاشتراكي في اليمن الاستجابة لابتزاز باحثين عن الزعامة تخشبوا في مواقعهم وأكلوا على كل الموائد


محمد النعماني
(Mohammed Al Nommany)


الحوار المتمدن-العدد: 2021 - 2007 / 8 / 28 - 10:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


كانت الدورة الرابعة للجنة المركزية المنعقدة في فبراير2007 قد حددت الإطار العام للإصلاحات الحزبية الداخلية من منطلق الضرورات الموضوعية والحاجات الملحة لتطوير أوضاع الحزب سياسياً وتنظيمياً وفكرياً حتى يتمكن من مواكبة التغيرات المعقدة والمركبة التي يفرزها الواقع في سياق نضالاته ونشاطاته السياسية والثقافية والاجتماعية والجماهيرية.
وكانت النقاشات والحوارات الموسعة لأعضاء اللجنة المركزية في دوراتها السابقة منذ المؤتمر الخامس قد أكدت على أهمية القيام بمثل هذه الإصلاحات، وأظهرت تلك النقاشات حاجة الحزب إلى الوقوف بجدية أمام تعزيز دور الهيئات القيادية كركن أساسي في عملية الإصلاح تلك، والتي بدونها يصبح الحديث عن الإصلاحات لغواً لا معنى له. فالتجربة التاريخية تمدنا بقدر كبير من الأسانيد والأدلة على أنه عندما كان دور الهيئات يتراجع إلى الخلف بتأثير العوامل التي تدفع بتغليب النزعة الاستعلائية للأفراد على حساب الهيئات، يبدأ الحزب في التفكك عبر استقطابات تتناقض موضوعياً مع أفكاره التقدمية الثورية وطابعه الوطني.
وقد كانت هذه العوامل ومنها ماهو اجتماعي، وماهو ثقافي، ومنها ماهو انتهازي نفعي، وماهو سلوكي تفكيكي، تتضخم عند التباين في الآراء والاختلاف في وجهات النظر، فيصبح «الفرد» هو محور الخلاف والاتفاق حتى ولو لم يكن يريد ذلك أو يسعى إليه. فيأتي دور هذه العوامل، أولاً لتعطيل الحوار الموضوعي داخل الهيئة من خلال الابتزاز الذي تمارسه على المواقف السياسية النزيهة، وثانياً بتحويل الخلاف فوراً إلى عملية صراعية بفرز أطرافها فرزاً اعتباطياً وفقاً لمعايير متخلفة كانت دائماً ما تضع الحزب برمته خارج دائرة الفعل السياسي الرشيد المنسجم مع رسالته، وخارج دائرة هذا الفعل كانت تتضخم الخلافات وتنحرف في اتجاه تصفية الحسابات بين الأفراد، فيلجأ أعضاء الهيئات إلى الاستقواء على الهيئة بالتعبئة والتحريض والدعوة لهذا الفرد أو ذاك، سواء كان هذا الفرد هو الشخص الأول أو من ينصَّبُ من قبل مجموعة أخرى كمنافس له.
ولقد عانى حزبنا كثيراً من هذه الظاهرة في محطات مختلفة من تاريخه السياسي، ويعود السبب في ذلك إلى طول البقاء في المناصب القيادية في الحزب حتى يبدو وكأنها قد صممت لتكريس الفردية على نحو مناقض للطبيعة الجماهيرية للحزب الذي ظل يتمسك بها حتى وهو في السلطة؛ ناهيك عن أن الوصول إليها لم يكن يتم في كثير من الأحيان عبر آليات ديمقراطية وإنما من خلال دورات صراع واصطفافات غير مبدئية ظلت تنخر فيه وتتحول مع المدى إلى سلوك عند البعض، وهو السلوك الذي طبع الحزب بمكنونه الصراعي الذي لازال للأسف يمارس حتى اليوم.
وإذا كان حزبنا قد امتلك بالأمس خيارات وأدوات أوسع لتجاوز محنة تكريس «الفرد» على حساب الهيئات، على الرغم مما أدى إليه ذلك من تراجع وانحسار في الثقافة السياسية الحزبية عند عضو الحزب لصالح الثقافة التي تميل إلى تقوية النزعة التفردية، وتكريس مكانة «الفرد» ضداً على مكانة الهيئات، فإن الظروف التي يمر بها الحزب منذ مابعد حرب 1994 لم تعد تقدم مثل هذه الخيارات والأدوات، ولابد من القول إن الاستمرار في تخصيب هذه النزعة السلوكية (داخل الحزب) بنفس الأدوات القديمة أو بأدوات جديدة هو عمل انتحاري بكل معنى الكلمة.
لقد آن الأوان لهذا الحزب أن يعود إلى جذره التاريخي في التكون الجماهيري الأصيل ونبذ الفوقية الاستعلائية التي رتبتها سنوات من تكريس البناء النخبوي للحزب الذي هيمن فيه السلوك «الفردي» والذي كان سبباً رئيسياً فيما شهده من صراعات. ولا شك أن الابتزاز الذي يتعرض له الحزب في الوقت الراهن، ومنذ فترة ليست بالقصيرة يعود سببه في الأساس إلى تراجع دور الهيئات، الأمر الذي فتح الباب أمام ممارسات أمست تهدد الحزب وبقائه، وهو ما يجعل المسألة تأخذ منحى مختلفاً عما يمكن أن يعد مخالفات تسمح باحتوائها في إطار الوحدة التنظيمية.
قد سمح البعض لأنفسهم بالعمل خارج الشرعية التنظيمية في تطاول على هيئات الحزب المنتخبة، وممارسة أنشطة تضر بوحدته ومكانته وسمعته، وصار حزبنا يعرف بأنه الحزب الذي تقوده أكثر من قيادة، وفتح هذا الوضع الباب أمام قوى من خارج الحزب لتتدخل في شؤونه وتكون بؤر داخلية تقاد من خارجه.
وفي هذا السياق بدأت تنسج علاقات وروابط بين هذه القوى وتجمعات في الحزب الاشتراكي تحت عناوين مختلفة هدفها الأساسي وضع الحزب وتاريخه ومكانته وشرعيته في قفص الاتهام بما في ذلك شرعيته التاريخية في حكم الجنوب واتخاذ قرار الوحدة وغير ذلك من الاتهامات التي سارت جنباً إلى جنب مع الحديث المضلل والترويج المزعوم عن تخلي الحزب عن القضية الجنوبية في محاولة لخلط الأوراق وإبراز هذا الموضوع كخلفية تمهد لإبراز الصورة الحقيقية لمراميهم وهي إخراج الحزب من المعادلة السياسية.
خطط لهذه المسألة على نحو شارك فيها الكثيرون ممن يسعون إلى تصفية حسابات قديمة وجديدة مع الحزب الاشتراكي، وكانت فكرة اجتثاثه من الجنوب هي الفكرة الجهنمية التي سوَّقها البعض من داخل الحزب، ولم تكن السلطة بعيدة عن كل ذلك فقد رأت فيها المدخل الذي ستقصم به ظهر الاشتراكي ومشروعه الوطني.. ولذلك فقد شجعت على إخراجه من المعادلة «الجنوبية» كمقدمة لإخراجه من المعادلة السياسية الوطنية. ولم يكن بالإمكان ابتزاز الحزب على هذا النحو لو أن هيئاته كانت في وضع يمكنها من التصدي لهذه الأعمال ونقدها ومحاسبة الخارجين على الشرعية التنظيمية مع كل خطأ يرتكب.
إن أخطر ما يتعرض له الحزب في الوقت الراهن هو الاستجابة الواعية وغير الواعية لعملية الابتزاز تلك التي يمارسها أولئك الذين يبحثون عن زعامات من خارجه على حساب أعضائه وأنصاره ومعاناتهم الناجمة عن القهر الذي تعرضوا له منذ حرب 1994 وما تلاها من إجراءات تعسفية وقمعية، وحاولوا توظيف ذلك في أسوأ توظيف أطلق عليه بعضهم «خبطة الشيطان» في حديث إلى أنصارهم. وعندما سئل أحدهم عن المقصود بخبطة الشيطان، قال: الحجر من القاع والدم من رأس الحزب. أي أن على الحزب أن يدفع فاتورة زعامتهم.. إن هذا التعبير يسفِّه ويفضح الدور الذي يلعبونه في ابتزاز وتوظيف أوضاع الحزب بمساعدة بعض أعضائه ممن أقاموا تحالفاتهم خارج الحزب على أسس تشذ عن برنامجه وأهدافه وقرارات هيئاته، وهي التحالفات التي حاولت أن تختطف حركات الاحتجاجات والتفاعلات السياسية والاجتماعية والاعتصامات ليبروزوا بعض «زعاماتهم» داخل الفعل الجماهيري كأوصياء عليه، ويقدموا أنفسهم بعد ذلك كممثلين للجنوب، ولكن بكلفة أقل مما يتوجب على هذه السلطة دفعه في حالة بقاء الحزب الاشتراكي متمسكاً بمشروعه الوطني.
إن كثيراً من هؤلاء الباحثين عن الزعامة هم ممن تخشبوا في مواقعهم، ولم تغير الحياة فيهم شيئاً، سوى أنها أعدتهم للانتقام فقط. وما يظهرونه تجاه الحزب اليوم ليس سوى ترجمة لتلك الثقافة الرديئة التي لا تعرف غير الانتقام، وإن كانوا الآن يريدون هذا الانتقام أن يأتي من الحزب ضد نفسه بإدانة تاريخه ومشروعه وخياراته، وهو في نظرهم أبلغ من أي انتقام آخر. وإذا كان هناك من يجاريهم داخل الحزب ويسوِّق ثقافتهم على ذلك النحو الذي أربك مسار الحزب خلال الفترة الماضية فذلك إنما لأن عملية التسويق تلك اتخذت صورة التبشير بخسران الاشتراكي لرهاناته التاريخية التي تميز بها وما عليه الآن سوى أن يخلي مكانه للمشاريع التي نبذها بالأمس وقاومها وانتصر عليها، وان الزمن قد دار دورته ليجد الحزب نفسه في ذات المكان الذي تخندقت فيه تلك المشاريع.. وان عليه أن يقبل بشروطها لاستيعابه في نفس المكان.
ووجد هؤلاء في الظروف الصعبة الناجمة عن القمع الذي تعرض له الاشتراكي منذ 1994 مناخاً ملائماً لتمرير مخطط الاستيعاب المحمول بروافع انتهازية لمن يبحثون عن «الزعامة» التي تؤهلهم للتفاوض بشروط مقبولة عند هذه السلطة.. وهي الشروط المهينة لنضال شعب طرد الاستعمار ووحَّد الجنوب الذي كان ممزقاً إلى أكثر من 23 سلطنة وإمارة ومشيخة ومستعمرة في دولة واحدة أصبحت الركيزة الأخرى في الدولة اليمنية الموحدة، تلك الدولة التي خربتها حرب 1994 الظالمة وشوهت مضامينها وأسس قيامها، ووضع التاريخ مسؤولية إصلاحها وإعادة مضمونها الوطني أمام القوى الوطنية كلها. وهاهو الجنوب اليمني الذي كان على الدوام المبادر والحاضن لنضالات اليمنيين والمتصدر لقضاياهم الكبرى يخوض نضالاً سلمياً ديمقراطياً تحت وطأة الإحساس بالظلم وغياب الشراكة الوطنية وتهميشه كجناح ثان في مشروع الإقلاع التاريخي الذي تعطل بالحرب وبحسابات القوى التقليدية التي لم تغادر كهوفها لتفرخ، من حيث كونها قوة إحباط واستئصال، آليات الدفع المعاكسة لمسار المشروع الوطني الديمقراطي وما يرافق ذلك من ثقافات انقسامية وانعزالية تكون في مستوى قدرتها وفي مستوى طاقتها في المواجهة.
إن هذا النضال يفتح مع نضالات القوى المدافعة عن الحرية والعدل والمساواة والمطالبة برغيف الخبز والماء، طريقاً نحو فجر جديد، ويضع بيدها الأدوات النضالية الأكثر فعالية في التصدي للظلم وعدم المساواة. إن حركة الاحتجاجات والاعتصامات الجماهيرية التي فجرت مخزون الرفض والمقاومة لمشاريع الاستئصال والإقصاء والتهميش هي في الأول والأخير تعبير عن مستوى النضج في الوعي السياسي الذي تبلور في السياق العام للتمسك بالحقوق المطلبية المشروعة والحقوق المدنية والسياسية التي تعرضت للانتهاك بواسطة القوة وما أنتجته من سياسات، وهو ما يعني أن المعالجة الجذرية لهذه الانتهاكات لن يكون ممكناً إلا بالتصحيح الجذري لهذه السياسات وإعادة المضمون الوطني الديمقراطي لوحدة 22 مايو 90.
إن حزبنا وهو يدعم هذا العمل السلمي الديمقراطي يطالب السلطة سرعة الاستجابة لمطالب المقاعدين والمسرحين العسكريين والمدنيين لأسباب سياسية وحل المشكلات الناجمة عن حرب 1994 والسياسات الخاطئة التي أعقبتها ويرى فيه تطوراً نوعياً في النضال الديمقراطي الجماهيري ويرفض كل أشكال القمع التي مارستها السلطة ضده. وبهذا الصدد فإننا نسجل تقديراً عالياً لكل أعضاء الحزب وأنصاره ومنتسبيه الذين وقفوا إلى جانب مطالب المعتصمين ومطالب الجماهير المحتشدة من أجل إصلاح مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وانخرطوا في هذا العمل السلمي الديمقراطي، وكانوا في صدارة المدافعين عن قضايا الناس، وتعرضوا بسبب ذلك للاعتقالات والمطاردة.
لقد عبروا بذلك عن الموقف الصحيح الذي يجب أن يقفه الحزب في مثل هذه الأحوال، وشكل موقفهم الوطني هذا رداً عملياً على كل من يحاول التطاول على هذا الحزب أو تشويه مواقفه. وفي هذا السياق لابد من رفض الوصاية التي يحاول البعض أن يفرضها على هذه الحركة الديمقراطية السلمية فلطالما أجهضت الوصاية هذه الحركات وأسلمتها إلى مصير مجهول. هذه الحركات الاجتماعية جديرة بإنضاج شروط تحولها إلى حركة نضالية سلمية ديمقراطية دون وصاية من أحد وبعيداً عن روح المغامرة التي يتقمصها البعض ليقفز إلى الصدارة بحسابات تضر بقضايا وأهداف هذه الحركة، فالمغامرين هم أول من يغيرون بوصلة اتجاههم إلى الطرف النقيض ولكن بعد أن يدمروا الفكرة ويشوهوا أدواتها والموقف منها.
إن هذه الحركات قادرة على أن تنتج من داخلها قواها الحية وكذا قياداتها الميدانية على النحو الذي يؤهلها للسير نحو غاياتها الوطنية كما هو شأن الحركات التاريخية التي تنتجها حاجات المجتمع والأمم للنهوض والبناء. وسيكون الشباب في الصدارة منها، سيكونون هم القوة الحية المؤهلة للإمساك بناصية الفكرة والانتصار لها.. لندع ألف زهرة تتفتح، دون أن يحجب عنها ضوء الشمس أولئك الباحثون عن الزعامة ممن أكل الدهر عليهم وشرب وأكلوا على كل الموائد وتفيدوا في كل الحروب. وعلى حزبنا مع غيره من أحزاب اللقاء المشترك والقوى السياسية والاجتماعية الأخرى رعاية ذلك في سياق نضالها المتواصل ضد مشاريع الانقلاب على الخيارات الوطنية الديمقراطية.
ويلعب حزبنا دوراً مفصلياً في هذه العملية التاريخية، شاء من شاء أو أبى من أبى، ولن يكون قادراً على ذلك إلا بإعادة الاعتبار إلى هيئاته وتحويلها إلى مركز الثقل الفعلي في صياغة استراتيجياته وتكتيكاته وخطواته العملية في منظومة العمل السياسي الوطني الذي لا مناص من الانخراط فيه بفعالية تتجاوز المراوحة التي تفرضها الحالة الراهنة التي يواصل فيها البعض جرّ الحزب إلى صراعات لا معنى لها، سوى أن هناك اصرر على إنهاكه وإضعافه، في حين أن المعادلة السياسية التي تتبلور في الواقع الراهن تقدم الدليل على أنها لا يمكن أن تتحقق بمعزل عن هذا الحزب.. ولا أدري كيف يتجاهل مناضلوه هذه الحقيقة.
إن مسألة رد الاعتبار لهيئات الحزب، بصفتها أساس شرعيته، مطروحة أمامكم في هذه الدورة كواحدة من قضايا الإصلاح التي لابد من البت فيها دون مواربة أو تمييع. وفي هذا الإطار يحتاج الحزب في اللحظة الراهنة إلى معالجات استثنائية منها أهمية إعادة بناء المنصب الحزبي القيادي وخاصة منصب الأمين العام في الوعي الجمعي للحزب بعيداً عن المخزون النفسي المعقد والمرحل معنا من مراحل سابقة، حيث كانت جملة العوامل المؤثرة سلباً في العمل السياسي والحزبي تحوله إلى مركز استقطاب خارج إطار التفعيلة التي تحكم وتضبط حركة وإيقاعات الحزب مما يفضي مع طول الفترة الزمنية لشغل المنصب إلى تعطيل وظائف الهيئات وفعالياتها في قيادة الحزب.
ونشأت على هامش هذه الظاهرة ثقافة ذات سمات انتهازية تجعل الصراع مع الأمين العام مجرد مظلة لحماية كثير من المظاهر والممارسات المضرة بالحزب، والمخلة بوحدته. ولكي لا يكون الأمين العام قادراً على ضبط نشاط الهيئات فلابد أن يكون خصماً. الأمر الذي كان يؤدي إلى تكوين مركز آخر للقيادة يحيط بالأمين العام تربطه بالهيئة جسور انتهازية أو منافع من نوع ما. وظلت هذه الظاهرة تتكرر بسبب هذه الثقافة الانتهازية، ومعها يتواصل تكوين البؤر المعطلة لنشاط الحزب تحت عناوين مختلفة، تتجلى في ممارسات لا تجسد أي نوع من العلاقات الرفاقية في حزب يتعرض كله للقهر والأذى والظلم.
لقد حذرت مبكراً من هذه الظاهرة، لكن للأسف قوة العادة عند البعض، ناهيك عن عدد من العوامل الموضوعية وغيرها من التراكمات النفسية والثقافية، أخذت تدفع بمناخات تبرر إعادة إنتاج المشكلة ولكن هذه المرة بصورة يبدو فيها الحزب وكأنه بقيادتين، وبدلاً من أن يدعم الجميع التوجه بمقاومة كل محاولات الإطاحة به وإضعافه لإخراجه من المعادلة السياسية ويتمكن من بناء الآليات التنظيمية والسياسية والفكرية لمعاودة أداء دوره الكفاحي كمؤسسة سياسية نضالية تستطيع أن تنتج وفي الوقت المطلوب شروط اندماجه في العملية النضالية الشعبية، بدلاً من ذلك كان الذي حدث مخيباً للآمال، حيث راحت تلك الثقافة تفرض نفسها في تجليات مختلفة من أمراض النزوع نحو الزعامة التي أرادت أن يبقى الحزب وراءها بمسافة كبيرة، هي الفرق بين موقف «المؤسسة» المسؤول المنطلق من برامج ووثائق الحزب وقرارات هيئاته وتقديراتها للفعل السياسي بمعايير حساباتها الاستراتيجية والتكتيكية من ناحية، وموقف هؤلاء الذين لا تثقلهم أي مسؤولية من هذا النوع سوى هم الزعامة الذي يستطيعون أن يتخلصوا منه في أول منعطف ولكن بعد أن يكون غيرهم قد دفع الثمن من ناحية أخرى. ولكي لا تبدو أن مشكلتهم مع الحزب، فقد هدتهم تلك الثقافة إلى تحويل المشكلة مع الأمين العام في حملة تواصلت تحت شعارات عديدة منها أن الأمين العام تخلى عن القضية الجنوبية وان قيادة الحزب الحقيقية هي في الخارج وهم وكلاؤها وأنها هي التي ستحرر الجنوب... وبدا كما لو أن هذه الثقافة الانتهازية تزدهر أكثر كلما ازدادت الحملة الشرسة عليه من خارجه وخاصة من قبل السلطة في توافق يضع أكثر من سؤال حول هذه الحملة.
والحقيقة أنها ليست سوى مخلب المتطاولين على الحزب من خارجه، وهي الحلقة الأشد تأثيراً في عملية الابتزاز التي تعرض ويتعرض لها. وقد آن الأوان لمعالجة أسبابها في سياق سد منابع تلك الثقافة الانتهازية التي تعيد إنتاج المشكلة في كل مرحلة بصورة معينة. وانسجاماً مع ذلك فإن مقترحي بإعادة بناء المنصب الحزبي القيادي في الوعي الجمعي للحزب على النحو الذي يؤسس لثقافة تقود إلى تهذيب الموقف من هذا المنصب وإعادته إلى حالة الانسجام الطبيعية مع الدور المناط به، وهو تزكية عمل الهيئات، وخاصة منصب الأمين العام. ولابد أن يؤدي ذلك إلى سلسلة من التأثيرات الايجابية المترابطة بما في ذلك التأثير على ذلك التطاول الذي يمارسه أولئك الباحثون عن الزعامة على حساب الحزب كمؤسسة.
وبدون ذلك، فإن كثيراً من المؤشرات تبرهن على أن البعض لم يعد يهمهم بقاء هذا الحزب موحداً، والبديل عندهم أن يتفرق دمه بين القبائل، وليأخذ كل واحد منهم حاجته منه بقدر زعامته. لا نريدها أن تكون نهاية مأساوية لسلوك بليد.. إنني أعرف كما تعرفون أن كل عضو في هذا الحزب هو مناضل جدير بشرف الانتماء إلى حزب عريق كهذا، بل وجدير بالمشاركة في قيادته، لكننا ندرك جميعاً تأثير العوامل الموضوعية في إنتاج الظاهرة الاجتماعية والثقافية والسلوكية.. وبالتالي فإن المعالجة لابد أن تتوجه إلى الجانب الأكبر منها إلى المكان الذي يمارس فيه العامل الموضوعي تأثيره السلبي.
ولأنني أدرك كما تدركون أن هيئات الحزب لم تعد قادرة على تصحيح الأخطاء بتطبيق قواعد النظام الداخلي بسبب الحالة الهشة لوحدته الداخلية، فلابد من مبادرة من نوع ما تبعث قدراً من التوازن داخل الوعي الحزبي المحبط على أن تقرأ هذه المبادرة في إطارها الصحيح. وكنت في وقت سابق قد اقترحت على اللجنة المركزية أن نبدأ بتدوير المناصب في الهيئات القيادية للحزب خاصة منصب الأمين العام خلال كل دورتين من دورات اللجنة المركزية وذلك كمدخل لإصلاح حقيقي في الحزب يخرج الحزب من الجمود ودورات الصراع والتآمر فهذا هو الكفيل بإنهاء الصنمية التي يحاول البعض أن يتقمصها اليوم وتحت عناوين مختلفة وذرائع متنوعة لإنتاج دورات صراع جديدة، لكن نقاشات اللجنة المركزية والأمانة العامة والمكتب السياسي يومها اتجهت نحو تمديد الفترة إلى سنتين، وهي فعلاً فترة معقولة وكافية (أي أربع دورات للجنة المركزية) لتمكين الهيئة من العمل على قاعدة الجمع بين المسؤولية الجماعية والمسؤولية الفردية بحيث يبقى الأصل في القيادة هو الهيئة وتقتصر المسؤولية الفردية على إدارة الهيئة ومتابعة تنفيذ قراراتها وتوجيهاتها. وفي حين تكون الهيئة ثابتة وفقاً للقواعد المنظمة لذلك فيما بين مؤتمرات الحزب أو مؤتمرات منظمات الحزب. يتم تدوير المناصب القيادية كل سنتين بقرار من الهيئة المعنية بذلك (منصب الأمين العام للجنة المركزية).
وأجد لزاماً عليَّ أذكر هنا بأن السنتين قد انتهت بالنسبة للأمين العام، وأطلب مناقشة هذا الموضوع بجدية كاملة في إطار الأمانة العامة والمكتب السياسي واللجنة المركزية حتى نتمكن من تقديم مقترح متكامل بشأنه. أؤكد على ضرورة أن يحظى هذا الموضوع بمناقشة جادة، فبالنسبة لي لا أستطيع أن أقول أكثر من أن البقاء في منصب الأمين العام بعد هذه الفترة (السنتين والتي انتهت في يوليو2007) غير ممكن. فأنا لا أرى مخرجاً للحزب من دورات الصراع السخيفة والعبثية فيه سوى تدوير المناصب، ولا أرى له مخرجاً من مهزلة الابتزاز التي تمارس عليه من خارجه سوى إعادة الاعتبار للهيئات وتقوية دورها في الحياة الحزبية، ولا أرى له مخرجاً من سياسات التهميش، التي تمارسها السلطة سوى التماسك والوحدة الداخلية والارتباط بالجماهير والاهتمام بقضايا الناس والمجتمع والتمسك بالتحالفات السياسية والوطنية وعدم التفريط في اللقاء المشترك.
_________________________________
مذكرة لأمين عام الحزب الاشتراكي اليمني بشأن تدوير موقع الأمين العام، ألقاها في دورة اللجنة المركزية الاعتيادية الخامسة (21، 22، 23 أغسطس 2007 - صنعاء).
* jتم اسقاط مقترح نعمان بتدوير منصب الامين العام من جدول اعمال الدورة وباجماع اعضاء اللجنة المركزيةة




#محمد_النعماني (هاشتاغ)       Mohammed__Al_Nommany#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان الدورة الخامسة الاعتيادية للجنة المركزية للحزب الاشتراك ...
- توقعات بوقوع أزمة مالية عالمية جديدة في العام المقبل
- موسكو اغلي مدينة في اورباء و متوسط سعر الغرفة في الفندق 365 ...
- صراع القطب الشمالي الي اين؟؟
- ماذه جري في عدن اليوم ؟؟ قتيل و جرحي اعتصام ورصاص وقنابل مسي ...
- رسالة شخصيه من الرئيس صالح الي الرئيس مبارك تطالب بتسليم الح ...
- حرب باردة جديدة وتعزيز قدرات القوات الروسية و اتهم بريطانيا ...
- الشرق الاوسط في اسبوع
- خبير سياسي واقتصادي روسي لا يرى أن العالم العربي بصدد التحول ...
- المواطنة السياسية في الجمهورية اليمنية ( 1990 – 2007 ) : الا ...
- اليمن _ فوضي .وانتهاكات . ارهاب وترعيب ومااخفي اعظم ؟؟
- طائرة الرئيس الروسي بوتين غير مرغوب في أوروبا؟
- تقرير دولي - اليمن ضمن الدول الأكثر فشلاً في العالم وصراع ال ...
- . دون مبرر وبصفة تعسفية النساء في اليمن . انتهاكات ومعانات ك ...
- الوحدة عروسة في اب ومطلقة في عدن
- روسيا الخليفة المحتمل للرئيس بوتين حاليا هو بوتين نفسه
- الرفاق اين هم ؟؟
- خلال أربع سنوات 51 ألف طفل يمني تم تهريبهم إلى السعوديه
- الوالد الشاعر د محمدعبدة غانم وجمال شواطئ عدن
- عايدون ياعدن و عدن في شعر د. محمد عبده غانم


المزيد.....




- تايوان تسجل أكثر من 200 زلزال وهزة ارتدادية خلال يوم واحد
- الخارجية الأمريكية: إيران -لا تحترم- السيادة العراقية
- -بوليتيكو-: الولايات المتحدة تدرك أن إفريقيا تعتمد بشكل متزا ...
- قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر ...
- ?? مباشر: حزب الله يعلن استهداف قاعدة إسرائيلية بعشرات الصوا ...
- أمريكا تعلق على -توقيت- استهداف قواتها في سوريا من قبل ميليش ...
- هل يريد الأوروبيون الحرب مع روسيا؟
- روسيا تطور عربات عسكرية برمائية للاستطلاع والحرب الإلكترونية ...
- لأول مرة.. محاكاة حالة الدماغ في أثناء نوبة الصرع
- -حدبة الرقبة- قد تكون علامة على مشاكل صحية رئيسية


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - محمد النعماني - أخطر مايعترض الاشتراكي في اليمن الاستجابة لابتزاز باحثين عن الزعامة تخشبوا في مواقعهم وأكلوا على كل الموائد