أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف بشبوش - ألشعر في عمق التأريخ















المزيد.....

ألشعر في عمق التأريخ


هاتف بشبوش

الحوار المتمدن-العدد: 2018 - 2007 / 8 / 25 - 09:17
المحور: الادب والفن
    



سيأتيكم شعري قويا , خشنا , ناضجاً
كما دخل حياتكم الصرف الصحي
الذي أخترعه عبيد روما
مايكوفسكي



القصد من الشعر هو صنع فكرة او احساس من داخل القلب في بناء متسق من اللفظ يدغدغ النفس الاخرى واعماقها من غير تعب او كلفة او ملل , وهو من الفنون التي هي أقرب الى اللاشعور, كما ان هبة الشعر هي منحة تصحبهامؤثرات خارجية لدى الشاعر, أولها اللغة التي تعتبر النفس الذي يعطي الديمومة والحركة الابداعية للشعر. فكلما أزداد الشاعر من الكم اللفظي أستطاع ان يوظف صورة دقيقة لما يريد قوله بشكل موسيقي , حيث ان اللغة هي رداء الادب بشكل عام وهذا الرداء يختلف من حقبة زمنية واخرى اعتمادا على الذائقة وما توصل اليه المجتمع من تطور في كافة المجالات , التكيف الاجتماعي اضافة الى الطاقات الفنيه تتعاون هده مجتمعة على تكوين الجانب العقلي للشاعر , القريحه الشعرية هي المقدره الفنية التي تيسر للانسان النبوغ في الشعر , او هي الذكاء الخاص بابداع الشعر. وقد يكون بعض الشعراء ذا قدرة هائلة تمده بالنتاج الخصب وتزداد مع الوقت والاحداث حدة ًواتقادا ًوتاتي في موضوعات مختلفة كالمديح والهجاء والوصف والسياسه الخ... أيضا سعة افق الشاعر احيانا في موضوع واحد والتدقيق في الجانب الجزئي من ذلك الموضوع , اذ نجده ازاء فكرة بسيطة يسلط عليها ملكته الفنية , ويطوف بارجائها ويزرع في جوانبها الحياة. كما وان الادراك والاحساس الانساني ليس جامدا او محصورا في فناء معين , لو تمكن الشاعر ان يقفز من القديم لوجد نفسه منسرحا في افاق فضائية شاسعة لاحدود لها ومستنشقا رياح التحديث ونسماته الباردة .. في عصر ماقبل التنوير كان الغرب متجها الى الدين ثم تحول الى البرناسية ثم الواقعيه التي تطورت الى الرمزية وعرفت اليوم باسم الحداثة , هذا يعني ان عموم الادب اليوم وغدا هو خاضع للديالكتيك ولايعرف السكون والجمود اطلاقا . حاول عدد من الشعراء لاباس به ان يرسم صورة لشعرجديد يلائم عصر الحداثة ويرتقي به الى المدى الذي يستحق التقدير . اتت الحداثة وما افرزته من شعراء أستطاعوا خلق حساسية شعرية جديدة غيرت من مسار الشعر العربي وفتحت امامه آفاقا مستقبلية كبيرة , كنازك الملائكة والسياب الذين اتوا بالتجديد واتخاذ التفعيلة في الشطر الشعري وثورة على القافية والوزن كي ياخذ الشاعر مجالا رحبا في التعبير عن خلجاته . نازك الملائكة ادخلت الفلسفة في الشعر حين تقول[ انا لاافهم الحياة .... كيف لي ان افهم الموت ] , بالرغم من ان هذا البيت ينتمي الى مقولة فلسفية لكونفوسيوش 555 ق م ولم تغير الشاعرة من هذه المقولة شئ حيث انها نقلت هذا البيت حرفيا من كونفوسيوش حينما سألوه عن مدى معرفته بالموت فاجاب[ نحن لانفهم شيئا عن الحياة , فكيف لنا ان نفهم شيئا عن الموت ] , ولربما قالته الشاعرة الكبيره على سجيتها فجاء الالهام بهذا البوح المتشابه وهذا يحصل كثيرا.
في القديم كان الشعراء يصنعون فنا ملحميا على سبيل المثال حروب بني تغلب وهوميروس في الياذته , هذه بحد ذاتها هي ملاحم تاريخية يستطيع القارئ من خلالها الاستفادة من الشعر والتأريخ في آن واحد .
الذي يعيب الشعر العربي هو ان غالبيته شعر المناسبات وهذا النوع من الشعر ضعيف في حين ان الالهام يأتي من داخل النفس بكامل عواطفه وأحاسيسه . الابتعاد عن التمليق والمآثر المادية يظهر لنا شعر النفس لاشعرالمناسبةالتي لاقيمة لها ولانص , والابتعاد عن ما أوتي به السلف والاكتفاء بالجيد مما أفرزته الحقول القديمة وبروح جديدة وكساء جديد يتلائم وروح العصر . من شعراء العالم الذين تخطوا المناسبة وتسلّقوا سلّم الوجود كله هو لوركا قاهر الحرس الاسود الفاشي لدى الجنرال فرانكو .
ان الكنزاالشعري هو موروث في اللاوعي في مسار أجيال الامم وعوالم الشعوب ومسيرة حياتها. ومهما حصل النكوص في حياة الامم لكن الشعر يبقى ازليا يدلل على تلك الكنوز التي ترسل شعاعا نحو الانسانية كما يقول توفيق الحكيم ) اذا ابصرت شعاعا فاعلم ان وراءه كوكبا واذا رايت ادبا فان وراءه حضارة وما من خطر يهدد الشعاع الا انفجار الكوكب( .
الشعر ظاهرة نفسية للشخص يشدو به حين تفيض نفسه بظاهرة ما او احساس ولايستطيع ان يكتمه فتظهر القصائد على شكل الانفة وعن الحرب والحنين الى الوطن وعن المنفى.
الالهام هو الفيض المضئ لدخيلة الشاعر ولايمانه وعواطفه وكل وجوده , ومن حق الشاعرأن يسعى لكسب حرية الشعور والعاطفة والتعبير عنها وان يسمو فوق مطامع المادة ومزالق الذلة والخضوع لوضيع الشهوات . فن الشعريحكي التطور الطبيعي للمراحل التي مرت به مؤثرات العصر القديم و الحديث والاشكالات الفنية في الشعر تحتاج الى زمن ليس بالقصير حتى تتطور, اضافة الى تاثيرها بعوامل النهضة . كما ان تطور الفن الشعري يرافق تطور الفنون الاخرى , خصوصا اذا ما اعطي الشاعرالانتقاء والابداع بحيث يستطيع اضافة الجديد من مفاهيم التجديد الغربي في المعاني والصور والشعر التخيلي والقصصي, كما قال ميخائيل نعيمه في كتابه الغربال [ لا الاوزان ولا القوافي من ضرورات الشعر] وامين الريحاني في كتابه انتم الشعراء تطرق الى هكذا تطور . ظهرت نخبة من الشعراء جددوا في بنية القصيدة فاصبحت لاتقتصر في الالفاظ , فبرز الاحساس الصادق والمعبر عن تجربة الشاعر الصادقة اتجاه همومه.من الضرورات المهمة الاخذ عن الثقافات الاجنبية لكي ننهض في مختلف الحقول واذا ظلت بالاكتفاء الذاتي في المجال الثقافي والادبي لااعتقد بانها ستحقق نقلة نوعية في عموم مسار الشعر. ولذلك كان من مهام[ معهد الدراسات العربية العالية] المؤسس في مصر هو عرض واقع الادب في سائر الاقاليم العربية عن طريق اختيار مجموعة من مفكري وادباء العالم العربي ومطاليبهم بتقديم دراسات مسحية تفسيرية تقويمية لعتبة الشعر في بلدانهم. كما وان الثقافة لاحدود لها ولا وطن وهي لاتنتهي عند غاية من اي قطر او بلد من بلدان العالم. ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران وامين الريحاني الذين تاثروا بالشاعر الامريكي[ والت وايتمن] فنقلوا عنه القصيدة الحديثة او قصيدة النثر.
الكلمة باقية وهي بمثابة غذاء الروح التي تمهد من اجل عالم افضل وكون تسوده الحرية والعدالة دون موت ودمار واذلال .
لو ناخذ امثله بسيطة عن مدى فاعلية الكلمة لعدد من الادباء عربيا وعالميا , مجنون بني عامر يقول الشعر والخوف والعشق سيان[ نحن قوم اذا عشقوا ماتوا] حيث نستدل من هذه الشذرة على ان تلك الحقبة الزمنية تتمثل بالشعر بابهى صوره والحب وما يلاقيه العاشق من اهواله . المتنبي يصف السيماء الحقيقية لمن يبدو عليه الهوى أذ يقول[ بادٍ هواك صبرتَ أمْ لم تصبرا ... وبكاك أن لم يجرٍ دمعكَ أو جرا] . الجواهري في بيته الذي يقول فيه [ أكلما حُدثتُ عن نجمٍ بدا ...حدّثتني النفس ان ذاك انا] حيث يتبجح فيها الشاعر ويوضح لنا مدى استعلائه الكبير شعورا بذاتيته.
سعدي يوسف يقول[ تحت الاسوار ولدنا وعلى الاسوار نموت .... لم نعرف في بابل غير القتل لاجل القتل] , هنا يرسم الشاعرصورة تاريخية لبلد لم يعرف الراحة والامان , سوى العنف ولغة السيف والمسدس وكثرة الجلادين والجلاوزة , وهنا يتفق الشاعر مع ما قاله السياب [ ما مامرّ عام والعراق ليس فيه جوع] , نفهم من هذا ان لون الدم هو الطاغي على سماء هذا البلد على مر العصور.
لو انتقلنا الى ادونيس وما قاله عن العالم العربي [ في عالمنا كل شئ ميت عدا الله والحاكم] .
أراغون كان شيوعيا وقد تحول من السورياليه الى الواقعيه الاشتراكيه الشيوعيه بعد روايته [ فلاح باريس] , الا انه لم يكتب بالاسلوب التحزبي بل بالاسلوب الشمولي الانساني رغم شيوعيته . الشاعر ناظم حكمت كان على العكس , حيث كتب باسلوب الادب الحزبي وهو شيوعيا حتى مماته وكذلك الحال بالنسبه للشاعر الكوردي عبد الله كوران الشيوعي الذي كتب بالاسلوب التحزبي ايضا. لكننا لو انتقلنا الى نزار قباني نجده في امبراطوريته الاسلوبية الخاصة به , حيث يقول [ساكتب للعصيان والحب وأغني خارج السرب] كما انه لن يسمح لاي سلطة تعلو سلطة الحب.
الكلمةايضا في الشعر وفاعليتها لاتعرف الجاه والمنصب , هوشي منه كان اول رئيس لجمهورية انغولا وكان شاعرا , ماو تسي تونغ كان شاعرا ايضا , وزير الدفاع الامريكي السابق رامسفيلد كان شاعرا ايضا , لو نزلنا الى المراتب الدنيا من الشعراء حسين مردان الشاعر المشرد , أدغار الن بو الذي مات مخمورا في احد شوارع نيويورك والذي يتوقد خياله تحت تأثير النبيذ . أو شاعرا شفيفا باذخا كاحمد شوقي . نستطيع القول هنا اجمالا ان الادب هو بمثابة الاصرة المشتركة بين جاه ومكانة البشر ان كان رئيسا او كان متواضعا او سكيرا او مشردا وياله من رابط مشترك رائع تتكسر عند عتبته كل معاني الغطرسة والاستبداد. الشعر يدخل بيوتنا شئنا ام ابينا سواء ان كان عن طريق اغنية ندندن بها بين انفسنا او في جلسة ديوان او في بار يدخله الندامى في سبيل الترويح عن النفس او المباهاة والمبالغة في طرح الهموم والمبارزة الشعرية , او بعض القصائد الخالدة التي يحفظها حتى الناس الذين ليس لهم في الشعر لاناقة ولاجمل مثل قصيدة مظفر النواب [ اوتار ليلية] , حيث اصبحت هذه القصيدة مثل نشيد يومي يردده غالبية العراقيين والعرب لما حملته من دلائل وطنية وكشف لعورات العالم العربي الذي نعيشه , حتى اصبحت من القصائد الخالدة . اذن الشعر هو صرخة عاليةيسمعها حتى الاصم وليس بالضرورة لهذه الصرخة ان تغير من حالة الشعوب وانما لتفسير الواقع المريربالدلالات والرؤى المختلفة وبشكل بانوراما تسلط الضوء بايماءة خاطفة وثرية وكثيفة ومؤثرة بحيث انها تكون كافية لدمار السلطان .
هاتف بشبوش/ الدنمارك



#هاتف_بشبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بأرجاء ِنهريكَ الباقيات
- الموت على اسفلت بغداد
- قربَ بحيرة فارسو
- كي يشتدّ عودي
- لا أكترث بجلبابهم
- يومُّ عراقي
- أستحمامُّ بأرقٍِِ ألعودةِ
- الراقصة ُ الجوداء
- قصيدتان
- وئيداَ أتأملُ في غابة العدم
- أبجديات من دفتر الرسم
- الشمس تأتي من دفئ مخدعك
- لم يحن وقت الوداع
- قصه قصيره -حدث في المنفى
- جسدُّ يعبقُ بالخوف
- قصيده
- يكتنزكَ اللهيبُ وأنت عابراً
- الغدُ الغجريُ
- دمعتين لقلب الزنبقة
- منْ يكون


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاتف بشبوش - ألشعر في عمق التأريخ