أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - غلاءٌ.. سَقْفُه السماء!















المزيد.....

غلاءٌ.. سَقْفُه السماء!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 10:45
المحور: المجتمع المدني
    


غلاء فغلاء فغلاء.. فإذا كان الحاضر "غلاء" فلن يكون المستقبل غير "مزيد من الغلاء". صُنَّاع الغلاء، أي ذوو المصلحة فيه، والذين لا يستطيعون العيش في الطريقة التي يريدون إلا في الغلاء وبالغلاء، ليس لديهم من الحسِّ الإنساني والاجتماعي والسياسي والأمني ما يَعْدِل، في قوَّته، حسَّهم الاقتصادي، الذي لا يتخطَّى حدود عالمهم الاقتصادي الصغير، فلو أنَّهم أحسُّوا بشيء مِمَّا يحسُّ به ضحاياهم لفهموا الغلاء على أنَّه الطاقة الحرارية الاقتصادية التي تُحْدِث "الغليان"، فليس الغليان إلا العاقبة الحتمية للغلاء.

وعندما يغلي "القِدْر"، بسبب "الغلاء"، يُفضَّل أن تبقيه غير محكم الإغلاق، فَنَفِّس عنه حتى لا ينفجر. وفي المجتمع، نرى أنَّ شيئاً من "الديمقراطية" يُنتِج ما يُنتِجه ذاك "التنفيس الفيزيائي".

"الغلاء" هو الارتفاع ومجاوَزة "القَدْرِ في كل شيء". وفي هذا المعنى يُقال: غلا السِعر. وغلاء الأسعار، أي أسعار المأكل والملبس والمسكن والعلاج والتعليم والكهرباء والبنزين والغاز..، إنَّما يُنتِج، بقوة الضرورة التاريخية والاجتماعية، رُخْصاً في "أسعار" أشياء ينبغي لكل مجتمع إنساني وحرٍّ أن يبقيها غالية، فالغلاء يُنتِج الفقر والجوع.. أي يُنتِج عالماً لا يحلُّ مشاكله إلا بالحراب، ويضمحل فيه "الإنسان" في داخل كل إنسان، فينهار بنيان الفرد والجماعة من القيم الأخلاقية والإنسانية والحضارية، ولا يبقى من مبدأ يُستمسكُ به إلا "مبدأ الذئاب"، الذي يُلْزمُكَ أن تكون ذئباً حتى لا تأكلكَ الذئاب!

هل للإنسان من "سِعر"؟ كلُّ صُنَّاع الغلاء، أي الذين لا مصلحة لهم تعلو المصلحة في ترخيص "سِعر البشر"، لن يتورَّعوا عن أن يحكموا على "السائل" بالزندقة، فالإنسان، في ريائهم ونفاقهم، ليس بالبضاعة حتى نتحدَّث، تأكيداً أو نفياً، عن "سِعره"، ولسوف يسمعونكَ قصائد في تمجيد الإنسان، وتنزيهه عن "السِعر" و"البضاعة" و"السوق".. أي عن كل تلك الأشياء التي يُقدِّسون!

في مجتمع، بعضه (أي غالبيته العظمى) يتألَّف من "مواطنين عاديين"، وبعضه من "مواطنين غير عاديين"، ويتساوى هؤلاء وأولئكَ، كذباً ونفاقاً، في نظر "القانون"، لا بدَّ للإنسان (المواطن) من أن يكون له سِعر. وهذا "السِعر" إنَّما يتناسب تناسباً عكسياً مع سِعر كل تلك البضائع والخدمات التي لا بدَّ له من شرائها تلبية لحاجاته الأساسية، فكلَّما غلا سِعر تلك البضائع والخدمات رَخُص سِعر الإنسان، ورَخُص معه كل تلك الأشياء التي تُصنع منها إنسانية الإنسان!

"الراتب" أو "الأجر"، لدى غير العاطلين عن العمل، هو كل ما يملكه "المواطن العادي" من مال ينفقه في سبيل العيش، الذي جعله استفحال الغلاء صراعاً يومياً في سبيل "البقاء على قيد الحياة"!

هذا "الراتب" أو "الأجر"، الذي قد يزيد؛ ولكن زيادة لا يُعتدُّ بها، إنَّما هو سِعر تلك السلعة التي ترخُص في استمرار، فيُولِّدَ رخصها من الفقر والجوع ما يحضُّ المواطن على الكفر بكل ما تدعوه الحكومات إلى الإيمان به، فهلاَّ نُدْرِكَ المعاني الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والأمنية الكامنة في هذا الغلاء المستفحل!

كل الحقوق لأرباب العمل والمستثمرين في القطاع الخاص من أردنيين وأجانب، وليس للعمال والأجراء عموما من حقوق تُذكر ويعتد بها، فالتطاول المستمر والمتزايد على حقوق العمال والأجراء، أي الغالبية العظمى من المواطنين، هو ظُلم حتى بحسب مبادئ العدالة الرأسمالية، وكأن وحشية وتوحش الرأسمالية هو كل المحتوى الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والحضاري لخطط ومشاريع التنمية الاقتصادية التي عرفناها، والتي تقوم على "توثين" مبادئ الاقتصاد الحر، ومشتقاتها الجديدة في عصر العولمة.

إفقار، ومزيد من الإفقار، للحياة الاقتصادية للغالبية العظمى من المواطنين هو ما عادت علينا به تلك الخطط والمشاريع في تنفيذها. وهذا الإفقار لن يظل اقتصاديا خالصا، فالإفقار الاقتصادي هو قوة إفقار لأمن المجتمع واستقراره، ولحضارته وأخلاقه وإنسانيته، فالمسار الهابط الذي نسير فيه حثيثا إنما يجعلنا قاب قوسين أو أدنى من الدرك الأسفل، وهو "تصفير" القدرة الشرائية الفعلية للغالبية العظمى من المواطنين، فالراتب، أو الأجر، يكاد أن يتحول إلى وسيلة لتلبية الحاجة إلى المأكل فحسب.

إنَّ "حُصَّة الطعام" في الراتب، أو الأجر، تتسع، وتزداد اتساعا، حتى أن الحُصَص الأخرى ما عاد لمعظمها من مكان فيه. والطعام ذاته لا تعلو حُصَّته تلك إلا لتهبط نوعيته. إننا في عصر العولمة، الذي من أهم سماته الجوهرية تكاثر وتنوع حاجات الإنسان، الذي يعدُّ ميتا، بالمعنى الحضاري والثقافي والإنساني والاقتصادي والاجتماعي، إذا ما عاش بالخبز وحده، أو في سبيل الخبز وحده.

وفي هذا العصر، وبه، اشتدت مأساتنا وعنفت، فالعولمة تتحدانا أن نلبي حاجاتنا الإنسانية، بكثرتها وتنوعها، كما يلبيها غيرنا من الشعوب والأمم الغربية، ولكننا ما أن نحاول مواجهة هذا التحدي حتى يَظهر فينا من العجز ما لا يليق بإنسان القرن الحادي والعشرين، فقدراتنا الشرائية الفعلية استُنفدت، ودُمِّرت، فأصبح الراتب، أو الأجر، وسيلة لحياة فيها من معنى الموت أكثر كثيرا مِمَّا فيها من معنى الحياة.

لقد أشعلوا نار الغلاء العام، الذي فيه، وبه، يرخص كل مواطن عادي، بتحريرهم أسعار المشتقات النفطية من كل قيد (ذهبي بالنسبة إلى الشعب) فشرعنا نعاني عواقب هذا التفاعل المتسلسل للغلاء، فكل السلع والخدمات التي باستهلاكنا لها نلبي حاجاتنا الأولية من مأكل وملبس ومسكن وعلاج، إنما هي من مشتقات المشتقات النفطية.

كل سلعة، وكل خدمة، ارتفع سعرها، فمالكوها من المنتِجين والتجار يدَّعون أن رفع أسعار المشتقات النفطية قد خفَّض معدَّل وحجم الربح، ولا بد، بالتالي، من أن يدرأوا هذه "الكارثة" عن أرباحهم، التي بحمدها يسبِّحون، بكارثة يصيبون بها المستهلِكين من ذوي الرواتب والأجور، فالسعر الحقيقي للبضاعة، أو الخدمة، يجب أن يظل في الحفظ والصون حتى يظل الربح، حجما ومعدَّلا، في الحفظ والصون. أمَّا السعر الحقيقي للبضاعة الوحيدة التي يملكها العامل والأجير، وهي قوة عمله، فليس لها من ربٍّ يحميها.

كل البضائع ترتفع أسعارها إلا هذه البضاعة، فقيمتها الفعلية تنقص في استمرار، وقيمتها الاسمية يجب ألا تزيد. كل مالكي البضائع والخدمات، أي فئة المواطنين غير العاديين وهم فئة ضئيلة، يملكون القدرة على حماية أسعار بضائعهم وخدماتهم. أما مالكو بضاعة "قوة عملهم" فلا يحق لهم القيام بأي عمل قد يسمح لهم بحماية سعر بضاعتهم.

إذا رفع تاجر سعر بضاعته بدعوى أن كل شيء قد ارتفع سعره بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية فإن هذا الرفع ينزل على الحكومة بردا وسلاما. أما إذا حاول العمال فعل الشيء ذاته، عبر إضراب مثلا، فإن محاولتهم تنزل على الحكومة نارا وسعيرا!

إذا فعلها التاجر ففعلته تقرها شريعة اقتصاد السوق الحرة. أما إذا فعلها العمال ففعلهم رجس من عمل الشيطان، وتجديف بنعمة إله السوق الحرة!

لقد توحَّشت السوق الحرة أكثر كثيرا مما تحتمله آدمية البشر عندنا، وما عاد للعمال والأجراء من خيار سوى التنظيم النقابي الذاتي الحر والمستقل، والذي عبره يمكنهم، وينبغي لهم، أن يتخذوا "السلَّم المتحرِّك للأجور" وسيلة لمنع تلك الوحوش البشرية من أكل لحمهم من خلال ثنائية "غلاء البضاعة ـ رخص الإنسان"!

"أغلى ما نملك"، أصبح، في المعنى والمقياس الاقتصاديين، "أرخص ما نملك"، فليس ممكناً غير ذلك عندما تُنظَّم "التنمية الاقتصادية" في "طريقة اجتماعية" تفضي، دائماً، إلى "تحرير" أيدي أرباب القطاع الخاص من كل قيد يمنعهم من رفع أسعار كل البضائع والخدمات إلاَّ سعر بضاعة واحدة، أو خدمة واحدة، هي "قوَّة العمل"، فـ "القدرة الشرائية الفعلية والحقيقية" للعمال والموظَّفين في القطاعين العام والخاص، أي لذوي الدخل المحدود، أي لغالبية المواطنين، ما زالت في "خط بياني هابط"، ولسوف تصل إلى "الدرك الأسفل" من الانهيار بَعْدَ، وبفضل، مضي الحكومة قُدُما في تنظيم الغلاء.

ثمَّة أهداف لكل "تنمية اقتصادية ـ اجتماعية"، فهل "إفقار المواطن" هو "الهدف"، أم أنَّه "النتيجة (الموضوعية)" التي ذهبت بـ "الهدف (الواعي)"، أي "الهدف" الذي أرادته "التنمية" في "خُططها"؟!

إنَّ "السؤال الأوَّل والدائم" لكل خطَّة للتنمية الاقتصادية هو: لمصلحة من ينبغي للتنمية أن تجيء، خطَّةً وتنفيذاً؟ وِفْقَ "قرارات الحكومة"، بحيثياتها، وأهدافها، ونتائجها وعواقبها القريبة والبعيدة، يتضح أنَّ تلك المصلحة هي، في المقام الأوَّل، مصلحة "الحكومة" و"القطاع الخاص"، فـ "الموازنة" ستنعُم بـ "وَفْرٍ مالي"؛ لدى رفع الدعم المالي الحكومي. وبهذا "الوَفْر" يصبح لدينا "حكومة غنيَّة". ومخزوننا من "القطع النادر" قد يزداد، ففي دول مثل دولنا يُتَّخَذُ "تدمير القدرة الشرائية الفعلية" للمواطن وسيلة تنمية لهذا المخزون، ولسداد الديون الخارجية. أمَّا "القطاع الخاص"، الذي ينظرون إلى "حرِّيته"، التي تستعبدنا، على أنَّها "السرِّ اللاهوتي" لـ "قوَّته الخارقة" في التنمية الاقتصادية، فيستمر في سنِّ "سكِّن الغلاء" لِقَطْع أرزاق المواطنين، فأرباب "القطاع الخاص"، عندنا، لا يعرفون من سُبلٍ لزيادة "معدَّل الربح" سوى "الغلاء"، والإمعان في تدمير القدرة الشرائية الفعلية للمواطن.

وغنيٌّ عن البيان أنَّ هذه السُبُل تُشبه في نتائجها وعواقبها الاجتماعية والإنسانية أن يأكل الإنسان لحم أخيه، فأنتَ يكفي أن تمنع عن أخيكَ أكل اللحمة وغيرها من المواد الغذائية الأساسية (عَبْرَ الغلاء) حتى تصبح آكلاً للحمه!

من يربح، ومن يخسر، بَعْدَ، وبسبب، "قرارات الحكومة"؟ الرابح إنَّما هو "الحكومة" و"موازنتها"، و"أرباب القطاع الخاص"، الذين يسيطرون على "لقمة عيش" المواطن. أمَّا الخاسر فهو غالبية المواطنين، أي كل ذوي الدخل المحدود ولاسيَّما العاملين في القطاع الخاص، الذي يتمنَّى دائماً أن تزيد الدولة رواتب وأُجور العاملين والموظَّفين في "القطاع العام" على أن يظلَّ هو محجماً عن زيادة رواتب وأُجور العاملين والموظَّفين فيه!

وأحسبُ أنَّ "التنمية الاقتصادية"، في عواقبها الاجتماعية تلك، تؤدي، دائما، إلى جَعْل "التنمية السياسية والديمقراطية" جُمْلَةً فقيرة المعنى، فالفقر، أو الإفقار، الاقتصادي للمواطنين لن يؤدِّي، أبداً، إلى ثراء، أو إثراء، ديمقراطي في حياتنا السياسية، فحيث يُزْرَع الفقر الاقتصادي ويُغْرَس لا أمل في استنبات أجنحة للديمقراطية!

وإذا كان ممكناً اتِّخاذ "القدرة الشرائية الفعلية" مقياساً نقيس به "التفاوت الاجتماعي"، وعلى أساسه نرسم "الخريطة الطبقية"، فإننا نستطيع القول إنَّ "الطبقة الوسطى"، أي التي كانت تتوسَّط بين الطبقتين العليا والدنيا، وتُبقي المجتمع في حال جيِّدة نسبياً من "الأمن الاجتماعي"، قد فَقَدَت وزنها وأهميَّتها، ثمَّ فَقَدَت وجودها ذاته، إذ انضمَّ غيضها إلى "فوق"، وفيضها إلى "تحت"، فلم يبقَ في المجتمع إلاَّ طبقتين اثنتين، بينهما هوَّة عرضها السماوات والأرض.

ونحن لو تحرَّيْنا تلك الأزمات والمصاعب، على كثرتها وتنوُّعها، لاكتشفنا أنَّ منبعها واحد، وأنَّ هذا المنبع هو ما آلت إليه كل خُطط ومشاريع "التنمية الاقتصادية (والاجتماعية)" من فشل، لا يُجادِلُ فيه مواطنان "عادِّيان"، في حل مشكلة "البطالة" حلاًّ واقعيَّاً، أي يتَّفق ومعيار "الواقعية الرأسمالية" في حل هذه المشكلة، وفي حل مشكلة العجز المزمن لـ "الراتب" عن النمو، فهذا "الراتب"، ومهما نما في "قيمته الاسمية"، ما زال، في فعله وتأثيره، أقرب إلى "الممات" منه إلى "المعاش".

إنَّ "الدولة"، وليس من "دولة" منزَّهة، في ولائها الاجتماعي الداخلي، عن الضيِّق منه مهما حرصت على إظهار نفسها على أنَّها "الممثِّل العام"، مدعوَّة إلى أن "تُدير" الحياة الاقتصادية للمجتمع في طريقة تتمخَّض، دائماً، عن نموِّ في "الوظائف والأعمال"، التي هي كالإسفنج في قوَّة امتصاصه للبطالة المتنامية.

في خُطط ومشاريع التنمية، التي شهدت من النمو في السنوات الأخيرة أكثر كثيراً ممَّا شهده الاقتصاد ذاته، قد نرى استجابةً وتلبيةً. أمَّا في الواقع فلا نرى إلاَّ "استثماراً في البطالة" يعود بالنفع والفائدة على "البيروقراطية الحكومية" و"القطاع الخاص"، الذي يشتد الميل لديه إلى مزيد من الوحشية في الاستثمار وجني الأرباح، فالبطالة تُمتَّص جزئياً عَبْرَ التوسُّع في "وظائف وأعمال" تلبِّي حاجات حكومية بيروقراطية، ولا تعود بالنفع والفائدة على المجتمع والاقتصاد المدني.

في الواقع، نرى أنَّ "جيشين" ينموان في استمرار: "جيش العاطلين عن العمل" في الاقتصاد المدني، و"جيش الموظَّفين الحكوميين". والفرق بين الجيشين هو كالفرق بين "عاطل عن العمل لا يتقاضى راتباً"، و"عاطل عن العمل يتقاضى راتباً"!

لقد حان تقليص كلا الجيشين، من خلال جَعْل الاقتصاد المدني هو الإسفنج الذي يمتص البطالة، في استمرار، وبقوَّة متزايدة. وهذا يقتضي أن تقف "الدولة" من ظاهرة البطالة المستفحلة موقفاً يضطر "القطاع الخاص" إلى إصلاح نمط العلاقة بينه وبين "جيش العاطلين عن العمل"، وإلى "إقناع" أرباب العمل، بأنَّ "الحرِّية النسبية" هي معنى "الاقتصاد الحر"، فليس كلُّ تخطٍّ وتجاوز للحدود يعني الحرية والتحرُّر.

على "الدولة" أن تقسو، ولو قليلاً، على هؤلاء حتى يكفُّوا عن "الاستثمار في البطالة"، وأن تُظْهِرَ حرصاً على تغليب "المصلحة العامة" على "المصلحة الضيِّقة".

لقد تمادى "القطاع الخاص"، الذي اشتدَّ ميله إلى الوحشية في الاستثمار وجني الأرباح، في اتِّخاذ "البطالة المستفحلة"، ونقيضها البائس، وهو "العمالة الأجنبية" أو الوافدة، والعمل الرخيص للنساء والأطفال، سلاحاً يحارب به حقَّ عمَّاله وموظَّفيه في زيادة القيمتين الاسميَّة والفعلية لأجورهم ورواتبهم.

"العمل أوَّلاً"، و"الراتب (أو الأجر) ثانياً".فهُنا، وهُنا فحسب، نميِّز النجاح من الفشل في خُطط ومشاريع التنمية الاقتصادية، فـ "الاقتصاد الحر" لا يعفي، أبداً، "الدولة" من مسؤوليتها الكبرى في حل مشكلة البطالة، فمِنْ حقِّ المواطن على "الدولة" أن تمدَّ له يد العون والمساعدة في طريقة تسمح لـ "حقِّه في العمل" بأن يتحوَّل من "وَهْمٍ" إلى "حقيقة".

ومن حقِّه عليها، أيضاً، أن تَسْتَخْدِمَ جزءاً من ثروتها المتأتية من "دافعي الضرائب" المتزايدة في دعم "العاطل عن العمل" مالياً حتى يعمل.

ومن حقَّ مواطنيها عليها أن "تُهذِّبَ غريزة الربح" لدى "القطاع الخاص"، فتُلْزِم أربابه زيادة "الحدِّ الأدنى للأجور" بما يُمكِّن العامل أو الموظَّف من رفع سقف قدرته الشرائية "الفعلية"، التي يستنزفها "التضخُّم"، و"الغلاء"، و"الضرائب"، و"قانون قضاء المصالح والحاجات وإنجاز المعاملات"، والأُسلوب الوحشي" في زيادة "معدَّل الربح"، وفساد السلع والبضائع والخدمات، والتأثير المتزايد لـ "المجتمع الاستهلاكي"، ولتلك العادات والتقاليد والثقافة الاجتماعية.

إنَّ الحيوية الاقتصادية والاجتماعية (والسياسية) للدول لا تُقاس إلاَّ بمقياس "كمِّية ونوعية السلع والخدمات التي يستطيع المواطن العادي الحصول عليها". فَلْنَقِسْ "الراتب" عندنا بهذا المقياس، وَلْنَقِسْ، من ثمَّ تلك "الحيوية"!




#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توصُّلاً إلى الفصل بين الدين والسياسة
- التربية
- بين -أيلول بن لادن- و-أيلول بوش-!
- هناك مَنْ جَعَلَ الشفاء في الدواء!
- هي الآن -خريطة الطريق- إلى بغداد!
- الأخلاق والدين
- أهو خيار فلسطيني جديد؟!
- كثرة في -الأحزاب- وقِلَّة في -الحياة الحزبية-!
- لا تلوموا هاولز!
- وكان الدكتور علي جمعة قد أفتى ب ..
- مفتي مصر يفتي.. ثم ينفي ويوضِّح!
- إنَّها سياسة -المكابرة- و-الانتظار-!
- هذا -التتريك- المفيد لنا!
- من أجل -مَغْسَلة فكرية وثقافية كبرى-!
- مرجعية السلام في خطاب بوش
- -سلام- نكهته حرب!
- طريقان تفضيان إلى مزيد من الكوارث!
- أعداء العقل!
- عشية -الانفجار الكبير-!
- كيف يُفَكِّرون؟!


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - غلاءٌ.. سَقْفُه السماء!