أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سليم مطر - حضرة السرطان عندما زار صديقي الكاتب العراقي















المزيد.....



حضرة السرطان عندما زار صديقي الكاتب العراقي


سليم مطر

الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 02:50
المحور: الطب , والعلوم
    


جنيف / آب 2007
اعرف يا اصدقائي ان اسم(السرطان) يرعبنا جميعا. لكني الآن اقل رعبا واكثر تفهما، بعد ان عرفته من خلال تجربة صديقي(ن) الذي يقطن في مدينة قريبة من مدينتي (جنيف). لقد زاره (حضرة السرطان) منذ عدة اعوام، ومكث زمنا في بدنه وروحه، ثم رحل. وقد خرج صديقي بالخلاصة الغريبة التالية عن هذا المرض:
هو مثل جميع الامراض الخطيرة، ليس عدوا، بل رسولا حاملا لرسالة شكوى والم نابعة من اعماق الروح والبدن!
حكاية صديقي (ن) مع السرطان لا تخلو من الخصوصية، ليس طبيعة المعانات فحسب، بل ايضا وجهات نظره الطبية والفلسفية المثيرة للاهتمام. ولكي تكونوا على بينة مباشرة بما جرى، اتركه هو نفسه يسرد عليكم حكايته المشوقة:

(( ذات صباح ربيعي دافئ مشرق من عام 2001، في الساعة العاشرة تقرييا، كان موعدي في المستشفى، مع الطبيبة التي ستخبرني بنتيجة فحص الدمامل التي تم اقتلاعها من وتري الصوتي بعملية صغيرة منذ ايام. كان وجهها طييا ونظراتها لا تخلو من محبة وعطف وصوتها دافئا متضامنا، وهي تلفظ جملتها التاريخية:
ـ النتيجة المختبرية ياسيد، بينت ان هنالك سرطانا في حنجرتك..
هكذا بكل محبة وبساطة فجرت الطبيبة جملتها التي احسستها جبلا وسماءا وقنبلة ماحقة سقطت على كياني واحالت دنياي الى وجود مظلم صامت جامد ميت!
لم اعد احيا في عالم الواقع، كما لو كنت قبلها صيبا مغرور يختال في درب ريفي اليف يرتداده بلا تفكير ولا حذر منذ اعوام واعوام، وجد نفسه فجأة يسقط في هوة مظلمة مرعبة لم يتوقعها ابدا.
هكذا يا صديقي، خلال لحظات فقط انقلبت حياتي رأسا على عقب. صرت فراشة هائمة تحوم حول بركان نيران هائل. نبضات قلبي ضجيج مطارق عملاقة تدوي في كل خلية من بدني : ( دوم م م.. دوم م م.. دوم م م..)!
عبر هدير الرعب الذي سيطر على روحي واحالها الى ماكنة موت كونية، كانت تأتيني كلمات الطبيبة لتحاول ان تخفف عني وقع الخبر، مثل رعود نائية تتفجر في سماء وجودي دون ان اميز معانيها. كنت انظر اليها واشاهد عيونها عسلية تشع حنانا، وشفاهها وردية رقيقة تنطق بصوت دافئ خجول، لكنها لم تعد امامي حقيقة واقعية، بل صارت ممثلة تحتل شاشة رؤياي في واحد من تلك الافلام المأساوية التي تنتهي بموت البطل.
كل ما تبقى لدي من عقلي الواعي، سمح لي بأن التقط من الطبيبة بضعة كلمات فهمت منها بأن استاذهم الكبير مدير القسم سوف يعاين حالتي بعد ايام لكي يقرر ان كنت بحاجة الى عملية خاصة.
طبعا لم افهم منها ماذا تقصد بالعملية الخاصة، لكني بعد وقت طويل، بعد شفائي التام، فهمت مقصدها:
ـ حضرة الاستاذ كان هو الذي سيقرر ان كان سرطاني يمكن ان يشفى بواسطة العلاج بالاشعة الخاصة، ام ان هنالك ضرورة قصوى لأجراء عملية اقتلاع وتري الصوتي منعا لأنتشار السرطان.. أي فقداني الابدي للقدرة على الكلام!
الحمد لله اني حينها لم افهم كلامها هذا، والا لا ادري ماذا كان يمكن ا يحصل لي؟ فهمت فقط بأن الاستاذ سوف يقرر العملية ام لا . أي نوع من العملية.. لم انتبه.. او لعلها هي التي تقصدت عدم التوضيح!
لا ادري كيف عدت الى البيت. سرت على اقدامي لمسافة اكثر من كيلومترين، بين شوارع المدينة المزدحمة تماما في تلك الساعة. كنت ثملا بالصدمة منقطعا عن الحياة، وفكرة واحدة وحيدة هيمنت على كياني:
ـ كيف حصل هذا؟!
لم انتبه لأي من الوجود حولي، لا الناس، ولا الشمس الساطعة، ولا نهر الرون الاخضر الدفاق المتوهج، ولا الحدائق المزدهرة بورودها المتفتحة، ولا نساء المدينة اللواتي ينتظرن اية ساعة دافئة لكي يكشفن عن مفاتنهن التي حلل الله رؤياها والتي حرمها. عبرت عشرات الشوارع وصدمت العديد من الناس ومرقت امام ما لا يحصى من السيارات، ودافعت وزعقت واعتذرت وشتمت وصفنت ودمدمت مع نفسي، وانا في انقطاع تام عن الوجود:
ـ يا الله، ليش هيك تغدر بي.. شنو جريمتي.. من طفولتي وانت تعذبني وتحرمني، ومع هذا آني رجعت لك واعتذرت منك ورحت اقضي وقتي بشق طريقي المناسب لبلوغ حقيقتك.. ليش يا الله ليش؟!
كانت روحي ساعتها قد عادت الى زمن سحيق عند اسلافي البدائيين ما قبل الحضارة، وانعزلت في واحد من كهوفهم المظلمة الكامنة في تلافيف كياني. لم ابك ولم انتفض ولم اسقط فاقدا وعي، بل حافظت على وجودي البدني ولكن من دون أي روح ولا شعور ولا اية علاقة بالحاضر.
بقيت طيلة ساعات وحيدا في شقتنا، بلا زوجتي التي كانت كعادتها تحاضر في الجامعة، ولا ابني الذي تجاوز العشرة اعوام في مدرسته المجاورة.
في المساء كان ظلام الكارثة قد استقر مرتاحا وامتدد في كل تلافيف كياني. لم امتلك الجرأة بأن اخبر زوجتي. عندما عادت وسألتني عن النتيجة، أجبتها بتردد، بأن الطبيبة قالت لي بأن هنالك دماملا قد تصبح خطيرة، يتوجب علاجها الآن. المهم أنا لم اتجرأ والفظ كلمة(سرطان). لكنها من روحي المعتمة ومن صوتي المبحوح الحزين شعرت بأن هنالك امرا خطيرا اخفيه عنها. اما ابني الوحيد الطيب الجميل، فقد شعر هو الآخر بما يجول في دواخلي، لكنه اضطر ان يقتنع بكلامي بأن هنالك دماملا عادية في حنجرتي تستحق العلاج البسيط.
طبعا اضطررت بعد أيام ان اخبر زوجتي بالحقيقة المرعبة، اما ابني فلا!

* * *
في تلك الايام وانا اعيش صدمة اكتشاف المرض، سيطرت علي فكرة واحدة وحيدة.. كل ساعة، بل كل لحظة ولحظة ولحظة ، كنت اطرح علي نفسي ذلك السؤال العصي :
ـ كيف حصلت هذه الكارثة، وكيف التخلص منها؟؟!!
كل كياني استحال الى جهاز سحري لكشف الحقائق المخبئة. كل خلية وكل فكرة وكل شهقة حياة، كانت تشتغل بوحشية وتنبش بعنف مثل رجل آثار مخبول يبحث عن بقايا اسلاف لا زالت اطلالهم تعبث بها الريح في بوادي نائية. رحت استرجع كل لحظة من حياتي، حتى قبل ميلادي ولحظات تكوني في رحم امي:
ـ ياالله كيف حصل هذا؟!
انه قدر غدار سقط مثل غضب رباني على قوم عصاة!
رحت اردد مع نفسي مثل جميع الذي تقع فجأة الكارثة على رأسهم:
ـ كنت اتوقع ان يحدث هذا لكل الناس، الا لي؟! هكذا السرطان مرة واحدة.. يا الله هكذا تبتليني باخطر الامراض واكثرها شراسة ورعبا!! ولماذا انا ؟ من دون هذه المليارات، او تلك الآلاف من الخاطئين الذين يستحقون اقسى انواع العقاب، او على الاقل اولئك اليائسين الفاقدين للأمل بكل انوار الحياة والباحثين عن الهجران والموت. لماذا يا الله اخترتني انا بالذات، وانا الذي ما توانيت عن الاقتراب منك منذ اعوام واعوام، بعد ان تخليت عن الحادي، ورحت اقترب منك مثل بدوي تائه في صحراء يبحث عن واحة نجاة. كما تراني يا الله، ها انا، رغم عطشي وجوعي وانهاكي، لا زالت مصرا على تيهي وتجوالي بحثا عن سراب ايماني بك. يا الله، يا سيدي الجليل الرحيم، تسامى بي عن مستنقع اليأس هذا، الى سماوات طهرك النوراني.. يا الله لا تخذلني ولا تهجرني ولا تخيب املي بك. ياالله انا لك كما انت لي.. يا الله..

لقد عافني النوم. كنت اترك سريري، لامضي الليل في الصالون(غرفة الاستقبال)، اعمل المستحيل لكي انام. تارة اسخن شراب اعشاب مهدئة، وتارة افتح التلفزيون، وتارة اقرأ، وتارة اتذكر ماضي، العراق وبغداد واهلي، فأبكي او اضحك واناجي جبار الوجود بحثا عن الطمأنينة وهدوء النوم. وعندما تعصى حالتي، كنت في آخر الليل وفي الفجر اخرج الى الشوارع المعتمة والحديقة القريبة بأشجارها العملاقة لكي اركض وامارس تمارين شهيق وزفير آملا بابعاد شبح الموت الذي كنت اراه رابضا بعينيه الحزينتين الجائعيتن عند بوابة دنياي. نعم كان هنا تحت قلبي، بالضبط عند معدتي، كنت احس بنيران حارقة تهتاج بين حين وآخر كلما تذكرت بأن حضرة السرطان، شبح موت، يتجول في اعماقي مثل جيش جرار مستمر بأجتياح مملكتي!
مع الايام بدأت اتفاهم بصورة عقلانية مع فكرة تعرضي لخيانة من قبل الكون اجمعه. عدت الى تلك الفلسفة التي انا مؤمن بها منذ اعوام، لكني تناسيتها اثناء الصدمة:
أن الضحية مهما كان بريئا فأنه لا بد ان يكون بصورة لا واعية متواطئا مع الجلاد.. واذا كانت ثمة خيانة ما، فانها من قبل دواخلي نفسها. لولا تواطئي انا نفسي لما تمكن هذا المرض المفترس من اختراق قلعة كياني. نعم، ثمة تواطئ خطير من قبل روحي وبدني، علي ان اعرفه.
بدأت ادرك بالتدريج بأن هذا المرض، مثل كل الامراض والازمات الخطيرة التي تقع على الانسان، ما هي الا نذير واحتجاج من قبل الكينونة الداخلية ضد نمط حياة غير صحي وتدميري. مثلما يحتج الشعب ضد ظلم الدولة عبر التمرد والثورة، كذالك يعلن الكيان عن رفضه لسياسة الانسان ونمط حياته الظالم للروح والبدن، عبر الامراض والازمات الحياتية الكبرى.
لقد آن لي ان اعترف لنفسي باني امضيت السنوات السابقة، اعوام التسعينات، في نمط حياة غير طبيعي ولا صحي بل انتحاريا وتدميريا. منذ حرب الكويت وما لحق ببلادي من هزيمة وما اعقبها من سنوات حصار وما جلبته من مصائب ونكسات انسانية ووطنية ظلت تتفاقم يوما بعد يوم، جعلتني امضي ساعات يومي في تفكير سلبي ومشاعر اثم وكأني انا المسؤل عما يحدث لشعبي واهلي. لم يهدئ ضميري بأني لم اكن مسؤولا عما حصل، بل انا ايضا كنت ضحية لخطايا الآخرين، اعاني الغربة والحاجة وما اكف عن التقشف من اجل ارسال النقود الى اهلي لاعينهم على مواجهة الحصار. لكن صوت العقل كان عاجزا عن اسكات صرخات الاثم التي كانت مثل الوحوش تفترس روحي وتجعلني اشعر بعار العجز والهزيمة، فكنت الجأ الى الخمرة والحشيشة عسى ان اداوي جراحاتي. ما فاقم من معاناتي اني وجدت نفسي اهجر الادب والرواية وانكببت على الكتابة القكرية والسياسية في الصحافة وخوض الحرب الجدالية ضد القوى السياسية العراقية التي اعتبرتها مسؤولة عن الكارثة، ما جعلني اتعرض للعنات وحملات تشوية وحرب اعصاب واجهتها وحدي ضد مؤسسات اعلامية جبارة نجحت بان تؤذيني نفسيا لأني نجحت ان أؤذيها ثقافيا.
ما زاد في ضعفي وانحداري نحو الهاوية، اني لجأت الى الخمرة والحشيشة والتسكع ليلا في الحانات والمراقص، على امل ان انسى وانفقد في عوالم ثمالة ورقص جنوني. كنت اهجر عائلتي واصدقائي وامضي الليالي وحيدا كئيبا منعزلا في المراقص لكي انزف حزني ودموع عاري واثمي في باحات رقص تستحيل الى بحار كونية من الوان واحلام، اصحو منها عند الفجر فأعود الى الدار وقد زاد حزني واثمي وعاري.
كنت عندما استيقظ في الصباح، اعاني الصداع الذي لا تنفع معه حتى عشرة حبات اسبرين، ثم ابدأ بالتقيوء والشكوى من الآلام في كل نقطة من جسمي. ابقى طيلة اليوم اجول مثل وحش في قفص، اتناول الاسبرين واتقيأ واشرب الماء واشتم نفسي واقسم بكل ما لدي من ايمان، بأن تلك كانت المرة الاخيرة التي اقترب فيها من الخمرة والحشيشة، حتى تخف آلامي بالتدريج عند المساء..
لكن ما ان تمضي بضعة ايام، واعود الى الحياة اليومية وما تحمله لي الاخبار من نكسات واذلال على كل الاصعدة الشخصية والوطنية، حتى ابدأ انتكس من جديد واتخلى بخجل عن قراري واعود في نهاية الاسبوع الى نفس المسرحية التراجيدية المعتادة: امضي الامسية مع الاصدقاء لكي نتباكى على اخبار الوطن، ونتبادل الشكوى والخمرة والحشيشة والنميمة والغيرة والحسد والخصام، حتى يحل منتصف الليل فأعتذر منهم وافارقهم لكي اتسكع حتى الصباح في الحانات والمراقص.
يبدو ان الجماعات البشرية التي تعاني الهزيمة والانكسار والاذلال من قبل الاقوياء، بصورة لا واعية تبحث عن ضحايا اضعف منها لكي تفرغ فيها ذلها وهزيمتها لكي تستريح وتشعر بأنها قوية وقادرة على الاستمرار بتحمل ظلم الاقوياء. بل الانكى من هذا ان هذه الجماعات المنكودة، كثيرا ما تختار ضحيتها من اقرب الناس اليها واكثرهم محبة وتعلقا بها. انها المازوشية بكل معنى الكلمة، والتي تتجلى برغبة الانتقام من الذات وحرمانها من الذين يحبونها ويفيدونها. لهذا ان من اول علامات انحطاط أي حضارة واي شعب، انه يبدأ بمعادات وتدمير العناصر الخيرة فيه.
هذا بالضبط ما كان يحصل معي من قبل اصدقائي العراقيين في مدينتي، الذين ما كفوا عن محبتي وادراك اهميتي لهم، اذ كنت امضي ليلي ونهاري لكي احبهم واتآلف معهم تعويضا عن عائلتي الكبيرة المنسية في الوطن. كنت اجهد بكل اخوة لكي اجمعهم وانشر روح المحبة والحوار بينهم، الا اني مع ذلك، لم اكن اتلقى منهم غير الغيرة والحسد والنميمة التي بلغت حد تآمر بعضهم ضدي مع سفير العراق آنذك الذي كان من عائلة صدام، وتحطيم سمعتي بنشر أشاعات وتهم ساذجة مضحكة ليس لها أي اساس من الصحة. كان بالامكان ان اسخر من تلك الشائعات واتعامل معها بأريحية ورجولة، لو كنت في حالة نفسية مقبولة. لكني بما اني كنت اعاني الهزيمة الداخلية ومشاعر الاثم الجنونية ازاء تاريخي الشخصي وما يحصل لوطني وشعبي، فأني كنت ممزقا متعبا ضعيفا، قابلا لأن اثير في الآخرين تلك الشهوات الذئبية للأفتراس. وهاهم اقرب الناس لي، الأذلاء المنهزمين مثلي، الذين ما كفو عن محبتي والتعلق بي، ما كفوا ايضا عن افتراسي بلا رحمة!
ان ما حصل لي من اذى من قبل النخب العراقية في العالم ومن قبل اصدقائي في مدينتي، لهو تعبير مكثف عما كان يحصل لقوى الخير في مجتمعنا من خيانة وتآمر وتجاهل وتواطئ مع قوى الشر والدكتاتورية. هكذا هي الشعوب عندما يصيبها الانحطاط، تنتشر فيها روح المازوشية والانتحار الذاتي، فتتآمر حتى مع اعدائها لكي تقضي على مبدعيها وانبيائها. فلا يتبقى من يقودها غير المنحطين مثلها والجبناء والعملاء والمخادعين، وهكذا تدوم الكارثة..
كل هذه الاوضاع المحيطة بي، ومعاناتي من الاحباط والمحاربة والعزلة من قبل اناسي الذين احبهم واجهد لكي انفعهم، اضافة الى ماكان يحصل في بلادي من كوارث، وما ورثته انا من طفولة قاسية ما كفت جروحها تنزف رغم مرور الاعوام الطويلة.. كل هذه الضربات والاحباطات المتتالية احاطتني مثل وحوش مفترسة راحت تنهش بلحمي وروحي بلا رحمة... فسقطت.. نعم ها انا اسقط اخيرا صريعا جريحا بين براثن السرطان..
* * *
في تلك الأيام فقط بدأت اكتشف حقيقة مشاعري التي لم اكن اتوقعها ابدا:
ان الذي كان يشدني الى الحياة هو حبي.. نعم حبي لزوجتي وابني، اولا، ثم لأهلي في العراق ولاصدقائي واحبتي في سويسرا والعالم. كان الموت بالنسبة لي هو الفراق..فراق الاحبة.. فراق الاحبة .. فراق الاحبة. آه من فراق من الاحبة. لو قال لي الله، عندما أموت سوف اجد هناك احبتي معي في عالم الموتى ،لسوف اقبل الموت بكل رحابة صدر، ما دام لن يعني فراق الاحبة عني!
يقينا انتم تسخرون قائلين:
ـ شوف الملعون.. يريد ايموت ويأخذنا وياه..
حتى الآن لا استطيع تقبل فعلة اولئك المجانين الذين ينتحرون ويقتلون بنفس الوقت احبتهم معهم. لكني مع ذلك اتفهمهم، لأنهم مجانين يمتلكون نفس لوثة حبي، باعتبار الحياة هي المحبة، والمحبة هي الحياة حتى لو كانت في عالم الموتى!
بعد اسبوعين، حسب قرار مسؤول الاطباء، بدأت اتبع علاجا بالاشعة الخاصة من جل القضاء على جذور الدمامل السرطانية الكامنة في وتري الصوتي. كل يومين، كنت امر على المشفى الخاص بالاشعة، تستقبلني ممرضتان شابتان، يجعلاني استلقي علي سرير في غرفة معتمة معزولة شعاعيا، ويضعان حول وجهي وصدري قناعا معدنيا يسمح بمرور الاشعة فقط حول عنقي، وبالذات عند النقطة التي يقع عندها ورم وتري الصوتي. كم كنت ارغب بتصوير نفسي وانا في تلك الوضعية. كان مشهد القناع المعدني حول وجهي مرعبا وحزينا ذكرني بذلك الفلم الذي يصور معاناة شاب فرنسي يشبه تماما توأمه وأخية الملك الذي اجبره على العيش طيلة حياته متخفيا بقناع حديدي لكي لا يتمكن ان يتحايل عليه ويأخذ مكانه. اخبرتني الممرضة الطيبة بأن لا اتحرك اثناء تسليط الاشعة على نقطة سرطاني في عنقي، لكي يتم علاج مرضي بصورة يقينية، وايضا لكي لا يحترق المكان السليم من عنقي.
كان وقت علاجي بالاشعة لا يستغرق اكثر من ربع ساعة، لكن التوتر النفسي والاجهاد الذي يصاحبه، من استلقاء وقناع وشعاع، يجعل المسألة وكأنها جولة حربية تقتضي كل فنون الدفاع والصبر والصمود.
كنت في وقت الانتظار قبل العلاج، اراقب الناس المنتظرين مثلي. البعض يعالج بالاشعة، والبعض بالسوائل الكيمياوية. غالبيتهم الساحقة كن من النساء. فمرض السرطان، هو مرض العزلة والمعانات الداخلية. نعم يقال ، انه مرض انثوي، تعاني منه النساء اكثر من الرجال. كم كان يحزنني مشهد تلك الفتاة الجميلة التي اراها تأتي مع امها وهي تحنو عليها وتعانقها بحرارة كما لو كانت تعانقيني انا. كنت اتعذب وانا ارى تلك الفتاة الساحرة كيف تشحب وتهرم وتفقد شعرها يوما بعد يوم مع استمر العلاج. لم تكن تنتبه لي رغم كل ابتساماتي التضامنية ورغبتي الحميمة ان اواسيها. لكن اشد ما كان يحزنني الى حد البكاء احيانا، مشهد تلك السيدة الجميلة المتكبرة التي رغم كل غرورها لم تنجح بأن تخفي عذابها وضعفها، وهي تأتي مصطحبة معها ابنها الحلو الصغير الذي ينتظرها جالسا جنبي حائرا خائفا، بينما امه في الكابينة تتلقى علاجها من سرطان الثدي. لم تكن هي التي تحزنني، قدرما كان مشهد الطفل الوحيد الحزين الخائف الذي ينتظر امه.. آه، كم ذكرني بطفولتي انا.. لو تدرون كم صليت من اجل شفاء تلك الام. ليس من اجلها وحدها بل من اجل ابنها الذي كان انا!
* * *
استمر علاجي بالاشعة خلال شهري تموز وآب، كنت خلالها ابحث بكل جهدي من اجل العثور على علاجات الطب البديل( الطب الصيني والهندي والاعشاب والطاقة.. الخ). منذ سنوات طوال وانا بطبعي اميل الى العلاجات البديلة، لكني لم اكن اشعر بالضرورة للتقيد بها. اما الآن وبعد ان اصبحت حالتي تتعلق مباشرة بالموت والحياة، صار العلاج البديل امرا هاما في تفكيري، بل قل هو الامر الاساسي، وخصوصا بعد صدمتي بخيبتي الكبرى من الاطباء الرسميين الذين كنت واثقا منهم تماما، لكنهم اثبتو بأنهم غير قادرين على التنبوء بحالتي وتنبيهي بالخطر الذي كان يحدق بصحتي منذ سنوات قبل ظهور لمرض.
تذكرت ما كنت قد سمعته مرارا: ان الطب الرسمي مفيد للعلاج المباشر للحالات الخطيرة، اما الطب البديل فهو مفيد للعلاج الوقائي الطويل المدى.
لهذا بدأت ابحث من حولي عن العلاج البديل، حتى وجدته. بعد ايام قليلة كنت في عيادة تلك السيدة المعالجة. كانت الفكرة الجوهرية في طريقة علاجها، تتحدد بالحوار مع بدن المريض من اجل ان يكشف هو نفسه عن مكامن علته. من مبادئ الطب البديل، الاعتقاد بأن عقل الانسان لا يكمن فقط في رأسه، بل في كل خلية من بدنه. وانه ليس هنالك فارق بين النفس والبدن، بل هما كلين متداخلين. ان النفس بالنسبة للبدن، مثل الهواء الذائب في الماء. وان جميع الاعضاء قادرة على ان تدرك علتها وطبيعة العلاج المفيد لها، وما على الانسان، الا ان يتحرر من هيمنة العقل، لكي يتواصل مع جميع مكونات كيانه واعضاء بدنه، ويستمع الى شكواها ومطالبها، لكي يعرف امراضها وطرق علاجها. وان افضل الطرق واسهلها لاتصال الانسان بمكونات كيانه، هي (التأمل والصلاة والاستبصار)، أي الانقطاع خلال وقت معين عن العالم الخارجي والعقل الدماغي، من خلال اغماض العين والاسترخاء وتركيز الذهن على الشهيق والزفير، مما يسهل الاتصال بالعقل الباطني والاستماع الى رسائله النصحية والانذارية التي يبعثها كصور واصوات.
بقيت خلال اشهر طويلة اشعر فيها كأني اسير على عمود موضوع بين جبلين، وأي ارتباك وتردد مني سوف اسقط لا محالة في الهاوية المهلكة. ان اكثر الامور التي جعلتني اتمسك بالحياة هو حبي لأبني ولزوجتي، ولباقي الأحباب.
لقد علمتني تلك السيدة المعالجة ان خلاصي الوحيد يكمن اولا في حفاظي على امل الشفاء وإرادة البقاء، وثانيا في الاصرار على تغيير نمط حياتي. فبقيت يوميا وفي كل ساعة اعود نفسي على التصالح مع حياتي ومع ماضي، وممارسة الرياضات الروحية والبدنية، وتجنب الخمرة والحشيش والسكاير وحياة العبث والسهر والخصام مع المحيط ومع السياسة. خلال عام تقريبا شفيت تماما، وبعد مرور كل هذه الاعوام يمكنني ان اقول الآن وبكل يقين ان المرض اصبح في خبر كان.
لقد عرفت ان هذا المرض الخطير الذي عانيت منه، كان مثل أية أزمة خطيرة، يحمل رسالتين، اولاهما آنية مباشرة تتعلق بالحاضر، وهي الدعوة لتغيير نمط الحياة. اتذكر اني خلال سنوات التسعينات وقبل مرضي، كنت اصارع نفسي التي كانت تطالبني بتغيير نمط حياتي المتعبة لي ولعائلتي. لكن اطنان الاحزان المتراكمة في روحي وأخبار الوطن وهزائمه ومعانات اهالينا من الحصار والاذلال والدكتاتورية، كانت تدفعني الى الانتقام من نفسي بتعذيبها بحياة العبث والوجع والخصام مع الذات ومع المحيط. يقينا لولا المرض الذي اجبرني على التغيير، لكنت بقيت على نمط حياتي العابث المدمر حتى الجنون او الانتحار.
اما الرسالة الثانية التي تجلبها أية أزمة خطيرة، فأنها تتعلق بالماضي، وهذا ما فعله معي مرضي، لكني لم انتبه اليها الا بعد فترة طويلة. اتذكر اني طيلة عمري، ومنذ طفولتي المبكرة، بقيت اعاني من(رعب الموت). لا ادري كيف اصبت بهذ الرعب وكيف تكون في نفسي.
(الموت) بالنسبة لي يعني(الفراق).. فراق الاحبة ومرابع الحياة. وانا والفراق خصمان من الصعب التصالح بينهما. بقي رعب الموت هذا يصاحبني في كل مراحل حياتي. حتى اني في طفولتي كنت ارهب ساعة النوم خشية ان يستغل (عزرائيل) ملاك الموت نومي ويقبض روحي فلا استيقض ابدا. حتى في سنوات الشباب الاول والكفاح السياسي، اتذكر اني اقنعت نفسي بضرورة الموت من اجل القضية، لكني مع هذا بقيت في اعماقي رافضا للموت، وقد وافقت عليه مرغما من اجل الكرامة والتحدي، لا اكثر.
لكن المعجزة حدثت هنا بعد تعرضي لهذا المرض الخطير! في البداية تصاعد في روحي رعب الموت الى اقصى الحدود، واصبح شبحه يصاحبني في كل لحظة من يومي، بل حتى في نومي الذي صار مليئا بالكوابيس. لكن مع الزمن ومع استمراري بالتحسن كان هذا الرعب يتبدد مع تنامي الامل بالشفاء، حتى انتهى تماما خلال سنتين تقريبا. كأن طاقة الرعب التي ظلت فعالة في روحي منذ طفولتي، قد استنفذت كلها خلال مرضي. نعم ان مرضي الخطير، كان مفيدا لي بصورة فعالة، لأنه اجبرني على تغيير نمط حاضري، ثم خلصني من رعب ماضيَ.
* * *
اذا كما ترون يا اصدقائي، هذه هي حكاية صديقي(ن) مع حضرة السرطان. تركته براحته يسردها لكم. انت تتفقون معي انها تجربة ساخنة وغنية بمعانيها ودروسها.
بالحقيقة اني اصبت بالذهول حينما كشفها لي. كانت مفاجأة لم اتوقعها ابدا! كيف تمكن طيلة هذه الاعوام ان يخفي عني هذه الحقيقة القاسية؟ صحيح انا لا اقطن معه في نفس المدينة، ولكن كنا دائما نتزاور ونتحادث بالهاتف ولا نترك مسألة لم نتطرق لها.
حينما سألته لماذا فقط الآن وافق ان يكشف لي الحقيقة، اجابني بهذا التبرير الطريف:
(( بالحقيقة آني اخفيت معاناتي عن كل معارفي، عدى زوجتي والمعالجين. حتى ابني الوحيد، لم اخبره بالحقيقة الا بعد ستة اعوام، أي منذ ايام!
نعم منذ ايام فقط تجرأت وكشفت الحقيقة لابني الذي بلغ توا عمر السبعة عشر عاما.
لا ادري كيف حصل الامر. منذ ايام كنا انا وهو نتناول طعام الغداء، ونتحدث عن موضوع الامراض وخبايا النفس الانسانية، واذا بي فجأة اجد نفسي اكشف له السر الذي خبئته عنه خلال اكثر من ستة اعوام:
ـ ااااممم.. بالحقيـ.... يعني.. اعتقد يا عيني.. احب اقولك.. تتذكر مرض حنجرتي قبل سنوات.. كان بالحقيقة سرطان..!
المسكين، جفل وتوقف عن الاكل. جمده الخبر الذي لم يتوقعه. وانا ايضا جفلت اكثر منه، لأني لم اتوقع ان اكشف هكذا بكل بساطة مثل هذه الحقيقة الخطيرة التي خبأتها عنه طيلة الاعوام الست الماضية!
ليست خطورة المرض وحدها التي صدمت ابني وخصوصا وانه كان قد تابع جيدا معاناتي في حينها. كم قلق وخاف عندما ظل صوتي لعدة اشهر مبحوحا يكاد ينقطع، وانا انطق له بكلمات طمأنينة بالكاد تكون مسموعة:
ـ ما كو شي يا حبوبي.. بعد ايام وتنهتي البحة..
اما الآن ، فأن الذي ادهشه اكثر، اكتشافه بأني يمكن اقترف مثل هذه الاكذوبة الكبيرة. فنحن بيننا اشبه بالعهد الغير معلن، بأن نقول الحقيقة لبعضنا مهما كانت قاسية. لكن الذي خفف من وطأة الخطيئة تتمة جملتي الاخيرة:
ـ مثلما تعرف يا عيني، اكشف لك هذه الحقيقة، لأن المرض انتهى تماما، وصار جزء من الماضي، وبأمكاني كشفه من دون قلق..
ثم اضفت وهو لا زال يبلحق بي بعيونه السود الوسيعة ووجه الجميل الناطق بطيبة وبرائة ورثها عن امه:
ـ اعذرني يا حبوبي يا عيني.. طبعا ماما كانت تعرف.. لكني كنت مضطر اخفي عنك هذه المسألة.. واعترف لك بأني كنت ضعيفا.. كنت افكر بأنك صغير وما تتحمل مثل هذه الامور.. اعذرني..
قمت وقبلته من خده، وتعانقنا ضاحكين..))..
بعد صمت طويل، نظر الي صديقي ودموع راحة ومحبة في عينيه، وقال بصوت معتذر:
ـ بعد ان اخبرت ابني بالحقيقة.. ما بقى علي غير ان اخبرك انت..



#سليم_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشيوعي العراقي وازمته التاريخية المستعصية!
- مسؤولية المثقف عن العنف السائد في العراق وفي العالم العربي
- فصل من سيرة عراقية: حكايتي مع الله .. صديقي الطيب الجليل
- احياء الهوية الوطنية.. الخلاص الوحيد اما العراقيين
- مام جلال والنخب الكردية العراقية، والفرصة التاريخية التي لن ...
- السلطة الكردية وحملاتها ضد الكتاب العراقيين ومنهم الاكراد ال ...
- مقطع من سيرة عراقية: هنا ترقد الشاكرية.. بلادنا العابرة
- اليسار العراقي والموقف من نظام البرزاني والنظام التركي
- عقلية التدمير الذاتي العراقية والحنكة الامريكية الاسرائيلية
- سيرة عراقية/ سينمات بغداد.. جناني المفقودة
- بعد غيبة طويلة، حوار موسع مع سليم مطر حول الهوية الوطنية
- سلالة الحقد.. سلالة الحب..
- حلفاء امريكا في العراق يحرضون اطفال المدارس على قتل المسيحيي ...
- اعلان انبثاق تيار الضمير العراقي
- اليسار العراقي ومشكلة الدين والقومية
- نصيحة جادة صادقة لكل عراقي يبتغي ان يصبح سياسيا ناجحا
- محبة الوطن، تعني الارتباط بواقعه واحترام خصوصياته
- موقع مجلة ميزوبوتاميا: خمسة آلاف عام من الانوثة العراقية..
- من يريد طرد مسيحي العراق والشرق الاوسط؟
- هلموا قدموا عروضكم ايها العراقيون..مطلوب قادة للعراق


المزيد.....




- مرض الصرع.. أسباب التعرض للنوبات وطرق إدارتها
- أهمية فحوصات الأسنان المنتظمة فى اكتشاف المشاكل مبكرًا
- ارتفاع ضغط الدم..ما أسبابه وأعراضه وكيفية علاجه؟
- محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بسماح دخول المساعدات الغذائ ...
- نصائح لتعزيز إنتاج هرمون السعادة السيروتونين بطرق طبيعية
- -بلومبيرغ-: مصر تخطط لاستيراد الغاز الطبيعي المسال لتجنب الن ...
- السباق على المعادن المهمة يغذي نزاع الهيمنة على أعماق البحار ...
- حافظ على عينيك من العمى بهذه الأطعمة
- موسكو: اتفاق منع استخدام تكنولوجيا المعلومات لأغراض إجرامية ...
- دراستان: النوم الجيد والكافي قد يكون مفتاح الشباب الدائم


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سليم مطر - حضرة السرطان عندما زار صديقي الكاتب العراقي