أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل الخميسي - يحيى والوصية (من مطوّلةٍ بعنوان -تداعيات من العصر الغباري الوسيط-)















المزيد.....

يحيى والوصية (من مطوّلةٍ بعنوان -تداعيات من العصر الغباري الوسيط-)


عبدالله الداخل الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2013 - 2007 / 8 / 20 - 06:58
المحور: الادب والفن
    


هبَّتْ ثـُلـّة ُجـُنـْدٍ تـَعْدو، حلـَّق خيّالان ِوبعضُ رُماة ْ
لكوخ ِ حكيم ِ زمانِهْ ، محبوبِ القريةِ والفقراءْ
لبيوتٍ ينمو الحِـرمانُ بها،
والشَّوكُ بحيطـان ِأزقــّـتِها الطينيّـة،
ركلوا يحيى، رَطموهُ
لفـُّوا الشَّيخََ بأسمال عباءتـِـهِ
أرْدَفوهُ وراحوا،
يتبعُهمْ يحيى وهمومُهْ.

* * *

-"يا شاعرُ
هاتِ كلَّ نـُـكاتِكْ
فخليفتـُنا مهمومٌ هذا اليومَ الغائمْ
قـُلْ لإماءِ اللهِ بأن تـُرْكـِدَ تلك الأعْوادَ ،
وللغِلمان يَـكـُفـّوا عن هـِتـْر ٍ
إني أقرأ ُوَجْهاً منه: سيدعو كـُـتـّاباً، أو بعضَ قـُضاةٍ وأطباءْ
قد يُزنى بالبعضِ، ويُفـْـصَدُ بعضٌ،
فأميرُ المؤمنينْ
يدري ما يدرونْ."

* * *

- "أدري أكثرَ مما تدرونَ، وأدري ما لا تدرونَ، ففي بلدي الأمينْ
يَحـْـلـُمُ البعضُ بموتي، يحلـُمُ جُنـْدي بالرومان ِ ويحلمُ ناسي بالتـّنـّينْ!
أُحِسُّ بغَيم ٍأبيضَ عصّبَ رأسي، يُرسِلني للجنةِ حيثُ اشُمُّ اللهَ وماءَ الوَردِ،
فمـَنْ أنتم؟
أنتم أهلُ اللـَّعنةِ والفِـتـْـنهْ ؛
لِمَ تـَـنظر فيَّ عيونٌ، تـَهْمـِس فيَّ شِــفاهٌ أني مجنونْ؟
لكني حتى حينَ أموتُ سأمتلكُ الجَنـّة َ، أمتلك ُالجنـّهْ
أسئلتي فخََََرَتْ آجُرّا ًفي قلبي، والآجرُّ سُخامْ؛
والعصر ِ سأ ُحرِقُ هذا العَصْرَ ،
عصرَ السَّجادِ الطائرِ والقِـرْطاس
فهذي الفـِتـْنـَة ُ تأتي من بُسُط الريح، وتأتي من أقلامْ
هاتوا الحكيمَ الآنْ
هذا تأجيلٌ يَصْـلـُحُ للـَّيل ِ، وهذي قـَصَصٌ، هذا رأسُ امرأةٍ محكومٌ بالإعدام
هاتوا أجوبة ً فيها شئٌ من مِلـْح ِالبَحْر ِ،
أوْ أدَع الأمة َ في صحراء ِالرُّعْيان ِ تـَمُوتْ ."

* * *

- "ولكنْ يا مولايَ، الحكيمُ يـُحْـتـَـضَرْ
ربما عن كِبَـر ٍ ، عن صَبْـرٍ عُضالْ
جئنا به فانهارَ وَسـْطَ الدربِ من ثـِقـْـلِ وصيّـتِهِ
وابنهُ يحيى تزَوَّد منها ِلسَفـََرْ"

* * *
- "يا بُـنـَيْ

هلْ حدَّثـْتَ المُختـَنِقينَ حديثَ هواءْ ؟
إنْ حَـدَّثـْـتَ فـَحـَدِّثْ عن نور ٍ، أو عن خـُبْز ٍ؛
ففي حشـْــدٍ للفقراء ْ
إنْ تقرأ ْ شـِعرا ً دونَ لـُواثِ طـَحيـــنْ ،
يَـكُ شِـعرُك أجراسا ًمِن طيـن،
يَكُ لغواً، ضوضاءا ًبقصور ِهـُـراءْ،
يكُ سبَّـكَ شَيْــبي،
وهَجـْواً للحاضِـرينْ .

يا بُنَيْ
من موج ِسَـغابٍ شبَّ سـؤالٌ للأجفان ِ وللكـَلِمهْ
ومنها تأتي كلماتْ
بسؤالٍ تأتي الكلماتُ مُواءاتٍ مُسـْتـَـفـْهـِمة ً كـَتِمهْ
ورُبَّ سؤالٍ يُنهـِضُ ثوراتْ ،
لغة ٌ يوما ً قادَتـْنا ، فأبادَتـنا
أو يوماً جاءتنا عُشباً نمضَغُهُ، حَجَراً نـَنـْحَتُ سكـّيناً منهُ
ويوما ًجاءتْ تـُـلهـِـمُ مَـلـْحَمهْ .

يا بـُنـيْ
إنْ تـُـشْــر ِكْ بالإنسان ِ تـَسـْـقي المشكله ْ،
من روح ٍ مُخْضَوْضـِلةٍ، وما أدراكَ ما المشكلهْ ؟
تـِـهـْنا في رُبْع ٍ خال ٍ، في كـُلٍّ خالٍ ،
وفـقـَـدْنا البوصلهْ .

يا بـُـني َّ
في عـصْرٍ دون الجَـنـّةِ قد دَوَّتْ حرْبٌ من أجل الجَنةِ في الآونهْ ؛
ألا هَـلْ أتاكَ حديثُ هذي الآونهْ ؟
آونةٍ راكنةٍ لمْ تـُـزعِجْ بنا الســاكن َ،
دع ِ المياه َ ترْكــُـدُ، ثم ََّ تصـْـفو، فأنقاها هي الآســِـنهْ !

بَعْدَ النارِ وبعدالحرْبِ، وبعدالخـَيْباتِ وبعد الصَّبْرِ، وبعد الثرثرهْ
نـَسْألُ مَـغـْـفـِرة ً، حينَ فـَقـَـدْنا الرُّشـْــدَ بغابةِ مقبـرهْ،
إذ نكتوي بفكرِنا ، كي نصْطلي في الآخرهْ
يقولُ اللهُ بأنـّا أحيــاءُ ولكنْ
ما أكبرَ المجْــزَرَهْ !"

* * *

- " يا أبت ِ

رأيت ُ كلامـَـكَ، في ميزان ٍٍ ذهبيٍّ ، ينمو من نـُسـْغ ِالثوراتْ
رَجحَـتْ كفـّـة ُ مَـعناكَ وظلـّتْ في الأرض وإيّانا،
سيفاً ذهبياً يـَبْزُغ ُ في غابات الكلماتْ
هذا صوتـُكَ ، هذا صَدْحُكَ ، هذا صِدْقـُك هذا،
أضرمْتَ الحُبَّ بلهْجاتِ البـَـدْو ِ
فصــارَ كلامـُـكَ نارا ً تـَـدْوي
يكتبُ حرفا ً من كمـّون ٍ أوجوزٍ أو برحيٍّ في كلّ الكلماتْ
أو حرفاً يـنشـرُ أورادا ً في المـاءِ الفائرِ، يـُطفئُ نارَهْ
إذ ْ ذاكَ مياهُكَ تـَـرْوِي ؛
لكنـّـكَ موجودٌ ، تبقى ، والأرضُ غُبارهْ ،
وهنا أكوانٌ تـُمْسي ذرّاتٍ في كلماتـِكْ
سنلجأ ُ للموجودِ من النـُّور ِ
وننتـظرُ الألوانْ.

سَهـِرْتُ على صحةِ الليل ِالعليل ِلأني
كنتُ بانتظار ِولادة ِالضوء ،
صـغـْـتُ هلالاً مكسورا ً، ونقـَشْتُ النـَّجْمَ الباردَ لكنَّ النجمَ تهشـّمْ،
أبحثُ عن عين ٍ تـَـغسـِلُ جـُرحي؛
برمادٍ أوقفـْتُ النـَّزْفَ فنامَ رمادٌ في جرحي فتـَوَشَّمْ،
في قلبي حزنٌ لن يغفو:
فالغُــصّة ُفي زرْدَمَــتي حجريّه
تـُـفـَجـّـِـرُ ينبوع َ النار ِمن العينين،
جُرح ٌ نكـّـأهُ الـتـَّذكارُ
نجيعٌ: أمنيــة ٌ جـفـّـتْ، بُرعـُـمة ٌ خابتْ،
ضَـلـّـتْ سُبُلا ً لســماءٍ ظلـّتْ تتصاعدْ ،
فمَن خسرَ العَدْلَ فقد أحْزَننا
ومَن فرَّطـَ بالثورةِ آلمنا.

ومَنْ هَجَرَالأرضَ يودِّعُ أرضاً أخرى في روحِ الرُّوحِ وفي القلبِ وفي العينينْ،
وتحتَ القدمَين تَميدُ الأرضُ ، فكل الأرضِ بكلِّ الشرق ِوكلِّ الغربِ غريبهْ
وتصيرُ كلُّ ’كراتِ الأرض‘ِ غريبهْ!
وكل جِـنان ِ الله التجري فيها الأنهارُ غريبهْ!

ومَن جلب ’الحظـَّ العاثِرَ‘ للأرض ِ وصلـّى لعواصفَ صحراويَّهْ،
مَنْ فرَّش كوفيّاتِ الأمةِ للكـُثبانْ،
لم يشرَبْ من ماءِ النهر ِ، فلمْ يَدْرِ
بأنَّ الماءَ، دماءُ الأرضِ ، دماؤهْ ،
وأنّ الشِّرْيانَيْن ِ شرايـينـُهْ ،
ألم يدْر ِ
بأنـّا نرفُضُ ذاكَ الرَّمْـلَ الكامنَ في عَظمِ الصَّدْرِ
وحَوْلَ القلبِ، ورَمْلاً مُرّاً يذرو فوقَ الرَّملِ المُرِّ؟
فأنـّى من قلبٍ ذهبيٍّ، حرفٍ مسماريٍّ موسوم ٍ في طين ٍ حـُرِّ ؟
أنـّى من برعمةٍ تصحو، متثائبة ً، تتمدّدْ ؟

أبََتِ
مَـلَـلـْتُ ازدرادَ الحجار ِ، تسـَـلقـْتُ أنـساغ َالشجرْ
رحتُ أنتظرُ الفجـْرَالذي يجلـِبُ الآفاقَ، نـَســيتُ انتظارَالليل ِلكنْ
متى نـَنـْسى غـُـصّــة َالحجرْ
ومعنى غُصّةِ الحجرْ
متى نـَـغـْدو عصرا ًًحجريا ً
كغـُـصّـتنا ، وقـِـصّـتـِنا ؟

* * *

أدخَلني الدهرُ شـِـباكا ًغَرقى: نبتة َ شوكٍ تـُغضِبُ سمّاك
أينَ غُصوني؟ فجذوري تأكلـُها الأســماكْ
رحَلـَتْ للأ ُفـْـق ِأزاهيري الأولى،
وجَــدْتـُني أساطيرَ مُهمَـلـة ً
أبحث ُعن عَيـْنٍ بين رمالٍ عربيّهْ
وعن جـَـذر ٍ تمدّدَ عَبْرَ سنينٍ وقرونْ،
أو في أهوار ٍ تتبخّرُ في أصيافٍ من قِدْرٍ تغلي،
ويفترشُ الحزنُ التـَّهَلاتِ ويأتي قصباً؛ أ ُصْغي: يتفتـّتُ في وطأتِهِ.
وعلى الضَّـفـَّةِ، عندَ حقولِ خيار ٍ، يلعَبُ أطفالٌ في كوخْ
ويصنعُ أطفالٌ لعبة َ آس ٍِ: إكليلا ً وخواتِم
فـيـَجْري الزَّعْفـَرانُ دماً في الروحِ ويـُسـْـقى نارا ً تـُخـْمِدُهُ ؛

أرتقي صـَهوة َ حِـنـّاءٍ، فيراني أ ُفـْـقُ بحيراتِ العالم
أوْثـَـبـْتُ صنـّارة ً ولـْـوَلتْ :
عَلِـقتْ بخيوطِ الأفـْـق ِ
فكانَ الأفـْـقُ الماءُ يشدُّني، صارَالأ ُفـْقُ الماءُ يأتـيني
ولمّا اجـْـتـَحت ُالعـَـصـْـفَ لـَقِـيتُ
موتىً مدجّجين بـِحُرِّيهْ
ثم ّ نظرتُ الى الله ِ وقدّيـسِيَّ الظـَـلـُّوا أحياءَ بقلبي
ومنْ مَتَّ لكارثةٍ بالحـُبِّ.
مررت ُبالمواسم ِ، كلـّـِها:
كُحل ِ ليل ٍ، رامة ِ نور ٍ وجلاءِ نهارْ،
لكنْ تـَهدَّمَ قلبي بموتِ أحبتي
كفـِـضـّـة ٍ تـنهارُ عند َانصهارْ .
أتـَيـْتُ العالــَمَ، جاءَ العالـَمُ عندي، هذا جذري فولاذ ٌأزرق
يُسْـقى من بحرٍ خمريٍّ،
ويـُنـَسِّغـُـهُ أنهارْ.

وجاءَ اللهُ الحيَّرَني بنجومِهْ :
خُذِ الكتـابَ يا يحيى.
كان كتابا ً في الحـُزن ِوفي الخوف؛
وأنا أبحث عن شِعرٍ في الحــُبّ وفي النور ِوفي الدنيــا
بكلِّ لـُغاتِ الدُّنيا حبٌّ، وكلامٌ في العِشقِ وفي اللـُّقيا
فبهجرِالأرضِ يضيعُ لساني؛ كيـْفَ بعِشـْقٍ؟
ويضيعُ مكاني؛ كــيْفَ ببـيْــتٍ؟
فأينَ الأهلُ، وأينَ الدنيا؟
وأينَ العِـــــــراقُ؟
وكيفَ نحيا؟
* * *

نحيا على أملٍ سوف نرقـُبُهُ،
لكنَّ الحبَّ والموتَ علــَّـمانا الصمتَ أخلصَ من نبيٍّ
ومَن أبدع َفي خلق الرُّوحِ، فما زِلـْنا أطفالا ً نحـلـُمُ آمالا ً، ننسى
كلَّ العُمْرِ، وأنا أدري: خَيْباتُ نهاياتِ العمرِ ستأتيني،
وستـُرْجِعُني الأحلامُ الى الآن ِ، لعشريني،
فأنا الآنَ أراني سأثورُ على ماضيَّ ،
أدَمِّرُ هذا التمثالَ وأرفـُضُ طيني .

لكني لن أنسى ما أ ُقـْرِئتُ، فتلكَ الأرضَ وتربتـَها لن أنسى،
لن أنسى الخَيْرَ أوالأبقى
لن أنسى البَرْدَ ربيعيّاً، لا الشمسَ ولـذ َّتـَها، لا أنسى
رائحة َ الشَّمــّـام ِ
والرُّضَّع ِالعَرِقينَ في حرّ العراق ِ، ولا أنسى
دُخْنـَة َسَعْفٍ، ريفٍ، ريحاً من تـَنـُّوْر ٍ، من أرغفةٍ عطـَّرها السِّمسِمْ،
يلتهبُ السمسمُ فيها ويحمّصها،
ورائحةَ الأمِّ ووجه َ حبـيـبتي
قمرياً كانَ، وكان شَهْدٌ يسيلُ من العينين يأتيني؛

كانَ المشحوفُ هلالا ًمن ليلٍ يَسْري، يأتي النـُّوَّمَ مِن أسماكِ الفجر ِفيوقِظـُها،
وكانَت وجوهُ أحبَّـتي من زُلالِ الماء تأتيني.
لكنْ يأتي ظلٌّ من ريح الصحراءِ، فيَحْمِلني: هادرا ًكالكرْخةِ في أمطارِ نَيْسانَ لا يَرْحَمُ طـَوْفْ
وكنتُ قد جئتُ بغدادَ بخوفٍ حمّـلـَتـْه لي على ظهري قريتي،
فأفطرْتُ في الفجرِ بمقهىً ببابِ المُعَظـّم ِذكرياتٍ ونعاسا ًونـَوْدَ قوافلْ.

* * *

لمّا مررتُ بالرَّمْل ِ، من عالم الأنوارقلتُ سلاماً على اُمّةِ النائمين تحتَ سقائفِ البرديِّ،
خِـيام ِالشـَّعْرِ، سلاماً على أمّـةٍ كان زعيمُها مفوّضَ أمن ٍأو عريفاً في الجيش أو مُلا،
سلاماً على أمّة النائمينَ ظـُهراً والنائمينَ ليلاً وعصراً، سلاماً على امةٍ تحكمها أفاعٍ؛

أمس ِجاءَ السوقَ غريبٌ باعَ الناسَ حكمتـَيْنِ وقال: عَمِلتُ خطأين ِ،
وُلـِدتُ بهذا العصر، ومن ذ َيـْنِك الأبوين ِ، فانفضَّ القومُ عن باعةِ الدبسِ واكتظـّوا حول عباءتهِ
فكانت من هـِـيلٍ، لـوز ٍ، إذ ْ في روح ِالأمةِ هذي صحراءٌ فيها بعضُ سهول ٍمثمرة ٍ،
وديانٌ فيها عاشت روحي في خيمةِ حزن ٍ، فيها سُمِّــمْتُ
مَثـَلـْتُ أمام الرَّملِ ، خجِلتُ، كرِهتُ النـِسرالأعورْ، طارَدني في صحراءِ السُّكـَّرْ
ينهشُ جسمي، صارَ شـِعاراً للحُكـْم ِ، فقد جاءَ الحكمَ رجالٌ من خشبٍ مطليٍّ
بالقـَطـْران ِ مِثـْـلَ قواربـِنا؛ جاؤوا بقلوبٍ من فلينْ،
يرَونَ جمالا ً، أشواكاً ورمالا ً، سخَروا مني كالحمّى:
-"أتخْـلعُ جِلـْدَكَ يا يحيى ؟!
تلوكه ُ؟ والجلدُ مرٌّ
ثم من أنت حتى تـَهُبَّ إعصاراً في قضيتِنا ؟"

سَكنـَتْ عـَيْنُ الإعصارِ ، كنور ِالكون ِبهذا الدربِ،
سكِرْتُ بخمر ٍدونَ شُربِ
وعانقَ حبَّ الناس ِ حبي ، فقدْ أكملتُ اليومَ تمزيقَ ربّي، وأنتـُمُ
يا أباطرة َالغشِّ: نَقودُكمْ لحفرةِ حقٍّ، نُهيلُ عليكم شتائمَ مَنْ ماتَ بصمتٍ؛
مَزَّقـْنا تيجانا ًمِن ريش ٍلوّنـّـاهُ بأدمُعنا؛
طافَ جُبنـُُكمْ في طـُوْفان ِ طيبةِ الناس ِ
طيبةِ البصرةِ أو طيبةِ الأكرادِ، وأهل ِ بغدادَ القديمةِ؛ طافَ جبنُكم
كأخشابٍ ينخرُها الدودُ، كالقِشِّ؛ كبيراً، فارغاً كانَ، في الأعلى فصارَحُكماً
وصارَ جرأة ً، وصارَ يُنفـّذ ُالإعدامَ بالطـُّوْفانْ؛
كذلكَ جاء الفقراءُ حفيفاً من لهجةِ رِيح ٍفي غابة صَـفصاف:
باسم ِالأحياءِ : تـَرْتـَقينا الجبالُ، ولما رأتـْنا الكرومُ،
نشَرْنا العناقيدَ والتحَمْنا سوية ًفي الوديانْ.

فـَخَلـَّفـْنا كلماتٍ تـُحلـّقُ قبلـَـنا ، وأخرى تجئُ رذاذا ً فنحتمي تحتَ الشَّجرْ
لكنَّ الأوراقَ تـُجَمـّعُ القـَطَراتِ الملأى ، تقرع ُرأسي: مِطرقة ً صينية
وتأتي أ ُخرى مثلَ كلام ِ نبيٍّ آمَنَ بالشـِّعرِ وبالثورةِ، ثمَّ تطيرُ: نوارسَ صحراوية
بعيون ٍأقلقها زمنُ الخوفِ من الرَّمل ِ المُصْمَـتِ بالصَّمْت .

طِرْنا للشرق ِاوالغربِ،
عبَـثـْـنا بالزَّمَن ِ،
وتظلُّ الأزمانُ ببغدادَ
ساعاتٍ أوْقـَفـَها وقتٌ وغـُبارْ:
أساوِرَ من حجر ٍ ، ويصيرُُ الناسُ ظِلالَ غبارْ
أشباحاً، والكلماتُ غـُبارْ
غـُبارٌ حَرَقَ الزيتونَ، ولـُبَّ الطـَّـلـْع ِ
عَقـَرَ القــَدّاحَ وعَينـَيْ أمّي،
غبارٌ جاءَ جَراداً، وضبابا ً، جاءَ سديما ًمحُمَرّاً : حَطـَّ برأسي،
أشابَ رموشي
وسَطحَ الدار ِ، أشابَ صِغارْ؛
لكنّ الدنيا تنمو في بغدادَ بمُزْنةٍ
وحتى الخيزرانُ بآذارْ
تصحو أعوادُه الصُّفرُ بتربتِنا،
تـَـتـَبَرْعمُ فـَجْراً بـِنـَداها، وعِصِيُّ تـُصبـِحُ أشجارْ .

لكنْ
إنْ ضاقتِ الدنيا ببغدادَ أو ماتَ عزيزٌ، تفقـُدْ أزهارُ الخوخ ِالوردية ُ
في الراشديةِ بهجتـَها،
وتـَظـْـلـَمّ الدنيا ، فالشمسُ ستـَهـْوِي
كـُرة ً في ظلّ ِ جدارْ.



#عبدالله_الداخل_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل الخميسي - يحيى والوصية (من مطوّلةٍ بعنوان -تداعيات من العصر الغباري الوسيط-)