أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام السراي - عندما تبتكر بغداد صوت نايها المفقود














المزيد.....

عندما تبتكر بغداد صوت نايها المفقود


حسام السراي

الحوار المتمدن-العدد: 2010 - 2007 / 8 / 17 - 02:52
المحور: الادب والفن
    



ان لكل منا ذاكرة ترتبط بأمكنة تربينا وتعلمنا فيها وعملنا ،ولذلك علاقة عندي بأيام مضت مع الاصدقاء والاحبة في شارع المتنبي ،والذين تشرفت بوجودي بينهم لسنوات ،نعيم الشطري ،مازن لطيف علي ،سعدغاوي ،كريم حنش ،احمدالعبادي ،علي خنجر ،سعدون هليل،وأخرون وافتهم المنية في التفجير الاخير،فاولئك كانوا المصدر الأول والأخير للكتب والمطبوعات التي لاتتفق مع توجهات الدكتاتورية انذاك وأحاديتها المقيتة ،فمن لايعرف مزاد ابوربيع الشطري وعبارته المشهورة "راح ابيع راح اصالح " ،وغرفة سعدون هليل المظلمة ، ومجاهرة سعد بأنتماءه اليساري دون خوف ، وحرص مازن واحمد وعلي ابوامير على ايصال الكتب المشاكسة الى من يثقون به ، والتي قد تودي بهم الى السجن ،ومن لايتذكر سرعة كريم حنش في التعامل مع الاحداث ،واخرها تأسيس التجمع الثقافي في شارع المتنبي ،واصداره مع زملاء له بيانات تدين الأرهاب ، وتشخص من مجدوا ربان سفينة الخراب والتشريد والموت ،وهم نفسهم الان يرفضون كل مايحصل من من طائفية وإنكفاء لدور المثقف وإستغلال للدين من أجل مكاسب سياسية .
نعم هاأنذا أتلمس جرح هؤلاء الرفاق جميعا ،فالفاجعة التي استهدفت مزار المثقفين العراقيين وملتقاهم ،تعيش معي بتفاصيلها لحظة بلحظة ،وفي ليلة امس استوقفني استهلال كتاب "الفلسفة والشعر "ل ماريا ثامبرانو ،نقلت فيه عن المستشرق لويس ماسينيون :"ذات يوم ،بينما كان عالم كلام مسلم ،هو الحلاج ،يتجول بين مريديه في شارع ببغداد،سمع اصوات ناي رائعة ،فتساءل أحد مريديه :ماهذا ؟اجابه الحلاج:انه صوت الشيطان يبكي العالم ،الشيطان يبكي العالم لأنه يريد له ان يستمر رغم الدمار ،انه يبكي زوال الأشياء ويريد ان يمنحها الحياة اثناء سقوطها الاخير ،وبما ان الشيطان محكوم بالأشياء الزائلة ،فلهذا السبب يبكي "
ولأن الواقعي يظل اعشى تدوسه التجربة ،بنظر المفكر اليوناني اكسيلوس،فأننا نستعير من اللاواقع فرضية استيقاظ الحلاج اليوم ، حتما سيصيبه ذعر لايوصف بأطلاعه على ما يحل بالناس من دمار ،ربما يحتاج الى مئة شيطان يبكون شهورا ،سيلحظ ان كل شيء تغير او فُجر،مريدوه ،الشوارع التي كان يتجول فيها ، حتى صوت الناي بات مفقودا ،لن يجده ،فأبرز بائع للنايات ،والذي كان يمشي في شارع المتنبي ذهابا وغدوّا ،هو الأخر لم اجد له اي أثر في ظروفنا هذه ، فمازلت لم اضيع ملامحه بسحنته السمراء ،يتصبب عرقا في ذروة ساعات النهار من صيفنا اللاهب ،والرجل العازف البائع يثير انتباه من حوله بعزفه المتواصل طيلة سنوات ،ومعها تتطور صداقاته بجمهوره ،وكأن خطاه تطواف موسيقي لايتوقف بين اروقة شارعنا ،وأجمل ماكنّا نسمع منه تلحنيه لأغنية ناظم الغزالي "ياابن الحمولة عليه إشبدلك "،فغيابه يجعلنا نستجدي من الشيطان دموعه بلا اصوات ناي ،وكيف لا فهو مفصل اساس في تحقيق وتفسير عملية البكاء ،وبالتالي إلتماس استمرار الحياة ،ونكون هنا قد عبرنا بسخط وسخرية في ذات الوقت من مشهدنا الملآن حتى التخمة بالشعارات الفارغة والدعوات الكاذبة المستندة الى فتاوى وتصريحات يطلقها اصوليون، لن تقدم للعراق سوى التشظي ،كما لن تضيف إلا مزيدا من التشويه المجاني لصورة العربي والمسلم لدى بقية العالم الذين يشاطروننا في الوجود على هذه المعمورة ،ورغم ذلك يبدو يقيني راسخا ان المرور عبر نفق المستحيل المظلم ،بما أرانا من صور متلفزة...... رأسا مقطوعا مفخخا ...حمارا جهاديا ،يفضي الى الحقيقة ناصعة البياض ،وان صاحبته دماء غزيرة ، ولامجال حينها لمصادرة الأرادة العراقية بمجتمعها الذي أنجب اسماء مبدعة لاحصر لها ،في الشعر والقص والرواية والرسم والنحت والغناء والموسيقى والرقص ،فالمتنبي وشارعه حيان يتنفسان الهواء وينبض قلبهما بحب الانسانية المنزهة عن وحشية بعض النفوس ،انه باق بأهله وناسه ممن لن ينقطعوا عن ارتياده ابدا ، وببقاء مصير العازف مجهولا ،فالمدينة –بغداد- تبتكر كل هذا بعناقيد المقاطع الصوتية ،وهي تبعث النار ،مثلما عبر عن ذلك الشاعر اوكتافيوباز في قصيدته "سهرة في سان الدفنسو ".



#حسام_السراي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع وقناعات مفخخة !!
- تطواف مكتوب مع الجواهري
- على صحافيي العالم أن يقفوا إجلالا لزملائهم في العراق
- د. كاظم حبيب: ذهنية الهيمنة الطامحة للتحكم بسياسة العراق يجب ...


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام السراي - عندما تبتكر بغداد صوت نايها المفقود