أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الرحيم الوالي - هَل تُصلِحُ الأمم المتحدة ما أفسده جورج بوش؟















المزيد.....

هَل تُصلِحُ الأمم المتحدة ما أفسده جورج بوش؟


عبد الرحيم الوالي

الحوار المتمدن-العدد: 2009 - 2007 / 8 / 16 - 03:56
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


صادق مجلس الأمن الدولي، بالإجماع، على قرار يقضي بإسناد دور أوسع للأمم المتحدة في العراق. و قال الأمين العام للمنظمة الدولية، بان كي مون، بأن الأمم المتحدة ستلعب دور الوسيط في العراق. و حدد نطاق تحرك المنظمة في محورين أساسيين: الأول هو المصالحة الوطنية بين فرقاء الساحة العراقية، و الثاني هو الحوار مع دول الجوار العراقي للمساعدة على حل الأزمة العراقية.
و عكس هذا الخطاب الحاسم و الحازم للأمين العام الأممي، و التطمينات التي جاءت على لسان الممثل الدائم للولايات المتحدة زلماي خليل زادة الذي "شجع" الأمم المتحدة على قبول القيام بهذا الدور، جاء موقف موظفي الأمم المتحدة الذين أعلنوا أنهم يرفضون الذهاب إلى العراق بسبب تدهور الوضع الأمني في هذا البلد. بل إن موظفي الهيئة الدولية طالبوا الأمين العام، بان كي مون، بإعادة زملائهم القلائل الموجودين الآن في العراق.
تخوف موظفي الأمم المتحدة لا يطرح أي مشكلة إذا كان الجيش الأمريكي و حلفاؤه قادرين على البقاء لوقت أطول في العراق و ضمان الأمن. فالمصالحة الوطنية العراقية يمكن أن تديرها الأمم المتحدة من خارج العراق و الاتصال بدول الجوار العراقي سيتم طبعا خارج العراق. و بالتالي فلا داعي لأن يتوجه موظفو الأمم المتحدة إلى بلد لم تسلم من دوامة الحرب فيه حتى أسماء الشوارع (و ربما يعرف كثيرون خارج العراق مثلي أن شارع الرشيد مثلا في بغداد أصبح العراقيون يسمونه شارع القنابل!).
لكن حالة "العصيان" التي خلقها موظفو الأمم المتحدة برفضهم التوجه إلى العراق تصبح مشكلة حقيقية إذا كان المطلوب هو أن تحل الأمم المتحدة و موظفوها محل الاحتلال الأمريكي و حلفائه بشكل كامل. فالأمم المتحدة ليس بإمكانها تولي الملف الأمني في العراق الذي أعجز حتى الآن الأمريكيين و حلفاءهم وكل الحكومات التي تعاقبت على العراق المحتل. و الحل لن يكون أبدا في الزج بقوة أممية أو قوات من حلف الناتو في المستنقع العراقي في غياب ضمانات حقيقية لقبول التعامل الإيجابي مع هذه القوات من طرف جميع فرقاء الساحة العراقية دون استثناء.
و ما دامت القضية قضية فرقاء فلا أحد بإمكانه أن ينكر أن أول هؤلاء الفرقاء ـ في العراق المحتل ـ هو الاحتلال الأمريكي نفسُه و حلفاؤه. ذلك أن الصراع الأصلي و الرئيسي في العراق هو القائم بين الشعب العراقي و الاحتلال، علماً أن حرب احتلال العراق من طرف الأمريكيين و البريطانيين شُنَّت خارج إطار الشرعية الدولية، و بناء على ذرائع تبين أن لا أساس لها من الصحة، و من أجل أهداف ثبت أنها غير قابلة للتحقيق. و دور الأمم المتحدة لا يمكن أن يتغاضى عن أصل الأزمة الذي هو الاحتلال لأن ذلك سيتحول إلى نوع من إضفاء الشرعية على احتلال غير شرعي.
المدخل الأول، إذن، لحل الأزمة العراقية هو أن يتحمل المنتظم الدولي مسؤولياته بكل جرأة و شجاعة و يعلن موقفاً واضحاً، طبقاً للقانون الدولي، من العدوان الذي شنته الولايات المتحدة و بريطانيا و حلفاؤهما على العراق باعتباره دولة كاملة السيادة و عضوا في الأمم المتحدة. و هو ما يمر، بالضرورة، عبر إصدار قرار عن مجلس الأمن الدولي يلزم المحتلين بالانسحاب من العراق و التعويض المادي و المعنوي عن الأضرار التي لحقت الأرض و الإنسان في بلاد الرافدين. فمسؤولية الأمم المتحدة ليست هي إضفاء الشرعية على انتهاك سيادة العراق و تدمير أرضه و تقتيل شعبه عبر الاقتصار على ما يسمى "المصالحة الوطنية" و "الحوار مع دول الجوار"، و التجاهل التام و المتعمد للسبب الرئيسي في المأساة العراقية الذي هو الاحتلال أولاً و أخيراً.
نعم، إن المصالحة الوطنية العراقية الحقيقية عامل مهم و حاسم في استعادة العراق عافيته بعد الألم المرير الذي عاناه الشعب العراقي منذ اجتياح الكويت في 02 غشت/ آب 1990 و طيلة خمسة عشرة سنة من الحصار و الحرب و الاقتتال. هذه المصالحة ـ و إن كان وارداً، بل مطلوباً، أن يساهم فيها المنتظم الدولي ـ تظل شأنا عراقياً داخلياً يهم العراقيين في المقام الأول. و بالنظر إلى كل ما حصل في العراق حتى الآن فلا شك أن كل أطياف المشهد السياسي العراقي لديها الرغبة و الإرادة في تجاوز الأزمة و إعادة الأمن و الاستقرار إلى البلاد. و مهما كانت الخلافات القائمة اليوم فالشعب العراقي ناضج بما يكفي لتجاوز الحسابات الضيقة و تغليب المصلحة الوطنية العليا على الاعتبارات الحزبية أو الطائفية الضيقة.
صحيح أن العراق اليوم لا يمكن أن يعود إلى الوراء و أن من مصلحة العراقيين التراضي حول آليات و توافقات تفضي إلى تأسيس تجربة للانتقال الديموقراطي. و هذا لم يكن عليه تحفظ حتى من طرف الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، الذي وعد العراقيين بإعادة تقييم التجربة بعد تحرير العراق من الاحتلال في إحدى رسائله الصوتية قبل اعتقاله من طرف القوات الأمريكية.
و مما يشجع أيضا على اتجاه كهذا أن الإدارة الأمريكية و الحكومة الحالية في العراق قد أعادتا النظر في قانون "اجتثات البعث" الذي سُنَّ تحت الاحتلال. أضف إلى ذلك أن عددا من الفصائل السياسية العراقية توجد الآن في جبهة واحدة مع حزب البعث لمقاومة الاحتلال. و بالتالي فهناك حظوظ كبيرة للوصول إلى توافق وطني عراقي حول عراق ما بعد الاحتلال الأمريكي و البريطاني من أجل بناء عراق ديموقراطي تصان فيه الحريات و تحترم فيه حقوق الإنسان، و يتسع لكل مكوناته السياسية و الدينية و المذهبية و الإثنية دون أي استثناء.
غير أن المرور مباشرة إلى "المصالحة الوطنية" و "الحوار مع دول الجوار" دون موقف دولي واضح من احتلال العراق و انتهاك سيادته سيكون سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة التي ستكون قد قبلت بإصلاح نتائج تصرف غير مشروع من طرف الولايات المتحدة و بريطانيا. و بدل أن تكون الأمم المتحدة ضامنة للشرعية الدولية و ساهرة على احترام القانون الدولي سيتحول عملها إلى تزكية واضحة للاحتلال، ما دامت تتجاوز عنه و مستعدة ـ فوق ذلك ـ لخدمته عبر إصلاح أخطائه.
إن قرار الحرب على العراق و احتلاله، و كل المآسي التي شهدها و سيشهدها هذا البلد، تشكل خروجاً تاما عن الشرعية و القانون و فتحت على العالم أجمع باب الشر و الهمجية. فالعراق ـ عندما وقع نظامه السابق في فخ غزو الكويت ـ كان عليه أن يدفع ثمنا باهظا جدا و صدرت في حقه قرارات تلو قرارات من مجلس الأمن الدولي، و عاش ثلاثة عشرة سنة من الحصار، و فرضت عليه مناطق حظر جوي خارج الشرعية الدولية، ثم تعرض للاحتلال و يغرق اليوم في الفوضى و العنف الدموي. أما عندما تسلك دولة عظمى نفس السلوك و تحتل العراق نفسَه فلا قرارات و لا هم يحزنون. و عندما جاء القرار الدولي جاء ليقول بأن الأمم المتحدة ستتولى إصلاح ما أفسده انتهاك الشرعية الدولية من طرف الولايات المتحدة و بريطانيا و حلفائهما. ما الفرق إذن بين احتلال العراق للكويت و احتلال الولايات المتحدة و بريطانيا و حلفائهما للعراق أو احتلال أي دولة من قبل أي دولة أخرى؟
إذا كان الأمر يتعلق بمبدأ من مبادئ الشرعية الدولية فينبغي أن يطبق على الجميع في مساواة تامة. و مثلما صدرت قرارات أممية في حق العراق بسبب احتلاله الكويت ينبغي أن تصدر قرارات في حق الذين احتلوا العراق. أما و الأمم المتحدة تقبل، في رضوخ تام، المهمة التي تكلفها بها الإدارة الأمريكية دون أدنى تردد، و تقبل العمل تحت الاحتلال دون أي تحفظ، فهذا قد يدعو الأمم المتحدة (و ذلك أضعف الإيمان!) إلى إعفائنا من كل مواثيقها و أدبياتها و شعاراتها حول "المساواة".
إن الأمين العام الحالي للأمم المتحدة، بان كي مون، قبل المهمة التي ظل الأمين العام السابق، كوفي عنان، يرفضها لأن احتلال العراق كان خارج الشرعية الدولية. و كان ذلك بواسطة قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي و بالإجماع فوق ذلك. ألا يعني هذا أن هناك إجماعا في مجلس الأمن الدولي على تسخير الأمم المتحدة كسيارة إسعاف مجهزة طبيا لإنقاذ كل مشاريع الاحتلال التي قد تفشل عسكريا أو سياسيا أو كليهما؟ أليس هذا إجماعاً على تحويل دور الأمم المتحدة من السهر على احترام الشرعية الدولية إلى إعطاء الشرعية للاحتلال؟
إن الأمم المتحدة ـ لكي ترمم فعلاً ما دمره جورج بوش من الشرعية الدولية ـ عليها أن تثبت أنها هيئة لضمان الشرعية و أن تضع الولايات المتحدة و بريطانيا و حلفاءهما على قدم المساواة مع غيرهما من أعضاء المنظمة أمام القانون الدولي. و طالما أنها لا تملك الجرأة ـ على الأقل ـ لإعلان شيء من هذا القبيل ف"الشرعية" الوحيدة التي تظل موجودة على الأرض هي "شرعية" الفوهات من المسدسات إلى المدافع، و "شرعية" المقذوفات من الرصاص إلى القنابل و الصواريخ الضخمة، أي أن الإنسانية قد دخلت عصر الهمجية من بابه الأوسع.





#عبد_الرحيم_الوالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تموز العراقي أمريكياً: قتلى أقل، نيرانٌ معاديةٌ أكثر!
- ما قبل جورج بوش و ما بعده: عالمٌ يوشك أن ينهار
- من الحزام الكبير إلى الأحزمة الناسفة
- انخراط شعبي تلقائي يفشل المخطط الإرهابي بالمغرب
- انتخابات 2007 أو معركة الأسلحة الصدئة: المغرب بين المراهنة ع ...
- أميركا والإسلام والعرب: من أجل العودة إلى الأصول
- تحسين صورة أميركا في العالم العربي: أسباب الفشل وفرص النجاح
- الحركة الأمازيغية بالمغرب: وليدة الديموقراطية أم بذرة الطائف ...
- التجربة -الليبرالية- بالمغرب: نحو مقاربة نقدية
- الإرهاب و الدواب
- تفجير الدار البيضاء الأخير: هل كان عملية عَرَضِيةً بالفعل؟
- شهادة من قلب الحدث: هذه بعض أسباب الإرهاب بالدار البيضاء


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الرحيم الوالي - هَل تُصلِحُ الأمم المتحدة ما أفسده جورج بوش؟