خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 2008 - 2007 / 8 / 15 - 12:02
المحور:
القضية الفلسطينية
لم يكد القاضي ( س ) يتعرف على مكان عمله الجديد وعلى طاقم العاملين معه في المحكمة التي نقل إليها منذ أسابيع قليلة.. إلا وقرار جديد قد صدر من مراجعه العليا، يطلب منه الانتقال من جديد إلى مدينة أخرى والى محكمة أخرى وعاملين آخرين.. وهكذا وفي ظرف سنة واحدة تنقل القاضي ( س ) بين ثلاث مدن وثلاث محاكم وفي كل مرة كان يبدأ بدراسة ملفات القضايا المكدسة على رفوف المحاكم ( وما أكثرها ) وما أن ينتهي من قراءة بعضها ويقرر البدء بالنظر فيها حتى يداهمه قرار النقل.. وهكذا يتعطل القضاء وتتراكم القضايا في كل المحاكم.. والأمر لا يقتصر على القضاة وحدهم ولكنه يمتد إلى كل العاملين في الجهاز القضائي مما يتسبب بإرباك شديد في عمل المؤسسة القانونية ويلحق الأذى بسمعة القضاء ويصيبه بالجمود والشلل..
فالقضاة الذين تضعهم كل الدول المحترمة في مصاف الوزراء وقادة الشعب الأوائل، وتوفر لهم كل أسباب الراحة والحماية، وتغدق عليهم من خزائنها بما لا يجعلهم عرضة للفساد.. هؤلاء القضاة ومعهم كل العاملين في الجهاز القضائي-- كتب عليهم في بلادنا أن يتشردوا وان يتشتتوا وان لا يعرفوا طعم الراحة والاستقرار-- لتنطبق عليهم مقولة ( كعب داير )، وهي العملية القاسية التي تمارس بحق المجرمين، عقابا لهم على إدمانهم الإجرام وتحديهم الدائم للقانون، فتقوم إدارات المخافر بتشديد العقاب عليهم بترحيلهم كل يوم من مخفر إلى آخر، لتهترئ أكعابهم من السير والتجوال بين المخافر، إلى جانب ما يلحقهم في كل مخفر من اهانة وإذلال وتنكيل..
أما لماذا يقوم المجلس الأعلى للقضاء باتخاذ مثل هكذا قرارات غريبة، فهذا ما لا يعرفه احد.. فسياسة التدوير التي يبرر بها المجلس قراراته منعا للفساد والإفساد، لا تعني أبدا نقل القاضي أو موظف المحكمة ثلاث مرات أو أكثر في العام من محكمة إلى أخرى، لان هذا النقل حتما سيتسبب بإرباك المحاكم، ويؤدي إلى تعطيل أعمالها، وبالتالي لا يسمح لها بالشروع بالنظر بآلاف القضايا، ومحاكمة مئات وآلاف مخالفي القانون والمجرمين والقتلة، الذين يسيدون ويميدون في شوارعنا بلا خوف ولا وجل، مراهنين على تعطل القضاء وشلله، وموقنين بان لحظة تقديمهم للعدالة ما زالت بعيدة.. الأمر الذي يؤدي إلى تشجيع ذوي النوايا السيئة لارتكاب المزيد من الجرائم، ويحفز المجرمين للتطاول أكثر فأكثر على القانون، والتعرض بجرأة لحياة المواطنين وأملاكهم..
ومثلما كان مطلوبا توفير الامن والحماية لجهاز القضاء ومنع التطاول عليه والتاثير على نزاهته.. ومثلما كان ايضا مطلوبا وقف سياسة التعيينات في هذا الجهاز الا بناء على الكفاءة والمهنية.. يصبح ضروريا التوقف عن سياسة تشتيت العاملين في هذا السلك ويصبح ضروريا توفير الاستقرار لكامل هيئات المحاكم..
مخيم الفارعة – 14/8/2007
#خالد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟