أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الفخاري - السباق نحو التسلح...إلى أين؟















المزيد.....

السباق نحو التسلح...إلى أين؟


محمد الفخاري

الحوار المتمدن-العدد: 2007 - 2007 / 8 / 14 - 07:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عقب إلقاء الولايات المتحدة الأمريكية قنبلتين ذريتين على كل من مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين والتي حسمت لصالح الحلفاء مخلفة وراءها عددا مهولا من القتلى والجرحى والخسائر في البنيات التحتية، بادرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقاسم الغنيمة إلى جانب روسيا برئاسة ستالين الذي لم يدخر جهدا هو الآخر في بسط نفوذه في أوروبا الشرقية لضمها إلى المعسكر الاشتراكي الشيوعي وهو ما عرف بعد ذلك بالاتحاد السوفيتي بتواز مع المعسكر الرأسمالي الليبرالي بزعامة أميركا. لقد ساد نظام ثنائي دولي قائم على صراع سياسي واقتصادي وإيديولوجي الغاية منه التفرد بالريادة والهيمنة على العالم وامتد هذا الصراع إلى ما يقرب نصف قرن من الزمن اصطلح عليه ب"الحرب الباردة" التي تميزت بالسباق نحو التسلح وتطوير كل طرف لترسانته النووية إلى أن سقط الاتحاد السوفيتي وتفكك سنة 1989 لتنفرد الولايات المتحدة بالزعامة والسيطرة على العالم من خلال سعيها إلى فرض نظامها الشمولي الذي مازال مستمرا حتى يومنا هذا.

استطاعت أميركا إذا التحكم في النظام العالمي وأصبح النموذج الأميركي رمزا للقوة، أتاح لها فرصة التدخل اقتصاديا في كل دولة من دول العالم عبر الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها شركاتها متعددة الجنسية في كل القطاعات مما أدى إلى زيادة أرباحها وتحرير اقتصادها في ظل نظام العولمة وسياسيا عبر المبادرات التي تخلقها للحد من التوتر بين طرفي نزاع حول الأرض أو السلام كما هو الحال في الشرق الأوسط إن لم نقل فرض حلول جائرة دائما تصب في مصلحتها أو مصلحة حلفائها وعسكريا عبر بناء قواعد عسكرية تعزز تواجدها في مناطق نفوذها ومراقبة الأوضاع عن كثب تحت ذريعة محاربة الإرهاب وحماية أمنها القومي. غير أن الأحداث الأخيرة وأبرزها الحرب على أفغانستان والعراق كشفت النقاب على المأزق الذي تتخبط فيه بلاد "العم سام" والعجز الذي أصبح يواجهه اقتصادها ذو المديونية المرتفعة أصلا بسبب نفقاتها الضخمة على الحروب.

إن الزيارة الأخيرة التي قامت بها وزيرة الخارجية كونداليزا رايس لبعض دول الشرق الأوسط وأهمها المملكة العربية السعودية وإسرائيل بالرغم من طابعها الدبلوماسي الروتيني فهي تحمل في طياتها صفقات كبيرة تسعى من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية إلى بيع أسلحتها للدول العربية - هذه الأسلحة مجرد خردة لم تعد أميركا في حاجة إليها - قصد تشجيعها على الاستقواء على بعضها البعض بدل المساعدة في رأب الصدع الذي يطغى على الوضع هناك. إلى ماذا تسعى أميركا من خلال إبرام صفقاتها العسكرية مع الدول العربية؟ وما المصالح الإستراتيجية التي تريد تحقيقها في المنطقة خصوصا أنها تواجه أخفاقات متعددة في التصدي للمقاومة الشرسة في العراق والتي تصدر لها كل يوم أعدادا متزايدة من الجنود القتلى والجرحى؟ إلى أي مدى يمكن اعتبار أن أميركا تريد خلق جو من التوتر يبرر تدخلها الدائم في الشؤون العربية ويضفي شرعية على تواجدها في الشرق الأوسط؟ ثم هل نحن بصدد حرب باردة جديدة يكون مسرحها هذه المرة منطقة الخليج العربي الذي مازال يشهد تنامي دور إيران بشكل ملفت ويبرز تحالفا بينها وبين سوريا التي تحظى بدعم روسي غير مسبوق؟

يبدو أن السباق نحو التسلح الذي يشهده الشرق الأوسط والذي تزكيه الولايات المتحدة الأميركية من خلال صفقاتها المشبوهة بإيعاز من إسرائيل ينم عن نية مبيتة تهدف إلى تحويل المنطقة إلى بؤرة مواجهات عسكرية بين الدول العربية من جهة وبينها وبين إيران من جهة أخرى لا لشيء سوى لتجنيب الدولة العبرية لعنة حرب محتملة لا يمكن التنبؤ بنتائجها خصوصا وأن هذه الأخيرة باتت مهددة من قبل حكومة طهران أكثر من أي وقت مضى.

من جهة أخرى، وحتى لو وجهت أميركا ضربة استباقية لإيران بهدف تدمير منشآتها النووية كخطوة أحادية الجانب لدفعها إلى استهداف دول الخليج التي تعتبرها صديقة - مع تحفظي الكامل على هذه الصفة إذ لا توجد في القاموس الأميركي كلمة بهذا المعنى ما دامت المصلحة هي سيدة الموقف - وهز ما ركز عليه الأخ العزيز أحمد صحن في آخر مقال نشره في الحوار المتمدن تحت عنوان "طبول الحرب لا بد أن تقرع في الخليج" بتاريخ 12/08/2007 والذي أتفق معه في مجمل ما ذهب إليه، إلا أنني لا أعتقد أن أوروبا مستعدة للتورط مجددا في حماقة أخرى من هذا الحجم بعد أن جرتها أميركا إلى أفغانستان الشيء الذي عرض حكوماتها لانتقادات لاذعة من طرف شعوبها التي فهمت السياسة الأميركية فهما واضحا لا لبس فيه وغدت تطالبها بالانسحاب إثر تعرض أراضيها لهجمات القاعدة في لندن ومدريد. الأوروبيون يدركون تماما أن أميركا لا يهمها أمن واستقرار بلدانهم ما دام اتحادهم يشكل منافسة كبيرة لها ولاقتصادها الذي ينهار تدريجيا ويعرفون أنها تخشى أن يضطلعوا بدور الريادة في العالم بعدما كانت تقوم به هي على جميع المستويات ناهيك عن دور الصين كقوة اقتصادية واستراتيجية والذي يقض مضجع الإدارة الأمريكية التي حاولت ولكن دون جدوى زجها في صراعاتها المختلفة.

أما في المغرب العربي، فهناك صفقات أخرى تبرم تحت الوسادة ولعل أهمها تلك التي تحصل ليبيا بموجبها على أسلحة فرنسية والجزائر على طائرات أمريكية وكل ذلك يأتي على حساب المواطن المسكين الذي يؤدي الفاتورة ويحرم من أبسط حقوقه. أليس حري بالأنظمة العربية عوض صرف ميزانيات ضخمة في شراء الأسلحة أن تهتم بالتنمية الاجتماعية ومحاربة كل مظاهر الفقر والتهميش التي تعاني منها شرائح مختلفة من شعوبها؟ إذا كانت تسعى فعلا إلى نشر الديمقراطية وتحقيق السلام فيما بينها كما تدعي، لماذا إذا هذا السباق نحو التسلح؟

أعتقد أن مستقبل هذه الأنظمة أصبح على المحك وإذا كانت لا تهدف إلى الدخول في صراعات فيما بينها فإن المبرر الوحيد لشراء الأسلحة هو فقط إخضاع شعوبها لمزيد من القمع والحرمان من الحقوق الطبيعية في العمل والعيش الكريم لا سيما وأن الشارع العربي بات يعرف حالة من الغليان والسخط على السياسات التي تنهجها هذه الأنظمة في تسيير شؤونها والتعامل مع مشاكلها داخليا وخارجيا إضافة إلى مظاهر الفساد المتفشية في الإدارة العربية مما جعل البنك الدولي يدق ناقوس الخطر من خلال تقريره الأخير الذي صنف الدول العربية من أكثرها فسادا على الإطلاق.

على كل حال، تبقى الأوضاع الراهنة سواء في المغرب العربي أو في الشرق الأوسط مرشحة على مزيد من التطورات التي قد تفضي إلى تغذية التوتر الموجود حاليا إذا لم يتم تحكيم العقل والتروي في اتخاذ القرارات المهمة بشكل حكيم ومتزن يحول دون إجبار هذه الدول الدخول في متاهات لا تناسب أوضاعها السياسية والاقتصادية أو صراعات هي وشعوبها في غنى عنها. ولا يفوت بالمناسبة التذكير بأن الحكومات العربية مطالبة بإيجاد حلول عاجلة وشاملة لمشاكلها الداخلية المتمثلة في الفقر والبطالة والإقصاء الشيء الذي يوسع الفوارق الاجتماعية بين الغني والفقير ويؤدي بفئات كثيرة من الشباب العربي إلى الارتماء في أحضان الجماعات الأصولية التي تجعل منها قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة لا قدر الله.




#محمد_الفخاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن الشعر
- فراشات التمرد
- تقرير لجنة تقصي الحقائق...وماذا بعد؟
- طوق النجاة
- إلى عنيدة
- ما قبل وما بعد الدمار
- الراقد على الصليب
- هكذا تكلم أبي
- تقاسيم على آلة الحب
- العاشقان
- متى ينقشع الليل؟
- صباح غير عادي
- قصيدة وهمية
- قلبي ذلك الحلم
- عن الشعر والحكاية
- وداعا صديقي توني...ومرحبا بك في الشرق الأوسط
- عن الشعر والحب
- هل يصمد القضاء الليبي أمام الضغوطات السياسية؟
- ما الجدوى من انتخابات دون تغيير؟
- الحرب الصليبية الجديدة


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الفخاري - السباق نحو التسلح...إلى أين؟