أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سليم مطر - الحزب الشيوعي العراقي وازمته التاريخية المستعصية!















المزيد.....

الحزب الشيوعي العراقي وازمته التاريخية المستعصية!


سليم مطر

الحوار المتمدن-العدد: 2006 - 2007 / 8 / 13 - 11:04
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


منذ سنوات عديدة يتداول اعضاء الحزب الشيوعي الكلام عن كيفية تخليص حزبهم من ازمته التاريخية المستفحلة عاما بعد عام. الكثيرون منهم يأسوا من امكانية الاصلاح وفضلوا غسل ايديهم من المسؤولية وهجر الحزب. والبعض قبل بالامر الواقع بسبب تعلقه العاطفي بالحزب منذ سنوات الشباب وخوفا من الشعور بالضياع ومواجهة الحقيقة المرة. الغالبية من العارفين مقتنعون بأن وضع الحزب ميؤوسا منه، بسبب أصرار القيادة على رفض النقد والاصلاح، مثل المريض المستعصي الذي يستمر بالاستخفاف بنصائح الاطباء والبقاء على سلوكيته العبثية من سكر وتدخين وسهر وغذاء سيء، ويعتبر كل من ينصحه ساذج غبي ان لم يكن عدو لدود!؟
لكننا مع ذلك، بما يخصنا نحن الحريصون على وطننا، ندرك جيدا بأن الحالة الكارثية التي يمر بها شعبنا، ليس وحدهم الامريكان ولا القوى الخارجية مسؤولة عنها، بل مسببها الاول والاكبر جميع الاحزاب العراقية الاسلامية والقومية والليبرالية، وان خلاص شعبنا لا يمكن ان يتم الا باصلاح احزابنا.
لهذا فأن الأمل باصلاح الحزب الشيوعي جزء من الأمل باصلاح باقي الاحزاب العراقية، وخصوصا ان لهذا الحزب تاريخ طويل في الحياة السياسية والثقافية العراقية، وقد يكون فيه بقايا من روح لولادة جديدة؟!
نحن المثقفون العراقيون نظل نكافح لنوصل صوتنا ونكشف الهفوات ونقدم المقترحات، ونعتبرها كما يقول العراقيون: (حجارة في الظلمة)..عسى ان تقع على رؤوس بعض القياديين من ابناء الحلال ويستفيدوا منها في كفاحهم لاصلاح احزابهم.
اننا نأمل من اصدقائنا الشيوعيين ان يصبروا على نقدنا هذا، لأنه مهما كان قاسيا فهو لا يطأ مستوى قسوة الازمة المتفاقمة والخسائر المتراكمة التي يعاني منها الحزب منذ سنوات طويلة. وليعرفوا باننا لا نبتغي الاساءة الى الحزب والتشهير به، بل على العكس، المساهمة المتواضعة بعملية الاصلاح مع باقي جهود المناضلين المخلصين في الحزب.

مقترحات الاصلاح والتجديد الجذري
هذه المقترحات لم نكونها جزافا أو من خلال التنظير التجريدي، بل من خلال متابعتنا منذ سنين طويلة لتطورات الحزب ونكساته المتراكمة وتراجعه الدائم. كذلك اغنتنا الحوارات مع اصدقائنا الشيوعيين الذين يتداولون هذه المقترحات، بعضهم صامت عليها، وبعضهم طرد من الحزب بسبب الدعوة اليها. هنا خلاصة بهذه المقترحات :

اولا، استقلالية الحزب وتخلصه الكامل من التبعية الدائمة للقوى العالمية والداخلية:
ان هذه المشكلة ليست خاصة بالحزب الشيوعي وحده، بل تعاني منها جميع الاحزاب العراقية بصورة تكاد ان تكون مطلقة. أي مراقب للحالة السياسية العراقية سوف يكتشف بكل سهولة، ان كل حركة سياسية عراقية تابعة لقوى خارجية. وكثير من الاحيان تبرر بشكل علني هذه التبعية بحجج اممية او قومية او اسلامية.
اما الحزب الشيوعي العراقي، فهو الحزب التبعي بامتياز وبصورة مكشوفة ومتطرفة ومرّضية والذي يحتاج إلى الإهتمام والتحليل ليس من قبل المحللين السياسيين بل النفسانيين كذلك.و يمكن تسميتها بـ(عقدة البحث عن الاب)..وقد تنوع هذا الاب للـ(الطفل الشيوعي اليتيم) حسب تنوع المراحل التاريخية. حيث ظل (الاب الخارجي الاكبر والثابت ) طيلة سنوات يتمثل بـ(الرفاق السوفييت). فالحزب طيلة تاريخه قد ربط قرارته الكبرى وحدد تحالفاته وسياسته ازاء باقي الاحزاب والحكومات العراقية حسب مصالح وقرارات موسكو.
يبدو ان روح التبعية الخارجية والحاجة النفسية للخضوع لأب دولي جبار قد صارت جزءا من روحية الحزب وعقلية قادته، بحيث انهم شعروا باليتم والفراغ بعد موت(الاب السوفيتي)، عام 1991، فسارع الحزب وقتها بزيارة بكين وطلبوا رعاية(الاب الصيني) الذي رفض ذلك. فما كان من الحزب الا ان اتجه الى (القوى الامبريالية) السابقة، وانتقلت قياداته التي كانت تعيش البحبوحة في موسكو وبراغ وصوفيا واليمن الجنوبي الى عواصم "الامبريالية الغربية" في السويد والمانيا وهولنده وانكلترا، وراحوا يطرقون ابواب الفرنسيين والانكليز بحثا عن رعايتهم الابوية الحنونة، حتى اتاهم اخيرا الغيث من (واشنطن) (العاصمة السابقة للامبريالية العالمية ومصاصة دماء الشعوب ووو الخ..)!! فبعد احتلال العراق عام 2003، نظف الحزب نفسه من جعجعته الثورية السابقة وهجر الفودكا الروسية وتوقف عن الثمالة والتسكع في حانات الدول الاشتراكية التي اعلنت افلاسها وتحولت الى ديسكوات غربية عادية. حلق الحزب لحيته اللينينة وتبخر بعطور فرنسية ورتب هندامه وراح يذرف دموع الندامة بحضرة (بابا بوش) لكي يسمح له بدخول بيت الطاعة وليصبح ولدا حلوا ومطيعا وبنفس الحال نشطا في العملية السياسية ونظام المحاصصة الطائفية في العراق الجديد!
لكن مشكلة التبعية هذه لدى الحزب الشيوعي لا تتوقف عند الحاجة لـ(اب عالمي)، بل هنالك ايضا ثمة حاجة دائمة لـ (أب داخلي)يكون قريبا يمنحه المال والحنان!
طيلة تاريخ الحزب، ظل هذا(الأب الداخلي) يتغير مع التغيرات المتلاحقة في العراق، وحسب تغيير موازين القوى: ابتداءا من الزعيم الاوحد عبد الكريم قاسم، ثم الملا مصطفى البرزاني، ثم نظام البعث وصدام حسين الذي اطلقوا عليه تحببا (كاسترو البعث). اما بعد خراب الجبهة الوطنية اواخر السبعينات، فأن الحزب ظل يتيما تائها يتخبط في متاهات السياسة بحثا عن ابيه العراقي المفقود، فتردد بين احمد الجلبي وأياد علاوي، حتى استقر في اواخر التسعينات وحتى يومنا هذا على أب من نوع خاص، بشخصية واحدة ولكن برأسين وكرشين وأسمين مختلفين: الطلباني والبرزاني!!
وهكذا اصبح الحزب بتبعية كاملة لقوى سياسية قومية توسعية انفصالية تمتلك السلطة والمال. ولا يخفي الحزب حقيقة انه يقبض المال والمساعدات من قبل السلطات الحاكمة في شمال العراق بحجة رسمية ان له اعضاء في البرلمان الكردي!
ومن المعروف ان الحزب قد سبق وعانى من ازمة وفضيحة كبيرة في اواخر الثمانينات عندما تبين بصورة علنية ان ثلاثة ارباع قيادة الحزب من الاكراد، بما فيهم السيد عزيز محمد سكرتير عام الحزب. والجديد في الامر ليس كرديتهم، بل لأنهم اكراد قوميين متعصبين، إذ فجأة وبقدرة قادر كشفوا عن قناعهم القومي وتخلوا تماما عن عراقيتهم ولبسوا الشراويل والعمائم الكردية واعلنوا انفصالهم عن الحزب وتكوين حزبهم الشيوعي الكردستاني وانضموا بصورة رسمية الى بيت الطاعة البرزاني- الطلباني.!؟ والاكثر غرابة ان عملية التكريد شملت حتى القياديين الشيوعيين المحسوبين على العرب، مثل السيد فخري كريم(وهو فيلي بغدادي عراقي مستعرب ولا يعرف حتى اية لغة كردية!) وكان مسؤول قيادة الخارج وماسك خزانة الحزب وجهازه الثقافي والاعلامي، وأخيرا اكتشف كرديته واصبح مستشارا للسيد الطلباني وجير الحزب للدعاية للقيادة القومية في اربيل. وهناك قيادي عربي آخر هو السيد كاظم حبيب، ابن مدينة كربلاء، الذي اكتشف ايضا فجأة اصوله الكردية!! فتخلى عن تنظيره(الماركسي العروبي السابق) وكرس جل كتاباته في التنظير للسياسة القومية البرزانية!؟
للتوضيح نقول، وتشهد على هذا جميع كتاباتنا وكذلك مجلتنا (ميزوبوتاميا)، اننا لا نهتم ابدا ان تكون قيادة الحزب الفلاني وحتى الدولة العراقية كلها من الاكراد، بل حتى لو كانوا من عشيرة او بلدة واحدة. عسى ان تكون كل قيادات العراق دليمية او زيبارية او تلكيفية او بياتية او موسوية او مندائية.. المهم بالنسبة لنا هو ان يكونوا مؤمنين بصورة صادقة بالانتماء العراقي ويحملون برنامجا عراقيا. فهذا السيد الخميني( العلوي العربي، الهندي الكشميري)صار زعيما مقدسا لشعوب ايران. وهذا السيد ساركوزي( من ام يونانية واب هنغاري) انتخبه الشعب الفرنسي بأغلبية لأنه حمل لواء الدفاع عن الهوية الفرنسية.
المشكلة ان تبعية الحزب الشيوعي المالية والسياسية للقيادات القومية الكردية لم تتوقف رغم انفصال القسم الكردي والعناصر المستكردة من الحزب، وتكوينهم للحزب الشيوعي الكردستاني، بصورة منافية تماما لكل ادعاءات الوحدة الوطنية !
وقد تجلت هذه التبعية ولا زالت مستمرة حتى الآن بتبني سياسة داعمة او على الاقل صامتة إزاء كل الطروحات والسياسات القومية التوسعية الكردية في شمال العراق، وخصوصا بالنسبة لقضية كركوك التي يراد فصلها عن العراق، والتي اضطرت الكثير من الشيوعيين العراقيين ان يختلفوا ويتخلوا عن حزبهم بسبب اصرار قيادتهم على التملق لتلك القوى القومية الكردية الانفصالية.
ان هذه التبعية ايضا جعلت قيادة الحزب في السنوات الاخيرة تشارك بصورة مذلة وبوليسية وتطبق سياسة شيطانية لتحقيق سيطرة الحركة القومية الكردية على الشيوعيين العراقيين انفسهم! فمثلا، قامت قيادة الحزب منذ حوالي العامين باقناع الحكومة العراقية وبالتنسيق مع القيادات القومية الكردية باستصدار قانون لاقرار التقاعد للانصار الشيوعيين العراقيين الذين سبق وان قاتلوا ضد حكومة البعث اعوام الثمانينات والتسعينات من شمال العراق بجانب البيشمركة الكردية. والغريب أن هذا القانون يمنح الحق لحكومة اربيل بدفع رواتب المتقاعدين المرسلة من خزينة بغداد! بالإضافة الى منح قطع أراضى لهم في شمال العراق كانت تابعة للمسيحيين العراقيين الذين هجروها تحت ضغط سياسة التكريد المستمرة. وهذا يعني ارتباط المناضلين الشيوعيين المشتتين في انحاء العالم بصورة مباشرة بحكومة أربيل القومية الكردية! وهذا هو الحاصل فعلا حيث يستغرب المناضلون الشيوعيون عدم الطلب من الحكومة العراقية، مثل كل حكومات العالم، أن تدفع رواتبهم من مدن إقامتهم في وطنهم وكذلك من السفارات العراقية في الخارج. لماذا هذا القرار الغريب والمفتعل بإجبارهم على السفر الدائم الى أربيل للتذلل للموظفين وتقديم التنازلات وتقبل الاهانات، ناهيك عن سرقة أجزاء من رواتبهم!

ثانياـ التخلي عن التعصب الماركسي، والانفتاح الديمقراطي نحو الافكار الاشتراكية والانسانية المختلفة:
الغريب ان الكثير من الأحزاب الشيوعية في العالم وفي أوربا نفسها، أدركت سذاجة التمسك الوحداني بالنظرية الماركسية، ما دام نفس النظام الاشتراكي العالمي حامل لواء هذه النظرية قد انتهى. وقد اثبتت تجربة سبعين عاما فشل هذه النظرية وسذاجة طروحاتها المستقبلية، وان الادعاء بامكانية تحقيق (مجتمع شيوعي) أشبه بالادعاء بخلق الجنة المثالية على الأرض. فما الداعي اذن الى هذا التمسك التعصبي واللا واقعي بصفة(الشيوعية) وجعل الحزب يحمل اسمها!؟ اليس من الحكمة والواقعية والصدق مع الضمير حمل تسمية(اشتراكي)؟!
ان هذا التحجر الفكري يحرم المناضلين اليساريين العراقيين من الانفتاح على الفكر الاشتراكي بكل تراثه الإنساني الممتد الى قرون عديدة والذي شاركت فيه جميع الشعوب فكريا وكفاحيا من اجل العدالة والمساوات المادية والكرامة والبحث الازلي من اجل خلق نظام إنساني عادل اقل ظلما واقل فروقا ولا تستحوذ فيه اقليه على ثروات الأغلبية.
إن الانغلاق والتقيد بالمذهب الماركسي وحده دون باقي الفكر الاشتراكي الواسع والغني جدا، أشبه بالاسلامي السلفي الذي يتقيد بمذهب معين حارما نفسه من هذا الكون لإسلامي الواسع ، من افكار وفلسفات وعقائد صوفية وشيعية ومعتزلية وعقلانية لا تحصى. كمن يغلق روحه على نهر صغير ويحرم نفسه من بحر هائل تصب فيه انهار لا تحصى.
ان تحرر الحزب الشيوعي من التحجر الماركسي والانفتاح على الفكر الانساني الاشتراكي في العالم اجمع، سوف يحرر المناضلين اليساريين العراقيين من تلك الكليشات الالحادية والتبسيطية المحتقرة للدين، والتي تصر بسذاجة على اعتبار الكون خاضع لنظام الصدفة وان التاريخ لا تحركه غير المصالح الاقتصادية(الطبقية)!
في العقود الأخيرة ظهرت في اوربا وعموم العالم افكار(ما بعد الحداثة) التي هي بجوهرها وبصورة مختصرة تعني رفض( التعصب الليبرالي والماركسي) الضيق، والانفتاح نحو جميع تيارات الفكر الانساني بما فيها الافكار الروحانية والبيئية والبدائلية التي تحاول ان تجد حلولا اكثر واقعية وانسانية وعملية لأزمة العالم المتفاقمة. فهناك الاستحواذ المتنامي للطغم الرأسمالية على ثروات العالم، وعودة الامبريالية الى التوسع الإمبراطوري العسكري، وتلوث البيئة الذي اصبح خطره يفوق حتى مخاطر الفقر واللامساوات، بالإضافة الى استفحال العولمة الثقافية التي راحت تقضي على الخصوصيات الروحية والثقافية للشعوب بما فيها الشعوب الأوربية نفسها. كل هذا المشاكل الجديدة والمتراكمة بحاجة الى تحرر فكري وسعة افق انساني متفتح على كل الافكار بما فيها تلك الأفكار التي حكم عليها الماركسيون (السلفيون!) بالرجعية والتخلف!

ثالثاـ تبني الوطنية العراقية بصورة واضحة ورئيسية، وجعل الشعارات الطبقية وحقوق القوميات بخدمة الوحدة الوطنية ومفهوم الهوية العراقية.
ان من يتابع تاريخ الحزب الشيوعي العراقي طيلة اكثر من ستين عام، يلاحظ انه شغل نفسه تربويا وفكريا بقضيتين وحيدتين: القضية الكردية وكفاح الكادحين!! نعم هكذا تم اختصار قضايا شعب مثل الشعب العراقي بعمقه التاريخية العريق وغناه الاقوامي والديني والمذهبي وتنوعه المناطقي والحضري والعشائري، بهاتين القضيتين! وقد كشفت السنوات الاخيرة، عن مدى الجريمة الفكرية والسياسية التي ارتكبها الحزب الشيوعي وباقي النخب العراقية عندما ظلت طيلة تاريخ العراق الحديث مصرة بتعنت غير منطقي على تغييب أهم واكبر واعقد قضية عراقية، ألا وهي: (القضية الطائفية) والسكوت العجيب عن حرمان الشيعة من المشاركة العادلة بإدارة الوطن.
ان الحزب الشيوعي العراقي يكاد ان يكون من الاحزاب القلائل في العالم التي تربي شعبها على الانقسام وتعلمه بأن الافتخار بالانتماء العراقي والدعوة للوحدة الوطنية هي نوعا من التعصب المنبوذ!؟ وقد اصبح مطلب(حق تقرير المصير) من المطالب الرئيسية التي ظل يحملها الحزب ويدفع بها الأقوام العراقية وبالذات الأكراد نحو الثورة والانفصال. بنفس الوقت كان يغض الطرف عن الاضطهاد الكبير الذي ظلت تعاني منه شعوب الاتحاد السوفيتي. ناهيك عن ان 80% من اوطان الارض تضم عدة اقوام واديان، بما فيها الدول الاشتراكية والدول الغربية مثل فرنسا وانكلترا والمانيا،ولا احد يطالبها بتطبيق حق تقرير المصير!
ان التناحر الطائفي ليس وليد السنوات الاخيرة وليست الاحزاب الدينية وحدها مسؤولة عنه، بل هو نتاج طبيعي جدا لحالة التغاضي التام والتدليس و"الطمطمة" التي مارستها جميع النخب العراقية طيلة القرن الماضي. اشبه بالذي اعتقد بكل سذاجة ان السكوت عن المرض يؤدي الى الشفاء منه!
ان تغييب الوطنية العراقية عن الحزب الشيوعي، لا يتمثل فقط بالشعارات والمواقف السياسية، بل ايضا بالتغييب التام للثقافة والتربية الوطنية بكل تفاصيلها ومعانيها. ان من يطلع على الاطنان الهائلة من ادبيات ومطبوعات الحزب الشيوعي لأكثر من سبعين عام، لا يجد الا النادر جدا لبعض النصوص التي تتحدث عن تاريخ العراق الاسلامي والمسيحيي القديم. بالاضافة الى التغييب التام لأي اهتمام بالتراث الشعبي وخصوصيات وميراثات الجماعات العراقية المختلفة، من عرب واكراد وتركمان وسريان وصابئة ويزيدية. ان العراق وتاريخه وميراثه وثقافته بالنسبة للحزب الشيوعي لا يتعدى التاريخ السياسي للعراق الحديث، وخصوصا ما يسميه بنضالات الطبقة العاملة، ومعها طبعا القضية الكردية!
لقد اشاع الشيوعيون العراقيون اكذوبة كبرى لا زال هناك من يرددها: انهم مثقفون!!
بينما الحقيقة انهم ساهموا بصورة فعالة جدا بمسخ الثقافة العراقية وتحويلها الى ثقافة سطحية تحتقر ميراثها الديني والشعبي والتاريخي وتقدس كل ما هو أجنبي بحجة انه تقدمي! وقد تمكنوا من خداع المواطن العراقي المسكين من خلال الفذلكة الكلامية والجعجعة بمصطلحات وعبارات واسماء غريبة وسطحية واجنبية وترديد المقولات المقدسة "لآية الله" كارل ماركس و"مفتي روسيا" العلامة لينين، من اجل ابهار السامع والايحاء له بأنهم( يفتهمون ومثقفين)! له كل الحق من يقول بان لغة صدام حسين الشهيرة بسطحيتها وتصنعها وفذلكتها ما هي الا محاولة بائسة لتقليد لغة الشيوعيين البائسة ايضا.
لقد ورط الحزب الشيوعي خيرة المثقفين العراقيين طيلة اجيال عديدة، بتنبني افكار وطروحات ومواضيع ليس لها أي علاقة بالواقع العراقي، وكلها تقليد سطحي وساذج للكتابات السوفيتية عن: (الطريق اللارأسمالي نحو لاشتراكية.. والشيوعية اعلى مراحل الاشتراكية.. وفكر الطبقة العاملة.. وانحراف البرجوازية الصغيرة..ودكتاتورية البروليتاريا.. المادية الديالكتيكية والتاريخية...) الخ .. الخ من الجعجعات المتفذلكة والسطحية الساذجة والتافهة التي صرفت عليها اطنان الصحف والكتب وضحى من اجلها الملايين من العراقيين بزهرة شبابهم بل وحتى عرضهم وعوائلهم وحياتهم، ليكتشفوا فيما بعد انها طروحات وشعارات وافكار كلها خاطئة وليس لها أي دخل، لا بالواقع الروسي ولا الاوربي ولا العراقي، وان ما سمي بالأنظمة الاشتراكية التي قامت على هذه الافكار، كانت عبارة عن قصور من رمال ذرتها رياح الزمان!!!؟؟؟

من اجل حزب عراقي يساري جديد
ان الكثير من اعضاء الحزب الشيوعي الحاليين والسابقين، يرددون هذه المقترحات، علانية وهمسا، وهم مقتنعون بأن خلاص حزبهم وخلاص التيار اليساري العراقي، يكمن بتبني هذه المقترحات.
نعم لقد آن الأوان للتخلص من المقولات والافكار العتيقة والتحلي بروح الواقعية والابداع والانفتاح من اجل تكوين حزب يساري عراقي اصيل وجديد بأسم: الحزب الوطني الاشتراكي العراقي
ويتحلى هذا الحزب الجديد بالصفات التالية:
الوطنية العراقية، والاستقلالية الحزبية، والاشتراكية المتفتحة، والديمقراطية التعددية..
نعم، ثمة فراغ كبير جدا في الساحة السياسية والفكرية العراقية، وخصوصا في قسمها الوطني الديمقراطي، وان قيام حزب يحمل مثل هذه الافكار والاهداف والشعارات الوطنية والواقعية سوف يجعله فعلا حزبا قياديا رائدا مؤهلا لقيادة شعبنا نحو السلام والوحدة والاستقرار والعدالة.




#سليم_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسؤولية المثقف عن العنف السائد في العراق وفي العالم العربي
- فصل من سيرة عراقية: حكايتي مع الله .. صديقي الطيب الجليل
- احياء الهوية الوطنية.. الخلاص الوحيد اما العراقيين
- مام جلال والنخب الكردية العراقية، والفرصة التاريخية التي لن ...
- السلطة الكردية وحملاتها ضد الكتاب العراقيين ومنهم الاكراد ال ...
- مقطع من سيرة عراقية: هنا ترقد الشاكرية.. بلادنا العابرة
- اليسار العراقي والموقف من نظام البرزاني والنظام التركي
- عقلية التدمير الذاتي العراقية والحنكة الامريكية الاسرائيلية
- سيرة عراقية/ سينمات بغداد.. جناني المفقودة
- بعد غيبة طويلة، حوار موسع مع سليم مطر حول الهوية الوطنية
- سلالة الحقد.. سلالة الحب..
- حلفاء امريكا في العراق يحرضون اطفال المدارس على قتل المسيحيي ...
- اعلان انبثاق تيار الضمير العراقي
- اليسار العراقي ومشكلة الدين والقومية
- نصيحة جادة صادقة لكل عراقي يبتغي ان يصبح سياسيا ناجحا
- محبة الوطن، تعني الارتباط بواقعه واحترام خصوصياته
- موقع مجلة ميزوبوتاميا: خمسة آلاف عام من الانوثة العراقية..
- من يريد طرد مسيحي العراق والشرق الاوسط؟
- هلموا قدموا عروضكم ايها العراقيون..مطلوب قادة للعراق
- نداء ضد الارهاب والمقاومة المسلحة ومن اجل الكفاح الشعبي السل ...


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سليم مطر - الحزب الشيوعي العراقي وازمته التاريخية المستعصية!